في مقدمات الصلاة .. - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: ميزان أنوار السلوك :. ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}

إضافة رد
كاتب الموضوع سليلة حيدرة الكرار مشاركات 6 الزيارات 2849 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 312
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي في مقدمات الصلاة ..
قديم بتاريخ : 01-Jul-2013 الساعة : 12:20 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين

في مقدمات الصلاة
في التطهيرات والوضوء وآدابهما
في التطهيرات الثلاثة
كما أشرنا سابقا أن للصلاة غير هذه الصورة لحقيقة، وغير هذا الظاهر لباطنا، فكما أن لظاهرها آدابا وشروطا صورية وكذلك لباطنها أيضا آدابك وشروطك ولا بد للسالك من مراعاتها فللطهارة الصورية آداب وشروط صورية خارج بيانها عن وظيفة هذه الأوراق، وفقهاء الجعفرية أعلى الله كلمتهم ورفع الله درجتهم قد بيّنوها. وأما الآداب الباطنية والطهور الباطني فنحن نبيّنها على نحو الاجمال.
فليعلم أنه طالما كانت حقيقة الصلاة هي العروج إلى مقام القرب والوصول إلى مقام حضور الحق جلّ وعلا فللوصول إلى المقصد الاعلى والغاية القصوى يلزم طهارات غير هذه الطهارات، وأشواك هذا الطريق وموانع هذا العروج هي قذارات لا يتمكن السالك مع اتصافه باحدى تلك القذارات من الصعود إلى هذه المرقاة والعروج بهذا المعراج وما يكون من قبيل تلك القذارت فهو موانع الصلاة ورجس الشيطان وما يكون معينا للسالك في السير، ومن آداب الحضور فهو من شروط هذه الحقيقة ويلزم للسالك إلى الله في بداية الامر رفع الموانع أولا كي يتّصف بالطهارة ويتيسّر له الطهور الذي هو من عالم النور، وما دام السالك لم يتطهّر من جميع القذارات الظاهرية والباطنية والعلنيّة والسرية لا يكون له أي حظ من المحضر والحضور.
فأول مرتبة من مراتب القذارات هي تلوّث الالات والقوى الظاهرية للنفس بلوث المعاصي وتقذرها بقذارة المعصية لوليّ النعم، وهذه هي الشبكة الصورية لابليس، وما دام الانسان مبتلى بهذه الشبكة فهو عن فيض المحضر وحصول القرب الالهي محروم ولا يظنّن أحد أنه يمكن أن يرقى إلى مقام حقيقة الانسانية من دون تطهير ظاهر مملكة الانسانية، أو انه يستطيع ان يطهّر باطن قلبه من دون تطهير ظاهره، وهذا الظّن غرور من الشيطان ومن مكائده العظيمة وذلك لان الكدورات والظلمات القلبية تزداد بالمعاصي التي هي غلبة الطبيعة على الروحانية، وما دام السالك ما افتتح المملكة الظاهرية فهو محروم بالكلية من الفتوحات الباطنية التي هي المقصد الاعلى ولا ينفتح له طريق إلى السعادة، فأحد الموانع الكبيرة لهذا السلوك هو قذارات المعاصي التي لابدّ أن تطهّر بماء التوبة النصوح الطاهر الطهور، وليعلم ان جميع القوى الظاهرية والباطنية التي أعطانا الله إياها وأنزلها من عالم الغيب هي أمانات إلهية كانت طاهرة عن جميع القذارات وكانت طاهرة مطهّرة بل كانت متنورة بنور الفطرة الالهية وبعيدة عن ظلمة تصرّف ابليس وكدورته، فلما نزلت إلى ظلمات عالم الطبيعة وامتدت يد تصرّف شيطان الواهمة ويد الخيانة الابليسية اليها خرجت عن الطهارة الاصلية والفطرة الاولية وتلوّثت بأنواع القذارات والارجاس الشيطانية. فالسالك إلى الله إذا تمسك بذيل عناية ولّي الله وأبعدها عن أن تتناولها يد الشيطان وطهّر المملكة الظاهرية وردّ الامانات الالهية كما أخذها فهو ما خان الامانة حينئذ وان صدرت منه خيانة فهو مورد للغفران والستارية فيستريح خاطره من ناحية الظاهر ويقوم بتخلية الباطن من أرجاس الاخلاق الفاسدة وهذه هي المرتبة الثانية من القذارات التي فسادها أكثر وعلاجها أصعب، وعند أصحاب الارتياض أهم لانه ما دام الخلق الباطني للنفس فاسدا والقذارات المعنوية محيطة بها لا تليق بمقام القدس وخلوة الانس بل مبدأ فساد المملكة الظاهرية للنفس هو الاخلاق الفاسدة والملكات الخبيثة لها وما دام السالك لم يبدّل بالملكات السيئة الملكات الحسنة فليس مأمونا عن شرور الاعمال. واذا وُفّق للتوبة والاستقامة عليها التي هي من المهمات لا تتيسّر له. فتطهير الظاهر ايضا متوقف على تطهير الباطن مضافا إلى أن القذارات الباطنية موجبة للحرمان من السعادة ومنشأ لجهنم الاخلاق التي هي كما يقول " أهل المعرفة " أشدّ حرّاً من جهنم الاعمال، وقد أشير كثيراً إلى هذا المعنى في أخبار أحاديث أهل بيت العصمة. فيلزم السالك إلى الله هذه الطهارة ايضا.
وبعد أن غُسل عن روح النفس التلوث بالاخلاق الفاسدة بماء العلم النافع الطاهر الطهور وبارتياض شرعي صالخ يشتغل حينئذ بتطهير القلب الذي هو أم القرى وبصلاحه تصلح المملكة وبفساده تفسد كلها. وقذارات عالم القلب مبدأ القذارات كلها وهي عبارة عن تعلّقه بغير الحق وتوجّهه إلى نفسه إلى العالم، ومنشؤها جميعا حب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة وحبّ النفس الذي هو أمّ الامراض. وما دامت جذور هذه المحبة في قلب السالك لا يحصل فيها أثر من محبة الله ولا يهتدي طريقا إلى منزل المقصد والمقصود، ومادام للسالك في قلبه بقايا من هذه المحبة لم يكن سيره إلى الله بل يكون سيره إلى النفس و إلى الدنيا و إلى الشيطان، فالتطهير عن حب النفس والدنيا هو أول مرتبة تطهير السلوك إلى الله في الحقيقة لانه قبل هذا التطهير ليس السلوك سلوكا وانما يطلق السلوك والسالك على سبيل المسامحة (وقال بعض علماء الاخرة في المقام بعد ذكر بعض الآيات والروايات فتفطّن ذوو البصائر بهذه الظواهر، إن أهم الامور تطهير السرائر اذ يبعد ان يكون المراد بقوله : " الطهور نصف الايمان " عمارة الظاهر بالتنظيف بإفاضة الماء وإنقائه وتخريب الباطن وإبقائه مشحونا بالاخباث والقذارات هيهات هيهات.. ثم قال: والطهارة لها أربع مراتب. المرتبة الاولى: تطهير الظاهر عن الاحداث وعن الاخباث والفضلات. المرتبة الثانية: تطهير الجوارح عن الجرائم والآثام. المرتبة الثالثة: تطهير القلب عن الاخلاق المذمومة والرذائل الممقوتة. المرتبة الرابعة: تطهير السرّ عما سوى الله تعالى وهي طهارة الانبياء صلوات الله عليهم والصدّيقين. والطهارة في كل مرتبة نصف العمل الذي هو فيها فان الغاية القصوى من عمل السرّ أن ينكشف له جلال الله تعالى وعظمته ولن تحلّ معرفة الله تعالى بالحقيقة في السرّ ما لم يرتحل ما سوى الله تعالى عنه. ولذلك قال الله تعالى: " قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون "(الانعام 91).. لانهما لا يجتمعان في قلب واحد. " وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه "(الاحزاب 4) وأما عمل القلب والغاية القصوى فيه عمارته بالاخلاق المحمودة والعقائد المشروعة، ولن يتّصف بها ما لم ينظّف من نقائضها من العقائد الفاسدة والرذائل الممقوتة، فتطهيره أحد الشطرين، وهو الشطر الاول الذي هو شرط في الثاني فكان الطهور شطر الايمان بهذا المعنى، وكذلك تطهير الجوارح عن المناهي أحد الشطرين وهو الشطر الاول الذي هو شرط في الثاني، فتطهيره أحد الشطرين وهو الشطر الاول وعمارتها بالطاعات الشطر الثاني.
فهذه مقامات الايمان ولكل مقام طبقة ولن ينال العبد الطبقة العالية الا أن يجاوز الطبقة السافلة فلا يصل إلى طهارة السر من الصفات المذمومة وعمارته بالخلق المحمود، ولن يصل إلى ذلك من لم يفرغ من طهارة الجوارح عن المناهي وعمارتها بالطاعات وكلما عزّ المطلوب وشرف، صعب مسلكه وطال طريقه وكثرت عقباته. فلا تظن ان هذا الامر يدرك وينال بالهوينى.
انتهى موضع الحاجة من كلامه أقول:
ومن طلب العلى سهر الليالى) ومن وراء هذا المنزل منازل البلاد السبعة لعشق العطار يظهر النموذج منها للسالك وذاك القائل رأى نفسه في أول منعطف من زقاقها (اشارة إلى الشعر المعروف للعارفي الرومي يقول فيه:
هفت شعر عشق را عطّار كَشت ماهنوزاندرخم يك كوجه ايم
يعنى أن عطّار النيشابوري (العارف المعروف) سار ودار في المدن السبعة التي هي مدن العشق وبلاده ولكنّا مع الاسف إلى الان لم نتجاوز من منعطف زقاق واحد لتلك المدن.) ونحن وراء الاسوار والحجب الضخمة ونحسب تلك البلاد وحكامها من الاساطير.
أنا لست أركز على الشيخ العطار (هو فريد الدين محمد بن ابراهيم النيسابوري المعروف بالشيخ العطّار صاحب الاشعار والمصنّفات في التوحيد والحقايق والمعارف وله اشعار في مدح مولانا أمير المؤمنين علي وفي ذمّ الدذيا. توفي سنة 427 (خكز) بعد عمر طويل وقيل أنّه قُتل في فتنة التتر وقبره خارج نيسابور معروف. وميثم التمّار الصحابي المعروف.) أو على ميثم التمّار ولكن لا أنكر المقامات من أصلها وأتطلب صاحبها بالقلب والروح وأرجو الفرج لهذه المحبة وأنت كن كما شئت واتصل مع من شئت:
مدّعي خواست كه آيد بتماشاكه راز
دست غيب آمد وبرسينه نا محرم زد
(البيت للعارف الحافظ الشيرازي يقول:
أراد المدّعي أن يدخل منتزه السرّ فظهرت اليد الغيبية وضربت في صدر المدعي وردّه عن الورود لأنه ما كان محرماً للسرّ. فبيّن أن من شروط الدخول في حرم سرّ الله رفض الدعوى وترك الأنانية.)
ولكن لم أكن خائنا للاحباء العرفانيين في الاخوة الايمانية ولا أضيق بالنصيحة لهم التي هي من حقوق المؤمنين.
فإن أعظم القذارات المعنوية التي لا يمكن تطهيرها بسبعة أبحر وأعجزت الانبياء العظام هي قذارة الجهل المركب الذي هو منشأ الداء العضال الا وهو انكار مقامات أهل الله وأرباب المعرفة ومبدأ سوء الظنّ لاصحاب القلوب، وما دام الانسان ملوّثا بهذه القذارة لا يتقدّم خطوة إلى المعارف بل ربما تطفىء هذه الكدورة نور الفطرة الذي هو مصباح طريق الهداية وينطفئ بها نار العشق التي هي براق العروج إلى المقامات ويخلّد الانسان في أرض الطبيعة، فاللازم على الانسان أن يغسل هذه القذارات عن باطن القلب بالتفكر في حال الانبياء والاولياء الكمل صلوات الله عليهم وتذكر مقاماتهم و الاّ يقنع بالحدّ الذي هو فيه فإن الوقوف على الحدود والقناعة في المعارف، من التلبيسات العظيمة لابليس والنفس الامّارة نعوذ بالله منها، وحيث أن هذه الرسالة كتبت على وفق ذوق العامة فقد أمسكنا عن التطهيرات الثلاثة للاولياء والحمد لله. (بالاستئذان من حضرة الاستاذ أشير إلى التطهيرات الثلاثة للاولياء وأن كان لا يخلو عن التجاسر وسوء الادب عند أرباب المعنى.
فأقول: المرتبة الاولى من التطهيرات الثلاثة للاولياء تطهير الاعضاء والجوارح من الاعمال والافعال البشرية، وهذا التطهير هو نتيجة قرب النوافل كما في الحديث المتفق عليه" لا يزال يتقرّب إلي عبدي بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت أنا سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها ".
فالسالك الكامل الواصل اذا خرج من بيت النفس المظلم وطوى عالم النفس بالكلية واندك جبل إنّيّته وأنانيته بتجلي الانوار الربوبية وخرق الحجب النورانية والظلمانية يتجلى الحق تعالى في وجوده فيسمع بالحق ولا يسمع غير الحق ويبصر بالحق ولا يبصر سوى الحق ويبطش بالحق ولا يصدر منه الا الحق وينطق بالحق ولا ينطق الا الحق.
فإذا تمكن في هذا المقام وتقرّب إلى الله سبحانه بقدر استعداده فتحصل له المرتبة الثانية من التطهير وهو التطهير من الصفات الخلقية فالجذبات الالهية الرحمانية تجذبه ويأنس بنار العشق من جانب طور تجلّي الاسماء فتقربه من بساط الانس، فإن جذبه من جذبات الرحمان توازن عمل الثقلين كما في الحديث ويكون كالحديدة المحماة كما في الحديث أيضاً، فكلما يتكمن من القرب يتأدّب بالاداب الربوبية المستفادة من قوله " أدّبني ربي فأحسن تأديبي ". فتكمل فيه الصفات والملكات الخلقية وتصل جوهرة العبودية إلى كنها وتختفي العبودية وتظهر الربوبية وتتحقق بحقيقة " وتخلّقوا بأخلاق الله ". ثم في منتهى قرب النوافل يصل إلى المرتبة الثالثة من التطهير وهي تطهير الذات وكشف سبحات الجلال ويحصل الفناء الكلّي والصعق التام والاضمحلال المطلق والتلاشي التام ويصير القلب الهيا ولاهوتيا وتتجلى حضرة اللاهوت في مراتب الباطن والظاهر فيصل على معدن العظمة ويصير روحه معلقا بعزّ القدس كما أشار في المناجاة الشعبانية: " الهي هب لي كمال الانقطاع اليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرنا اليك حتى تخرق ابصار القلوب حجب النور وتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلّقة بعزّ قدسك ". فعند ذلك يكون وجوده حقانيا، والحق تعالى يشاهد الموجودات في مرآة وجوده، واذا كان انسانا كاملا فيوافق المشيئة المطلقة، كما ورد في زيارة الاولياء الكمّل " ارادة الربّ في مقادير أموره تهبط اليكم وتصدر من بيوتكم " وتكون روحانية عين مقام الظهور الفعلي للحق تعالى كما قال علي : " نحن صنائع الله والخلق بعد صنائعنا " فيه يبصر الحق تعالى وبه يسمع وبه يبطش كما في زيارة مولانا أمير المؤمنين : " السلام على عين الله الناظرة وأذنه الواعية ويده الباسطة السلام على جنب الله الرضي ووجهه المضيء " وربما تستفاد هذه اللطيفة الربانية من حديث قرب النوافل: " كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به.. إلى آخره.. " فليتدبّر.. وفي دعاء رجب:" لا فرق بينك وبينها الا أنهم عبادك وخلقك ".
وليعلم أنه يمكن تطهير الفطرة بعد تلوثها. وما دام الانسان في هذه النشأة فالخروج من تصرّف الشيطان له مقدور وميسور، والورود في حزب ملائكة الله التي هي جنود رحمانية الهية له ميسّر. وحقيقة جهاد أعداء الدين كما قال رسول الله وسلم هو الخروج من تصرف جنود ابليس والورود تحت تصرّف جنود الله، فأول مرتبة الطهارة هي التسنّن بالسنن الالهية والائتمار بأوامر الحق.
والمرتبة الثانية هي التحلي بفضائل الاخلاق وفواضل الملكات. والمرتبة الثالثة هي الطهور القلبي وهو عبارة عن تسليم القلب إلى الحق تعالى، وبعد هذا التسليم يصير القلب نورانيا بل يكون القلب نفسه من عالم النور ومن درجات النور الالهي، ويسري نور القلب إلى سائر الاعضاء والجوارح والقوى الباطنية وتكون المملكة كلها نورا ونورا على نور وينتهي الامر إلى حد يكون القلب الهيا ولاهوتيا، وتتجلى حضرة اللاهوت في جميع مراتب الباطن والظاهر، وفي هذه الحال تفنى العبودية كل الفناء وتختفي، فتظهر الربوبية وتبين. ويحصل لقلب السالك في هذه الحال الطمأنينة والانس ويصير جميع العوامل محبوبا له وتحصل له الجذبات الالهية وتغفر له الخطايا والزلاّت وتستتر في ظلّ التجلّيات الحبّيّة وتحصل له بدايات الولاية ويليق بالورود على محضر الانس، وللسالك بعد هذا منازل لا يناسب هذه الاوراق ذكرها.)
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا



توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 312
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-Jul-2013 الساعة : 12:24 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين



في مقدمات الصلاة
في التطهيرات والوضوء وآدابهما
في الاشارة إلى مراتب الطهور
اعلم أن الانسان مادام في عالم الطبيعة ومنزل مادة الهيولانية فهو تحت تصرفات جنود الهية وجنود ابليسية. والجنود الالهية هي جنود الرحمة والسلامة والسعادة والنور والطهارة والكمال، وجنود ابليس مقابلاتها، وحيث أن الجهات الربوبية غالبة على الجهات الابليسية فللانسان في مبدأ الفطرة نور وسلامة وسعادة فطرية الهية كما صرّح بذلك في الاحاديث الشريفة وأشير اليه في الكتاب الشريف الالهي، وما دام الانسان في هذا العالم فهو بقدر الاختيار يستطيع أن يجعل نفسه تحت تصرّف أحد هذين الجندين، فاذا لم يكن لابليس من أول فطرة الانسان إلى آخرها تصرّف في فطرته فهو انسان الهي لاهوتي، وهو من قرنه إلى قدمه نور وطهارة وسعادة فقلبه نور الحق ولا يتوجّه لغير الحق وقواه الباطنية والظاهرية نورانية وطاهرة ولا يتصرف فيها سوى الحق وليس لابليس فيها حظ ولا لجنوده فيها تصرّف. ومثل هذا الموجود الشريف طاهر مطلقا ونور خالص وما تقدم من ذنبه وما تأخّر فهو مغفور له، وهو صاحب الفتح المطلق وواجد لمقام العصمة الكبرى بالاصالة وبقية المعصومين واجدون لذاك المقام تبعا لتلك الذات المقدسة وهو صاحب مقام الخاتمية الذي هو الكمال على الاطلاق، وحيث أن أوصياءه مشتقون من طينته ومتصلون بفطرته فهم أصحاب العصمة المطلقة بتبعه ولهم التبعية الكاملة. وأما بعض المعصومين من الانبياء والالياء فليسوا أصحاب العصمة المطلقة ولم يكونوا خالين من تصرّف الشيطان، كما أن توجّه آدم إلى الشجرة كان من تصرفات ابليس الكبير ابليس الابالسة مع أن تلك الشجرة الجنة الالهية ومع ذلك كانت له الكثرة الاسمائية التي تنافي مقام الادمية الكاملة، وهذا أحد معاني الشجرة المنهي عنها أو أحد مراتبها و إذا تلوّث نور الفطرة بالقذارات الصورية والمعنوية فبمقدار التلوّث يبعد عن بساط القرب ويهجر من حضرة الانس حتى يصل إلى مقام ينطفئ فيه نور الفطرة بالكلّية وتصير المملكة شيطانية كلها ويكون ظاهرها وباطنها وسرّها وعلنها في تصرّف الشيطان فيكون الشيطان قلبه وسمعه وبصره ويده ورجله وتكون جميع أعماله شيطانية، واذا وصل أحد - والعياذ بالله - إلى هذا المقام فهو الشقّي المطلق ولا يرى وجه السعادة أبدا، وبين هاتين المرتبتين مقامات ومراتب لا يحصيها الا الله وكل من يكون إلى أفق النبوة أقرب فهو من أصحاب اليمين وكل من كان إلى أفق الشيطان أقرب فهو من أصحاب الشمال.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 312
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-Jul-2013 الساعة : 12:31 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين



في مقدمات الصلاة
في التطهيرات والوضوء وآدابهما
في الآداب القلبية للسالك حينما يتوجه إلى الماء للطهارة
ونذكر في المقام الحديث الشريف لمصباح الشريعة كي يحصل للقلوب الصافية لاهل الايمان منه نورانية.
ففي مصباح الشريعة قال الامام الصادق : " اذا أردت الطهارة والوضوء فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة الله فإن الله قد جعل الماء مفتاح قربته ومناجاته ودليلاً على بساط خدمته، وكما أن رحمة الله تطهّر ذنوب العباد كذلك النجاسات الظاهرة يطهرها الماء لاغير"، قال الله تعالى: " وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته وأنزلنا من السماء مـاء طهورا "(الفرقان 48). وقال الله تعالى: " وجعلنا من الماء كل شيء حيّ أفلا يؤمنون "(الأنبياء 30). فكما يحيي به كل شيء من نعيم الدنيا كذلك برحمته وفضله جعل حياة القلوب الطاعات. وتفكر في صفاء الماء ورقّته وطهارته وبركته ولطيف امتزاجه بكل شيء واستعمله في تطهير الاعضاء التي أمرك الله بتطهيرها، وات بآدابها في فرائضه وسننه فإن تحت كل واحدة منها فوائد كثيرة، فاذا استعملها بالحرمة انفجرت لك عيون فوائده عن قريب ثم عاشر خلق الله كامتزاج الماء بالاشياء يؤدي كل شيء حقّه ولا يتغير معناه معتبرا لقول رسول الله مثل المؤمن المخلص الخالص كمثل الماء، ولتكن صفوتك مع الله تعالى في جميع طاعتك كصفوة الماء حين أنزله من السماء وسمّاه طهورا وطهّر قلبك بالتقوى واليقين عند طهارة جوارحك بالماء ".
وفي هذا الحديث لطائف ودقائق وإشارات وحقائق تحيي قلوب أهل المعرفة وتعطي الارواح الصافية لاصحاب القلوب حياة جديدة. ففي هذا الحديث شبه الماء بل أوله إلى رحمة الحق فمن نكات هذا التشبيه أو التأويل أن الماء أحد المظاهر العظيمة لرحمة الحق التي أنزلها في عالم الطبيعة وجعلها سببا لحياة الموجودات بل أهل المعرفة يعبّرون بالماء عن الرحمة الواسعة الالهية التي نزلت من السماء رفيعة الدرجات لحضرة الاسماء والصفات فأحيا بها أراضي التعيّنات للاعيان. وحيث أن تجلّي الرحمة الواسعة الاهية في الماء الملكي الظاهري أكثر من سائر الموجودات الدنيوية جعله الله تعالى لتطهير القذارات الصورية بل ماء الرحمة للحق تعالى اذا نزل وظهر في كل نشأة من نشآت الوجود وفي كل مشهد من مشاهد الغيب والشهود يطهّر ذنوب عباد الله وفقا لتلك النشأة وبما يناسب ذلك العالم.
فماء الرحمة النازل من سماء الاحدية تطهر ذنوب غيبة تعينات الاعيان، وبماء الرحمة الواسعة النازلة من سماء الواحدية تطهر ذنوب عدمية الماهيات الخارجية في كل مرتبة من مراتب الوجود طبقا لتلك المرتبة، وفي مراتب نشآت الانسانية ايضا لماء الرحمة ظهورات مختلفة كما أنه بالماء النازل من حضرة الذات بالتعينات الجمعية البرزخية تطهر ذنوب سر الوجود " وجودك ذنب لا يقاس به ذنب " وبالماء النازل من حضرات الاسماء والصفات وحضرة التجلي الفعلي تطهر رؤية الصفة والفعل وبالماء النازل من سماء الحضرة الحكم العدل تطهر القذارات الخلقية الباطنية، وبالماء النازل من سماء الحضرة الحكم العدل تطهر القذارات الخلقية الباطنية، وبالماء النازل من سماء الغفارية تطهر ذنوب العباد، وبالماء النازل من سماء الملكوت تطهر القذارات الصورية، فعلم أن الحق تعالى جعل الماء مفتاح قربه ودليل بساط رحمته ثم يعين في الحديث الشريف وظيفة أخرى ويفتح طريقا آخر لاهل السلوك والمراقبة.
يقول :" تفكَّرْ في صفاء الماء ورقته وطهره وبركته ولطيف امتزاجه بكل شيء واستعمله في تطهير الاعظاء التي أمرك الله بتطهيرها وائت بآدابها في فرائضه وسننه فإن تحت كل واحدة منها فوائد كثيرة فاذا استعملتها بالحرمة انفجرت لـك عيون فوائـده عن قريب ".
اشار في هذا الحديث الشريف إلى مراتب الطهارة بالطريق الكلية وبيّن أربع مراتب كليّة احدها ما ذكر في الحديث الشريف إلى حد الذي ذكرناه وهو تطهير الاعضاء، وأشار إلى أنّ أهل المراقبة والسلوك إلى الله يلزم الاّ يتوقّفوا عند صور الاشياء وظواهرها بل لابدّ أن يجعلوا الظاهر مرآة للباطن ويستكشفوا من الصور الحقائق ولا يقنعوا بالتطهير الصوري فإن القناعة بالتطهير الصوري فخّ ابليس فينتقلوا من صفاء الماء إلى تصفية الاعضاء ويصفونها بأداء الفرائض والسنن الالهية ويرققون الاعضاء برقة الفرائض والسنن ويخرجونها من غلظة التعصي ويسرون الطهور والبركة في جميع الاعضاء ويدركون من لطف امتزاج الماء بالاشياء كيفية امتزاج القوى الملكوتية الالهية بعالم الطبيعة ولا يدعون القذارات الطبيعية تؤثّر فيها فاذا تلبست أعضاؤهم بالسنن والفرائض الالهية وآدابها تظهر فوائدها الباطنية بالتدريج وتنفجر عيون الاسرار الالهية وتنكشف لهم لمحة من أسرار العبادة والطهارة.
ولما فرغ من بيان المرتبة الاولى من الطهارة وكيفية تحصيلها شرع في بيان الوظيفة الثانية وقال: ثم عاشر خلق الله كامتزاج الماء بالاشياء يؤدي كل شيء حقه ولا يتغّير عن معناه معتبرا لقول رسول الله " مثل المؤمن المخلص (الخالص) كمثل الماء " فبيّن في الحكم الاول ما يربط بتعامل الانسان السالك مع قواه الداخلية وأعضائه، والحكم الثاني الذي هو في هذه الفقرة من الحديث الشريف يرتبط بتعامل الانسان مع خلق الله وهذا هو حكم جامع يبيّن كيفية معاشرة السالك للمخلوق ويستفاد منه ضمنا حقيقة الخلوة وهي أن السالك إلى الله في نفس الحال الذي يعاشر كل طائفة من الناس بالمعروف ويرد الحقوق الخلقية ويراود كل أحد ويعامله بطور يناسب حاله فهو في الوقت نفسه لا يتجاوز عن الحقوق الالهية ولا يترك المعنى من نفسه وهو العبادة والعبودية والتوجّه إلى الحق وفي نفس الحال التي يكون فيها في الكثرة يكون في الخلوة وقلبه الذي هو منزل المحبوب خاليا من الاغيار وفارغا من كل صورة ومثال. (أقول: وقد أشير إلى هذا المعنى في كثير من الاحاديث، ففي نهج البلاغة لعلي في خطبته المعروفة التي يصف فيها المتقين قال (ع): " ان كان من الغافلين كتب الذاكرين وان كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين " وفي الكافي الشريف روايات متقاربة المضمون: ان الله سبحانه أوحى لموسى بن عمران: " يابن عمران لاتدع ذكري على كل حال". وقال الصادق : قال الله تعالى " يابن آدم اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي ". إلى أن قال " اذكرني في ملأ أذكرك في ملأ خير من ملئك ". وقال " ما من عبد يذكر الله في ملأ من الناس الا ذكره الله في ملأ من الملائكة " وأيضا في الكافي الشريف عن الصادق قال:" الذاكر لله عز وجل في الغافلين كالمقاتل في المحاربين الغازين".)
ثم ذكر الحكم الثالث وهو كيفية تعامل السالك مع الحق تعالى، يقول:" ولتكن صفوتك مع الله في جميع طاعتك كصفوة الماء حين أنزله من السناء وسمّاه طهورا " يعني يلزم للسالك إلى الله أن يكون خالصا من تصرف الطبيعة ولا يكون لكدورتها وظلمتها طريق إلى قلبه، وتكون جميع عباداته خالية عن جميع الشرك الظاهري والباطني، وكما أن الماء في وقت نزوله من السماء طاهر وطهور وما امتدّت اليه يد تصرف القذارات كذلك قلب السالك الذي نزل من سماء عالم غيب الملكوت طاهراً ومنزّهاً لا يتركه يقع تحت تصرّف الشيطان والطبيعة ويتلوث بالقذارات.
وبعد هذا بين الحكم الاخير وهو وظيفة لأهل الرياضة والسلوك ويقول: " وطهّر قلبك بالتقوى واليقين عند تطهير جوارحك بالماء " وفي هذا إشارة إلى مقامين شامخين لأهل المعرفة. الأول: التقوى وكماله ترك غير الحق. والثاني: اليقين وكماله مشاهدة حضور المحبوب
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 312
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-Jul-2013 الساعة : 12:34 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين



في مقدمات الصلاة
في التطهيرات والوضوء وآدابهما
في الطهور وهو اما الماء وهو الاصل في هذا الباب واما الارض
(قال العارف السعيد القاضي سعيد القمّي ((*- هو محمد بن مفيد القُمّي العالم الفاضل الحكيم المتشرع العارف الربّاني والمحقّق الصمداني من أعاظم علماء الحكمة والادب والحديث. انتهى اليه منصب القضاء في بلده قم.
كان من تلامذة المحقق الفيض الكاشاني والمولى عبد اللازّاق الاهيجي له مصنفات فائقة منها شرحه على كتاب توحيد الصدوق في مجلّدات والاربعينيّات وغير ذلك. وأشهر مصنفاته شرحه على التوحيد وهو مشتمل على الفوائد الكثيرة فلنذكر فائدة مختصرة منها:
روى الصدوق عن أبي عبدالله قال لمّا امر الله عز وجل ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ببنيان البيت وتمّ بناؤه أمره ان يصعد ركنا ينادي في الناس الا هلمّ الحجّ فلو نادى هلمّوا إلى الحج لم يحجّ إلا من كان يومئذ انسيّا مخلوقا ولكن نادى هلمّ الحجّ فلبّى الناس في أصلاب الرجال لبيك داعي الله لبيك داعي الله فمن لبىّ عشرا حجّ عشرا ومن لبّى خمسا حج خمسا ومن لبّى اكثر فبعدد ذلك ومن لبى واحدا حجّ واحدا ومن لم يلبّ لم يحج.
قال القاضي سعيد في معنى الخبر: عندي ان الوجه فيه ان استعمال هلم لمجرّد الامر وطلب الحضور مع تجريد من خصوصية المخاطب بالافراد والتذكير والتأنيث، والمعنى ليكن اتيان بالحجّ وليصدر قصد إلى البيت ممّن يأتي منه هذا القصد من أفراد البشر وهذا إنّما يصحّح في صيغة المفرد حيث لم يكن فيه علامة الزيادة لاجل التأنيث والتثنية والجمع بخلاف صيغة الجمع فان الزيادة فيه مانعة عن ذلك كما لا يخفى على المتدرّب في العلوم (انتهى).)) وهو (أي الطهور) امّا الماء الذي هو سرّ الحياة التي هي العلم ومشاهدة الحيّ القيّوم، قال الله تعالى: " وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به "(الفرقان 48 و 49). وقال جل وعلا: " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهّركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان " (الانفال 11) وأما التراب الذي هو أصل نشأة الانسان قال عزّ من قائل " منها خلقناكم "(طه 55). وقال جلّ جلاله: " فلم تجدوا ماء فتيمّموا صعيدا طيّبا "(النساء 43) وذلك لتتفكر في ذاتك لتعرف من أوجدك ومم أوجدك ولم أوجدك، فتخضع له وترفع التكبّر من رأسك لان التراب هو الاصيل في الذلّة والمسكنة.
ثم اعلم ان ماء الغيث لطيف في غاية الصفا وله مزاج واحدا ولا يمازجه شيء في الخارج فهو في الباطن العلم اللدني الذي له طعم واحد اذ الانبياء والاولياء كلهم على قول متحد وان اختلفت المشارب والمناهل فليكن معتمدك في طهورك الظاهري والباطني هذا الماء، وأما ماء العيون والآبار فهو مختلف الطعم بحسب تلك البقعة والأرض التي خرج منها وامتزج بتربتها فهو العلم المستفاد من الافكار الصحيحة التي لاتخلو من شائبة التغيّر بحسب مزاج المتفكر لانه ينظر في مواد محسوسة تقوم عليها البراهين، فاختر لنفسك أي الماءين يقرب من ذوقك ويناسب مشربك.. (انتهى).
وكأنّ الامام أطال الله بقاه ينظر إلى كلام هذا العارف في هذا المبحث ولكن شتّان ما بين الكلامين، فتأمّل تعرف.)
إعلم أن للانسان السالك في الوصول إلى المقصد الأعلى ومقام القرب الربوبي طريقين على نحو كلي أحدهما وله مقام الكلّية والأصالة وهو السير إلى الله بالتوجّه إلى مقام الرحمة المطلقة وخصوصا الرحمة الرحيمية وهي رحمة توصل كل موجود إلى كماله اللائق به، ومن شعب الرحمة الرحيمية ومظاهرها بعث الانبياء والرسل صلوات الله عليهم الذين هم هداة السبل والمساعدون للمتأخرين عن السير، بل ان دار التحقق في نظر أهل المعرفة وأصحاب القلوب هي صورة الرحمة الالهية، والخلائق دائما مستغرقون في بحار رحمة الحق تعالى ولكنهم لا يستفيدون منها.
فهذا الكتاب العظيم الإلهي الذي نزل من عالم الغيب الإلهي والقرب الربوبي، ولأجل استفادتنا نحن المهجورين وخلاصنا نحن المسجونين في سجن الطبيعة والمغلولين في سلاسل أهواء النفس والآمال وقد صار في صورة اللفظ والكلام هو أحد مظاهر العظيمة للرحمة المطلقة الإلهية، وما استفدنا نحن الصم العمي منه بشيء ولا نستفيد. وان الرسول الخاتم والوليّ المطلق الأكرم الذي شرّفنا وقد من محضر القدس ومحفل القرب والانس الإلهي إلى هذا المنزل منزل الغربة والوحشة وابتلي بمعاشرة أمثال أبي جهل وشرّ منه مراودته وان أنين ليغان على قلبي منه قد أحرق قلوب أهل المعرفة والولاية ويحرقها الان أيضا هو الرحمة الواسعة والكرامة المطلقة الالهية التي كان قدومها في هذه الدويرة للرحمة على الموجودات وعلى سكنة العالم الاسفل الادنى واخراجهم من هذه الدار دار الغربة والوحشة، فهو كالحمامة المطوقة التي تلقي نفسها إلى الفخ لتنجي رفقاءها منه.
فلابد للسالك إلى الله أن يرى التطهير بماء الرحمة صورة لاستفادته من الرحمة الالهية النازلة، وما دامت الاستفادة له ميسورة، لابد أن يقوم بأمرها واذا قصرت يده عنها بسبب القصور الذاتي أو تقصيره وبسبب فقد ماء الرحمة لم يكن له بدّ من التوجّه بذلّه ومسكنته وفقره وفاقته، فاذا جعل ذلّة عبوديته نصب عينيه وتوجّه باضطراره الذاتي وفقره الذاتي وإمكانه الذاتي وخرج من التعزز والغرور وحب النفس ينفتح له باب آخر من الرحمة وتبدل بأرض الطبيعة أرض الرحمة البيضاء ويصير التراب أحد الطهورين ويصير موردا لترحم الحق تعالى وتلطفه، وكلما قوي هذا النظر في الانسان أي النظر إلى ذلّة نفسه يكون موردا للرحمة أكثر. وأما اذا أراد الانسان أن يسلك هذا الطريق بقدم الاعتماد على النفس وعلى عمله فهو هالك لامحالة لانه من الممكن الا يؤخذ بيده فمثله كالطفل الذي يتجاسر على المشي ويغتر بقدمه، ويعتمد على قوته، فمثل هذا الطفل لا يكون موردا لعناية أبيه ويكله الاب إلى نفسه وأما إذا عرض اضطراره وعجزه على جناب الأب الشفيق وخرج عن الاعتماد على نفسه وعلى قوّته بالكلّية فيصير حينئذ موردا لعناية الاب ويأخذ الاب بيده بل يأخذه في حضنه ويمشي به بقدمه فالاحرى بالسالك إلى الله ان يكسر رجل سلوكه وان يستدعي البراءة من الاعتماد على نفسه وارتياضه وعمله بالكلّية وينفى عن نفسه وقدرته وقوّته، ويجعل فناءه واضطراره دائما نصب عينيه حتى يقع دائما موردا للعناية، فربما يسلك حينئذ طريقا يطول سيره مئة سنة في ليلة واحدة بالجذبة الربوبية , وحينما يفنى عن نفسه وقوته وقدرته ويقول في محضر القدس الربوبي بلسان باطنه وحاله بالعجز والافتقار: " أمّن يجيب المضّطر اذا دعـاه ويكشف السوء ". (النمل - 61)
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 312
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-Jul-2013 الساعة : 12:42 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين

في مقدمات الصلاة
في التطهيرات والوضوء وآدابهما


في نبذة من آداب الوضوء الباطنية والقلبية
فمن ذلك ما ورد عن الامام الرضا (هو الامام الثامن من أئمة الهدى بضعة سيد الورى مولاي علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين المعصومين، ولد حادي عشر ذي القعدة يوم الخميس أو يوم الجمعة بالمدينة سنة 148 ثمان وأربعين ومئة بعد وفاة جدّه الصادق بأيام قليلة ومكارم أخلاقه ومعالي أموره أكثر من أن تحصى وتذكر فعن ابراهيم بن العباس قال: ما رأيت أبا الحسن الرضا جفا أحدا بكلامه قطّ ولا اتّكى بين يدي جليس له قطّ ولا رأيته شتم أحدا من مواليه ومماليكه قطّ ولا رأيته تفل قط ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط بل كان ضحكه التبسّم وكان اذا خلا ونصبت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه حتى البواب والسايس، وكان قليل النوم باليل كثير السهر يحيي أكثر لياليه من أولها إلى الصبح وكان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر ويقول ذلك صوم الدهر. وكان كثير المعروف والصدقة في السرّ وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة فمن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدقوه (انتهى).
وقبض ابو الحسن علي بن موسى الرضا في آخر صفر كما اختاره ابن الاثير والطبرسي والسيد الشبلنجي من سنة 203 (رج) ثلاثة ومئتين وهو ابن خمس وخمسين سنة وتوفي بطوس في قرية يقال لها سناباد من نوقان على دعوة ودفن بها صلوات الله عليه. وكتب المأمون إلى أهل بغداد وبني العباس والموالي يعلمهم بموته وانّهم انّما نقموا ببيعته وقد مات وسألهم الدخول في طاعته فكتبوا اليه أغلظ جواب.
وقال الصدوق: ولعلي بن أبي عبدالله الخوافي يرثي الرضا :
يا أرض طوس سقاك الله رحمته ماذا حويت من الخيرات ياطوس



شخص ثوى بسنا آباد مرموس


في رحمة الله مغمور ومغموس


حلم وعلم وتطهير وتقديس


لملائكة الابرار محروس



طابت بقاعك في الدنيا وطاب بها


شخص عزيز على الاسلام مصرعه


ياقبره أنت قبر قد تضمّنه


فخرا بانك مغبوط بــجثّته



: " انما أمر بالوضوء ليكون العبد طاهرا اذا قام بين يدي الجبّار وعند مناجاته ايّاه مطيعا له فيما أمر نقيّا من الارجاس والنجاسة مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد ال وتزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبّار ".
فبيّن إلى هنا النكتة (النُكتهْ: المسألة العلمية الدقيقة، يُتَوَصَلُ اليها بدقة، وانعام فكر (المعجم الوسيط) (الناشر)) من أصل الوضوء ونبّه اهل المعرفة وأصحاب السلوك بأن للوقوف في محضر الحق جلّ وعلا وللمناجاة مع قاضي الحاجات آدابا لابد أن تلاحظ حتى أنه مع القذارات الصورية والكثافات وكسالة العين الظاهرة ايضا لا يحضر في ذلك المحضر فكيف اذا كان القلب معدنا للكثافات ومبتلىً بالقاذورات المعنوية التي هي أصل القذارات مع أن في الرواية:" ان الله تعالى لا ينظر إلى صوركم بل ينظر إلى قلوبكم ". ومع أن ما يتوجّه به الانسان إلى الحق تعالى وما يليق من العوالم الخلقية أن ينظر إلى كبرياء ونصيب مع ذلك ما أهملت الطهارة الصورية والنظافة الظاهرية فقرروا صورة الطهارة لصورة الانسان وباطنها لباطنه ومن جعله تزكية القلب في هذا الحديث الشريف من فوائد الوضوء يعلم ان للوضوء باطنا يكون به تزكية الباطن ويعلم ايضا الرابطة بين الظاهر والباطن والشهادة والغيب ويستفاد ايضا ان الطهور الظاهري والوضوء الصوري من العبادات واطاعة للرب ومن هذه الجهة الطهور الظاهر موجب للطهور الباطن ومن الطهارة الصورية تحصل تزكية الفؤاد.
وبالجملة السالك إلى الله لابد أن يتوجه في وقت الوضوء إلى انه يريد التوجّه إلى المحضر المقدّس لحضرة الكبرياء ومع هذه الحالات القلبية التي له لا يليق للمحضر بل أنه يطرد من جناب العزّ الربوبي فيشمّر ذيله بأن يسري الطهارة الظاهرية إلى الباطن ويجعل قلبه موردا لنظر الحق بل منزلا لحضرة القدس ويطهره من غير الحق ويخرج من رأسه التفرعن وحب النفس الذي هو أصل أصول القذارات كي يليق للمقام المقدّس. (أقول: اعلم ان النجاسة التي يجب ازالتها للصلاة على أنواع منها ماهو على اللباس وظاهر البدن، وهذه النجاسة تغسل بالماء المطلق وتحصل الطهارة من الخبث التي هي من شروط الصلاة، ونظير هذه النجاسة في عالم الباطن والمعنى التلوث بقذارة المعاصي الصغيرة التي تصدر من المؤمن، وحيث أن مرتبة النجاسة فيها ضعيفة فتطهّر بالالام الدنيوية وتوجب رفعها الابتلاءات في عالم الطبيعة. قال تعالى: " ان تجتنوا كبائر ما تُنهون عنه نكفّر عنكم سيئاتكم "(النساء 31) ومنها ما يسري ويجري إلى باطن الجسد وهو ايضا على قسمين:
القسم الأول: ما يسري في جميع الجسد وهو مايسمى بالحدث الأكبر والتطهير من هذه النجاسة والخباثة يحتاج إلى غسل جميع البدن بنيّة القربي إلى الله تعالى والتعبد له حتى يكون بواسطة اقتران الغسل بقصد القربة وانتسابه إلى حضرة الباري جلّ شأنه، تأثير الماء في رفع النجاسة أقوى وأنفذ وان كان على حساب المقدار والوزن قليلا فيكون مثله مثل الاكسير الذي يؤثر قيراط منه في قنطار من النحاس فيصير ذهبا خالصا، ومن المعاصي ماهو بمنزلة الحدث الاكبر في الروح وهي المعاصي التي رسخت جذورها في القلب وصارت منشأ للملكات الخبيثة والرذائل النفسانية من الكبر والحسد والشرك ونحوها وتسمّى بالموبقات وقد أوعد الله سبحانه صاحبها النار وآثار تلك المعاصي لا تزول عن القلب بسهولة بل لابدّ من التوبة الحقيقة بشرائطها والا فآخر الدواء الكيّ، أعاذنا الله منه.
والقسم الثاني: النجاسة التي تسري إلى الباطن ولكن بمرتبة ضعيفة من السراية بحيث لا تصل إلى جميع البدن ويكفي في تطهيرها غسل بعض الاجزاء توأما بقصد القربة والعبودية كما ذكرنا في الغسل وتسمى بالحدث الأصغر، ونموذج هذه النجاسة في عالم الروح بعض المعاصي الكبيرة التي ليس لها جذر نفساني وكبعض المعاصي الذي قد يتفق للانسان وخصوصا في عهد الشباب ولكن حيث العصيان أمر عارضي وليس ناشئا عن ملكة التعصي لقرب العهد من الفطرة فهو أقرب إلى رحمة الله والتوبة من أسهل. وقد أشير إلى ذلك في الروايات. منها ما رواه الصدوق قدس سره في الامالي عن الصادق أنه قال: " ان العبد لفي فسحة من أمره ما بينه وبين أربعين سنة فاذا بلغ أربعين سنة أوحى الله عزّ وجلّ إلى ملكية انّي قد عمّرت عبدي عمرا فغلّظا عليه وشددا وتحفضا واكتبا عليه قليل عمله وكثيره وصغيره وكبيره. "
فاذا لم يتمكن المصلي من الماء لتطهيره فقد جعل الله سبحانه التراب احد الطهورين لان التراب أذلّ الاشياء على وجه الارض يطؤه الناس بأقدامهم فلا بدّ للعبد أن يتّصف بصفته في جناب الحق فيمسح جبينه ويسمه بسمة الذّلة والافتقار والعبودية، ويرمز بهذا أيضا إلى أن ناصية الخلق بيد قدرته يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، كما قال سبحانه: " ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها "(هود 56). فلعله باظهار الخضوع والمسكنة يجلب رحمة الله يوم يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام ثم يمسح يديه بالتراب وهما مظهر قدرته فيذلّله في حضرة القادر المطلق ويقف بعد ذلك في صف الحاضرين في المحضر.
وقال فقيه الفرقة الناجية الشهيد الثاني (قدّس سره):
فأمّا الطهارة، فليستحضر في قلبه ان تكليفه فيه بغسل الأطراف الظاهرة و تنظيفها لاطلاع الناس عليها و لكون تلك الأعضاء مباشرة للأمور الدنيوية منهمكة في الكدورات الدنية فلأن يطهر مع ذلك قلبه الذي هو موضع نظر الحق تعالى فإنه لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم.. و لأنه الرئيس الاعظم لهذه الجوارح و المستخدم لها في تلك الأمور المبعدة عن جنابه تعالى و تقدس أولى و أحرى، بل هذا تنبيه واضح على ذلك و بيان شاف على ما هنالك، و ليعلم من تطهير تلك الأعضاء عند الاشتغال بعبادة الله تعالى و الاقبال عليه و الالتفات عن الدنيا بالقلب والحواس لتلقي السعادة في الأخرى إن الدنيا والآخرة ضرتان كلما قربت من إحداهما بعدت عن الأخرى، فلذلك أمر بالتطهير من الدنيا عند الاشتغال و الاقبال على الأخرى. فأمر في الوضوء بغسل الوجه لأن التوجه و الاقبال بوجه القلب على الله تعالى به و فيه أكثر الحواس الظاهرة التي هي أعظم الأسباب الباعثة على مطالب الدنيا فأمر بغسله ليتوجه به و هو خال من تلك الادناس و يترقى بذلك إلى تطهيرها ما هو الركن الأعظم في القياس ثم أمر بغسل اليدين لمباشرتهما أكثر أحوال الدنيا الدنية و المشتهيات الطبيعية ثم بمسح الرأس لان فيه القوة المفكرة التي يحصل بواسطتها القصد إلى تناول المرادات الطبيعية و تنبعث الحواس للإقبال على الأمور الدنيوية المانع من الاقبال على الآخرة السنية، ثم يمسح الرجلين لأن بهما يتوصل إلى مطالبة و يتوصل إلى تحصيل مآربه على نحو ما ذكر في باقي الأعضاء، فيسوغ له الدخول في العبادة و الاقبال عليها فائزا بالسعادة، و أمر في الغسل بغسل جميع البشرة لأن أدنى حالات الانسان و أشدها تعلقا بالملكات الشهوية حالة الجماع و موجبات الغسل و لجميع بدنه مدخل في تلك الحالة و لهذا قال صلى الله عليه و آله: " ان تحت كل شعرة جنابة ".. فحيث كان جميع بدنه بعيدا عن المرتبة العلية منغمسا في اللذات الدنية كان غسله أجمع من أهم المطالب الشرعية ليتأهل لمقابلة الجهة الشريفة و الدخول في العبادة المنيفة و يبعد عن القوى الحيوانية و اللذات الدنيوية. و لما كان للقلب من ذلك الحظ الأوفر و النصيب الاكمل كان الاشتغال بتطهيره من الرذائل و التوجهات المانعة من درك الفضائل أولى من تطهير تلك الأعضاء الظاهرة عند اللبيب العاقل. و أمر في التيمم بمسح تلك الأعضاء بالتراب عند تعذر غسلها بالماء الطهور وضعا لتلك الأعضاء الرئيسية و هضما لها بتلقيها بأثر التربة الخسيسة، و هكذا يخطر أن القلب إذا لم يمكن تطهيره من الأخلاق و الرذيلة و تحليته بالأوصاف الجميلة فليقمه في مقام الهضم و يسقه بسياط الذل و الأعضاء عسى أن يطلع عليه مولاه الرحيم و سيده الكريم و هو منكسر متواضع فيهبه نفحة من نفحات نوره اللامع فإنه عند القلوب المنكسرة كما ورد في الأثر فترق من هذه الاشارات و نحوها إلى ما يوجب لك الاقبال أو تلافي سالف الاهمال.)
ثم بيّن الرضا سلام الله عليه وجه اختصاص الاعضاء المخصوصة للوضوء فقال:
" وانّما وجب على الوجه واليدين والرأس والرجلين لان العبد اذا قام بين يدي الجبار فانما يكشف من جوارحه ويظهر ما وجب به الوضوء وذلك أنه بوجهه يسجد ويخضع وبيده يسأل ويرغب ويرهب ويتبتّل وبرأسه يستقبله في ركوعه وسجوده، وبرجليه يقوم ويقعد ".
وحاصل ما قاله انه حيث أن لهذه الاعضاء دخلا في عبودية الحق تعالى والعبودية تظهر من هذه الاعضاء فلهذا وجب تطهيرها.. وبعد هذا بيّن الامور التي تظهر من هذه الاعضاء، وبهذا فتح باب الاعتبار والاستفادة لاهلهما، وأرشد أهل المعارف إلى اسرارها بأن ما هو محل للعبودية في محضر الحق تبارك لا بد أن يكون طاهرا ومطهرا والاعضاء والجوارح الظاهرية التي يكون لها حظ ناقص من تلك المعاني لا تليق لذلك المقام من دون طهارتها ومع أن الخضوع ليس من صفات الوجه على الحقيقة والسؤال والرغبة والرهبة والتبتل والاستقبال ليس شيء منها من شؤون الاعضاء الحسيّة ولكن حيث أن هذه الاعضاء مظاهر تلك الامور لزم تطهيرها، فعلى هذا فإنّ تطهير القلب الذي هو محل حقيقي للعبودية ومركز واقعي لتلك المعاني يكون ألزم، وبدون تطهير القلب لو غسلت الاعضاء الصورية بسبعة أبحر ما تطهّرت ولا توجد فيها لياقة لذلك المقام بل يكون للشيطان فيها تصرّف ويكون المرء مطرودا من حضرة العزّة. (يجب على السالك الطالب أن يراعي آداب الوضوء كما قال الصادق : " وات بآدابها في فرائضه و سننه " ليستعد للحضور و يستفيد من عيون فوائده كما وعدها الامام الصادق فالأدب الأول أن يتوجه إلى القبلة و مركز العبادة و نقطة التوحيد التي هي من عمدة الشرائط الصلاتية ليستفيد من فوائد الاستقبال التي سنذكرها في محلها، و قد أشير إلى هذا الأدب في الرواية: " و ان من توضأ حيال القبلة كان له ثواب صلاة ركعتين " و ينبغي أن يكون وقوفه الوقوف في مقام الحمد حيث أذن له رب العزة و السلطان بالحضور و هو الآن في مقام تحصيل مقدمات التشرف لينال هذا الشرف فيأخذ غرفة من الماء و يغسل يديه من المرفقين و ليتفطن أنه كما يغسل بالماء الظاهر الذي هو سبب حياة لكل حي ظاهره كذلك يغسل باطنه بالعلم و هو الموجب لحياة القلوب و الأرواح فينور به قلبه وروحه، فأخذه الماء صورة تناول الرحمة الإلهية ليطهر بها من كل عيب و نقص و يغسل يديه من العيوب و من حوله و قوته اشواك طريق السلوك و لعل غسل اليد اليسرى يرمز إلى أنه لا حول عن المعاصي إلا بالله، و اليد اليمنى إلى أنه لا قوة على الطاعات إلا بالله.
وأيضا أن اليد مظهر الامساك والقبض وبواسطة الحرص والبخل تمسك عن البسط في الخيرات، قال تعالى: " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلّت أيديهم ولعنوا بها قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء "(المائدة 64). فليتنبه بأن قبض اليد الظاهرية مانع عن اغتراف الماء النازل من سماء الدنيا كذلك قبض اليد المعنوية مانع عن تناول ماء الرحمة النازل من سماء العلم والحكمة وبصبّ الماء باليمنى على اليسرى يتنبّه انه لابد له من بسط اليد في البذل والاعطاء والايثار في سبيل رضى المحبوب، ولا يمسك يده، قال تعالى: " لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبون " (آل عمران 92).
وأيضا يرمز بغسل اليد إلى غسل يده عّما نهى عنه الشارع وبالخصوص المنهيات التي تتحقق باليد كالسرقة والتعدّي والغصب وأمثالها.
ويتفطن أيضا إلى أنه كما أن النوم في الليل أو النهار حدث يوجب هذا الوضوء الذي هو بصدده كذلك الغفلة عن مقام الغيب والشهود حدث لابد لك من رفعة فبغسل يديه مستمدا من مقام الرحمانية والرحيمية للحق تعالى شأنه يرفع ذاك الحدث. وقد ورد في الحديث" لا وضوء لمن لا يسمّ الله " فيغسل يديه قائلا بسم الله الرحمن الرحيم ثم يقول: " الحمد لله الذي جعل الماء طهمورا ولم يجعله نجسا " وهذا اشارة إلى مقام الحمد الذي ذكرناه، ثم يتنبه إلى الجهات التي ذكرها الاستاذ في الطهارة ويقول: " اللهم اجعلنى من التوابين واجعلني من المتطهرين "ويجدّد التوبة على حسب المرتبة التي هو فيها ويسأل التوبة من الله ثم يتمضمض ويجري ذكره الجميل على اللسان بقوله: " اللهم لقّنّي حجّتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك " ومعنى تلك المضمضة التي يطّهر بها فمه من فضول الطعام أنه يطهر فمه ولسانه من الذكر القبيح ومن فضول الكلام (وفضول الكلام يميت القلب) وممّا يجري على لسانه ويخرج من فمه ممّا يمقته الله ويدخله النار كما قال : " وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار الا حصائد ألسنتهم ". فيزيده بذكر الله وتلاوة القرآن.
ثم يستنشق، وحقيقة اخراج الكبر والتعالى من دماغه كما يخرج بالاستنشاق فضولات الدماغ من طريق أنفه وينقي مجراه ويستعد لشم الروائح العطرة المعنوية التي تهب من حي الحبيب ووجدان نفس الرحمن من جانب اليمن والوادي الايمن، ويقول بلسانه رمزا لذلك المعنى:
" اللهم لا تحرمني ريح الجنة وأجعلني ممن يشم ريحها وروحها وطيبها " ثم يغسل وجهه ويتوجّه إلى أنّ ذلك يرمز إلى بياض الوجه وتحصيل ماء الوجه عند الله سبحانه فيتذكّر قصوره وتقصير وخجلته وسواد وجهه ويستجير بالله من أن يلقى الله سبحانه بهذه الحالة كما يحكيها الله سبحانه:
" ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوهمم مسودّة "(الزمر 60).. وقال تعالى: " وجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة "(عبس 40 - 41). وليستحي من الله سبحانه لما رآه حيث نهاه ولما توجّه إلى غير مولاه. ونعم ما قيل:



وننزل الركب بمغناهم


يصبح مسرورا بلقياهم


بأي وجه أتلقّاهم


لاسيما عمّن ترجّاهم



قالوا غدا نأتي ديار الحمى


فكلّ من كان محبّا لهم


قلت فلي ذنب وما حيلتي


قالوا أليس العفو من شأنهم




وقد ورد في الحديث أنه يقول عند غسل وجهه" اللهم بيّض وجههي يوم تسودّ الوجوه ولا تسوّد وجهي يوم تبيضّ الوجوه ".
ويتذكر عندما يغسل اليدين ان باطنه غسل الايدي من مرافق رؤية الاسباب التي هي أيادي صنع المعبود إلى منتهى أنامل المباشرة والاكتساب.
وأيضا هو غسل اليد عن الخلق وتفويض الامر إلى الله والاستعداد للتمسك بذيل المحبوب وقرع بابه كما قال أمير المؤمنين في حق عباد الله وأصحاب الذكر " لكل باب رغبة إلى الله منهم يد قارعة ".
ويتذكر أيضا موقف القيامة وتطاير الكتب وأحوال الناس في ذاك الوقت كما قال تعالى: " فأمّا من أوتي كتابه بيمينه "(الحاقة 25)" وأمّا من أوتي كتابه بشماله "(الحاقة 25).. فيقول عند غسله اليمنى " اللهم اعطنى كتابي بيميني والخلد في الجنان بيسارى وحاسبني حسابا يسيرا ".
ويقول أيضا عند غسله اليسرى: " اللهم لاتعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري ولاتجهلها مغلولة إلى عنفي وأعوذ بل من مقطّعات النيران ".
ويمسح رأسه من الخضوع لغير الله ومن الكبرياء العارضة له اذ عدّ نفسه شيئا ومن التشمخ الذي عرض له من النظر إلى نفسه ويتذكر عند مسح رأسه خطيئة أبيه آدم وميله إلى الشجرة المنهية ووضعه يد الذّلة والافتقار على أمّ رأسه كما في الرواية يجيء شرحها وينادي ربه كما نادى أبوه ربّنا ظلمنا أنفسنا ليشمله غفران الرب الرحيم من قرنه إلى قدمه، ويتحقق معنى الدعاء الوارد عند مسح الرأس من قوله: " اللهم غشّني برحمتك وبركاتك وعفوك ومغفرتك ".
ويمسح رجليه من المشي إلى دار الغربة وأرض المذّلة، ويطهّرها أيضا عن المشي بالكبر. قال تعالى: " ولا تمش في الأرض مرحا "(الاسراء 37) ويمشي بقدم العبودية والهوان ليصدق عبوديته للرب الرحمن.. قال تعالى: " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا " (الفرقان 63). ويلزم تصميماً على الثبات في طريق الجهاد وميدان الجهاد الأصغر والأكبر والمشي على الصراط المستقيم ويقول بلسان قاله " اللهم ثبّت قدمي على الصراط يوم تزلّ فيه الاقدام واجعل سعيي فيما يرضيك عني ".
وبالجملة، فانه يراعي حالة الخضوع والحضور في جميع حالات الوضوء فانه من العبادات، والعبادة بلا حضور كجسم بلا روح.
ونتبرك في ختام هذا البحث بذكر رواية شريفة حاوية لاسرار عظيمة وهي ما وراه العارف السعيد القاضي سعيد القمّي بعد كلام له قال في كتاب المعراج للشيخ أبي محمد الحسن رضي الله عنه في حديث طويل، قال رسول الله :" ثم قال لي ربي يا محمد مدّ يديك فيتلقاك ما يسيل من ساق العرش الايمن فنزل الماء فتلقيته باليمين ثم قال: يا محمد خذ ذاك الماء فاغسل به وجهك وعلة غسل الوجه انك تريد أن تنظر إلى عظمتي وأنت طاهر ثم اغسل ذراعيك اليمين واليسار وعلة ذلك أنك تريد أن تتلقى بيديك كلامي وامسح رأسك بفضل ما بيدك من الماء ورجليك إلى كعبيك وعلة المسح أني أريد اوطئك موطئا لم يطأه أحد قبلك ولا يطؤه أحد غيرك ".)
وصل: ومن ذلك ما عن العلل باسناده قال: " جاء نفر من اليهود إلى رسول الله وسلم فسألوه عن مسائل، وكان فيما سألوه أخبرنا يا محمد لايّ علّة نتوضأ هذه الجوارح الاربع وهي أنظف المواضع في الجسد؟ فقال النبي :"لما أن وسوس الشيطان إلى آدم ودنا من الشجرة فنظر اليها فذهب ماء وجهه ثم قام ومشى اليها وهي أول قدم مشت الى الخطيئة ثم تناول بيده منها ماعليها وأكل فتطاير الحلي والحلل عن جسده فوضع آدم يده على أمّ رأسه وبكى فلما تاب الله عليه فرض الله عليه وعلى ذريته تطهير هذه الجوارح الاربع فأمر الله عزّ وجلّ بغسل الوجه لما نظر الى الشجرة وأمره بغسل اليدين الى المرفقين لما تناول بهما وأمر بمسح الرأس لما وضع يده على أمِّ رأسه وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما الى الخطيئة ".
وفي باب علّة وجوب الصوم ايضا:
عن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام قال:
" جاء نفر من اليهود الى رسول الله فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان فيما سأله أن قال له: لايّ شيء فرض الله عز وجل الصوم على أمّتك بالنهار ثلاثين يوما وفرض على الامم السالفة أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله ان آدم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله تعالى على ذرّيته ثلاثين يوما الجوع والعطش والذي يأكلونه تفضّل من الله تعالى عليهم " (الحديث).
فمن هذه الاحاديث لاهل الاشارات واصحاب القلوب استفادات منها أن خطيئة آدم مع أنها ما كانت من قبيل خطايا غيره بل لعلها كانت خطيئة طبيعية أو أنها كانت خطيئة التوجّه إلى الكثرة التي هي شجرة الطبيعة أو كانت خطيئة التوجّه إلى الكثرة الاسمائية، بعد جاذبة الفناء الذاتي ولكنها ما كانت متوقعة من مثل آدم الذي كان صفيّ الله والمخصوص بالقرب والفناء الذاتي ولهذا أعلن الذات المقدسة وأذاع بمقتضى الغيرة الحبية عصيانه وغوايته في جميع العوالم وعلى لسان الانبياء ، وقال تعالى: " وعصى آدم ربّه فغوى ". (طه - 2). ومع ذلك لا بد من التطهير والتنبيه بهذه المثابة له ولذرّيته التي كانت مستكنة في صلبه ومشتركة في خطيئته بل اشتركوا في الخطيئة بعد الخروج من صلبه أيضا فكما أن لخطيئة آدم وأبنائه مراتب ومظاهر فأول مرتبتها التوجه إلى الكثرات الاسمائية وآخر مظهرها الاكل من الشجرة المنهية التي صورتها الملكوتية شجرة فيها أنواع الثمار والفواكة وصورتها الملكية هي الطبيعة وشؤونها، وان حب الدنيا والنفس هما موجودان ياستمرار في الذرية لمن شؤون هذا الميل إلى الشجرة والأكل منها كذلك لتطهيرهم وتنزيههم وطهارتهم وصلاتهم وصيامهم للخروج من خطيئة الاب الذي كان هو الاصل ايضا مراتب كثيرة مطابقة لمراتب الخطيئة.
وقد علم من هذا البيان ان جميع أنواع المعاصي القالبية لابن آدم هي من شؤون أكل الشجرة، وتطهيرها على نحو خاص: وان جميع أنواع المعاصي القلبية لهم ايضا من شؤون تلك الشجرة وتطهيرها بطور آخر. وان جميع أنواع المعاصي الروحية من تلك وتطهيرها بطور خاص وان تطهير الاعضاء الظاهرية هو ظلّ الطهارات القلبية والروحية للكمّل ووظيفة ووسيلة لتطهير القلب والروح لاهل السلوك. وما دام الانسان في حجاب تعيّن الاعضاء وطهارتها وواقف في ذلك الحد فليس هو من أهل السلوك، وهو باق في الخطيئة، فاذا اشتغل بمراتب الطهارات الظاهرية والباطنية وجعل الطهارات الصورية القشرية وسيلة للطهارات المعنوية اللبية ولاحظ في جميع العبادات والمناسك حظوظها القلبية وتمتع منها بل اهتم بالجهات الباطنية أكثر من الظاهرية وعرف أنها هي المقصد الاعلى دخل في باب سلوك الانسانية كما أشار اليه في الحديث الشريف في مصباح الشريعة حيث يقول فيه: " وطهّر قلبك بالتقوى واليقين عند طهارة جوارحك بالماء " فيلزم للانسان السالك العلمي كي يشخص ببركة أهل الذكر مراتب العبادات ويرى العبادات الصورية مرتبة نازلة للعبادات القلبية والروحية ثم يشرع في السلوك العملي الذي هو حقيقة السلوك، وغاية هذا السلوك هي تخلية النفس عن غير الحق وتحليتها بالتجليات الاسمائية والصفاتية والذاتية، فاذا حصل للسالك هذا المقام فحينئذ ينتهي سلوكه وتحصل له الغاية في السير الكمالي فينال اسرار النسك والعبادات ولطائف السلوك وهي التجليات الجلالية التي هي اسرار الطهارات والتجليات الجمالية التي هي غايات العبادات الاخر، وتفصيلها خارج عن مجال هذه الاوراق.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا




توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 312
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-Jul-2013 الساعة : 12:48 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين




في مقدمات الصلاة
في التطهيرات والوضوء وآدابهما
في الغسل وآدابه القلبية
يقول أهل المعرفة ان الجنابة هي الخروج عن وطن العبودية والدخول في الغربة و اظهار الربوبية و دعوى المنيّة والدخول في حدود المولى و الاتصاف بوصف السيادة و الغسل للتطهير من هذه القذارات و الاعتراف بالتقصير. و قد ذكر بعض المشايخ في ضمن عشرة فصول، مئة و خمسين حالا لابد للعبد السالك التطهير منها في خلال الغسل يرجع أغلبها أو كلها إلى العزة و الجبروت و كبرياء النفس و حب النفس و رؤيتها.
يقول كاتب هذه الأوراق: الجنابة هي الفناء في الطبيعة و الغفلة عن الروحانية و الغاية القصوى لكمال السلطنة الحيوانية و البهيمية، و الدخول في أسفل السافلين و الغسل هو التطهير من هذه الخطيئة و الرجوع عن حكم النفس التي فنيت في الطبيعة و ابتليت بغرور الشيطان.
فالآداب القلبية للغسل هي ألاّ يتوقف السالك في حين غسله بتطهير الظاهر و غسل البدن الذي هو القشر الأدنى والحظ الدنيوي، و تكون جنابة باطن القلب و سرّ الروح موردا لعنايته، و يكون غسله اهم في نظره
فيتجنب عن غلبة النفس البهيمية و الشأن الحيواني على النفس الرحمانية و الشؤون الرحمانية و يتوب عن رجز الشيطان و غروره و يطهر باطن الروح الذي هو نفخة إلهية و قد نفخ فيه بالنفس الرحماني عن الحظوظ الشيطانية و هي التوجّه إلى الغير الذي هو أصل الشجرة المنهية حتى يليق بهذا التطهير للدخول على جنة أبيه آدم .
و ليعلم أن الأكل من هذه الشجرة شجرة الطبيعة و الاقبال على الدنيا و التوجه إلى الكثرة هو أصل أصول الجنابة، و ما دام لم يطهر من هذه الجنابة بانغماسه في ماء الرحمة للحق تعالى أو تطهيره التام بذاك الماء الذي يجري عن ساق العرش الرحماني و الخالص عن التصرف الشيطاني لا يليق للصلاة التي هي حقيقة معراج القرب فإنه لا صلاة إلا بطهور، و قد أشار إلى ما ذكر في الحديث الشريف في الوسائل عن الشيخ الصدوق رضوان الله عليه قال:
و بإسناده قال: " جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأله أعلمهم عن مسائل، و كان فيما سأله أن قال: لأي شيء أمر الله تعالى بالاغتسال من الجنابة و لم يأمر بالغسل من الغائط و البول؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و آلهظ: " أن آدم لما أكل من الشجرة دبّ ذلك في عروقه و شعره و بشره فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق و شعرة في جسده، فأوجب الله عز وجل على ذريّته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة ". الخبر.
و في رواية أخرى عن الرضا : " إنما أمروا بالغسل من الجنابة و لم يأمروا بالغسل من الخلاء و هو أنجس من الجنابة و أقذر من أجل أن الجنابة من نفس الإنسان و هو شيء يخرج من جميع جسده، و الخلاء ليس هو من نفس الإنسان و إنما هو غذاء يدخل من باب و يخرج من باب ".
وظاهر هذه الاحاديث وان كان عند أهل الظاهر هو أن النطفة لما كانت تخرج من جميع البدن فوجب غسل جميعه. وهذا مطابق لرأي جمع من الاطباء والحكماء الطبيعيين ولكن تعليله بأكل الشجرة كما في الحديث الأول ونسبة الجنابة إلى النفس كما في الحديث الثاني يفتح طريقا إلى المعارف لأهل المعرفة والإشارة لأن قضية الشجرة و أكل آدم منها من أسرار علوم القرآن وأهل بيت العصمة والطهارة ، و كثير من المعارف مرموز فيها، ولذا جعلوا في الاحاديث الشريفة قضية آدم، والاكل من الشجرة علّة لتشريع كثير من العبادات ومن جملتها باب الوضوء والصلاة والغسل وصوم شهر رمضان وكونه ثلاثين يوما وكثير من مناسك الحج، وفي نيّتي منذ سنين أن أفرد رسالة في هذا الباب ولكن الاشتغالات الاخر منعتني عن ذلك، وأسأل الله تعالى التوفيق والسعادة لذلك.
وبالجملة، فأنت يا ابن آدم وقد جعلت بذرا للّقاء وخلقت للمعرفة واصطفاك الله تعالى لنفسه وخمّرك بيدي جماله وجلاله وجعلك مسجودا للملائكة ومحسودا لابليس اذا أردت أن تخرج عن جنابة أبيك الذي هو أصلك وتليق للقاء حضرة المحبوب وتحصل استعدادا للوصول إلى مقام الانس وحضرة القدس فلا بد لك من أن تغسل باطن قلبك الذي هو محفل لجناب الجميل وجمال الجليل عن حب الدنيا وشؤونها الخبيثة التي هي رجز الشيطان فان جنة لقاء الحق تعالى محل الاطهار ولا يدخل الجنة الا الطيب.
* شست وشوئي كن وآنكه بخرابات خرام *. (مصراع من بيت للشاعر العارف الحافظ الشيرازي يقول:
تنظف عن القذارات ثم ىقصد الخرابات. الخرابات في الادب الفارسي محل اجتماع السكارى وفي الادب العرفاني يعبّر به عن مجتمع المجذوبين والمصعوقين من تجليات الجلال والجمال).
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 312
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-Jul-2013 الساعة : 12:54 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين




في مقدمات الصلاة
في التطهيرات والوضوء وآدابهما

في نبذة من الآداب الباطنية لازالة النجاسة والتطهير من الخبائث
فاعلم أن إزالة الحدث كما مرّ هي في الخروج من الإنّيّة والأنانيّة والفناء عن النفس بل هي الخروج من بيت النفس بالكلية، وما دام في العبد بقايا من نفسه فهو محدث للحدث الاكبر والعابد والمعبود فيه هو الشيطان والنفس. وان منازل سير أهل الطريقة والسلوك اذا كانت لاجل الوصول إلى المقامات وحصول المعارج والمدارج فليست خاجة عن تصرف النفس والشيطان وانما السير والسلوك معللة، فالسلوك اذن في منازل النفس والسير في جوف البيت ومثل هذا السالك ليس بمسافر ولا سالك وليس مهاجرا إلى الله ورسوله، وما طهّر من الحدث الاكبر الذي هو عينيّة العبد فاذا تطهّر من هذاالحدث بالكلية يكون العابد والمعبود هو الحق تعالى ويحصل نتيجة قرب النافلة أي: كنت سمعه وبصره.. فمن هذه الجهة يلزم غسل جميع البدن في الطهارة من الحدث الاكبر لانه مادامت عينيّة العبد باقية بوجه من الوجوه لم يرتفع الحدث فان تحت كل شعرة جنابة فالتطهير من الحدث هو التطهير من الحدوث، ثم الفناء في بحر القدم وكما له الخروج من الكثرة الاسمائية التي هي باطن الشجرة ويخرج بهذا الخروج من الخطيئة السارية لادم أصل الذرية، فالحدث هو من القذارات المعنوية وتطهيره ايضا من الامور الغيبية الباطنية وهو نور لكن الوضوء نور محدود والغسل نور مطلق، وأيّ وضوء أنقي من الغسل (قال فقيه الامة الشهيد الثاني (قدّس سرّه): " وأما إزالة النجاسة فالكلام فيها نحو الكلام في الطهارة في التزكية بتطهير القلب من نجاسة الاخلاق ومساوئها فانك اذا أمرت بتطهير ظاهر الجلد وهو القشر وبتطهير الثياب وهو أبعد عن ذاتك فلا تغفل عن تطهير لبّك الذي هو ذاتك وهو قلبك فاجتهد له بالتوبة والندم على ما فرط وتصميم العزم على ترك العود في المستقبل، وطهّر بها باطنك فانها موقع نظر المعبود). وأما هذه المكانة فليست لازالة الخبث والنجاسات الظاهرية لانها تنظف صوري وتطهير ظاهري والاداب القلبية لها هي أن يعلم السالك الذي يريد الحضور في محضر الحق انه لا يمكن التطرق إلى محضر الحق مع رجس الشيطان ورجس هذا الخبيث. وما لم يحصل الخروج من أمهات المذام الأخلاقية التي هي مبدأ لفساد المدينة الفاضلة الانسانية ومنشأ للخطيئات الظاهرية والباطنية لم يجد السالك طريقا إلى المقصد ولا سبيلا إلى المقصود.
ان الشيطان الذي كان مجاورا للعالم القدس ويعد في سلك الكروبيين فانه آخر الامر بواسطة الملكات الخبيثة أبعد عن جناب مقام المقربين وأرجم بنداء فأخرج منها فإنك رجيم (ص 77 والحجر 34). فاذاً نحن المتأخرين عن قافلة عالم الغيب والساقطين في بئر الطبيعة العميق والمردودين إلى أسفل السافلين كيف نقدر مع وجداننا الملكات الخبيثة الشيطانية أن نليق لمحضر القدس ونكون مجاورين للروحانيين ورفقاء للمقربين.
ان الشيطان رأى نفسه ورأى ناريته وقال انا خير منه، وهذا الاعجاب بالنفس صار سببا لعبادة نفسه وتكبره وتحقير آدم وإهانته وقال خلقته من طين، وقاس قياسا باطلا ولم ير حسن آدم وكمال روحانيته بل رأى ظاهره ومقام طينته وترابيته ورأى من نفسه مقام ناريته وغفل عن الشرك وحب النفس ورؤيتها، فصار حب النفس حجابا لرؤية نقصه وشهود عيوبه وصارت هذا الرؤية للنفس والحب لها سببا للتعبد لنفسه والتكبر والتظاهر والرياء والاستقلال في الرأي والعصيان وأبعد عن معراج القدس إلى تيه الطبيعة المظلمة. فاللازم للسالك إلى الله أن يطهّر نفسه من أمهات الرذائل والارجاس الباطنية الشيطانية عند تطهيره الارجاس الصورية وان يغسل المدينة الفاضلة بماء رحمة الحق وارتياض شرعي ويصفّي قلبه الذي هو محلّ لتجلّي الحق ويخلع نعلي حبّ الجاه والشرف كي يليق للدخول في الوادي المقدس الايمن ويكون قابلا لتجلي الرب، وما دام لم يحصل التطهير من الارجاس الخبيثة لا يمكن له التطهير من الاحداث لأن تطهير الظاهر مقدمة لتطهير الباطن، وما لم تحصل التقوى التامة الملكية الدنيوية على وفق دستور الشريعة المطهّرة لم تحصل التقوى القلبية، وما لم تحصل التقوى القلبية من الامور التي ذكرناها لم تحصل التقوى الروحية السرية الحقيقية. وجميع مراتب التقوى مقدمة لهذه المرتبة وهر ترك غير الحق، ومادام في السالك بقية باقية من الانانية فلن يتجلّى الحق عن سرّه.
نعم ربما يكون بمقتضى سبق الرحمة وغلبة جهة يلي اللّهى يدرك السالك الامداد الغيبي ويحرق بالجذوة الالهية ما بقي من الانانية ان كانت، ولعل في كيفية تجلي الحق للجبل واندكاكه وصعق موسى اشارة لما ذكر، وهذا الفرق ايضا موجود بين السالك المجذوب والمجذوب السالك.
وقد يتفطّن أهل الحقيقة مما ذكر إلى نكتة قابلة لان تعلم ومطلب مهم والجهل به منشأ لكثير من الضلالات والغوايات والتأخر عن سلوك طريق الحق ولا ينبغي لطالب حق الجهل به ولا يجوز له الغفلة عنه، وهو أن السالك وطالب الحق لابد أن يبرئ نفسه من الافراط والتفريط اللذين يكونان في بعض جهلة أهل التصوّف وبعض غفلة أهل الظاهر حتى يمكن السير إلى الله لان بعضهم يعتقد أن العلم والعمل الظاهري القالبي حشو وهما للجهّال والعوام، وأما الذين هم أهل السر والحقيقة وأصحاب القلوب وأرباب السابقة الحسنى فلا يحتاجون إلى هذه الاعمال، وان الاعمال القالبية لاجل حصول الحقتئق القلبية والوصول إلى المقصد فاذا وصل السالك إلى المقصد فالاشتغال بالمقدمات تبعيد له والاشتغال بالكثرات حجاب له. والطائفة الثانية قامت في قبال هذه الطائفة فوقعوا في جانب التفريط وأنكروا جميع المقامات المعنوية والاسرار الالهية وسوى محض الظاهر والصورة والقشر أنكروا سائر الامور ونسبوها إلى التخيلات والاوهام ولا زال التنازع والمجادلة والمخاصمة بين الطائفتين، كل يرى الاخر على خلاف الشريعة والحق أن كلتا الطائفتين قد تجاوز عن الحد ووقعوا في الافراط والتفريط، ونحن أشرنا في رسالة سرّ الصلاة إلى هذا الموضوع، وفي هذا المقام أيضا نُرى حدّ الاعتدال الذي هو الصراط المستقيم في (الكافي عن علي بن الحسين عليهما السلام ((* - هو الامام الرابع زين العابدين وسيد الساجدين ومصباح المتهجدين وقدوة المتّقين أبو محمد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ولد بالمدينة المنوّرة يوم النصف من جمادى الاولى سنة 36 ستّ وثلاثين يوم فتح البصرة ونزول النصر على أمير المؤمنين وغلبته على أصحاب الجمل. وقيل في الخامس من شعبان سنة 38 وأمّه ذات العلى والمجد شاه زنان بنت يزدجرد. وهو ابن شهريار بن كسرى ذو سؤدد ليس يخاف كسرى، وقيل كان اسمها شهربانويه وفيه يقول ابو الاسود:
وان غلاما بين كسرى وهاشم لاكرم من نيطت عليه التمائم
قال الزهري ما رأيت هاشميا أفضل من علي بن الحسين وعن ابي جعفر قال: كان علي بن الحسين يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة وكانت الريح تميله بمنزله السنبلة، وكان اذا توضأ للصلاة يصفرّ لونه فيقول له أهله ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء فيقول تدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟!
وعن أبن عايشة قال: سمعت أهل المدينة يقولون: فقدنا صدقة السرّ حين مات علي بن الحسين وكان اذا حضرت اقشعرّ جلده واصفر لونه وارتعد كالسعفة وكان اذا قام في صلاته غشى لونه لون آخر، وكان قيامه في صلوته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله وكان في الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه الا ما حركت الريح منه واذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفضّ عرقا. واذا كان شهر رمضان لم يتكلم الا بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير وكان له خُريطة فيها تربة الحسين (ع) وكان لا يسجد الاّ على التراب وكان اذا قرأ " مالك يوم الدين " يكرّرها حتى يكاد أن يموت. وفضائله ومكارم أخلاقه أكثر من أن تعدّ ومعجزاته أكثر من أن تحصى وله الصحيفة السجادية زبور آل محمد. توفي يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت او مضت من المحرّم سنة 95 خمس وتسعين من الهجرة وله يومئذ سبع وخمسون سنة سمّة هشام بن عبد الملك وكان في ملك الوليد بن عبد الملك. وسمّيت سنة وفاته سنة الفقهاء لكثرة من مات فيها من العلماء والفقهاء. قال السبط في التذكرة وكان سيّد الفقهاء مات في أولها وتتابع الناس بعده سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير وعامة فقهاء المدينة وقبره بالبقيع في القبة التي فيها العباس وعمّه الحسن بن على وعن أبي الحسن قال: ان علياً بن الحسين لمّا حضرته الوفاة أغمي عليه ثم فتح عينيه وقرأ " إذا وقعت الواقعة " و " إنا فتحنا لك "، وقال: " الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الارض نتبوّأ من الجنة حيث نشاء فنعم اجر العاملين "(الزمر 74)ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا ".: " ان الله تعالى أوحى إلى دانيال : إنّ أمقت عبيدي إليّ الجاهل بحق أهل العلم التارك للاقتداء بهم، وإنّ أحب عبيدي إليّ التقيّ الطالب للثواب الجزيل اللازم للعلماء التابع للحكماء القابل عن الحكماء " وأهل العلم هم الأئمة المعصومون. وقال الحكيم والفيلسوف الاسلامي أبو نصر الفارابي ((* - الفارابي ابو نصر محمد بن طرخان الفارابي التركي الحكيم المشهور صاحب التصانيف في المنطق والموسيقى قالوا انه كان من أكبر فلاسفة المسلمين ولم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه ويحكى أنه كان منفردا بنفسه لا يجالس الناس وكان مدّة مقامه بدمشق لا يكون غالبا الا عند مجتمع ماء أو مشتبك رياض ويؤلف هناك كتبه ويتناوبه المشتغلون عليه. وكان أزهد الناس في الدنيا لا يحتفل بأمر مكسب ولا مسكن وأجرى عليه سيف الدولة كل يوم من بيت المال اربعة دراهم وهو الذي الذي اقتصر عليها لقناعة ولم يزل على ذلك إلى أن توفي بدمشق سنة 339 (شلط) وقد ناهز ثمانين سنة وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه ودفن بظاهر دمشق خارج الباب الصغير.
: "ينبغي لمن أراد أن يشرع في الحكمة أن يكون صحيح المزاج متأدّبا بآداب الاخيار قد تعلّم القرآن واللغة وعلوم الشرع أولا، ويكون عفيفا صدوقا معرضا عن الفسق والفجور والغدر والخيانة والمكر والحيلة فارغ البال عن مصالح المعاش مقبلا على أداء الوظائف الشرعية غير مخلّ بركن من أركان الشريعة ولا بأدب من آدابها معظّما للعلم والعلماء ولا يكون عنده لشيء قدر الا الحكمة وأهلها ولا يتخذ العلم حرفة واذا كان بخلاف ذلك فهو عنده لشيء قدر الا الحكمة وأهلها ولا يتخذ العلم حرفة واذا كان بخلاف ذلك فهو عالم زور وحكيم كذب بل لا يعدّ منهم"). فليعلم ان المناسك الصورية والعبادات القالبية ليس لحصول الملكات الكاملة الروحانية والحقائق القلبية فقط بل هي احدى ثمراتها لكن عند أهل المعرفة وأصحاب القلوب جميع العبادات هي اسراء المعارف الالهية من الباطن إلى الظاهر ومن السرّ إلى العلن، وكما أن نعمة الرحمة الرحمانية بل الرحيمية منبسطة إلى جميع النشآت القلبية والقالبية للانسان ولكل من المراتب حظ من النعم الجامعة الالهية ولكل منها حظ ونصيب من ثناء الحق وشكر النعمة الرحمانية والرحيمية للواجب المطلق وما دام للنفس حظ من النشأة الصورية الدنيوية ولها من حياة الملك نصيب، ولا ينطوي بساط الكثرة بالكلية ولا ترتفع حظوظ الطبيعة. والسالك إلى الله كما أنه لا بد ألاّ يكون قلبه مشغولا بغير الحق كذلك لابد الا يكون صدره وخياله وملك الطبيعة مصروفه في غير الحق حتى يكون للتوحيد والتقديس في جميع النشآت قدم راسخ، واذا كان للجذبة الروحية في ملك الطبيعة نتيجة غير التعبد والتواضع للحق ففي النفس بقية من الانانية. وسير السالك انما هو في جوف بيت النفس وليس سيرة إلى الله وغاية سير أهل الله هي أن تكون الطبيعة وملك البدن منصبغة الله.
ولعل من المراتب والبواطن للحديث الشريف الذي يحكي عن لسان الحق تعالى شأنه أن الله قال: " وأنا الرحمان خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته " فلعلها هي قطع الطبيعة التي هي أم الارواح عن موطنها الاصلي ووصلها هو ارتياضها وارجاعها إلى موطن العبودية.
وفي الحديث عن أبي عبدالله قال:" استوصوا بعمّتكم النخلة خيرا فانها خلقت من طينة آدم ". وهذا الحديث يشير إلى الرحم الذي ذكرناه.
وبالجملة اخراج مملكة الظاهر عن موطن العبودية وارسالها على رسلها من غاية الجهل لمقامات أهل المعرفة ومن تسويلات الشيطان الرجيم فانه يمنع كل طائفة عن الحق تعالى بطريق خاص، كما أن إنكار المقامات وسدّ طرق المعارف التي هي قرّة عين أولياء الله وتحديد الشرائع الالهية بالظاهر الذي هو حظ الدنيا وملك النفس ومقام حيوانيتها والغفلة عن الاسرار والاداب الباطنية للعبادات التي توجب تطهير السرّ وتعمير القلب وارتقاء الباطن من غاية الجهالة والغفلة وكل من هاتين الطائفتين بعيد عن طريق السعادة والصراط المستقيم للانسانية ومهجور عن مقامات أهل المعارف. والعارف بالله والعالم بالمقامات لابد له أن يراعي جميع الحقوق الباطنية والظاهرية ويوصل إلى كل صاحب حق حقه ويطهّر نفسه من الغلوّ والتقصير والافراط والتفريط ويزيل عن نفسه قذارة انكار صورة
1- الشريعة الذي هو في الحقيقة تحديد ويزيل عن نفسه خباثة انكار باطن الشريعة الذي هو تقييد وكلاهما من الوساوس الشيطانية ومن أخباث ذلك اللعين حتى يتيسّر له طريق السير إلى الله والوصول إلى المقامات المعنوية. فإزالة أخباث الاوهام الفاسدة المانعة من القرب إلى الله ومن معراج المؤمنين احدى مراتب ازالة الخبث، وان من احدى معاني جامعية النبوّة الخاتمية ومقاماتها بل من دلائل الخاتمية أنه في جميع المقامات النفسية قد استوفى جميع حقوقها وحظوظها من جميع شؤون الشريعة، وكما أنه في معرفة شؤون الربوبية جلّت عظمته عُرّف الحق سبحانه في العلّو الاعلى والدنو الادنى لمقام الجامعية وقال: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن "(الحديد 3). و " الله نور السموات والأرض "(النور 35) إلى آخره، ولو دليتم بحبل من الأرضين السفلى لهبطتم على الله " فأينما تولّوا فثمّ وجه الله "(البقرة 115). إلى غير ذلك مما يحصل به للعارف بالمعارف الالهية والمجذوب بالجذبات الرحمانية طرب ملكوتي ووجد لاهوتي.
كذلك فقد أسرى التوحيد العملي القلبي إلى آخر مراتب أفق الطبيعة وملك البدن ولم يحرم موجودا من حظ معرفة الله. وبالجملة أهل التصوف يترنّمون بالحكمة العيسوية من حيث لا يشعرون، وأهل الظاهر يتكلمون بالحكمة الموسوية، والمحمديون يتبرّؤون من هذين بطريق التقييد، وتفصيل هذا الاجمال خارج عن مجال هذا المقام ولا ينبغي ذكره في هذه الاوراق.
وصل: عن مصباح الشريعة: قال الصادق :
" سمي المستراح مستراحا لاستراحة النفوس من أثـقال النجاسات واستفراغ الكثافات والقذر فيها، والمؤمن يعتبر عندها أن الخالص من حطام الدنيا كذلك يصير عاقبته فيستريح بالعدول عنها وتركها، ويفرّغ نفسه وقلبه عن شغلها ويستنكف عن جمعها وأخذها استنكافه عن النجاسة والغائط والقذر ويتفكر في نفسه المكرمة في حال، كيف تصير ذليلة في حال، ويعلم أن التمسّك بالقناعة والتقوى يورث له راحة الدارين وان الراحة في هوان الدنيا والفراغ من التمتع بها وفي إزالة النجاسة من الحرام والشبهة فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته اياها، ويفرّ من الذنوب ويفتح باب التواضع والندم والحياء ويجتهد في أداء أوامره واجتناب نواهيه طلبا لحسن المآب وطيب الزلفى ويسجن نفسه في سجن الخوف والصبر والكف عن الشهوات إلى أن يتصل بأمان الله في دار القرار ويذوق طعم رضاه، فان المعوّل ذلك وما عداه لا شيء ". (انتهى كلامه الشريف).
وفي هذا الكلام الشريف حكم (دستور) جامع لاهل المعرفة والسلوك وهو أن الانسان اليقظان السالك إلى دار الآخرة لابد أن يستوفي في كل حال من الحالات حظوظة الروحانية ولا يغفل في حال عن ذكر مرجعه ومآله، ولهذا قالت الحكماء: النبي خادم القضاء كما أن الطبيب خادم البدن. فان الانبياء العظام والاولياء الكرام حيث أنهم لا يرون الا القضاء الالهي ولا ينظرون سوى الجهة يلي اللهي. والحاكم في قلوبهم هو ملكوت القضاء الالهي فيرون جريان الامور بأيدي ملائكة الله التي هي جنود الله ويجدونها كذلك والطبيب والطبيعي حيث أنه بعيد عن هذه المرحلة ومهجور عن هذا الوادي فينسب جريان الامور الطبيعية إلى القوى الطبيعية. الانسان الالهي يرى في كل شيء الحظ الالهي. و العين المشاهدة للحق والبصيرة العارفة بالله تشاهد في كل موجود نور الحق، كما روي عن أمير المؤمنين والامام جعفر الصادق سلام الله عليهما:" ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه وفيه ".
موسئي نيست كه دعوى انا الحق شنود
ورنه اين زمزمه درهر شجرى نيست كه نيست
(البيت للشاعر العارف الحافظ الشيرازي يقول: ليس ثمة شجرة خالية من نداء " أنا الحق " ولكن ليس هناك كموسى حتى يسمع هذا النداء).
وبالجملة الانسان السالك في جميع أحواله ومن جميع أموره لابد ان يستفيد حظوظ سلوكه، فاذا رأى ان الحطام الدنيوي ولذائذ عالم الملك كلها زائلة ومتغيرة وعاقبة أمرها إلى الفساد والأفول فيعرض قلبه عنها بسهولة ويفرغ قلبه عن الاشتغال بها وجمعها ويستنكف عنها كما يستنكف عن القذارات. ان باطن عالم الطبيعة هو القذارة وتعتبر الكثافة والقذارة في الرؤيا التي هي باب من المكاشفة تعبيرا عن الدنيا والمال، وفي المكاشفة العلوية: "الدنيا جيفة وميتة " (قال علي : " اقبلوا على جيفة افتضحوا بأكلها واصطلحوا على حبّها " وقال أيضا: يتنافسون في دنيا دنيّة ويتكالبون على جيفة مريحة "). فالمؤمن كما يفرغ نفسه عن الاثقال والفضولات الطبيعية ويريح المدينة الطبيعية من أذاها كذلك يريح قلبه من التعلق والاشتغال بها ويرفع عن القلب ثقل حب الدنيا والجاه ويريح ويفرغ المدينة الفاضلة الروحانية منها، ويتفكر في الاشتغال في الدنيا كيف أذلّ النفس الشريفة بعد ساعات وأحوجها إلى أقبح الحالات وأفضحها، كذلك الاشتغال القلبي بالعالم بعدما يرتفع حجاب الملك والطبيعة وما هو ببعيد يذلّ الانسان ويبتليه بالحساب والعقاب، ويعلم أن التمسّك بالتقوى والقناعة موجب راحة الدارين، وأن الراحة في هوان الدنيا، فلذلك لا يلتذّ ولا يتمتع منها وكما أنه طهّر نفسه من النجاسات الصورية كذلك سيطهّر نفسه من نجاسات المحرّمات والمشتبهات، واذا عرف نفسه ووجد ذلّة احتياجها فيغلق باب الكبر والتعظيم عن نفسه ويفر من العصيان والذنوب ويفتح على نفسه باب التواضع والندامة ويجدّ ويجتهد في اطاعة أوامر الحق ويجتنب عن عصيانه حتى يكون له حسن المآب إلى الحق ويتقرب إلى مقام القدس بطهارة النفس وصفائها وليسجن هو بنفسه نفسه في سجن الخوف والصبر والكف عن الشهوات النفسانية كي يأمن من سجن العذاب الالهي ويلحق إلى الحق في دار القرار و إلى كنف ذاته المقدسة فيذوق في تلك الحال طعم رضا الحق تعالى وهذا غاية آمال أهل السلوك وليس لغيره أي قيمة
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك



إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc