الأم المبجلة
كان هناك ملك يحب الاشياء المتميزة والمتجددة وفي يوم ما جمع الناس في قصره خاطبهم قائلاً :
من منكم يستطيع أن يعمل شيئا متميزا لم يعمله أحد غيره
ساد الهدوء بين الناس وبانت الحيرة على وجوههم من هذا السؤال الغير متوقع لانه قد
جمعهم على أن يسئلهم عن أحوالهم وكيف تسير حياتهم وهل هناك شي تجدد منذ السنة
الماضية وفي هذه الاثناء تعالى صوت ...أنا ...أنا ...ففسحوا المجال له فإذا به فتى لا يتعدى
الحادية عشر من العمر بطلعةٍ بهية وملبسٍ نظيف وعطرٍ كالمسك وبكل أدب
قال: أيسمح جلالة الملك أن أعمل شيئا متميزا ...
قال الملك: بتعجب وما هو يابُني قال أُريد أن أرسم صورة
قال الملك صورة من تريد قال الصبي أيسمح لي جلالتكم أن أُجيب بعد إكتمال الصورة
فقال لك ذلك ولكن ماأسمك قال ( يوسُف )
وعندها طلب قطعة من قماش بيضاء وألوان وقطعة من الفحم ليخطط بها الصورة
وبدء يرسم والملك ينظر وينتظر بفارغ الصبر
وخلال دقائق أكمل الصبي الصورة فإذا بها صورة إمرأة جميلة جداً
أدار وجهه للملك قال متبسماً هذه الصورة انظر ما أجملها
قال الملك ومن هذه السيدة الجميلة
قال إنها أُمي أيها الملك أُمي التي حنانها فقط الذي يشعرني
بالأمان أُمي التي بعد ما عانت
بحملي كأني بها عندما رأتني أول مرة كأنها ملكت الدنيا بأكلها وكما أنا ثمرة روحها فهي
أصبحت روحي حبهاالذي يسري بشرياني وليس دمي فأغمض عينيه الصبي وبدأيتكلم بلحن حزين
أُمي يا أعذب صوته أسمعهُ أُمي يا أطيب قلباً أعرفه
أُمي أَحنُ كف يمسح رأسي أُمي يا أدفءُ حظنٍ أحظنني أُمي يا أصدق قلبٌ كلمني أُمي كيف
أردُ أرقَ الليالي وعيناكي تسهرُ حين أنام أنا لا أعشق سوى أُمي أعطتني حُباً وحناناً سرمدي
أُمي رضاك عني يفرحني أمي كلماتكي ضحكاتكي نظرتكي تفرحني أُمي يا أجمل شيٍ في الدنيا
أشتاق إليكي في لحظتي هذه وفي كل اللحظاتِ ليت ربي يسمعني ولا أصحى يوماً دون أمي
أُمي أمي أُمي بصوتٍ حزين قالها الصبي وفتح عينيه فرأى أثر كلماته على وجه الملك والناس
فتبسم الملك وصفق للصبي بحرارة والناس أيظاً فقال الملك ما هذه الكلمات الجميلة حقاً
أعجبتني بعمرك هذا حقاً عملت شياً مميزاً فقال الصبي لحسن حظي إنها أعجبت الملك
والملك سئل الصبي ما هذا الاشتياق منذ متى ولم ترى أمك يا بُني أجاب الصبي والعبرةُ
تخنقه منذولادتي أنا لم أرى أُمي ماتت حين ولدتني ولكني لم أشعر يوماً إنها توفيت أحس
بوجودها من الصباح الى المساء وحتى في المنام أدعو ربي أن تزوني في أحلامي وتحقق
كثيرا ذلك قال الملك ولكنك رسمت صورة وقلت إنها أمي هل لديك صورتها من قبل قال الصبي
كلا ولكني تخيلتها وقلبي أعطاني هذه الصورة وسئلت أبي قال لي إنها بالفعل تشبه أُمك فتعجب الملك
سكت الصبي وأغمض عينيه للحظات فتبسم وعينيه لا تزال مغمظةٍ
ناداه الملك يابُني ماذا هناك فأخذالصبي نفساً عمياقاً وقال بنبرةٍ حزينة لقد كانت أُمي تهمس
في أُذني وتقول لا تبكي حبيبي كي لا أتألم في قبري قف كالرجل فالملوك
تحب الرجال الاقوياء سأفتخر بأنني أنجبتك
فقام الملك وإحتظنهُ وقال: له أمام الناس أنت الملكُ من بعدي.
(منقول بتصرف )
ألأم المبجلة
