قراءة في كتاب السيد السيستاني رؤية من الداخل ج2 - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: مراجع عظام وعلماء أعلام :. إضاءات من نور المراجع والعلماء
إضاءات من نور المراجع والعلماء قال رسول الله (ص) : مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء

إضافة رد
كاتب الموضوع BAGHDADY مشاركات 1 الزيارات 3575 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

BAGHDADY
الصورة الرمزية BAGHDADY
عضو نشيط

رقم العضوية : 1039
الإنتساب : May 2008
الدولة : عاصمة شيعة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
المشاركات : 383
بمعدل : 0.07 يوميا
النقاط : 209
المستوى : BAGHDADY is on a distinguished road

BAGHDADY غير متواجد حالياً عرض البوم صور BAGHDADY



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : إضاءات من نور المراجع والعلماء
افتراضي قراءة في كتاب السيد السيستاني رؤية من الداخل ج2
قديم بتاريخ : 03-Jul-2008 الساعة : 11:16 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


لعمار البغدادي
الفصل الثاني
التبــاســـات!!
رغم أن الرؤية السياسية التي قدمها الباحث الفرنسي جان لويزار فيها شيء من الإقناع والاعتدال بحكم المعايشة الشخصية له حيث قام بزيارة النجف ولقاء المرجع السيستاني وإجرائه حواراً مطولاً معه حول مختلف المسائل والقضايا العراقية ذات الوزن الثقيل لكن الرجل التقط بعض المفردات الفقهية الملتبسة وراح يسقطها على مرحلة المرجع السيستاني الراهنة وانتقل من الإسقاط إلى محاكمة تاريخ السيد وعلاقته بالانتفاضة الوطنية الآذارية التي انطلقت سنة 1991 في العراق وهزت كيان النظام البائد آنذاك.
لكن الرجل وهو يتحدث عن مبدأ (الاحتياط) عند الإمام راح يلبس (الحقيقة) الآذارية ثوباً آخر غير ثوبها عبر القول أن الانتفاضة كانت حركة جماهيرية شيعية فقط متناسياً أنها كانت حركة المظلومين العراقيين في كل مكان من أرض العراق ومتغافلاً عن المشاركة المليونية والحقيقية للمظلومين الأكراد العراقيين إذ بمجرد أن انطلقت الشرارة في الجنوب بعد أن تمكن جندي عراقي من تصويب قذيفة دبابته لصورة الدكتاتور في مدينة البصرة ـ ساحة سعد دوّت الانتفاضة الجماهيرية الكردية لتجتاح معاقل النظام في كل مدن وقرى شمال العراق وفي العودة إلى رأي لويزار يعتقد الأخير أن الإمام السيستاني ابتكر نمطاً جديداً في العلاقة بالفتوى الشرعية وفي العلاقة بالأمة خلافاً للفقهاء الذين كانوا يستخدمون (الاحتياط) أو ما يسميه لويزار بـ (الطمأنينة) سبيلاً للعلاقة بالناس بعد أن كان الفقهاء الشيعة يحجمون عن الإدلاء بآرائهم تاركين هذا الأَمْرَ للقيادة الدينية المنخرطة في العمل السياسي ـ والكلام للويزار ويردف أيضاً:
(إن السيستاني ابتكر بذلك نمطاً جديداً في إدارة العلاقة بين الطمأنينة والسياسة بخلاف كبار رجال الدين الطمأنينيين الذين كانوا يحجمون عن الإدلاء بآرائهم تاركين الأمر إلى القيادة الدينية المنخرطة في العمل السياسي وجسد السيستاني عبر هذا الأسلوب الالتباس الذي أبداه الشيعة العراقيون حيال الحرب على العراق، فعندما احتل الأمريكيون البلاد لم تصدر عن السيستاني فتوى مؤيدة لهم لكنه دعا دائماً وبانتظام إلى تسليم الأسلحة المسروقة وتخزينها في أماكن آمنة لإعادتها لاحقاً إلى السلطات المعنية عندما تتوافر مثل هذه السلطات وبانتظار توافر ذلك اعتبر السيستاني أن الأطراف الوحيدة التي يحق لها حمل السلاح هي القوى الأمنية الرسمية وهو أمر بعيد جداً عن المواجهة المسلحة للاحتلال الأجنبي )([FONT='Times New Roman','serif'][7][/font]).
ما يمكن أن يقال أن الإمام السيستاني (دام ظله) وكأي فقيه يعاصر التحول في البلاد ـ أقصد بالتحول الخط السياسي والاجتماعي الوطني الذي تؤسسه خلفية ثورية ـ جهادية ـ جماهيرية في البلاد نتيجة سنوات طويلة من القهر والاستعباد والاستبداد والقمع الرسمي المنظم، إن الإمام يلحظ وهو يدير العملية السياسية مع بقية المكونات المسؤولة عن إجراء التحول المزاج العام في البلاد واستعداد الناس لإجراء التحوّل المطلوب في عملية التغيير أي أن الفتوى ليست قراراً فردياً للمرجع من دون الرجوع للمزاج العام وال استعداد النفسي والسياسي الجماهيري. بل إن الفتوى تمثل الانعكاس الطبيعي لاستعداد الناس. فإذا كان الناس مثلاً يعملون على التغيير بالطرق المسلحة وهناك اتجاه عام للتغيير بهذا الشكل فإن المرجعية الدينية كما حدث في الانتفاضة الشعبية سنة 1991 تميل إلى تنظيم العملية عبر وضع سقف مسؤول لها ونتذكر في هذا المجال أن مرجعية الإمام الخوئي (قدس) شكلت آنذاك لجنة من العلماء الأفاضل لحفظ النظام العام وإدارة شؤون العمل وتصريف الأمور الاجتماعية والاقتصادية في المدن والمحافظات العراقية وحمت الانتفاضة بشكل كبير ولم يصدر عنها فتوى مخالفة لسياق فعل الجماهير كأن تكون هناك فتوى ضد الانتفاضة.
وشخصياً أرى أن مرجعية الإمام الخوئي (قدس) وقفت إلى جانب الجماهير العراقية المظلومة المنتفضة وقد صدرت في حينها عشرات الفتاوى التي عنيت في جانب كبير منها بالبعد التنظيمي والإعداد الجيد للانتفاضة وبث روح الثقة بالناس ولمعرفة النظام الفاشي آنذاك بأن المرجعية الدينية وراء هذه الحماسة الكبيرة في نفوس الثوار وأن الإمام الخوئي يقف مع الثورة ويشكل المجالس والفعاليات العلمائية لقيادتها والعناية بالشأن الاجتماعي العام قام بمداهمة دار الإمام واعتقاله ولم يمر الإمام وهو محمول من قبل القوات المعتدية والإرهابية إلا على جثث (300) مقاتل عربي عراقي استبسلوا في الدفاع عن قيادتهم الدينية وقد نُقل الإمام بطائرة هيلكوبتر إلى بغداد حيث تم تصوير لقائه بالطاغية السجين صدام في التلفزيون في إشارة إلى أن الإمام ليس مع الثورة وأن ظهوره مع صدام يعني شرعية للحاكم اللاشرعي!
ما نريد أن نقوله هنا أن الإمام الخوئي وبعد ذلك السيد المرجع السيستاني لا وجود للاحتياط في عملهما إذا كان الاحتياط يعطل حركة التحول والتغيير في الأمة وهما حين يمارسان عملية الإفتاء فلأنهما يريدان تطبيق الشريعة الإسلامية وتنفيذ رغبات الناس في الحرية والكرامة والاستقلال الحقيقي ومن غير الممكن أن يعملا بالتقية مثلاً في جو سياسي لا علاقة له بالتقية كالذي حدث أيام الانتفاضة الآذارية سنة 1991 ولهذا فإن ما تعرضت له مرجعية الإمام الخوئي وتتعرض له أيضاً مرجعية الإمام السيستاني من اتهامات إنما يلتقي مع رغبة دوائر واتجاهات ومراكز دراسات معادية للمرجعية الدينية في النجف الأشرف باعتبارها مركزاً هاماً من مراكز الحضارة الإسلامية لإسقاط هذه المركزية من دائرة التأثير المفترضة وتذويب دورها الحضاري في الأمة سعياً لقيام حكم علماني ينفي الدين من إطار الحكم ويجه ز على ما قد تبقى لدى الأمة من قيم ومثل وركائز إسلامية هي عمود وجودها وعماده وتشكل القاعدة المثالية للمشروع الإسلامي المعاصر الذي يتحرك بقوة في مشاعر الناس وفي مشهدياتهم السياسية رغم كل مظاهر العنت والجبروت والقمع الذي مارسته وتمارسه القوى الإرهابية في العالم العربي والإسلامي ضد الحالة الإسلامية المعاصرة ومظاهرها المختلفة.
إن المرجع السيستاني فقيه عاش كل مخاضات الحالة السياسية في البلاد بحكم كونه أمضى أكثر من (65) عاماً في العراق وشهد تحولات ومتغيرات وتطورات عديدة وعاش في بعضها بالعمق بحكم أن النجف ومرجعياتها الدينية المتنورة وصاحبة المشروع التغييري لعبت في فترة من الفترات خصوصاً في مرحلة الثمانينات أكبر الأدوار وأكثرها فاعلية بعد انتصار ثورة الإمام الخميني (قدس) والتداعيات السياسية والعاطفية والفكرية التي أثارها شخصه كفقيه وأثارتها ثورته الإسلاميّة كأنجاز معاصر في أرجاء المعمورة وكان من الطبيعي أن تتحرك القوى المتنورة والثورية والمؤمنة بخيار إقامة الحكم الإسلامي والمرجعيات ذات النمط الثوري لتأخذ دورها في إطار هذا التحول الإنساني والعقائدي الكبير.
ومن هذا المنطلق لم يكن الإمام السيستاني فقيهاً في الهامش أو عالماً غير متأثر بالأجواء وغير قارئ لها ولتداعياتها السياسية والعقدية والأخلاقية والفكرية في العراق. لقد كان في العمق لكن الإمام كانت له رؤيته وتصوره ونهجه في التعامل مع المتغيرات. ولا أغالي إذا قلت بأن الإمام يواجه في الوقت الراهن تحديات ومسؤوليات وظروفاً سياسية وتكليفاً شرعياً ربما يفوق بكثير أجواء وتداعيات مرحلة الثمانينات رغم ما رافق تلك الأجواء من ملابسات وتعقيدات وخوف وحملات مسعورة وذبح بالجملة لعشرات الآلاف من طلبة العلوم الدينية وإعدام المفكر والمرجع الديني والمرشد الروحي للحركة الإسلامية في العراق آية الله العظمى الإمام السيد محمد باقر الصدر (قدس).
إن هذه الرؤية هي التي تحدد مسارات حركة السيد الإمام وهي المسؤولة عن منابع مواقفه السياسية ولا علاقة لفتاواه ومواقفه بالنهج الطمأنيني السابق الذي ميز سلوك بعض المرجعيات الدينية في النجف عن سياق وفعل ونهج المرجعيات المتنورة الداعية لخيار الثورة والتغيير كمرجعية الإمام الصدر الأول مثلاً..
من هنا أقول بأن (التنوير) فعل ميز جميع المرجعيات الدينية في النجف لكن تلك المرجعيات تفاوتت في النظر للمسائل السياسية والتدخل في وقائع التحول حسب رؤية هذا المرجع أو ذاك من المرجعيات الدينية وحسب الظروف والملابسات وشحنته وغَذتْهُ بعناصر القوة الثورية تارة والتباطئ والاختباء والعزلة والتواري عن المشهد السياسي تارة أخرى.
إن السيد الإمام لا يتصرف في الشؤون السياسية الحالية بل يعمل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً من أجل الوقوف مع أهداف الأمة، وإرشادها إلى كيفية التعاطي مع المسألة السياسية والحفاظ على وحدة البلاد وحماية السيادة بما فيها حماية الأرض ولحمة الفئات المكونة للمجتمع العراقي ويقف مع كل الشرائح من أقصى زاخو حتى أدنى الفاو. فالإمام يهمه المصلحة الإسلامية والوطنية العراقية وما يحقق للمسحوقين والمعدمين والمظلومين في العراق الاستقرار والأمن والتطور والنمو وما يجنب البلاد المزيد من دورات العنف والعنف المضاد.
إن عقلانية الإمام وواقعيته وحكمته الفقهية هي التي قادته لعدم إصدار أية فتوى مؤيدة لدخول القوات الأمريكية العراق رغم ما واجهه الشعب العراقي وما عاناه على يد أوباش السلطة السابقة. وأعتقد أن ما يتعرض له الإمام من أوباش وبقايا حزب السلطة من تشويه عبر بيانات ما يسمى حزب العودة من أن الإمام السيستاني مُمالئ للعدو الأمريكي بسبب عدم إصداره لفتوى الجهاد ضد العدوان الأمريكي إنما يلتقي ورغبة هذه الشراذم بتحويل العراق إلى ساحة مفتوحة للقتل والذبح بعد أن عاثوا في أرض العراق الفساد وأحرقوا الأخضر واليابس وأقاموا المشانق وساحات الإعدام للشعب العراقي عدا عن الحروب والدمار والخراب ومئات الآلاف من القتلى والمقابر الجماعية.
أقول أن هذه الواقعية التي يتميز بها الإمام لا تعني الرضا بواقع وجود القوات الأمريكية المحتلة، بدليل عدم صدور فتوى بالرضا عن دخول العراق وأن إحجام الإمام عن ذلك مرده الموقف من العملية العسكرية برمتها. إن عدم صدور فتوى من الإمام في ذلك الوقت يعود إلى تقديره للموقف العسكري والسياسي العام في البلاد وعدم ميله كفقيه مسؤول عن أرواح الناس بإراقة المزيد من الدم العراقي الذي كان يهرق بغزارة ورخص أمام أنظار العرب والمسلمين ودول العالم وإحجام الإمام على عدم التدخل يعود إلى أن العملية أصبحت بحكم الأمر الواقع الذي يستتبع إعداد خطة لإدارة معركة الحرية بأساليب عقلانية لا تريق دم العراقي ولا تهدر كرامته وتبقيه في دائرة التوجهات الوطنية التي لا يتنازل فيها وعلى ضوئها عن حقوقه في إدارة شؤون بلاده وتضعه في قلب عملية استحصال المطالب السياسية والاجتماعية الوطنية وفي مقدمتها استحصال حق استعادة السيادة والسلطة في آن معاً ونهاية مرحلة الاحتلال وهذا ما فعله الإمام في بداية دخول القوات الأمريكية وما يقوم به الآن بوصفه رائد الحركة الوطنية الاستقلالية وحين نقول بان الإمام هو رائد الحركة الاستقلالية فلأنه في الحقيقة الشخصية القيادية المرجعية الوحيدة التي تتوجه إليها أنظار الجمهور المليوني في العراق والمرجع الوحيد القادر وبكلمة منه على قلب الوضع الشيعي العراقي رأساً على عقب!! كما يقول لويزار..
إن الإمام يميل سياسياً وفقهياً إلى شفافية وطنية قادرة بوجود كتلة قيادية مؤمنة بالناس على إحداث التحول المطلوب وإنجاز آفاق عملية نقل السلطة بأسرع وقت وبأقل الخسائر البشرية والسياسية والأضرار النفسية ولا يميل إلى الصخب وإثارة الأجواء واستخدام العنف وتصدي الفعاليات الفوضوية فذلك يعكس وجه البلاد. فإذا كان أخيار الأمة وفضلائها وقواها السياسية الحميدة في الواجهة كان خيار الاستقلال وتسليم السلطة بشكل حقيقي أقرب إلى الواقع والعكس صحيح!!.
وما أريد أن أقوله هنا أن الإمام السيستاني وبقية المرجعيات الدينية التي تعاملت مع ظروف وملابسات وقضايا الحرية والاستقلال وضغط الأنظمة ومحاربتها للشعب العراقي يتحرك على ضوء قراءة واقعية للساحة ولا يصدر الفتوى إلا بموجب متطلبات واستحقاقات يفرضها الواقع ويلحظها بعناية الفقيه المتصدي ولن تكون الفتوى في حقيقة الأمر غاية بحد ذاتها أو صادرة عن وحي شخصي أو مزاج فقهي غير معني بالوقائع.
الرؤية السياسيّة الثاقبة:
والإمام كما بقية المراجع يتفاوتون في رؤية واقع البلاد. فمنهم من يقدر ضرورة تأسيس الحزب الإسلامي لإحداث التغيير والتحول وإقامة النظام الإسلامي كمرجعية السيد الشهيد الصدر ومنهم من يرى في صلاة الجمعة منبراً لإقامة مشروع الأمة الواحدة القادرة على اقتلاع جذور الطاغوت كمرجعية السيد الشهيد الصدر الثاني.
هذا لا يعني أن تلك الخيارات لم تفعل فعلها الاستراتيجي المؤثر في حركة الأمة ولم تنعكس في علاقة الأمة بالإسلام وحركته ومشروع تطوره وسطوته الروحية الغالبة في أوساط الشعب العراقي.
لكن المرحلة الحالية التي يمر بها الإسلام في العراق والمنطقة العربية والإسلامية والتطورات السياسية الاستثنائية في البلاد تفرض على الإمام السيستاني أن يبتدع نمطاً جديداً من التعامل ينفتح فيه على الأمة ومصلحتها وقواها السياسية وأهدافها الإنسانية الطبيعية ويلحظ في ذلك كل المؤثرات والقوى ومراكز النفوذ وتفاوت الرغبات والبرامج والرؤى والأحزاب والمناطق والمرجعيات والفعاليات من دون أن يؤثر هذا كله على الهدف الأسمى المتمثل بإنجاز وعد الاستقلال وعودة العراق العربي ـ المسلم إلى دائرته الإسلامية مركزاً للحضارة والدين والعقلانية والثقافة.
ومن هنا تميزت فتاوى الإمام السيستاني بلغتها المعتدلة الحريصة على الأرواح والوجود والأعراض والكرامة في محاولة لتهذيب النفوس واستشراف الأفق وإعادة الأمور إلى نصابها، على أن الإمام يمارس في إصداره الفتاوى المتعلقة بتصريف الشؤون العامة في البلاد ومسائل التعاطي مع الميليشيات والسلاح وقضايا الإدارة باعتباره الحاكم الأكثر نفوذاً في أوساط مقلديه من أبناء الشعب العراقي وهم بالملايين في المدن والمحافظات العراقية.
ولذلك يبادر الإمام دائماً إلى توجيه تسديداته الأبوية بضرورة ترك مشاجب العنف وتسليم السلاح للشرطة العراقية في محاولة لإعطاء هذا الجهاز وكافة أجهزة الحكومة العراقية الحالية ـ وهي حكومة تحت الاحتلال ـ صفة الشرعية والاعتراف بها حكومة تمثل العراقيين وبالتالي الإيحاء للاحتلال وللشعب العراقي معاً أن التعامل مع تلك الحكومة هو اعتراف بعراقيتها أولاً ولأنها الخطوة الأولى في إطار ترتيبات وضع الخطط النهائية لتسليم السيادة والسلطة معاً إلى العراقيين.
ولو كان لويزار في إطار هذا الفهم الموضوعي لسياق إصدار الإمام المرجع للفتاوى السياسية لما قسم المرجعيات الدينية إلى مرجعيات طمأنينيّة وأخرى ذات أهداف وخطط سياسية وتتجاوز العمل بمنطق الاحتياط الفقهي. مع شكي القائم للآن بان لويزار يخفي (لؤماً) حين يعتبر أن قرار الإمام بتسليم الأسلحة إلى القوى الأمنية الرسمية بعيد جداً عن المواجهة المسلحة لقوات الاحتلال الأجنبي في إشارة إلى دفع أو ضرورة دفع الاتجاه القائم للفتوى إلى استخدام السلاح وعدم تسليمه إلى القوى الأمنية لإشعالها حرب استفزاز بالفتوى والأسلحة لإعادة إنتاج خريطة سياسية لا وجود (فرنسياً) للمرجعية الدينية فيها ومفسحة في المجال أمام القوى المتطرفة لكي ترسم بالعنف والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة مستقبل العراق اللامستقر لكي يتحول البلد ساحة مفتوحة تواجه فرنسا وكل الدول الغاضبة على الاحتلال القوات الأمريكية والسياسة الأمريكية فيه!!.
يقول لويزار:
(والسيستاني بحكم اضطراره للتوفيق بين الطمأنينة والشان السياسي ليس وحده المسؤول عن هذا الالتباس، بل هناك أيضاً وضع الشيعة العراقيين في شكل عام. فمنذ الانتفاضة عام 1991 يترقب الشيعة من ينقذهم من النظام، ثم جاء الاحتلال الأمريكي ليضعهم ويضع السيستاني أمام معادلة صعبة، تقضي بعدم الظهور في مظهر من لا يعارض الاحتلال العسكري للعراق، وفي الوقت نفسه عدم إبداء أي اعتراض على سقوط النظام وهذه الذهنية أدت إلى مواقف غريبة منها مثلاً أن بعض رجال الدين الذين كانوا منفيين إلى إيران عادوا إلى العراق ليضعوا أنفسهم في خدمة سلطات الاحتلال الأمريكي)([FONT='Times New Roman','serif'][8][/font]).
ومن أجل إجمال الملاحظات، ولأننا تحدثنا عن إشكالية علاقة المرجعيات الدينية المباركة بحدث الانتفاضة الوطنية ـ الإسلامية التي جرت سنة 1991 ضد النظام القمعي السابق. لذا لابد من تركيز الإجابة بالنقاط التالية بالنظر لدخول عناصر جديدة في إطار (إثارات) لويزار (الثأرية) من شيعة العراق.
1ـ ما تحدث به لويزار بالقول أن علماء شيعة عراقيين منفيين في إيران عادوا إلى العراق ويتعاملون مع قوات الاحتلال كلام مردود وبحاجة إلى أدلة وأسماء والفرنسيون يعرفون قبل غيرهم أهمية التدقيق بالأسماء والمعلومات في الحديث عن أي إشارة أو قضية في هذا الإطار خصوصاً إذا كانت من الوزن الثقيل وتعني طرفاً أساسياً في المعادلة الاجتماعية والسياسية في العراق وأقصد بذلك شيعة العراق. وإذا كان لويزار يملك مثل هذه المعلومات لما وفرها لكنه أراد أن يثير الغبار ضد الموقف الشيعي ـ الطرف الأكثر حظوة في إطار الحملة الأميركية على النظام الفاشي من حيث لا يشعر الأميركيون وا لفرنسيون بذلك ـ وهو موقف تميز على الدوام بمناهضة السياسات الشوفينية في بغداد. وهي سياسات وجدت بل كانت تجد كل الدعم والمساندة والصمت من قبل الحكومات الفرنسية المتعاقبة على الرغم من كلام فرنسا عن حقوق الإنسان ولوائح قيمها وأحاديثها عن الديمقراطية والتباهي بثورتها التي كانت كما تقول السياسات والقيم الفرنسية من أجل الإنسان في كل مكان. إنها لكل الناس إلا ناس العراق؟!
إن العلماء العراقيين الذين عادوا من إيران عملوا في كل المجالات الخاصة بخدمة الشعب العراقي حتى وصل الأمر بهم أنهم يعملون اليوم في تنظيف الشوارع والساحات ومجاري الصرف الصحي ـ الأمر الذي يعجز عن القيام به لويزار وكل قادة الحكومة الفرنسية اليوم!!. وإذا كان هناك نخبة دينية تتعامل بحذر مع القوات الأميركية والوجود الأميركي في العراق فهم شيعة العراق العلماء. ولعل لويزار يدرك اليوم ما تتعرض له النجف الأشرف كقيمة ومركز معرفة وتجمع سكاني من حصار وطوق عسكري أميركي من خارجها وتهديد بتدميرها واعتقالات بالجملة للعديد من العلماء ووكلاء المرجعيات الدينية في كافة مدن العراق. كل ذلك يجري تحت مرأى ومسمع الفرنسيين ولم يسمع الشعب الفرنسي من حكومته أو مراكز الأبحاث الاستراتيجية في باريس كلمة استنكار أو شجب أو إدانة لما تقوم به القوات الأميركية ضدهم.
إنها فرية لويزار التي من المؤكد أنها لن تنطلي على أحد!!.
2ـ الإمام السيستاني يعارض الاحتلال الأميركي للعراق جملة وتفصيلاً لكنه لا يعارض على الطريقة الفرنسية أو على طريقة السيد لويزار، ثم كيف يرى لويزار ـ شكل المعارضة هذه في حركة الإمام ومواقفه السياسية وملاحظاته حول مختلف المسائل الجارية والتطورات الدستورية وتشكيل السلطة ونقل السيادة والانتخابات والإصرار عليها والمظاهرات المليونية التي اجتاحت العراق من أقصاه إلى أقصاه تلبية لنداء الإمام بضرورة إجراء الانتخابات لاختيار الحكومة والقيادة السياسية الرسمية في البلاد؟ أليس هذا تدخلاً حقيقياً ومباشراً في الشؤون السياسية؟. أليس ذلك يعكس النمط السياسي غير التق ليدي في إدارة العراق في ظل وجود سلطة احتلال؟ ثم كيف يكون موقف الإمام ملتبساً بين الطمأنينة والعمل المباشر غير المؤمن بالاحتياط والإمام حاضر في كل القضايا فاعلاً ومنبهاً ومرشداً وقيادة تحرك الجمهور وتدفعه لأخذ دوره الأساس في عملية صناعة المستقبل السياسي في البلاد؟.
3 ـ إن الإمام السيستاني لا يعارض وجود القوات الأميركية الأجنبية في العراق وحسب ولا يدعو إلى جلاء هذه القوات من أرض العراق ويكتفي بحدود ذلك بل يذهب إلى أبعد من ذلك إلى تأكيد ضرورة أن يكون هناك دور أممي في المسألة العراقية في محاولة لإشراك كافة الجهود السياسية الدولية لمساعدة الشعب العراقي ودعم خياراته الوطنية في اختيار نمط الحكم الديمقراطي الذي يريده لذلك نرى أن الإمام يطالب بضرورة أن يكون دور للأمم المتحدة في العراق وأن تجري الانتخابات وأن يكون للعراقي رأي وتصور ومشاركة حقيقية في اختيار النظام القادم وكما يعرف الجميع أن الإمام يصر ولا يزال على إجراء الانتخابات لكنه يأخذ بوجهات نظر الأكاديميين في إمكانية إجرائها من دون إسقاط المبدأ بالتقادم والتطورات المتسارعة في العراق ويعلم الجميع أن الإمام لديه ملاحظات واعتراضات كبيرة على قانون إدارة الدولة العراقية. ما يمكن أن نقوله في هذا الصدد. أن السكوت على ممارسات قوات الاحتلال شيء والدخول في مواجهات غير متكافئة ولا محسوبة فضلاً عن كون المرجعية الدينية لم تكن طرفاً فيها منذ البداية شيء آخر.
الإمام شخصية داخلة بقوة وبشكل مباشر في كافة تفاصيل الشؤون السياسية في البلاد. لكنه حين دخلت القوات الأميركية اشتغل بمنطق صيانة الدم العراقي وعدم إدخال العراقيين في دوامات التصعيد إذ يكفيهم ما عانوا من حروب وإبادات وفضل استخدام الآليات والأساليب والأدوات التي فيها الكثير من الحكمة والمثاليات العقدّية والاتزان العقلي والسياسي عن الآليات والأدوات العنفية. على أن منطق الإمام السيستاني اليوم في كافة شؤون تصريف وإدارة أحوال الأمة هو الراجح على غيره من الأساليب.
إن الإمام ينطلق في الفتوى وإبداء النصح وتعيين المواقف من قراءة واقعية للوقائع والأحداث والتحولات ولا ينطلق من المزاج الشخصي ومنطق التيارات الحـزبية والعصبيات الطائفية والقراءات المحدودة.
4 ـ إن الرأي القائل بأنه كان على الإمام إصدار فتوى بمعارضة وجود القوات المحتلة بداية دخولها إلى العراق (رأي ساذج) فالإمام لم يكن طرفاً في الأزمة التي افتعلها صدام مع الأميركان ولم يكن على رأس السلطة بل كان كغيره من أبناء العراق تحت قهر وجبروت وضغط النظام القهري الدكتاتوري.
ما فعله الإمام ما كان يفترض أن يفعله كل فقيه ومسؤول وقائد في وطنه بعد أن تكالبت الدنيا لاجتثاث شأفة ووجود الإسلام والمسلمين في العراق وهو حماية الوجود والتعامل مع الوقائع والتخفيف من الاحتقان واستيعاب زخم الحرب والتعاطي بحكمة مع المحتل وإخراجه بأقل الخسائر.
مفتاح مستقبل العراق
يعتمد الباحث الفرنسي لويزار بعض المرجعيات الدينية أو الشخصيات العلمية في العراق ممن عاصرت مراحل استعمارية مرت بها البلاد وحدة لقياس وجهات نظر ومواقف المرجعيات الدينية الحالية وفي مقدمتها مرجعية الإمام السيستاني ويعقد في الإطار ذاته مقارنة بين السيد السيستاني كمرجع يعاصر ظروف احتلال القوات الأميركية للعراق وبين آية الله الخالصي الذي أصدر فتوى تحظر على المسلمين المشاركة في أي انتخابات في ظل الاحتلال البريطاني للعراق آنذاك بالنظر إلى تأثير هذا الوجود على نتائجها لكن السيد السيستاني يصر على إجراء الانتخابات ويعتمد موقفاً مغايراً تماماً وقبل صوغ الدستور.
يقول لويزار وهو يتحدث عن مطالبات الإمام المرجع:
(عندما يطالب سلطات الاحتلال بالديمقراطية ويؤكد أن أبسط شروط الديمقراطية هي الانتخابات العامة فإن مطلبه هذا يجعله على تمايز مع آيات الله العشرينات الذين طالما تحدثوا باسم مسلمي العراق في حين أن مواقف السيستاني تنبع من حق الغالبية الشيعية وليس من حرصه على الديمقراطية وتمسكه هذا بحق الغالبية الشيعية يعني أنه غير معني بأوضاع الأقليات سواء كانت سنية أو كردية وأنه يتحدث باسم الشيعة دون سواهم على رغم إدانته الاعتداءات على المساجد السنية ومثل هذا الموقف لا يعبر إطلاقاً عن رغبة لدى السيستاني بإقامة جمهورية إسلامية على الطريقة الإيرانية وهو أكد تكراراً أنه بين الحكومة غير ملتزمة بالإسلام وولاية ال فقيه هناك خيار ثالث يمكن بموجبه أن يكون في السلطة مدنيون (أتقياء) يمارسون الحكم وفقاً لتعاليم النجف)([FONT='Times New Roman','serif'][9][/font]).
وأمام هذه التناقضات التي يسقط فيها الكاتب لويزار يفترض أن نقول بأن مرجعية السيد السيستاني ليست مركزاً دينياً كهنوتياً لا علاقة له بالواقع وإسقاطاته والحياة وتطوراتها انطلاقاً من أن الإسلام شمل بأحكامه وتشريعاته كل مناحي الحياة. ولا يجوز القول بعد ذلك أن المرجعية الدينية وهي مرجعية الإسلام مرجعية منعزلة عن الواقع. إنه كلام مردود وهو جزء من الحملة المعرفية والسياسية التي تقدرها اتجاهات (صهيونية) في الأكاديميات الغربية وخصوصاً الفرنسية وكل الذين زاروا فرنسا ويعرفون هذا البلد يعرفون أيضاً مدى التغلغل الصهيوني في معاهده ومراكزه ومؤسسات البحوث المعرفية والسياسية فيه.
المسألة الأخرى في هذا الجانب أن المرجع السيستاني يمثل مرجعية النجف المنفتحة على كل فئات المجتمع العراقي ولا يمثل فقط أهداف شيعة العراق رغم أن الشيعة العراقيين يتطلعون دائماً إلى المرجعية الدينية في النجف بوصفها الحاضنة والموئل والمركز الذي يدفع الأذى عن وجودهم ويسهم في تحقيق الأهداف التي يقاتلون من أجلها وهي بالمناسبة أهداف غير شيعية بل أهداف تتعلق بحق الشعب العراقي بكل فئاته في الحرية والكرامة وحقه في اختيار النظام الوطني النابع من إرادته الحرة المستقلة وليس نظاماً تابعاً.
لذلك ليس صحيحاً القول أن المرجعية الدينية في النجف تدافع عن شيعة العراق. إنه كلام مغرض ويسعى إلى إسقاط حق النجف ومرجعيته الدينية في المشاركة بتأسيس الحياة الديمقراطية والعدالة والمساواة والإيحاء بأن أكبر خدمة يمكن أن تقدم في إطار تقزيم العراق وتقسيمه تكمن في إسقاط حق النجف التاريخي في الدفاع عن القضايا الكبرى في حياة الشعب العراقي والتضييق على دورها الوطني ومحاولة تأسيس أكثر من مرجعية في البلاد مع أن مرجعية النجف كانت من المبادرين إلى دعوة كل العراقيين لاستنهاض همم الوحدة السياسية والشعورية العاطفية ووحدة الرأي وقيام كتل قيادية تتولى الدفاع عن قضايا العراقيين. < /o>
المسألة الأخرى هي أن الإمام السيستاني لا يدعو إلى قيام جمهورية إسلامية قائمة على أساس الولاية المطلقة للفقيه وهو إيحاء بضرورة دق إسفين ما بين النظرية والفقيه والفقيه والتوجهات الشعبية التي تقضي بضرورة تحقيق أهداف الناس وتطلعاتهم في اختيار لون النظام السياسي الذي يريدون سواء كان هذا النظام إسلامياً أو ليبرالياً.
إن عدم ترجيح الإمام لنظام جمهوري إسلامي لا يعني أبداً عدم الإيمان أو السعي لإقامة هذا النظام في حياة المسلمين. إن ظروفاً موضوعية وأسباباً وجيهة داخلية وخارجية ـ عراقية ودولية مع الأخذ بنظر الاعتبار واقع التنوعات والتناقضات والتباينات الفكرية والفقهية في إطار المجتمع الإسلامي كلها تدفع باتجاه تأجيل إقرار هذا النظام لكن وكما أسلفنا لا يسقط فقيه من الفقهاء حق الأمة في إقامة النظام الإسلامي كون هذا النظام يمثل خلفية تاريخها وهويتها وأصالتها الحضارية والأخلاقية فكيف بالمجتهد الفقيه الذي يمثل العمل من أجل الإسلام جوهر وجوده وهويته ومثال حركته في الحياة؟
والقضية الأخرى أيضاً كما نراها واحدةً من أهم تناقضات لويزار هي أن مطلب الإصرار على إجراء الانتخابات لدى السيد الإمام يعتبره لويزار في ظل الاحتلال غير موفق لأن ذلك يكرس الاحتلال بدل نشود الحرية وهذا خطأ فادح.
إن لويزار لا يعيش في الساحة العراقية ولم يقرأها بالاعتماد على (لعبتها الداخلية) وطاقتها الفكرية والروحية وشروطها التاريخية. ولا يدرك الضرورات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية والضغوط النفسية التي تتعرض لها البلاد في ظل عدم وجود دولة ونظام يتمتع بالسيادة. إن الإمام السيستاني يريد أن يختصر الطريق من أجل ولادة هذه الدولة. إن لويزار يريد دولة من دون قادة ونظاماً بلا قوانين وجمهور بلا مرجعية وبلداً لا صوت فيه لفقيه ولا رواج لآليات الديمقراطية، بينما الديمقراطية تبقى حكراً على المواطن الفرنسي والبريطاني والألماني والأسباني كون هذا المواطن آدمياً والآخرون في الشرق (بهائم)!!
إن الإمام يرد على ذلك بالإصرار على إجراء الانتخابات والإفادة من الدروس المستفادة من الديمقراطية كي يحصل الشعب العراقي على حريته ولأن الإمام يدرك أهمية الإفادة من الديمقراطية وتعرية الوجه القبيح للآخرين الذين يصرون على أن الشعب العراقي قاصر ولا يجوز منحه الديمقراطية الممنوحة لغيره من الشعوب راح لويزار (يصب) جام غضبه على مرجعية الإمام بوصفها مرجعية تريد استعادة حقوق (الشيعة) ولا تعني تلك المرجعية بحقوق الأقليات الأخرى كالأكراد والسنة مع أن السنة عراقيون عرب ومرجعية الإمام تدافع عنهم وتضعهم في نفس الأولوية والأهمية التي يوضع فيها الشيعة وكذلك الأكراد.
ولعل لويزار لم يقرأ الفتوى الشهيرة التي أطلقها الإمام الحكيم بعدم قتال الأكراد وتحريمه في عهد عبد السلام عارف (رئيس عراقي أسبق) وهو مسؤول مشحون بالطائفية والكره الشديد للأكراد العراقيين ولا زال الأكراد العراقيون يحفظون بود كبير للإمام الحكيم هذا القرار الديني التاريخي الذي كان له دور كبير في حقن دماء الأكراد وفي زيادة لحمة العلاقات الأخوية العربية ـ الكردية.. فما أكثر أخطاء لويزار!!؟
ويضيف لويزار وهو يتحدث عن هيمنة الإمام الروحية ودفاعه عن الدستور لكن بخبث فرنسي معهود:
(والمهم بالنسبة للسيستاني هو رؤية هوية الغالبية الشيعية مكرسة ومسجلة في النصوص الدستورية في ظل تفوق النجف معترف به وهو ما يشكل بالتالي قبولاً بـ (لبننة) النظام العراقي بالمعنى الإيجابي للكلمة)([FONT='Times New Roman','serif'][10][/font]).
إن مشكلة الفكر الغربي سقوطه في التعمية السياسية لذلك فإن مرجعياتنا الدينية لم يكن هدفها في أي وقت تكريس الطائفية بقدر ما كانت تعمل من أجل الدفاع عن الطوائف الإسلامية كونها تشكل القاعدة الأخلاقية والفكرية والفقهية والبشرية والتاريخية للوحة المجتمع العراقي.
والإمام السيستاني كان وما يزال أميناً على هذا الطرح المتسالم عليه عند الأوساط الجماهيرية في الطائفتين الشيعية والسنية وعند المرجعيات الدينية.
لذلك كان دفاع الإمام عن الشيعة فيما ورد بنصوص الدستور ومجمل ملاحظاته واستدراكاته السياسية دفاعاً يعكس رؤية فقيه مسلم إزاء طائفة مليونية ليس بالضرورة أن يكون جزء من سنخها أو طبيعتها وزعيماً لقرارها الروحي وحوزاتها الدينية بدليل أن الإمام رفض الكثير من النصوص التي تشعر العراقيين وأي نظام سياسي قادم بعد جلاء القوات الأميركية من البلاد بالهيمنة والفوقية. ثم أين هي الغرابة وأين مكمن الإشكالية حين يدافع فقيه مسلم ولديه كفاءة عالية في التصدي لمختلف الشؤون السياسية في البلاد عن شيعة العراق؟ أليس الشيعة ساهموا في صناعة تاريخ العراق في الماضي وفي الحاضر ولا زالوا يقدمون الدم الغزير إكراماً لاستقلال العراق وحريته وأمنه واستقراره؟. ثم من يدعو إلى قيام نظام طائفي على غرار النظام اللبناني مثلاً ومن يريد تكريس الطائفية السياسية في البلاد بعد أكثر من ثلاثة عقود من القمع واستخدام آليات الموت والدمار ض د الشعب العراقي؟ أليس القائمون على ذات الصيغة اللبنانية ومؤسسوها 1943 في باريس؟ نسجل هنا للتاريخ أن أول صيغة سياسية استعمارية لا زالت تحكم بلداً عربياً مسلماً ـ عكست رغبتها في تطييف السلطة وتقاسم النفوذ وتفتيت لُحمة الجغرافيا والتاريخ هي الصيغة الفرنسية في لبنان أو ما يعرف بصيغة 1943؟!
فتاوى الواقع
يمثل الإمام آية الله العظمى المرجع الديني الكبير السيد علي السيستاني المرجعية القيادية المتصدية والحاضنة الحضارية لمركزية المشروع الإسلامي والوطني العراقي المعاصر ويؤكد من موقعه الديني والسياسي كل يوم مسؤولية المشرع المطالب بحقوق الأغلبية المسحوقة من أبناء الشعب العراقي ـ هذه الأغلبية التي عانت الأمرين من سياسات النظام السابق ويمثل كذلك طموح العراقيين في الاستقلال ونيل الكرامة وحيازة كامل الحرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفردية سعياً لإقامة الدولة الوطنية العادلة.
وحين نتحدث عن الإمام السيستاني فنحن نتحدث في الحقيقة عن تراكم فقهي وفكري وسياسي وروحي غارق في حركة التاريخ لأن الإمام يمثل خلاصة سياق كبير من الفقهاء والعلماء المجاهدين الذين توارثوا على خدمة المذهب وطموح أبناء الإسلام الذين يبحثون عن الدولة العادلة والحاكم العادل والحياة الاجتماعية والسياسية العادلة أيضاً التي يلعب فيها المشرع دور الناظم لحركة الحياة وليس الدور الذي توارثت عليه أنظمة الحكم في أغلب البلدان العربية والإسلامية وهو دور تطغى فيه لغة الاستبداد والقمع وكبت الحريات والمقابر الجماعية الدور الذي يفسح في المجال للديمقراطية وحقوق الإنسان.
إن الإمام السيستاني يمثل اليوم المشرع الناظم لدور الفقيه المنظم لحركة الحياة السياسية والاجتماعية ويقود بكفاءة عالية حركة المجتمع العراقي باتجاه الديمقراطية وإحلال خيار حكومة الإنسان في ظل ظروف وتحديات سياسية واجتماعية وعسكرية غاية في الخطورة. وحين يقف الإمام هذا الموقف من مسائل أساسية في المجتمع العراقي كالديمقراطية والمطالبة بالانتخابات وإحلال البديل الوطني إنما ينطلق في كل ذلك من رغبة العراقيين أنفسهم وليس من رغبة مؤسسة أو حزب سياسي أو إطار مرجعي بعينه إيماناً من الإمام أن هذا الدور سيخرج المرجعية الدينية من إطارها التقليدي ليضعها في قلب ال صورة السياسية للبلد وفي تضاعيف مشهد التحديات الراهنة التي يمر بها العراق شعباً وسيادة وطموحات وأهداف بعد أكثر من ثلاثة عقود من الاستبداد والقمع وحاكمية دولة المنظمة السرية.
تصنيفات واقعية
وعلى هذا الأساس يصنف المرجع الديني الكبير في أرشيف الدول وفي ثقافة الأحزاب السياسية وآراء الفقهاء والعلماء والمؤسسات الدينية المختلفة بوصفه مرجع الأغلبية المسحوقة وزعيم سياسي كبير ينهض بأعباء بلد مدمر يمر بأحلك لحظات عمره التاريخية وأحرجها لا سيما وأن هذا البلد واقع تحت الاحتلال العسكري الأمريكي المباشر بعد حرب (عالمية) ضد نظام القهر والاستبداد في بغداد شاركت فيها أكثر من (45 دولة في العالم) للإطاحة بنظام ديكتاتوري هو الأكثر قسوة من بين أنظمة الحكم في العالم.
إن تمثيل طموحات الأغلبية المسحوقة والتصدي للزعامة السياسية في هذه الظروف عملية معقدة وكبيرة ومهمة وأساسية وتحمل في طياتها أعباء ثِقل قيادة الجماهير العراقية ولاشك أن الإمام في كل تأكيداته وتصريحاته السياسية وفي مجمل حركته القيادية في الأمة ومع الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني العربية والإسلامية ووفود المجتمع الدولي والجامعة العربية والأمم المتحدة أكد بوضوح تام أنه المرجعية القيادية القادرة على استيعاب زخم الحركة السياسية في الأمة والاستجابة لمتطلباتها وأهدافها وعدم التراجع عن المواقف التاريخية والوطنية والإسلامية الصلبة القاضية بخروج قوات الاحتلال من العراق وإقامة السلطة السياسية الوطنية العراقية وفرض مبدأ الانتخابات الحرة قاعدة لبناء الدولة والمجتمع والمستقبل والمصير الوطني الحقيقي.
[FONT='Times New Roman','serif'][/font]


توقيع BAGHDADY





BAGHDADY
الصورة الرمزية BAGHDADY
عضو نشيط

رقم العضوية : 1039
الإنتساب : May 2008
الدولة : عاصمة شيعة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
المشاركات : 383
بمعدل : 0.07 يوميا
النقاط : 209
المستوى : BAGHDADY is on a distinguished road

BAGHDADY غير متواجد حالياً عرض البوم صور BAGHDADY



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : BAGHDADY المنتدى : إضاءات من نور المراجع والعلماء
افتراضي
قديم بتاريخ : 04-Jul-2008 الساعة : 12:07 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم




توقيع BAGHDADY




إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc