أفلا تذكّرون.. - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام

إضافة رد
كاتب الموضوع خادم الزهراء مشاركات 38 الزيارات 74016 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي أفلا تذكّرون..
قديم بتاريخ : 10-Jul-2009 الساعة : 12:08 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


نقدم هذا الحوار بين سماحة آية الله المحقق الجليل السيد جعفر مرتضى العاملي وأحد النواصب فرحان المالكي بعنوان

أفلا تذكّرون..
حوارات في الدين والعقيدة



باهتوهم!!

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

فقد كـان العزم منعقداً على أن يكون عنوان واسم هذا الكتاب، هو (باهتوهم!).

لكنني عدلت عن ذلك في اللحظة الأخيرة، أي في الوقت الذي كان فيه الكتاب يأخذ طريقه إلى المطبعة.. وذلك لكي لا يساء فهم ما أرمي إليه، أو يجعل ذلك ذريعة للطعن في النوايا، الأمر الذي قد يؤثر على كثير من الإخوة الأعزاء، ويصرفهم عن السعي للاطلاع على مجريات هذا الحوار، وعلى المفردات التي طرحت فيه، وعلى الطريقة التي تعاطى بها الطرف الآخر مع محاوريه، ومع أسئلتهم ومع أدلتهم.

وأما لماذا كنا عازمين على تسميته باسم: (باهتوهم) وهو اسم ينضح بالتحدي؟!، فهو أمران:

أحدهما:

أنه هو الاسم المعبر عن الحقيقة بدقة وأمانة.. حيث قد ظهر: أن الطرف الآخر في هذا الحوار، وهو حسن بن فرحان المالكي، يصر على تسويق مقولة جارحة وخطيرة، وهي: ادعاء وجود غلو وأكاذيب في التسنن وفي التشيع، ولدى أهل السنة والشيعة على حد سواء..

بل إن المراجع لمجمل طروحاته وكلماته يشعر: أنه ليس لهذا الرجل همٌّ وشغل إلا متابعة ونشر وإلقاء هذا النوع من المقولات في أذهان الناس وعقولهم، مشفوعاً ذلك منه بسعي آخر هادف إلى تشكيك الناس في عقائدهم، سنة كانوا أو شيعة، وإن كان ضغطه على الطرف الشيعي أشد وأعنف!!..
وفي ظل تلك الادعاءات وهاتيكم الاتهامات، وفي أجواء هذا التشكيك، والعمل على إحداث خلل ووهن وضعف في عقائد الناس، وزعزعة ثقتهم بما لديهم، بل بكل ما يحيط بهم، تجده يطرح البديل على شكل شعار مثير، وغائم، ومطاط، هو شعار (الاعتدال)، ليكون هو المرجع بعد إسقاط ما يزعم أنه حالات غلو، وبعد نبذ الأكاذيب من الطرفين، كما يحلو له أن يقول..

وحين تطالبه بتحديد المفردات التي يعتبرها أكاذيب، وبيان الضابطة التي تحدد ما هو الغلو، وما فيه اعتدال وتميزه عن غيره، فإنه يحاول التملص والتخلص بشتى الوسائل، ولكنه لما أعيته الحيلة، اعترف في رسالته الأخيرة بعجزه عن تحديد ذلك..

وعلى كل حال، فإن أسلوبه هذا يشير إلى: أن وراء الأكمة ما وراءها.. وأن فسح المجال للدعوة لنبذ ما في التسنن والتشيع معاً، ثم الإتيان بدين جديد، مما لا مجال للسماح به، في أي ظرف، ومهما رفعوا لنا من شعارات غائمة ومطاطة، ليس لها معيار، ولا ضابطة لها، سوى أذواق هذا النوع من الأشخاص، وآرائهم واستحساناتهم.

إن هذه المحاولات لا بد من التصدي لها، والوقوف بوجهها، وفضح أساليب وطرائق المتصدين لها، وتحذير الناس من الوقوع في حبائلهم.

هذا، وقد واجه الشيعة حالة من هذا القبيل في السنوات الأخيرة، حيث ظهر شخص ما فتئ يرفع شعار التجديد والاعتدال، ويدعو إلى نبذ التخلف، و التعصب، والغلو..

ثم بدأ يطرح أموراً غريبة عن التشيع، وكثير منها غريب عن التسنن أيضاً.. وهي بمجموعها تؤسس لدين جديد..

فتصدى له علماء الشيعة ومراجعهم، وفندوا آراءه، وفضحوا أهدافه، وأسقطوا مقولاته بالأدلة العلمية، وبالبراهين الصحيحة والقاطعة، وأعلنوا عن فسادها بصراحة وقوة ومسؤولية.

فمني المشروع الكبير الذي كان يحلم به هذا الشخص، ويخطط له، بالفشل الذريع، وبالسقوط المحتم، بعد أن سقطت المقولات التي تؤسس له، ويراد له أن يقوم عليها.

ولذا فقد ازداد عطف واهتمام أركان هذا التيار المتستر بشعارات التجديد والاعتدال عليه، ومنهم حسن بن فرحان المالكي في رسالته الأخيرة، وما زالوا يظهرون سخطهم على علماء الشيعة، لأنهم واجهوا ذلك الرجل بالحق الصريح، وبالكلمة المسؤولة والواعية.

وقد لوحظ أيضاً أن من أنصاره المتحمسين له، والمدافعين، عنه دعاة التغريب والعلمنة، الذين يريدون إسلاماً يفسح لهم المجال لممارسة كل رغباتهم، ويريدون أن يحملوا هوية الإسلام، ليستفيدوا من خيراته، ويضعوا أنفسهم على قمة الهرم في المجتمع الإسلامي، مع احتفاظهم بكل ملذات وشهوات، وطريقة وأسلوب حياة، وارتكاب موبقات المدنية المادية الحاضرة، والحصول على كل ما هو حسن وسيء، وصالح وفاسد فيها..

ومهما يكن من أمر، فإن ما يدعو إليه حسن بن فرحان المالكي تقريباً هو نفس ما يدعو إليه هذا الرجل الذي تحدثنا عنه، ويصب في نفس الاتجاه، ويتابع نفس المشروع.
وسيظهر هذا الحوار: أننا قد سعينا إلى طرح القضايا التفصيلية على بساط البحث، وفقاً للمناهج العلمية الصحيحة التي يرضاها العقل والوجدان، ولا يشذ عنها باحث، يعيش روح المسؤولية والالتزام..

وإذا به وقد أحرجه ذلك، ولم يجد في من حوله من يستطيع أن يسعفـه بشيء.. وواجه أنـوار الـحقائق الساطعة، وأدلتها القـاطعة، قد بـهـت وسكت، وأسقط في يده، ولم يجد سبيلاً للتغطية على عجزه الظاهر، سوى معاودة كيل الشتائم، والإصرار على الاتهام الباطل، واللجوء إلى التعريضات المؤذية، والكلمات الجارحة، وإطلاق الادعاءات الفارغة من جديد، مع تجاهل فاضح لكل ما قيل لـه ومـا يمكن أن يقـال فيه، وعنه.

فظهر مما قدمناه: أن مقصودنا بكلمة (باهتوهم) هو التعبير عن حالة هذا الرجل حينما واجهته الأدلة، ووضعت له النقاط على الحروف، حيث بهت، ولجأ إلى الاتهام والتجريح.
الثاني:

إن كلمة (باهتوهم) قد وردت في الروايات الشريفة، التي تحث على التصدي لمن يسعى للابتداع في الدين، ومواجهته بالحقائق ليبهت، ويسقط ما في يده، فقد روي بسند صحيح عن الإمام الصادق() قال: قال رسول الله ():
(إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي، فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم، والقول فيهم، وباهتوهم، كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام. ويحذرهم الناس، ولا يتعلمون من بدعهم يكتب لكم بذلك الحسنات، ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة)[1].

فقوله (باهتوهم) إنما يقصد به إلزامهم بالحجج القاطعة، وجعلهم متحيرين، لا يحيرون جواباً كما قال الله تعالى: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}[2] وهذا هو ما استظهره المجلسي (رحمه الله) أيضاً[3].

وهذا بالذات هو ما جرى لحسن بن فرحان المالكي، الذي ظهر في بادئ الأمر يوزع التهم يميناً وشمالاً، ويصنف الناس وينال من المذاهب الإسلامية المختلفة، وخصوصاً الشيعة والتشيع..
مع أن محاوريه وهم يكلمونه بأدب وبموضوعية، وهو يمعن في توجيه الإهانات، بالكناية تارة وبالتصريح أخرى، حتى لقد وصف الشيعة بأنهم أكذب الفرق، واعتبر قوله هذا مستنداً إلى مراجعة علمية، جعلته يتيقن بصحة قوله هذا.

ووصفهم بالغلو أيضاً تارة، وبأن عندهم مشكلة في التوحيد أخرى، إلى غير ذلك مما يجده المتتبع في كلماته المختلفة.

ولكنه حين واجه الـرد العلمي الحـازم والصريح، صعق أمـام الحقائق الدامغة، وانتهى به الأمر إلى الإحجام عن الإجابة على أي مناقشة علمية صريحة، وإذا بذلك الرجل المنافق، الذي يتكلم بفوقية ظاهرة، وبزهوٍ مثير، ينكمش على نفسه، ويتضاءل، ويتضاءل، ثم ينسحب من ساحة البحث العلمي، بصورة لا يحسد عليها. وقد بخل حتى بإبلاغ المحاورين عن أسباب انسحابه، ربما لأن يصعب عليه أن يظهر بمظهر الضعيف المتهالك.. فيا سبحان الله.. كيف كانت البداية.. ثم كيف جاءت النهاية..

نعم.. وهذا مصير من يتجرأ على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، صلوات الله وسلامه عليها.. ويسعى إلى المساس بحقائق الدين، تحت شعار الاعتدال.
والحمد لله رب العالمين.

-----

[1] الكافي ج2 ص375 والبحار ج71 ص202 وج72 ص161 و235 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص264.
[2] سورة البقرة / 258.
[3] بحار الأنوار ج71 ص204.


يتبع >>>


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر




خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-Jul-2009 الساعة : 04:36 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


{ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }
تقديم:
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين، محمد وآله الطيبين الطاهرين.. واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين، إلى قيام يوم الدين..

وبعد..

فإن للحوار العلمي والموضوعي الهادف أثراً عظيماً في تجلي الحقائق وبلورتها، وإزالة الشوائب، التي تعلق بها، مما تنسجه حولها الأوهام القاصرة حيناً، أو المتغافلة عن تقصير أخرى، فلا تقوم بما يفرضه عليها الواجب من رصد دقيق للحيثيات والجوانب التي لا بد من الإحاطة بها، ليمكن حصحصة الحق بصورة قاطعة للعذر، ومرضية للوجدان، وللضمير.

وربما تكون الشبهات، والشوائب قد علقت بتلك الحقائق، نتيجة عمل غير أخلاقي، يمارسه ثلة من الناس عن سابق عمد وإصرار، خضوعاً منهم لبعض العصبيات، أو انسياقاً مع مشاعر أفقدتهم حالة التوازن، وأبعدتهم عن جادة التعقل والإنصاف.

وربما يكون لحالات خوف من متسلط، أو طمع بمقام أو نوال، ما يحفزهم للعمل على طمس معالم الحق، واتخاذ سبيل الباطل.

وعلى كل حال، فإنه بمقدار ما يكون الحوار جاداً، ومخلصاً، وأخلاقياً ومسؤولاً، وخاضعاً للرقابة الشرعية، والوجدانية، والإنسانية، وملتزماً بالضوابط العلمية بدقة، فإنه يكون حواراً كثير الفوائد، جم العوائد، من شأنه أن يغني الفكر، ويعمق الإيمان، ويقوي العقيدة، ويصونها.

بل إنه حتى لو تجلى هذا الإخلاص والجدية في طرف دون طرف، فإنه سيكون أيضاً حواراً مباركاً، يحبه الله تعالى، ويوفق من أخلص لله فيه في الدنيا والآخرة, لأنه سيسهم في ظهور الحق، بمقدار ما يبذله ذلك الطرف من جهد، وما يتعرض له هذا الجهد من نفحات إخلاص وتقوى..

وهذا الحوار الذي بين يدي القارئ، قد جاء ليعبر عن هذه الحقيقة بالذات، فلا غرو أن يجد قارئه فيه الكثير الكثير من الأمور التي تفيد في فتح نوافذ متنوعة، ستعطي الإطلالة منها استشرافاً لآفاق جديدة ورحبة، فيها الكثير مما يلذ لكل أحد أن يلم به، ويتعرف عن كثب عليه.

كما أن في هذا الحوار الكثير مما يفيد في إيجاد منافذ، سيجد المتعمق فيها نفسه أمام الكثير من الكنوز التي طالما تشوق للوصول إليها، وسعى للحصول عليها.

وإنها، أعني هذه المنافذ وتلك النوافذ، لتخاطب اللبيب الأريب بألف لسان، وتغنيه عن كل بيان.

ولن يعكر عليه صفو هذا المعين الزلال إلا شيء واحد، وهو ما سيلمسه من عدم وجود تكافؤ في صراحة الكلمة، والاستسلام للحق، والبخوع له، حيث سيلمس جرأة ظاهرة وإصراراً قوياً على قول الحق وفي البخوع له لدى طرف، وإحجاماً وتردداً، بل وغمغمة، ولجلجة، تصل إلى درجة التعمية العمدية، والتجاهل السافر للحق الصراح، وللأدلة الواضحة لدى الطرف المقابل..

وفي جميع الأحوال، فإنه قد جاء حواراً قوياً، ومؤثراً، وحماسياً. ولكن جاءت هذه القوة موزعة في اتجاهين متقابلين:

أحدهما: اتجاه تجلت فيه الجرأة على قول الحق، مع قوة حجاج واحتجاج، وإصرار، والتزام، وملاحقة لكل صغيرة وكبيرة. ومتابعة لأدق التفاصيل.

والثاني: ذلك الاتجاه الآخر الذي ظهر فيه الإصرار والحرص على حشد واستنفار كل القوى للحفاظ على موروث أظهرت الدراسات العلمية المنصفة أنه بات عبئاً، لا يجد أية مبررات مقبولة أو معقولة لحمل ثقله، إلا تحمل الضنا والتعب بلا سبب، وهذا هو السفه الظاهر، الذي لا يرضى أحد أن يتهم به، أو أن ينسب إليه..

بل إن ما أظهره هذا الحوار من جنوح ظاهر لدى طرف بعينه، للإيغال في تأويلات وتبريرات تذهب بماء الوجه، وتسقط الشعارات المرفوعة التي تدعي العلمية والإنصاف و.. و.. إلخ.. لهو أمر يزيد الإنسان العاقل حيرة، وعجباً!

وهو يرى أن هذا الثمن الباهظ الذي يدفع لحفظ بعض اللمعان لصورة ذلك الموروث التي مزقتها التشوهات القبيحة، سيكون أغلى بكثير من القيمة الحاضرة لذلك الموروث نفسه، الذي كان حتى وهو في أفضل حالاته، وأرضى صفاته، مجرد تشوهات حزينة وقاسية، قد ظهرت في شنٍّ بالي، أو خيال ساري، فكيف.. وقد بادت معالمه تحت ظلال مرهفات السيوف، وفي معترك حداد الأسنة عبر الأحقاب الخالية، و الأجيال المتمادية..

ولكن رغم هذا وذاك نقول: رب ضارة نافعة، ورب خافضة رافعة، فهناك من يرى أن هذا التناقض في الاتجاهين هو الذي يعطي لهذا الحوار قيمته، ويزيده حيوية وبهجة، ويجعله أكثر إثارة.. وأعظم إسهاماً في إظهار الحق لمن أراد الحق..

فإلى القارئ الكريم نقدم هذا الحوار وقد كان على الإنترنت، وبالتحديد على موقع (شبكة الميزان) المباركة، وكان أحد طرفي الحوار هو (الشيخ حسن بن فرحان المالكي).

وفقنا الله جميعاً لكل خير وسداد، وأخذ بأيدي الجميع في طريق الهدى والرشاد.

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين.

يتبع >>>
نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر




خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 11-Jul-2009 الساعة : 10:49 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


القسم الأول: حوار حاسم

السؤال المثير: من العاملي إلى المالكي


بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة الكرام في (صفحة الميزان)..

وفقكم الله لما فيه خير هذا الدين، وكتبكم من المدافعين عنه، والهادين إليه.

سماحة الشيخ حسن فرحان المالكي حفظكم الله.

أسأل الله أن ينفعنا وإياكم بهذا اللقاء المبارك إن شاء الله، وأن يهدينا سواء السبيل. شيخنا العزيز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

السؤال:
من كان إمام الزهراء()، مع أنها لم تمت ميتة جاهلية بلا شك، وقد ماتت وهي مهاجرة لأبي بكر، فهو لم يكن إمامها فعلاً.

يتبع>>>

نسألكم الدعاء

والسلام عليكم ورحمة الله.


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر




خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 11-Jul-2009 الساعة : 10:53 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الفصل الأول: الإجابة الأولى.. والرد..
1 ـ الإجابة الأولى..

قال المالكي:

الأخ هادي العاملي:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

سبق الجواب على سؤالك فيما مضى.. فقد سبق أن ذكرت أن مسألة أحاديث الوعيد من الأمور المتعلقة بـ (الأسماء والأحكام) التي خاض المسلمون بطوائفهم حروباً كلامية كثيرة، ليس كل من خرج على الإمام مات ميتة جاهلية بالمعنى الحرفي للحديث، وقد ذكر له العلماء تأويلات كثيرة لتعارض ظاهره مع أدلة أخرى، فنحن ينبغي أن ننظر في مجمل الأدلة كلها، لا أن نتمسك بأحاديث الوعيد، أو أحاديث الرجاء..

وأنا لا أقول ببطلان إمامة أبي بكر، ولا بموت الزهراء ميتة جاهلية، لكن من رأى بطلان إمامة أبي بكر أو موت الزهراء ميتة جاهلية يبقى مسلماً، وإن ارتكب في هذا الرأي خطأ عظيماً..

فالخوارج كفروا علياً، وهو كالزهراء في الفضل، ولم يكفرهم علي بذلك..

أيضاً إغضاب الزهراء بتأويل، أو لغضب عارض، أو نحوه، يختلف عن إغضابها بغضاً ومعاداة، بل حتى إغضاب النبي (ص) بحسن نية واجتهاد ليس كفراً، أما إغضابه تعمداً وعناداً فهو من علامات النفاق والكفر..

الأمور تحتاج أن نبحثها بهدوء، بعيداً عن ضيق المذهبيات..
حسن بن فرحان المالكي

يتبع>>>

نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر




خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي 2 ـ الرد..
قديم بتاريخ : 13-Jul-2009 الساعة : 10:15 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ـ الرد..
هذا هو الرد:
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الشيخ فرحان المالكي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالنسبة لإجابتكم على سؤالنا عن الذي كانت الزهراء تعتقد إمامته، وهل أنها حين لم تر إمامة أبي بكر ماتت ميتة جاهلية أم لا..

نقول:

إن لنا على إجابتكم عدة ملاحظات نأمل أن يتسع لها صدركم. وهي التالية:

1 ـ إنه ليس لجنابكم أو لأحد غيركم أن يدعي: أن هذا الشخص، أو تلك الفئة تنطلق في مواقفها أو في فهمها للأمور من ضيق المذهبية، الذي لوّحتم بالاتهام به في نهاية إجابتكم، وهي الصفة الطاغية على كثير من أجوبتكم، التي قرأناها في هذه المحاورة.

ومعرفة كون الداعي هو الضيق المذهبي أو غيره يحتاج إلى علم الغيب.

لذا فإن على هذا الشخص أن ينظر في أدلة هؤلاء وأولئك ليناقشها، فإما أن يقبلها، أو أن يردها بالدليل والبرهان.. وإلا فإن الآخرين أيضاً قد يجيزون لأنفسهم أن يقولوا عنه: إنه هو الآخر يتظاهر بالاعتدال، ليخدع الناس بالكلمات المعسولة، وليمرر ما يمكنه تمريره على حين غفلة من الناس البسطاء والسذج.. إنه يتهم الآخرين بالضيق المذهبي على سبيل الإسقاط على الطرف الآخر.. أي أنه هو الذي يعاني من هذا الأمر الذي يسقطه على الآخرين بالتذاكي عليهم، وإظهار خلاف الواقع لهم..
إننا نحب أن نبتعد في البحث معك عن هذه الأجواء، لنعيش أجواء البحث العلمي الموضوعي والمنصف..

2 ـ من أين عرفت أن الإغضاب بتأويل، أو لغضب عارض (على حد تعبيرك) يختلف عن الإغضاب بغضاً ومعاداة، من حيث إن هذا يوجب إغضاب الله ورسوله دون ذاك.

فإن قول رسول الله (): يرضيها ما يرضيني، ويغضبها ما يغضبني، أو يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، قد ورد مطلقاً غير مقيد بشيء مما ذكرتم.

فهل هذا الذي ذكرتموه إلا تخرص ورجم بالغيب، واقتراح وتبرع يخالف ظاهر كلام الرسول، الدال على أن كل إغضاب لها هو إغضاب له، بل هو إغضاب لله تعالى؟!..

3 ـ إننا لم نسأل عن حكم من يقول:

إن الزهراء () ماتت ميتة جاهلية، وهل هو مسلم أو لا؟

ولـم نسأل عن حكم من يـرى بطلان إمامة أبي بكر، هل هو مسلم أم لا؟

لتقول لنا: إن من رأى بطلان إمامة أبي بكر أو موت الزهراء ميتة جاهلية يبقى مسلماً..

4 ـ قد ذكرت في إجابتك: أنك لا تقول: ببطلان إمامة أبي بكر، ولا بموت الزهراء ميتة جاهلية..

مع أن سؤالنا هو عن إمام الزهراء من هو؟

فإنها لم ترض بإمامة أبي بكر قطعاً، فإما أن تكون قد ماتت بلا إمام، فتكون مصداقاً لقول الرسول () في ذلك. وتكون قد ماتت ميتة جاهلية. أو أن إمامها كان غير أبي بكر، وليس هو إلا علي ()، وقد سلَّمَت له بذلك، ووافَقَت على إمامته، وأصابها ما أصابها في هذا السبيل.

فإن كانت إمامة أبي بكر قد انعقدت قبل ذلك وجب عليكم الحكم بوجوب قتل علي والزهراء، وإن لم تكن قد انعقدت فمتى تم انعقادها يا ترى؟

وهل غضب الزهراء () على بيعة أبي بكر وسخطها لهـا، ومحاربتها لها يسقطها عن الشرعية، لأنها تصير بيعة، وإمامة مغضبة لله وللرسول؟!، لأنها أغضبت من يغضب الله ورسوله لغضبها..

ولقد أوردنا لك هذا التوضيح لسؤالنا، لأننا أدركنا: أن الأمر يحتاج إلى ذلك ونعود فنقول:

لقد ماتت الزهراء () مهاجرة لأبي بكر، وأوصت أن تدفن ليلاً حتى لا يحضر هو ولا عمر جنازتها.

وهي إنما غضبت في سياق الاعتراض على تصديه لأمر الإمامة، من جهة، ولاغتصاب فدك من جهة أخرى.
وقد أوضحت أنها تتهمه في أمر فدك بأحد أمرين:

أولهما: أنه لم يعرف معاني القرآن، وأنه قد خالف آياته..

ثانيهما: أنه يتعمد ذلك.

وكلا الأمرين مضر جداً في أهليته للإمامة باعتقادها. فكيف يمكن حل هذه المعضلة؟!.. لنخرج بنتيجة: أن الزهراء لم تمت ميتة جاهلية من جهة، وأن أبا بكر قد انعقدت إمامته بطريقة سليمة وقويمة من جهة أخرى..

وأحب أن يكون الجواب دقيقاً، وفي صلب الموضوع مورد البحث.

5 ـ قد ذكرت في إجابتك:

أن إغضاب النبي (ص) باجتهاد ليس كفراً..

وهو أمر عجيب وغريب، أفلا يدخل الإغضاب في الأذى الذي هو مدلول قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً}[4].

إن هذه الآية ظاهرة الدلالة على أن أذى النبي يوجب اللعنة في الدنيا والآخرة، والعذاب المهين.

وإغضاب النبي أليس أذى له؟!..

وهذه الآية لم تفرق بين الأذى عن اجتهاد وتأويل وحسن نية، وبين الأذى عن غير اجتهاد.

وهل الاجتهاد والتأويل سائغ فيما يغضب الله ورسوله؟!.

وحين يشعر المؤذي بغضب الله ورسوله، ألا يفترض فيه أن يتراجع، وينقاد ويستسلم.. لما يريده الله ورسوله منه، لتزول اللعنة عنه؟! أم يبقى مصراً على اجتهاده وتأويله؟!..

فهل تراجع أبو بكر عن اجتهاده، لكي لا يؤذي الله ورسوله بأذى فاطمة؟ أم بقي مصراً عليه؟!..

واستمر هذا الغضب وهذا الأذى إلى حين الموت، حتى أوصت أن تدفن ليلاً ولا يحضر من آذاها جنازتها؟!.

وهل هذا التفريق بين أنواع الأذى إلا من قبيل التبرع، والاقتراح، والاجتهاد، في مقابل ظهور النص وإطلاقه وعمومه؟!.

وإذا لم يكن تبرعاً واقتراحاً، فنحن نطالب بالشاهد الدلالي عليه..

6 ـ لقد قلت في إجابتك: إن الخوارج كفروا علياً، ولم يكفروا بذلك..

وهذا أعجب وأغرب، لأنه يستبطن الرد على الرسول ()، الذي حكم على الخوارج بأنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، وأنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم.

وهو حديث لا ينكره مسلم. ولا مجال للتأويل فيه، إلا إذا كانت تأويلات باردة، وتوجيهات سقيمة وفاسدة، ليس لها شاهد، ولا يقوم بها برهان.

هذا بالإضافة إلى ما ورد من أن من كفّر مسلماً فإنه يكفر هو بذلك. وعلي () كان صفوة الإسلام.

وقد طهره الله تعالى بنص كتابه الكريم.

وقد ثبت عن رسول الله (): أن سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. فما بالك بقتال علي؟! وما ظنك بمن يخرج على إمام زمانه ويقاتله، كما هو حال الخوارج؟!..

7 ـ وإذا قيل: إن الخوارج قد قاتلوا بتأويل واجتهاد، فهم معذورون في ذلك، وإن أخطأوا في اجتهادهم..

فإنه يقال:

أولاً: من أين ثبت لكم اجتهاد هؤلاء القوم الذين وصفهم رسول الله () بما ذكرناه آنفاً؟!

فإن قوله () فيهم يدل على أنهم ليس لهم أي قدم في هذا الدين، فكيف يدعى الاجتهاد لهم؟!

وما هي شروط الاجتهاد المفروض؟!

وهل هذه الشروط متوفرة فيهم؟!

وكيف ثبت لكم توفر تلك الشروط فيهم، وبلوغهم مرتبة الاجتهاد؟!

ثانياً: إذا كانت دعوى التأويل والاجتهاد تبرِّئ من ادعيت له، فإن ذلك سيجر إلى تبرئة عبد الرحمن بن ملجم في قتله علياً، وتبرئة يزيد، بل تبرئة عمر بن سعد، والشمر، وحرملة في قتلهم الحسين () وأطفاله.. وتبرئة قتلة عثمان من الصحابة والتابعين، وتبرئة قاتل عمار بن ياسر.. بل تبرئة أبي لؤلؤة قاتل عمر أيضاً.. حيث إن دعوى مجوسيته ليس لها شاهد، ولا تثبت بدليل قاطع.

ثالثاً: إن فتح باب التأويل. وإعذار المتأولين يفتح الباب أمام مقولات لا يمكن الالتزام بها، إذ ما الفرق بين دعوى التأويل في قتل الإمام أو في تكفيره، وبين ادعاء التأويل في آيات القرآن، بحيث يفسح بذلك المجال لادعاء نبوة بعد نبينا ().. كقول بعض أهل الضلال: إن آية: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} يقصد بها إحاطة النبي () بالأنبياء، وعلومهم، كإحاطة الخاتم بالإصبع.

وبذلك أمكنهم أن يضللوا الناس بادعاء النبوة لهذا ولذاك، كما نشاهده عبر التاريخ..

وإذا ارتكب بعضهم جريمة قتل الوصي والإمام بناء على التأويل والاجتهاد، أو ادعى النبوة بناء على ذلك، فاللازم أن لا يقتل، لأنه مجتهد مأجور، قد حرم من أجر واحد، ونال أجراً على اجتهاده ذاك الذي انتهى بضلال الناس، أو بقتل مؤمن، أو طفل في كربلاء، أو إمام كالإمام علي في مسجد الكوفة.

بل لماذا لا تعم هذه العصا السحرية حتى الاجتهاد في الألوهية، وما يؤدي إلى الزندقة والإلحاد؟!!

8 ـ قد ذكرتم في إجابتكم أن من قال: إن الزهراء ماتت ميتة جاهلية يبقى مسلماً.
ونقول:

كيف يبقى من يقول ذلك مسلماً، وهو يكذب بذلك نص القرآن الكريم في آية التطهير؟!.

إلا أن يقال: إن الميتة الجاهلية ليست رجساً!! ولا نظن أن مسلماً يجرؤ على هذا القول.

كما أن من يقول بذلك يكذب قول الرسول حول أن إغضابها وإيذاءها أذى لله ولرسوله.. فإن الذي يموت ميتة جاهلية لا يمكن أن يكون إغضابه بهذه المثابة.. بل لا بد من إغضابه، إذا كان إرجاعه إلى الصواب وإلى حظيرة الإسلام يحتاج إلى ذلك..

9 ـ لقد ظهر من جوابكم على السؤال: أنكم تحاولون التشبث ببعض التعميمات، والإحالة على مبهمات، فقلتم: إنه ليس كل من خرج على الإمام مات ميتة جاهلية. على أساس أن قول النبي مقيد، وليس بمطلق. ولم تستطيعوا أن تفصحوا عن هذا الذي أوجب التقييد، إلا بإطلاق القول على سبيل الفتوى والاجتهاد..

ثم قلتم: إن للعلماء تأويلات عديدة لقول النبي (ص) هذا، وأما ظاهره فيتعارض مع أدلة أخرى.
ونقول لكم:

لا بد من طرح هذه التأويلات على بساط البحث لنرى مدى صحتها.

ولا بد أيضاً من عرض الأدلة، للنظر في صحة دعوى التعارض..

فإن مجرد دعوى التأويل لا تكفي، خصوصاً إذا كانت على سبيل التبرع والاقتراح، فإن ذلك لا يوجب تقييد النص..

ومجرد دعوى التعارض لا تقبل.. ولا يلتفت إلى إطلاق عبارات عامة ورنانة، إذ ما هو الربط بين أحاديث الوعيد وأحاديث الرجاء، وبين حديث الميتة الجاهلية؟.

10 ـ نأمل أن يتسع صدركم لملاحظاتنا هذه.. فإنها إذا ظهر فيها بعض القسوة فإنما هي قسوة الصراحة في القول.. والإخلاص للحق..

نقول هذا رغم أن في أجوبتكم الكثيرة التي رأيناها (على صفحة الميزان) الكثير من الهنات، وعليها العديد من المؤاخذات التي نرغب في مناقشتها معكم، لكن ذلك يتوقف على مدى تجاوبكم معنا في هذا الحوار الذي بدأناه معكم حول الزهراء ().. وذلك من حيث سلامة التعاطي، والتزام الصراحة، واعتماد الطريقة العلمية الدقيقة والعميقة في الاستدلال، والابتعاد عن التعميمات الغائمة، والتأويلات البعيدة. على أننا نكبر فيكم هذه الروح المنفتحة، والأمر راجع إليكم ومتوقف عليكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[4] الأحزاب: الآية57.
يتبع>>>

نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر



آخر تعديل بواسطة خادم الزهراء ، 13-Jul-2009 الساعة 10:21 AM.


خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 16-Jul-2009 الساعة : 10:21 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الفصل الثاني: جرأة.. وتمحلات..


1 ـ تمحل الأعذار إلى حد الجرأة على الزهراء()..

قال المالكي:
الأخ المحترم هادي العاملي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

سأجيب على نقاطك باختصار ومثلما تنطلق من قناعات فأنا انطلق من قناعات كذلك، وما تسمح به لنفسك فاسمح به للآخرين، لا بد أن نحكم بالإسلام لمن أخطأ في حق فاطمة الزهراء أو أخطأ في حق أبي بكر فلا يوجد سني أو شيعي ـ إذا كان مؤمناً ـ عاقلا وهو يريد مخالفة النصوص الشرعية.

لكن أخي هذه اختلافات يبني كل طرف على أدلة ويضخمها ويقلل أدلة الطرف الآخر.

إذا لم نرتفع فوق المذهبيات ـ ما أمكن ـ فلن نستطيع أن نلتقي على الحد الأدنى الذي تتم به الوحدة الفكرية العامة بين المسلمين وسنبقى في التمزق والفشل..

الإجابات باختصار:
1 ـ نعم أنا أركز على الطائفية والمذهبية وأرى لي الحق في ذلك فمعظم السنة والشيعة متمذهبون هذا رأيي على الأقل ولا أدعي فيه الصواب، وأنا أقلب السؤال عليك وأقول:

من أين عرفت أن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان (بغضا ومعاداة)! أنت تحتمل أن إغضاب أبي بكر لفاطمة من باب البغض والمعاداة وأنا أفترض أنه من باب التأويل، ومن القرائن التي تدل على ذلك صلاح أبي بكر وفضله وهجرته وبذله ونصرته للنبي (ص) فتاريخ أبي بكر تاريخ طويل قطعي في نصرة النبي (ص) فكيف تترك هذا القطعي لمخالفة يحتمل فيها التأويل، وكان أبو بكر يحلف أن قرابة النبي (ص) أحب إليه من قرابته وهذا ثابت عنه، فهذه القرائن تدل على أن أبا بكر تأول بغض النظر عن الصواب والخطأ هنا.

2 ـ ما أذكره من التأويل ليس تخرصاً ولا رجماً بالغيب وإنما عملا بالقرائن القوية وجمعا بين النصوص والآثار.

3 ـ تأخذ علي مخالفة الظاهر ولا تأخذ على الشيعة مخالفة ظاهر قوله تعالى:

{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ} فإما أن تنكر على الجميع مخالفة الظاهر أو تتركه للجميع، والذي أعلمه ـ وقد أكون مخطئا ـ أن الشيعة الإمامية من أكثر الفرق قولا بالتأويل ومخالفة للظاهر.

4 ـ لا يجب قتل الممتنع عن البيعة ما لم يشق العصا بالسيف (الثورة) وقد ترك علي بعض من لم يبايعه ـ على رأي كثير من السنة والشيعة ـ وترك أبو بكر وعمر سعد بن عبادة فإجبار كل شخص على البيعة غير شرعي، وهذا من كمال الحرية المتاحة في الشرع..

5 ـ سواء اعتقدت فاطمة إمامة أبي بكر أو بطلانها لا يكفر أبو بكر ولا فاطمة والتمسك بالظاهر سبق الجواب عنه..

6 ـ ما ثبت عند السنة هو اختلاف فاطمة وأبي بكر في مسألة الإرث وأموال بخيبر، وفدك، ولم يرد بسند صحيح فيما أعلم أن السبب في الخلاف هو (بيعة أبي بكر).

الشيعة قد يرون أن هذا هو السبب، ويروون في ذلك أسانيد ويبنون عليها ما يبنون، فهذا شأنهم.
لكن هذا لم يصح عندنا السنة، وإذا صح عند قوم دون قوم فلا يكون حجة للطرف الأول على الثاني، ولا بد من معرفة أسباب الخلاف وكيف نحتويه، بدلا من تبادل التكفير المبني على الظنون..

7 ـ سبق أن ذكرت أن بعضهم أغضب النبي (ص) ولم يكفّره النبي (ص). والشيعة يثبتون أن الصحابة في مواضع كثيرة كانوا يغضبون النبي (ص)، ومع ذلك لم يثبت أنه كفّر أحداً بعينه، لأنه يراعي جانب الجهل وحسن النية في ذلك الصحابي، أو جانب الضعف البشري من عصبية لقومه أو نحو هذا.

اقرأ السيرة ستجد كثيرا من القصص التي فيها إغضاب النبي (ص) ولم يأمر النبي (ص) ذلك المغضب له بتفريق زوجته ولا بقتله ولا بمنع أبنائه من ميراثه ولا نحو هذا مما هو معروف في حكم المرتد، وكانت زوجات النبي (ص) يغضبنه أحياناً حتى يهجرهن شهراً كاملاً لكن لم يكفّرهن بذلك فتنبه لهذا!!.

8 ـ كون الزهراء ترى أن أبا بكر لا يعرف معاني القرآن وأنه خالف آياته ـ لو صح ـ لا يكفي دليلا على ثبوت هذا، فالجهل ببعض معاني القرآن لا يتبرأ منه أبو بكر ولا غيره والمخالفة باجتهاد وحسن نية لا تضر إنما تضر المخالفة بعناد وهوى وهو ما نبرئ منه أبا بكر رضي الله عنه..

9 ـ علي لم يكفّر الخوارج وعاملهم معاملة المسلمين وأبقى عليهم فيأهم وأنت الآن تراهم كفاراً مستدلاً بالحديث وترى علياً معصوماً فكيف تجتمع هذه الأمور؟ كيف تجمع القول بعصمة علي وتكفير الخوارج وهو لم يكفّرهم؟

10 ـ دعوى التأويل لا يتم إطلاقها في أهل الدنيا كقتلة عمار ويزيد بن معاوية ومعاوية نفسه وقاتل عمار وقتلة الحسين ونحوهم ممن ذكرت ولا تناول غير المسلم كقاتل عمر..

11 ـ من قال إن الزهراء ماتت ميتة جاهلية ـ ولا أعلم من يقول ذلك ـ فإن من يدعي الإسلام ويتمسك بما تذكره من ظواهر الأحاديث فلا ريب أنه مخطئ خطأ عظيماً، وكذا من يقول بكفر الصحابة من المهاجرين والأنصار يكون مخطئا خطأ عظيما، لكن الفريقين ما دام أنهما يدعيان الإسلام ويؤمنون بالله ورسوله ويقيمون الصلاة ويجتنبون المحرمات.. فإنه يبقى لهما حكم الإسلام..

فالذي يكفّر فاطمة لن تكون عنده من أهل البيت وإنما يكون عنده معنى آخر لأهل البيت بأنهم أمهات المؤمنين وسائر بني هاشم وعلى هذا يمكن أن يبني على (لكل قاعدة شواذ) فيخرج فاطمة ()..

وهذا خطأ بلا ريب عندي لكن صاحبه لا نحكم عليه بالكفر، وكذلك من يكفّر الصحابة له تأويلات للآيات المثنية عليهم لأنه يرى أن هذه الآيات مرتبطة بالاستمرار على الاستقامة، والصحابة ـ على رأيه ـ ارتدوا فبطل الثناء عليهم ومن يقول هذا القول فحكمه كمن يقول بالقول السابق مرتكبا لأمر عظيم ويبقى الحكم له بالإسلام..

لا يجوز أن نتهم أحد الطرفين بتكذيب القرآن الكريم، ولو سألته هل يكذب بهذه الآية أو تلك لأنكر ذلك وأبدى اعتذارات وتأويلات وتلك التأويلات وإن لم تكن صحيحة لكنها تمنع من إطلاق الكفر عليه فتنبه لهذا..

وللأسف أن الشيعة والسنة كل فريق يدعي في الآخر تكذيب نص القرآن، وهذا تظالم من الفريقين فليس هناك من يدعي الإسلام ويكذب القرآن لكنها الخصومات المذهبية فحسب..

ولو رجع أحدنا لأحاديث الترغيب لحكم على الأمة كلها بدخول الجنة ولو رجعنا لأحاديث الترهيب وأخذنا بظواهرها لحكمنا على أكثر الأمة بالنار، وهذا تعامل (ظاهري) منتقى مع النصوص الشرعية وفهمها بعيداً عن الأدلة المعارضة، فنحن نجد مثلاً (لا يدخل الجنة نمام).

ونجد أحاديث أخرى مثل (من بنى لله مسجداً بني له بيتاً في الجنة).

فلو وجد شخص نمام لكنه بنى مساجد فهل نحكم له بالجنة أم بالنار؟.

هنا لا بد من تضعيف أحد الحديثين أو تضعيفهما معاً أو تأويل ذلك بعدم وجود معارض، يصبح المعنى أن (النميمة) من أسباب دخول النار وبناء المساجد من أسباب دخول الجنة.

أما التمسك بالظواهر فيوقع في التناقض والمصادمة بين النصوص.

12 ـ أما قسوتكم فمقبولة ولكن البسط في بحوث هذه المسائل سيأخذ مساحة كبيرة ووقتا طويلا ونحن لا ندعي إحاطة العلم بها وإنما نجيب بما حضر في الذاكرة ولكنني أوصيك وأوصي نفسي بمحاولة معرفة وجهة النظر الأخرى وأدلتها، كما تريد من الآخرين معرفة وجهة نظرك وأدلتها..
حسن بن فرحان المالكي

يتبع>>>

نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر




خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 16-Jul-2009 الساعة : 10:45 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


2 ـ الرد الدقيق والشامل..
هذا هو الرد:
بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين..

حضرة حسن فرحان المالكي..

السلام عليك ورحمة الله وبركاته..

وبعد..
فقد ألمحت في جوابك إلى قسوة في الخطاب معك.. ولكنني راجعت كلامي فلم أجد فيه إلا قسوة الصراحة، وعفوية البيان وصفاءه، وعدم المواربة، والابتعاد عن الإحالة على مجهول.. ولم أرم أي إنسان بالتعصب ولا بغيره.

وآمل أن لا تجد في خطابي هذا معك أيضاً إلا الجهر بالحق، وإلا صراحة في البيان. وأن لا يكون ذلك سببا في تكدر خاطرك، فإن البحث العلمي يهدف إلى بيان الحق، لا إلى النيل من الأشخاص.. ولو أردنا أن نربط بينهما لانسد باب البحث العلمي مع كل أحد..

فليتسع صدرك إذن، ولتطب نفسك. وها أنا في إجابتي على النقاط التي ذكرتها. أقول، وأتوكل على خير مسؤول ومأمول..

1 ـ لقد ذكرت في إجابتك، انه لا بد أن نحكم بالإسلام لمن أخطأ في حق الزهراء. أو أخطأ في حق أبي بكر.

ونقول:
إن الأخطاء ليست على حد واحد، فإن هناك أخطاء في أمور عادية.. ولا يلزم منها محذور خطير، وهناك أخطاء يلزم منها ذلك.. وقد بين رسول الله (): أن الخطأ في حق فاطمة () ليس على حد الخطأ في حق غيرها، بل هو خطير إلى درجة أنه يغضبه هو، ويغضب الله أيضاً.. فلو كان أبو بكر معذوراً في خطئه، فلا معنى لأن تغضب منه فاطمة ()، ولا معنى لأن يغضب الرسول ()، ثم لا معنى لأن يغضب الله تعالى.. إلا إذا كانت فاطمة () لم تدرك معذوريته، فكيف أدركتها أنت إذن؟! فهل ظهر لك ما غاب عنها؟!
2 ـ قلتَ: إن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان من باب التأويل. ومن القرائن الدالة على ذلك تاريخ أبي بكر الطويل في نصرة النبي ()، وهو تاريخ قطعي، فكيف يترك القطعي بمخالفة يحتمل فيها التأويل؟!

وأقول:
أولاً: لماذا لم تأخذ فاطمة نفسها بهذه القرينة، فهجرته إلى أن ماتت.. فهل كانت عالمة بها أم كانت جاهلة؟.

فإن كانت عالمة بها فكيف لم تعمل بمقتضاها؟.

وإن كانت جاهلة بها، فكيف جهلتها الزهراء () وعرفها الآخرون بعد ألف وأربعمائة سنة؟.

وعلى كلا التقديرين، لماذا لم ينهها الصحابة ـ وعلي معهم ـ عـن المنكر، وإن كانت جاهلة بهذه القرينة القطعية ـ عندكم ـ فلماذا لم يعلموها ـ وعلي معهم ـ ما جهلته؟ بل هم جميعاً قد تركوها، ووقف علي () إلى جانبها في ذلك، فلم يبايع أبا بكر إلى أن ماتت..
ثانياً: لا نريد أن نناقش في صحة القرينة التي ذكرتموها حول نصرته وغير ذلك، فإن أبا بكر قد فرّ في أحد، وفي حنين، وفي خيبر، وفي الأحزاب، ولم يبادر إلى الحصول على الجنة التي وعد الرسول () بها من يبرز لعمرو بن عبد ود.

وإنما نريد أن نفترض صحتها، ولكن السؤال هو:كيف أصبحت هذه القرينة قطعية؟!.
أليس نرى أن كثيرين تكون حياتهم حياة صلاح، ثم يضلهم الشيطان في آخر عمرهم؟! وكذلك العكس، فإن كثيرين يعيشون عمراً طويلاً في الضلال، بل في الكفر والشرك، ثم يهتدون إلى طريق الصلاح؟!.
ألم يكن هناك من ارتدّ عن الإسلام في عهد رسول الله ()؟ ثم حارب الرسول ()؟!.. وألم يكن هناك من ارتدّ في عهد أبي بكر، ثم حارب أبا بكر؟! ومنهم طليحة بن خويلد، والأسود العنسي، ومسيلمة و.. و.. الخ..

فلماذا لا تفترضون: أن هذا الصلاح السابق لا يمنع من أن تحلو الدنيا في أعين البعض، فيحاولون الحصول على شيء من حطامها ـ سواء أكان ذلك عن تأويل أم لا؟ فيفعل ما يغضب فاطمة ()، ويغضب الرسول ()، ويغضب الله تعالى.. فإن التأويل لا ينفع مع وجود هذا الغضب، لأن التأويل لا بد أن يكون في دائرة العلم برضى الله ورسوله ()، لا مع العلم بغضب الله ورسوله ()، مع تصريحهم لذلك المتأول ولغيره بهذا الغضب.
ثالثاً: إنك تعلن أنك تحسن الظن في الصحابة وتقول: إنهم لا يتفقون على مخالفة أمر رسول الله ()، وهم الذين آووا ونصروا، وضحّوا، وجاهدوا.. وكان فيهم الأبرار والأخيار، وذلك يدل على أنه لا يوجد نص من الله ورسوله على علي ()..

ولعلك تجعل نفس هذا الكلام مبررا لنسبة التأويل إلى أبي بكر، وأنه لا يعقل أن يقدم على إغضاب الله ورسوله () من دون تأويل..

ونقول لك:
أولاً:

قد عرفت آنفاً: أن التأويل لا ينفع مع وجود التصريح بالغضب، فإن هذا التصريح يلغي ذلك التأويل ويزيل أثره..

ثانياً: قد ثبت أن الرسول () قد حدد أن الخلافة في قريش..

والأنصار كلهم كما نص عليه البخاري في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى ـ وهم قد آووا ونصروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ـ قد اتفقوا على مخالفة هذا النص ـ فاجتمعوا في السقيفة، ليولوا أمرهم سعد بن عبادة، وهو ليس من قريش.

وقد التحق بهم بضعة رجال من المهاجرين، وهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة؟!.

فلماذا جاز أن يُجْمِعَ الأنصار كلهم على مخالفة نص رسول الله () في أن الخلافة والإمامة في قريش، وهو نص لا ريب فيه، ولم يجز أن يسعى أفراد من المهاجرين إلى نيل الخلافة، وإقصائها عن صاحبها الحقيقي؟! ثم تسير الأمور باتجاه فرض هذا الأمر على الأنصار، وعلى علي () وبني هاشم، بالاستعانة ببني سليم، وبغير ذلك من وسائل سجلها التاريخ!!

3 ـ بالنسبة لحلف أبي بكر:
إن قـرابـة النبي () أحب إليه من قرابته، قلتَ: إن ذلـك ثـابـت عنه.
وأقول لك: إنا لا نريد أن نناقشك في ثبوته.. ولكنني أثير أمامك أسئلةً، أحدها: ألا يحتمل أن يكون ذلك قد جاء منه على سبيل السياسة، بهدف امتصاص الأثر الذي تركه هجران فاطمة () له حتى ماتت؟!.

الثاني: لو كان الأمر كما يقول أبو بكر، فلماذا لم يرضِ الزهراء ()، ويتجنب غضبها، وغضب الله ورسوله (

وهل وجود التأويل يبيح لأبي بكر أن يقدم على إغضاب من يعلم أن غضبها موجب لغضب الله ورسوله؟.

وكيف أصبحت بعد كل ما ذكرناه قرائنك التي اعتمدتها قوية؟! وكيف يمكن أن تكون مبرراً للجمع بين النصوص على أساسها؟!.

على أننا لسنا بحاجة إلى التذكير بالعصفور الذي رأى صياداً يذبح عصفوراً آخر، فقال لرفيقه: انظر إلى هذا الصياد كم هو رقيق القلب، فقال له العصفور: أنظر إلى فعل يديه، ولا تنظر إلى دموع عينيه.
وقد عرفت أن هذا الرجل قد كشف بيت فاطمة ()، وأعلن بندمه على ذلك قبل موته، وقال: ليتني لم أكشف بيت فاطمة[5] وأخذ منها فدكاً، وإرثها من أبيها، وقد هجرته هي لذلك، كما تقوله أنت. فكيف نجمع بين هذا كله.. وبين تلك المحبة التي ذكرت ثبوتها عنه؟!!

4 ـ بالنسبة لقولك: إن الشيعة يخالفون ظاهر قوله تعالى:
{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ}[6].. وأن الشيعة من أكثر الفرق تأويلاً.

نقول:
أولاً: هذا خروج عن موضوع البحث.

ثانياً: لولا أن ذلك يجر إلى بحوث خارجة عن الموضوع لطلبنا منك فهرساً بالموارد التي ترى أنها من التأويل والخروج عن الظاهر..

وستأتي إشارة أخرى هامة إلى هذا التأويل الذي تنسبه إلى الشيعة، وأنه ما هو إلا التزام بالظواهر.. وفقا لقواعد الخطاب، ولضوابط الجمع بين الأدلة، والأخذ بالمجازات والكنايات، وذلك في إجابتنا على الفقرة الحادية عشرة في كلامك، فانتظر..

ثالثاً: بالنسبة للآية الشريفة وتطبيقها على أبي بكر، نقول:
ألف: إن هناك قرائن تدل على تأخر إسلام أبي بكر عن البعثة إلى أن مضت سنوات عديدة، ففي الطبري: أنه أسلم بعد أكثر من خمسين.

ولا نريد أن نقول: إنها ـ أعني هذه القرائن ـ تفيد اليقين، بل نقول: إنها تسقط اليقين بكونه من السابقين الأولين، وذلك لأن الآية قد حصرت الكلام لا بالسابقين وحسب، بل بالسابقين بقيد كونهم أولين. وذلك يدل على أن الحديث إنما هو عن أفراد قلائل جداً.. وهذا التفسير للآية إنما هو تمسك بالظاهر، وليس من التأويل.

ب: أما القرائن التي أشرنا إلى أنها تضعف اليقين بكون أبي بكر من السابقين، فضلا عن كونه من الأولين، فيمكن مراجعتها في كتاب: الصحيح من سيرة النبي الأعظم () ج:2 ط: دار السيرة بيروت، تأليف: جعفر مرتضى العاملي.

5 ـ قولكم: لا يجب قتل الممتنع عن البيعة ما لم يشق العصا بالسيف.. وقد ترك علي () بعض من لم يبايعه.. وترك أبو بكر وعمر سعد بن عبادة، فإجبار كل أحد على البيعة غير شرعي..

نقول فيه:
أولاً: إن ترك أبي بكر وعمر قتل سعد بن عبادة لا يدل على أنهم كانوا لا يرون جواز قتله.. فلعلهم تركوا قتله لأجل أن ذلك يوجب ثورة الأنصار ضدهم، وذهاب الأمر من أيديهم.. فإن ثورة الأنصار أو الخزرج على الأقل تسقط خلافتهم كلها.. أو هي ـ على أقل الفروض ـ تشكل خطراً جدياً على حكمهم.

ثانياً: ألم يذكر التاريخ لنا: أن عمر قد طلب من الناس أن يقتلوا سعداً في السقيفة، حيث قال: اقتلوا سعداً، قتل الله سعداً؟!.

ثالثاً: أليس قد حدثنا التاريخ أيضاً: أن سعداً قد اغتالته يد السياسة بعد ذلك.. بل لقد حدثنا كذلك: أن قاتله هو خالد بن الوليد، وليس الجن.. كما زعموا.. فراجع كتاب الغدير للعلامة الأميني (رحمه الله)..
رابعاً: إن الحكم بوجوب قتل الزهراء () وعلي () إنما جاء على سبيل الإلزام لكم، انطلاقاً من قول عمر نفسه، وذلك لأن الزهراء () إن كانت قد بايعت علياً () فإن عمر قد أوجب قتل من يبايعه الناس، حيث قال: لقد كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى الله شرها. وهدد بقتل من بايع ومن بويع معاً. في صورة حدوث ذلك بعد وفاة الخليفة (راجع صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى).

ورويتم أيضاً: إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما[7]، فاشتراطكم أن يصاحب رفض البيعة ثورة، لم نعرف مأخذه، فإنه يخالف قول عمر الآنف الذكر، ويخالف هذا الحديث الثابت أيضاً.

خامساً: أما ترك علي () لقتل بعض من لم يبايعه، فلعله لأنهم لم يتخذوا إماماً آخر، ولم يبايعوا غيره، فلم ينطبق عليهم الحديث المذكور آنفاً..

وأما الزهراء () فقد ذكرنا حسب الفرض في كلامنا: أنها كان لها إمام آخر، ولم تمت ميتة جاهلية. وقد كانت في عنقها بيعة له..

ومن الواضح: أن حكمها وفقاً لهذه القواعد عندكم هو القتل. وعدم حصول ذلك لعله لأجل أنهم لا يقدرون على قتلها جهاراً..

ولكن لابد من التوضيح: أننا نحن لـم نحكم بقتلهـا وقتـل علي ()، فإن كلامنا إنما كان معكم..

وقد قلنا لكم: إن عليكم أنتم أن تحكموا بـأنـهـا تستحق القتل ـ وإن لم يمكنهم قتلها لأكثر من سبب ـ لأنها قد فعلت ما تستحق به ذلك وفق موازينكم..

6 ـ وأما قولكم في النقطة الخامسة:
سواء اعتقدت فاطمة () إمامة أبي بكر أو بطلانها، لا تكفر فاطمة ولا أبو بكر..

فنقول فيه:
إننا لم نقل: إن أبا بكر قد كفر لأن فاطمة لم تعتقد إمامته.

بل قلنا: إن إغضاب النبي () وأذاه هو الذي يوجب الكفر، وقد ذكرنا كيف أن القرآن قد نص على أن أذى النبي يوجب اللعنة الإلهية في الدنيا والآخرة، والعذاب المهين.. فلماذا غيرتم سياق الكلام، ولماذا أهملتم الإجابة على هذه النقطة بالذات، كما أهملتم الإجابة على نقاط أخرى أساسية وحساسة.

أضف إلى ذلك: أن الأمر قد تجاوز الاعتقاد عند الزهراء () إلى الممارسة، واتخاذ الموقف، ورفض الاعتراف بخلافته، والهجران.. الدال على وجود مخالفة، إما من الزهراء ()، بأن تكون قد هجرته تعديا وظلما له.. أو يكون قد فعل ما استحق به الهجران والمقاطعة..

كما أن رفض البيعة له تبعاته على صعيد الإيمان والأحكام.. فلا بد لكم من حل هذه المعضلة.

7 ـ وأما ما ذكرتموه في الفقرة رقم (6) فإننا نقول:
قد ذكرتم: أنكم لا تعلمون بأن الخلاف بين أبي بكر وبين فاطمة كان على البيعة..

وسؤالنا موجه لكم: هل بايعت فاطمة أبا بكر؟ أم أنها ماتت ولم تبايعه؟! فاختر في الجواب ما شئت!!

وسنرى أن أي جواب اخترته، سوف تنتج عنه أسئلة أخرى، تحتاج إلى جواب..

ولماذا لم يبايع علي () أبا بكر إلى أن مضت ستة أشهر، أي إلى أن ماتت فاطمة () ـ حسب رواية البخاري وغيره ـ ؟!

ولو سلمنا أن سبب الخلاف هو الإرث وفدك، فإن ذلك يكفي لإثبات أن أبا بكر قد أغضب فاطمة () التي يرضى الله ورسوله () لـرضاها.. والأمـر في غضبها أيضاً كذلك. فهل من يـكـون الله ـ وكذلك الرسول ـ غاضباً عليه، يصلح للإمامة والخلافة؟!..

وإذا كان النزاع حول فدك، فإن هناك أسئلة كثيرة لا بد لكم من الإجابة عنها..

ومنها: هل كانت الزهراء () تعلم بأن النبي () لا يورث؟ أم تجهل؟!..

والذي يجهل الأحكام، هل يحق له أن يغضب؟! وإذا كان لا يحق له ذلك، فهل يصح أن يقال: إن الله يغضب لغضبه، وأن رسول الله () يغضب لغضبه؟!..

وبعد إجابتكم على هذه الأسئلة نطرح عليكم سواها..

وأما حديثكم في هذه النقطة (السادسة) عن تبادل التكفير، فهو عجيب، فإن البحث يجري بيننا وبينكم في سياق علمي، يستند إلى الدليل والبرهان، ويعتمد الأصول المرعية في الكتاب والسنة.. واللغة العلمية لا بد أن تأخذ مداها. وإذا كان الدليل القرآني، أو الوارد في السنة يسوق إلى أمر بعينه، فلماذا لا ننساق معه؟! ويكون سبباً في وقوفنا على حدود الله، وتراجعنا عن كل ما يخالف قول الله ورسوله؟!

8 ـ وأما حديثكم في الفقرة رقم 7 عن أن بعضهم قد أغضب النبي () ولم يكفّره النبي ().

فيرد عليه:
أولاً: هل من أغضبوا النبي () في حياته أو بعد وفاته ـ حتى لو سكت النبي () عنهم ـ يصلحون لمقام الإمامة والخلافة لرسول الله ()؟!..

وهل يؤمَنُ هؤلاء الذين يغضبون الرسول () ويؤذونه، ويغضبون الله بذلك، على دماء الناس وأعراضهم، وأموالهم، وعلى دينهم، وسياساتهم، ومصيرهم فلا يغضبون الله ورسوله فيها؟!.

وهل يمكن أن يوكل إليهم أمر تربية الأمة تربية صالحة، وفق ما يرضى الله ورسوله ()؟!..

ثانياً: إن رفق النبي () بهم وتألفهم على الإسلام، وهم حديثو عهد بجاهلية، وسكوته () عنهم؛ لا يعني أنهم بإغضابهم لرسول الله () لم يكفروا.. وليس ذلك بأكثر مما فعله طليحة بن خويلد، الذي أسلم ثم ارتد، ثم عاد إلى الإسلام، وقد قلتم: إن من فعل ذلك، فإن ارتداده يذهب صحابيته، فإذا عاد عادت إليه!!..

ثالثاً: قولكم: إنه () كان يراعي جانب الجهل، وحسن النية فيهم، أو جانب الضعف البشري..

لا يعني: أنهم لم يكفروا بذلك كما قلنا، ولكنهم لما ندموا عادوا إلى الإسلام، فلم ير () من داع لهذا التفريق بينهم وبين زوجاتهم. ولا لغير ذلك. وليكن سكوت النبي () عن ذلك دليلاً على أن من فعل ذلك قد عاد إلى الصلاح.

ولكن كيف يمكن إثبات العودة إلى الصلاح لمن أحدث بعد وفاة الرسول ()؟ ولا يوجد وحي، ولا أنبياء يطلعهم الله على غيبه ليعرف الناس إن كانوا قد عادوا إلى الصلاح، أم لا..

أضف إلى ذلك: أن النبي () قد قبل المنافقين في مجتمعه ولم يعلن بحربهم، ولا اتخذ إجراءات عملية ضدهم، كالتفريق بينهم وبين زوجاتهم، وإجراء أحكام الإرث فيهم، وغير ذلك.
وقد كانوا من الكثرة بين المسلمين إلى حدّ أن عبد الله بن أبي قد انخذل بثلث الجيش في أحد.. ولعل من بقي، ولم يظهر نفسه كان أكثر من الذين ذهبوا مع ابن أبي..

وأما بالنسبة للحديث عن إغضاب زوجات النبي (ص) للنبي ()، وأن النبي () لم يتخذ أي إجراء ضدهن، فراجع ما ذكرناه آنفاً، ولا أحب إثارة هذا البحث على صفحات الإنترنت، لأن فيه مهالك ومزالق، لا أراك تتحمل الدخول في البحث فيها وحولها.. ويكفي أن نشير لك إلى ما ورد في سورة التحريم، من تعريض قوي لزوجاته اللواتي كن يؤذينه ().

فكيف إذا عطفنا النظر إلى قول من تقول له منهن: أنت الذي تزعم أنك نبي. وغير ذلك؟!..

وكيف إذا أخذنا بما ذكرته في رسالتك هذه، في الفقرة الرابعة، من أن شق عصا المسلمين بالثورة يوجب القتل. وأردنا تطبيقه على الذين حاربوا علياً () من الصحابة وغيرهم.. فتنبه لهذا..

9 ـ وأما ما ذكرته في الفقرة رقم 8 من عدم ضرر الجهل ببعض معاني القرآن.. فيرد عليه:
أن الجهل ببعض معاني القرآن، ولا سيما إذا كانت بديهية وظاهرة، كتلك التي ذكرتها له الزهراء () يكفي دليلاً على عدم أهلية الجاهل بها للحلول في موقع النبي ()، هذا الموقع الخطير جداً، الذي يطلب منه فيه تعليم الناس أحكام دينهم، وتربيتهم، وتزكية نفوسهم، والحكم فيهم بما أنزل الله سبحانه، وسياستهم وفق شرائعه وأحكامه..

وقولكم: إن المضر هو المخالفة بعناد، لا المخالفة بحسن نية واجتهاد.

غير دقيق، فإن هذه المخالفة إذا كانت بحسن نية في بادئ الأمر، فهل تبقى كذلك بعد التعليم، والاستدلال والبيان، وإطلاق الصرخة، ثم الهجران؟!

وكيف لا تضر المخالفة، إذا كانت في أمور أساسية وحساسة، من شأنها تدمير وحدة المسلمين، وزرع الفتنة بينهم، وإحداث الشقاق الموجب لانقسامهم إلى فرق ومذاهب، لا يزال الصراع قائماً بينها إلى يومنا هذا، ولا نرى أي فرصة للخروج من هذه الصراعات القاتلة.. في المستقبل القريب على الأقل؟!.

10 ـ أما ما ذكرته في الفقرة التاسعة، فيما يرتبط بتكفير علي() للخوارج، فيرد عليه:
أولاً:

قولكم: إن علياً () لم يكفر الخوارج لم تأتوا عليه بدليل. فإن مجرد معاملتهم بالرفق من قبله ()، لا يكفي دليلاً على ذلك. وقد منَّ النبي () على بعض المشركين، ثم قتلهم بعد بدر بعد أن تكرر عدوانهم..

كما أن معاملته () للمنافقين، والمؤلفة قلوبهم، حتى لقد أعطاهم الغنائم في حنين، معروفة وظاهرة..

ثانياً: إن مراتب الكفر، وحالاته وأحكامه مختلفة. وأنتم تعرفون الفرق في الأحكام بين أهل الكتاب، وهم كفرة، وبين غيرهم من المشركين، وغيرهم ممن ليس لهم كتاب سماوي.. كما أن من يكفر بإنكار ضروري من ضروريات الدين، أو بإكفاره أخاه المسلم، كما ورد في الروايات، أو بخروجه على الإمام أو نحو ذلك، له أحكام تختلف عن أحكام غيره. وكذلك الحال في الكافر ببعض الأسباب الأخرى، كمن سب النبي () فإن فيئه لا يؤخذ، ولا تسبى نساؤه، ولا يحرم أولاده من إرثه..
ثالثاً: قد ذكرت لك في الإجابة السابقة: أن النبي () قد وفّر الأمر وسهله على علي ()، وأغناه عن أي بيان، بعد أن حكم بكفر الخوارج. فهل ثبت لك: أن علياً () خالف رسول الله ()، وحكم بإيمانهم؟!

11 ـ وأما ما ذكرتموه في الفقرة العاشرة.. حول التفريق بين أهل الدنيا وغيرهم.. فيرد عليه.
أولاً: ما هو الميزان في تحديد: أن هذا الإنسان من أهل الدنيا، وأن ذلك ليس من أهلها، فحكمتم على يزيد، وقاتل عمار، وعلى معاوية بأنهم من أهل الدنيا، ولم تحكموا على غير معاوية ويزيد بذلك؟!
فإن قلت: إن سوابق معاوية جعلتنا نحكم عليه بذلك، أما سوابق أبي بكر ففرضت الحكم بالعكس.

قلنا لك:
ألف: لعل هذا الزاهد العابد الذي زعمت أنه جاهد ونصر رسول الله ()، قد طمع الآن في الدنيا. وما أكثر الذين يعيشون عمرهم في الزهد والتقوى.. أو على طريق الهدى، ثم يضلون، أو تغرهم الدنيا في آخر حياتهم. وكذلك العكس..

ب: إن سوابق أبي بكر في نصرة النبي () تظهر أنه لم يكن بالمثابة التي تتحدث عنها، ولأجل ذلك نجده يفر في أحد، وفي حنين، وخيبر، ولا يرغب في الجنة في الأحزاب، حين نادى رسول الله (): من لعمرو، وأضمن له على الله الجنة.. ووإلخ..

ثانياً: قد ذكرت أن قاتل عمر مجوسي، فكيف ثبت لك ذلك..

ثالثاً: وبغض النظر عن ذلك، فماذا تقول في قتلة عثمان. ومن ألب عليه، وساعد على قتله، هل يجب قتلهم جميعاً؟ وهل كفروا بخروجهم عليه، وثورتهم ضده، وشقهم العصا بالسيف؟! كما ذكرته في الفقرة الرابعة؟!

وكيف لم يقتلهم علي ()، ولا غير علي ()؟! هل خالفوا فيهم هذا الحكم القطعي الثابت عمداً؟! أم أنهم قد تأولوا ذلك؟ وهل كان تأويلهم هو أن عثمان كان مستحقاً للقتل؟! أم أنهم يرون أن من يُقتل نتيجة الاجتهاد فإنه لا يُقتص من قاتله؟..

وأين جاء هذا الاستثناء لقاتل المؤمن؟ ولماذا لا يدعي القتلة في كل زمان الاجتهاد والتأويل، للتخلص من القصاص على جرائم القتل، ومن حدود الزنى، والسرقة، وشرب الخمر، وما إلى ذلك؟!.

12 ـ بالنسبة للفقرة الحادية عشرة نقول:

أولاً: إننا لم نقل لك: إن هناك من المسلمين من يقول: إن الزهراء () قد ماتت ميتة جاهلية.. فلماذا حولت الكلام بهذا الاتجاه، وإنما قلنا ـ على سبيل الإلزام بالحجة، لك، ولمن يـرى إمامة أبي بكر ـ: هل ماتت الزهراء () ميتة جاهلية، حيث لم يكن في عنقها بيعة لأبي بكر؟! أم أنها لم تمت كذلك؟!

ثانياً: لماذا تحيل على الآخرين، وتنأى بنفسك عن إعطاء الرأي الحاسم؟

إننا نسألك أنت: هل تكفر الزهراء () لأنها لم تبايع أبا بكر فتكون عندك (حسب نص مسلم في كتاب الإمارة حديث 58) قد ماتت ميتة جاهلية؟!.. أو لا؟

وإن زعمت أنها قد كان لها إمام، فمن كان إمامها الذي بايعته؟! فإن كان إمامها أبا بكر، فكيف يمكنك إثبات بيعتها لأبي بكر؟!.. فإن علياً () قد امتنع عن بيعة أبي بكر ستة أشهر إلى أن ماتت فاطمة()[8] ، وكان امتناعه ـ كما تقولون ـ لأجلها، فهل بايعته فاطمة () وامتنع علي ()؟!

ثالثاً: إننا لم ندّع كفر الصحابة من المهاجرين والأنصار، بل قلنا: إنه لا بد لك من الإجابة على الأسئلة التي طرحناها عليك، والتي تستند إلى الضوابط المستخلصة من الكتاب والسنة، لكي يتم لك تصحيح إمامة أبي بكر.

رابعاً: إنك قلت: إن من يكفر فاطمة () لا بد أن يكون معنى كلمة أهل البيت عنده هم أمهات المؤمنين، فيخرج منهم فاطمة.. ولكنك لا تكفّر من يكفّر فاطمة ()، ولكنك قلت: إنك ترى أنه خطأ بلا ريب..

ونقول لك:
ألف: إنك بقولك هذا تمهد الطريق للجرأة على مقام الزهراء () الأقدس. وتسهِّل ـ باسم الاعتدال ـ على الناس تكفيرها.. وتقول لهم: إنكم معذورون في ذلك، إذا كان عندكم حسن نية، أو تأويل، مهما كان ذلك التأويل باطلاً..

فهل سيأتي يوم تقول فيه أيضاً: إن من يجترئ على الرسول () ويرميه بالجهل والكفر، والزندقة، وشرب الخمر، ثم يحاول التشبث لذلك بما رواه الحاقدون، وافتراه عليه الكذابون من قصة الغرانيق، وأساطير روايات الخمر، التي أريقت عند المسجد الذي سموه بمسجد الفضيخ، أو حادثة تأبير النخل المزعومة، وغير ذلك من ترهات، لديه تأويل أيضاً.. ولكنه مخطئ بلا ريب. ولا يكفر بذلك؟!

وهل إذا تأول أحد آيات خلق عيسى، خصوصاً قوله تعالى:
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا}[9]..

فادعى صحة قول النصارى: إن في عيسى عنصراً إلهياً، وأنه يكون بذلك ابن الله، هل يكون بتأويله هذا معذوراً، ويبقى على ملة الإسلام؟!

ب: إن اتهام من يكفّر فاطمة () بتكذيب القرآن غير مقبول عندك، ويبقى تكفيره لفاطمة () مجرد خطأ!!

فأنت تريد بذلك أن تحفظ أولئك الجهلة عن أن توجه إليهم تهمة تكذيب القرآن، أما فاطمة () فما أهون شأنها، وما أحط مقامها عندك؟! فإن اتهامها بالكفر أهون من اتهام أولئك بتكذيب القرآن الذي حكم بطهارتها، وتكذيب الرسول الذي حكم بأن من يغضبها يغضبه، ومن يغضبه يغضب الله!!.

أو لعل هذا التسهيل قد جاء إكراماً لأبي بكر، لكي تقر عينه بتصحيح خلافته، ولو بقيمة تكفير الزهراء، والحكم عليها بأنها قد ماتت ميتة جاهلية..

لا ندري! ولعل الفطن الذكي يدري.

ج: إنك بفتح هذا الباب تكون قد وجهت ـ بصورة ضمنية ـ اتهاماً لله أولاً، ثم لرسوله () ثانياً. بعجزهما عن البيان القاطع للعذر، والمثبت للحجة، والقاطع لدابر الخلاف في شأن فاطمة الزهراء ()، وطهارتها، وإيمانها..

فلماذا إذن تطلب الوحدة في الفكر، وفي الاعتقاد؟!

وكيف يمكن جمع الناس على الحق؟!..

وكيف يقول الله تعالى في وصف كتابه الكريم: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}[10]؟!..

وكيف يطلب من الناس أن يردوا ما اختلفوا فيه إلى الله ورسوله.. ليبين لهم؟!.

د: لقد قلت: إنه ليس هناك من يدعي الإسلام ويكذب القرآن لكنها، الخصومات المذهبية وحسب..

ونقول لك:
ما هو دليلك على هذا الادعاء؟!

وكيف تفسر الكذب على الله وعلى رسوله () في عهد رسول الله ()؟! وقد استمر ذلك بعده مئات السنين، حتى إنه () قال: ألا وإنه قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار..

ولماذا ألف العلماء كتب الموضوعات؟! ألم يكن الوضاعون يدّعون الإسلام؟ فكيف تجرؤوا وكذبوا على الله ورسوله؟! وكيف جاز للعلماء أن يرموا آلاف الرواة بالكذب على رسول الله ()؟..

هـ : وبماذا تحكم على المدعين للنبوات بعد رسول الله ()؟ حيث أنشأوا مذاهب وأدياناً، وهم يتظاهرون بأنهم إنما يتأولون القرآن، ويبررون بدعتهم من خلال التلاعب بآياته الكريمة، ومن خلال التأويلات الشيطانية، وتفسير القرآن بآرائهم؟!..

و : قد روي في صحاح أهل السنة: عن ابن عمر، وأبي هريرة عنه (): إذا قال الرجل لأحد: يا كافر، فقد باء به أحدهما[11].

وفي نص آخر، عن ابن عمر: أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه[12].

وفي نص آخر عن النبي (): أيما رجل كفر رجلاً، فإن كان كما قال، وإلا فقد باء بالكفر[13].

وفي نص أبي داود: أيما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً، فإن كان كافراً، وإلا كان هو الكافر[14].
وعن أبي ذر، عن النبي (): لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك[15].

خامساً: أما قولك: لو رجع أحدنا إلى أحاديث الترغيب لحكم على الأمة كلها بدخول الجنة.. ولو رجعنا إلى أحاديث الترهيب وأخذنا بظواهرها لحكمنا على أكثر الأمة بالنار، ثم تمثيلك لذلك بالنمام، وباني المساجد..

فهو كلام غير دقيق، فإن حمل العام على الخاص، وتقييد المطلقات، والجمع بين الأخبار مع وجود قرينة وشاهد.. ليس من موارد مخالفة الظهورات المستقرة، بل هي ظهورات بدوية، فإذا وجد ذو القرينة قرينته، واجتمع العام مع الخاص، والمطلق مع المقيد، حصل الظهور المستقر، الذي بنيت عليه الحجج، وعرف به الدين وأحكامه.. واستقامت به حياة الناس في محاوراتهم، وفي مجالات التفهيم، والتفهم وتبادل المفاهيم والأفكار، ونقلها إلى الآخرين، وتسجيلها للأجيال اللاحقة، لتستفيد منها عبر العصور، وعلى مر الدهور..

وإذا أحببت الاستزادة في البيان، فبإمكانك مراجعة كتب الأصول..

13 ـ وأما بالنسبة للفقرة الثانية عشرة في كلامكم..

فإنني أقول:
لا أخفيكم أنني قد أصبت بخيبة أمل حين رأيت إجابتكم هذه، فقد لاحظت أنكم تجاهلتم نقاطاً أساسية، فلم تجيبوا عليها، واكتفيتم بالإشارة إلى أمور جانبية، مما ليس هو محط النظر بصورة أساسية، وها أنتم تعتذرون هنا بأن البسط سيأخذ مساحة كبيرة؟!..

ولا ندري ما هو المانع من هذا البسط، إذا كان من شأنه أن يفتح القلوب على الحق.. في أشد المسائل حساسية، وأعظمها أثراً في جمع كلمة المسلمين.. ولم شعثهم، وتأكيد قوتهم بوحدتهم. فعلى أساس هذه المسألة بالذات تفرقت الفرق، ونشأت المذاهب، بل لقد قال الشهرستاني في الملل والنحل:
(وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة في كل زمان).. انتهى.

وأما قولك: إنك تجيب بما حضر في الذاكرة.. فهو مثير للقلق، ويدعو إلى الريب في صدقية الكلام، فإن ذلك يعني: أن الأجوبة قد تكون غير دقيقة.

مع أن بإمكانك مراجعة الكتب، وهي في متناول يدك، إن لم يكن في بيتك، ففي جهاز الكومبيوتر، أو عبر الإنترنت أو أي وسيلة أخرى.

ونرى أن المسؤولية الشرعية تفرض عليك السعي لإقناع الآخرين بالحق.. فإن المقام ليس مقام إطلاق إجابات سريعة، ولا هو لأجل مجرد الدعاية والإعلام.. ولا هو مقام إطلاق الفتاوى، والاقتصار على إعطاء النتائج..

كما أن محاولة رمي الآخرين بالتعصب، لا يعفي من مسؤولية العمل على تليين القلوب، وتقديم حقائق الدين بصورة مقنعة، وذلك لا يكون إلا بالاستدلال، ومراجعة المصادر، والاعتماد على الأدلة القاطعة للعذر.

ولا يكفي فيه الاعتماد على الذاكرة.. إلا إذا كنتم لا ترون أن ثمة من يستحق إتعاب النفس، وتحمل المشاق.. فإن كان هذا هو السبب فالأمر يعود إليكم..

وأما إذا كان ذلك يتخذ ذريعة لتجنب الخوض في البحث.. فلماذا لا تصرحون بالحقيقة..

وأما وصيتك بالاطلاع على وجهة النظر الأخرى.. فها نحن نحاول الاطلاع على وجهة نظرك، ولكنك ـ كما يظهر ـ تحاول أن تسد الطريق أمامنا، بحجة أن ذلك يأخذ مساحة كبيرة ووقتاً طويلاً.. وأنك إنما تجيب بما حضر في الذاكرة، فهل تريد حرماننا ـ من مواصلة البحث معك بجدية وعمق.

وفي جميع الأحوال نقول: الأمر إليك.. ولن نحاول الإلحاح عليك بأكثر من هذا..

ونلاحظ على إجاباتك أيضاً:
أنك مع معرفتك باطلاعنا على آراء الآخرين، تحاول باستمرار أن تطرح تلك الآراء على أنها من أسباب ضعف استدلال الطرف الآخر، مع أنك تعلم أن آراء الناس ليست من جملة الحجج، فإن الحجج لا بد أن تنتهي إلى ما ثبت من عقل أو شرع.

وبعد.. فإننا نريد منك إجابات علمية، ولا نريد مواعظ إلا بعد بيان الحق، بالدليل، ولم نكن بحاجة إلى إطلاق اتهامات بالمذهبية والتعصب..

ونريد أن تعطينا رأيك أنت، لا أن تلجأ إلى الإحالة على الغير، وإظهار وجود رأي كذا وكذا. فإن هذا لا ينفع لأنك تعرف أننا على اطلاع على آراء الناس ومذاهبهم..

وإن ذلك لا يقدم ولا يؤخر في إثبات الحق، ولا يعفي أحداً من تقديم الدليل على ما يدعيه.

ونريد منك أن تجيب عن جميع النقاط المطروحة، لا أن تتعامل مع ما يطرح عليك بطريقة انتقائية، بأن تجيب عن هذه النقطة وتهمل تلك..

وأخيرا.. فإن الأمانة العلمية تفرض طرح الدعوى والاستدلال عليها، ثم الاعتراف بصحة دليل الطرف الآخر، إن كان الأمر كذلك.

وفي الختام، فإننا نرجو أن لا تصدق توقعاتنا في أن تكون الإجابة على كل هذا الذي ذكرناه: أن لا فائدة من هذا البحث، وأن هناك ما هو أهم.

وأن العصبيات المذهبية هي التي تدفعنا إلى كتابة هذه الحقائق.

وأنه ليس ثمة من أفقٍ للحوار، بل الهدف هو تسجيل النقاط..

وما إلى ذلك من أعذار تسهل الاستقالة من البحث، مع ترك انطباع سيء، واتهام ظالم للآخرين. الذين يطرحون القضايا بجدية وبإخلاص..

كما أننا نرجو أن لا يكتفى بإثارة بعض الأسئلة على أمور جزئية وهامشية، مع ترك سائر النقاط الرئيسية الحساسة بلا جواب، ويكون العذر هو أن لدينا ما هو أهم، ونفعه أعم..

نعم، إننا نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا تصدق هذه التوقعات.. فإننا نحب الحق، ونحب أهل الحق..

ونسأل الله أن يحشرنا معهم، وهو ولينا، وهو الهادي إلى سواء السبيل..

والحمد لله رب العالمين..

[6] سورة التوبة: الآية 100.
[7] صحيح مسلم كتاب الإمارة 61.
[8] راجع: صحيح البخاري ط مصطفى البابي الحلبي سنة 1387هـ القاهرة ج5 ص177 وصحيح مسلم ج3 ص1380 ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
[9] سورة التحريم: الآية12.
[10] سورة الشعراء: الآية 195.
[11] البخاري ج4 ص43 ط سنة 1309هـ. ومسلم ط مشكول ج1 ص56 ومسند أحمد 2/142 و60 وفيه : من كفر أخاه فقد باء به أحدهما.
[12] صحيح مسلم 1/57 وراجع 5/22.
[13] مسند أحمد 2/23.
[14] سنن أبي داود 4/221.
[15] البخاري 4/38 ومسند أحمد 2/181.



يتبع >>>

نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر




خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 17-Jul-2009 الساعة : 12:05 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الفصل الثالث: هذا ما لديهم
1 ـ غاية الجهد..

قال المالكي:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

1 ـ الموضوع الأول عن (غضب السيدة فاطمة) على أبي بكر فالفرق هنا بين السنة والشيعة خلاف في مسألة الوعيد فالشيعة ينزلون أحاديث الوعيد على أبي بكر وكل من أغضب السيدة فاطمة والسنة لا ينزلونها ويؤولونها إما لوجود قرينة معارضة لهذا الوعيد أو لتخصيص الحديث بمن تغضب عليه محقة... الخ، والنواصب ينزلون هذه الأحاديث في حق الإمام علي زعما منهم أنه أغضب فاطمة... الخ..

أما كون فاطمة () تأخذ بهذه القرينة فمنطقي ومنطقك مختلفان، أنت ترى السيدة فاطمة معصومة وعلى هذا فإذا لم تأخذ هي بقرينة فهو الصواب قطعا.

ونحن مع احترامنا وحبنا لها وتفضيلنا لها إلا أننا لا نراها معصومة ونجوز عليها الخطأ كما نجوزه على أبي بكر وهذه نقطة افتراق كبرى لا يمكن أن يتفق عليها السنة والشيعة إلا بعد بحث طويل في مسألة (العصمة) نفسها.

وكذا قولك (لماذا لم ينهها الصحابة ومنهم علي) فالصحابة يوم السقيفة كانوا ثلاث فرق فرقة أبي بكر وفرقة سعد بن عبادة وفرقة علي بن أبي طالب، وكل فرقة ـ نحن السنة ـ نجوز عليها الخطأ والصواب، والبكرية لا يجوزونه في حق أبي بكر، وبعض الأنصار قد لا يجوزونه في حق سيدهم وكذا بعض العلوية لا يجوزون الخطأ على علي وفاطمة.

ونحن لنا رأي لا بد من ذكره وهو أننا مع اعترافنا بفضل الجميع إلا أننا نجوز الخطأ على كل فرقة وعلى هذا لا يمكن الاستدلال بفعل فرقة ضد الأخرى إلا بدليل وبرهان خاصة مع القرائن المضادة القوية.

ولو كان الخلاف بين فرقة علي والطلقاء، أو بين فرقة أبي بكر والأعراب، أو بين سعد بن عبادة وأحد الوفود لجاز للقائل أن يعتقد أن لا قرائن على مساواة هذا بهذا، ولا بد أن يكون هذا الطرف محق وهذا مبطل، لأن القرائن مفقودة.

أما عند وجودها فيصعب علي ضرب حقيقة بظن، فأضرب حقيقة إيمان أبي بكر بظن العصمة، نعم قد يخطئ أبو بكر لكن الحكم عليه بالكفر أو النفاق بسبب اعتقاد أن الزهراء معصومة فهذا صعب، وموقف الفرقة التي كانت مع فاطمة أيضا يجوز عليها الخطأ مثلما يجوز على فرقة أبي بكر مع حبنا للجميع واعتذارنا للجميع وليس هنا مجال التفصيل في المصيب والمخطئ وإنما يهمني أننا إن خطأنا هذا أو ذاك ألا نحكم عليه بكفر أو نفاق بسبب هذا الخطأ.

2 ـ فرار أبي بكر يوم أحد كان مع الهجمة الأولى المفاجئة، هذا ما ذكره البلاذري وغيره وهذا إن صح قد يكون من التحرف للقتال أما الذين فروا ونزل القرآن بعتابهم فلم يرجعوا وكان منهم عثمان بن عفان.

وكذا الحال في حنين وخيبر لا أعلم أن الفرار كان كفرار عثمان بن عفان ومن معه مع أن الدليل في فرار أبي بكر يوم حنين ضعيف وأما يوم خيبر فحدثت هزيمة لا فرار، ثم الذين فروا كعثمان قد أخبر الله بالعفو عنهم فكيف بمن كان فراره قريباً وعاد للقتال؟.

أما الأحزاب فلم أعلم في فرار أبي بكر إسنادا صحيحا ولا ضعيفا ويمكن أن تدلني على المصدر الذي ذكر ذلك أما مسألة عدم مبارزة عمرو بن عبد ود فقد امتنع عن المبارزة من يفضلهم الشيعة كعمار وسلمان والمقداد.

علماً بأنني اعترف أن علياً كان من اكبر الثابتين في هذه المواطن كلها، كان الرقم الثابت في الثبات هذا حق من حقوق هذا السيد أراد النواصب وغلاة السنة أن يحرموه هذا الحق، لكننا لا نتابعهم كما لا نتابع الشيعة على الطعن بالمظنونات.

3 ـ أما ما ذكرته من أن بعض الناس يكون صالحا ثم ينتكس آخر عمره، هذا صحيح لكن هذه قاعدة عامة لا يجوز إنزالها في رجل مؤمن إلا بدليل قطعي، بمعنى أننا ننكر أن يكون أبو بكر رضي الله عنه قد انتكس وكفر بعد هذه المدة من الهجرة والجهاد والتشرد شأنه في ذلك شأن بقية المهاجرين الأولين، فهو لم يدخل الإسلام خوفا ولا طمعا كما فعل بعض الطلقاء والأعراب.

أما اتهامك لي بالضيق المذهبي فهو اتهام متبادل بين السنة والشيعة، كل يدعي التحرر من التقليد، لكن الأقوال شيء والواقع شيء آخر، وأظنك مطالب بترك التقليد ومراجعة المنظومة الشيعية كلها كما أنا مطالب بالشيء نفسه مع المنظومة السنية.

أما (البحث الموضوعي المنصف) الذي تنادي به فلا أرى منه تكفير أبي بكر وعمر وبقية المهاجرين والأنصار.

4 ـ عرفت أن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان بتأويل لإيمان أبي بكر المتواتر.

5 ـ حاول أخي الكريم ألا تتمسك بحرفية نص حديثي آحاد وتترك حرفية نصوص قرآنية متواترة فنحن بحاجة للمراجعة لنتعايش ويقبل بعضنا بعضا على تأويله واجتهاده، سعة الأفق هنا مطلوبة ثم هذه الأحاديث وصلتنا مبتورة المناسبات والتخصصات وهذا يدعونا لتقديم القطعي من نصوص القرآن على الظني الثبوت من نصوص السنة، وهذا أمر ـ للأسف ـ ليس عليه لا السنة ولا الشيعة.

فالسنة والشيعة يدورون حول نصوص حديثية خاصة أكثرها مظنون الثبوت أو مظنون الصراحة، ويتركون نصوص القرآن متأولين تارة ومعارضين لها بنصوص أخرى تارة أخرى... الخ.

وأنت ترى (أن كل إغضاب لفاطمة إغضاب لله). ولكن حتى لو سلمنا بهذا فما كل إغضاب لله كفرا كما أسلفنا، فالله يغضب من مرتكب الذنب كشارب الخمر والسارق والزاني، وما من أحد إلا وهو يرجو الله المغفرة من ذنبه، فهبوا إغضاب أبي بكر لفاطمة ذنبا من الذنوب التي تصدر من المسلم الذي يكون له من الحسنات ما هو أعظم فالله عدل ولن يذهب أحد عباده للنار في خطأ واحد ولن يذهب للجنة في طاعة واحدة، وإلا فلماذا وضع الله الموازين؟

أرى الأخوة الشيعة يتمسكون بحرفية نصوص كحديث إغضاب فاطمة رغم أنه آحاد ويدعون قطعية نصوص قرآنية من الوعد للمهاجرين والأنصار بالجنة {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ} فهذا النص القطعي لا يقبله كثير من الشيعة ويقبلون أن يكون إغضاب فرد من أهل البيت مساويا لإغضاب الله تعالى.

إذن فإغضاب الله تعالى يفعله شارب الخمر والسارق والزاني ولا يصبح الفاعل كافرا بذلك بينما مغضب فاطمة أو علي أو أحد الأئمة يعده الشيعة كفراً! وهذا غلو بلا شك.

6 ـ أما ما ذكرته من أن مسيلمة والعنسي وطليحة بن خويلد ارتدوا فهؤلاء ليسوا كالمهاجرين والأنصار فكيف يجوز في أبي بكر (وهو من أول الناس إسلاماً) ما نجوز في مسيلمة... هذا ظلم لا بد أن نضع الرجل في درجته المناسبة وقرائن البراءة مطلوبة حتى في المجرمين فكيف بالسابقين من المهاجرين؟.

7 ـ أحاديث القرشية كلها فيها نظر، حتى ما ورد منها في الصحيحين آحاد مختلفة الألفاظ ومروية بالمعنى وبعضها تخالف الواقع مخالفة ظاهرة، والنبي (ص) لا يقول إلا حقاً، من تلك الأحاديث (هذا الأمر في قريش ما بقي الناس اثنان)!! وأين هم الآن؟!.

ثم المهاجرون لم يحتجوا على الأنصار بأحاديث القرشية مما يدل على أنها إما ضعيفة أو مخصصة بمناسبة أو نحو ذلك مما قصر المحدثون في استيفائه.

8 ـ أما قولك بأن التأويل لا ينفع مع وجود التصريح بالغضب فهذا صحيح بشروط منها أن يعلم المتأول هذا النص وهذا غير معروف في حق أبي بكر، وأن يعرف أنه بإطلاق وليس مخصصاً بأمر وهذا غير معروف تحققه في أمر أبي بكر.

اعني لا نعرف هل يعلم أبو بكر النص أم لا، وإن صح عنه فهل يعممه أم يخصصه بمناسبته وإن عممه فهل هناك قرائن تدفع إنزاله على كل أحد أم لا؟.

ونحو ذلك من التأويلات التي يمكن أن يعتذر بها بسهولة عن أبي بكر.

نعم يمكن تخطئته أما الحكم عليه بالكفر لهذا وترك كل تاريخه وراء هذا فهذا لا أراه من العلم ولا العدل.

9 ـ أما سؤالك لماذا يجمع الأنصار كلهم على مخالفة رسول الله (ص)؟! فهذا سؤال غريب يمكن أن يسأل أحد البكريين مثله ويقول (لماذا أجمع أهل البيت على مخالفة النص في الوصية لأبي بكر وتقديمه في الصلاة.. الخ).

كثير من الأحاديث تم توليدها فيما بعد، ولم تكن مشهورة، أو تم الاستدلال بها في غير موقعها.. ولم يكن الإسلام حكراً على عائلة من العوائل لا قريش ولا بني هاشم ولا الأنصار.

والسنة والشيعة يسيئون للإسلام عندما يعرض كل فريق منهم بأن (الحكم خاص بالقرشيين) وفريق يخصه بفرع من القرشيين، والإسلام أوسع من هذا؟ والمهم هو مضمون السلطة لا شكل السلطة (من قريش أو من غير قريش).

10 ـ أما حلف أبي بكر على محبة أهل البيت فلا نعتقد إلا أنه كان صادقاً يعني ما يقول، أما لماذا لم يرض الزهراء فهذا دليل آخر على أنه متأول وأنه مع هذه المحبة رأى أن الحق فيما فعله أما كونه قد يخطئ ويصيب فليس كلامي في الحديث عن هذا، وإنما كلامي في أنه رجل صالح متأول سواء أصاب أو أخطأ، وليس كافرا ولا منافقاً كما يردد كثير من الشيعة.

11 ـ وما ذكرته من ندم أبي بكر على كشف بيت فاطمة يدل أيضاً على صلاح الرجل فيكون اجتهاده قد تغير وظهر له من الأدلة ما كان يجهلها فالحمد لله.

12 ـ أما قولك بأن أبي بكر لم يسلم إلا بعد مضي سنوات عديدة من البعثة فهذا لم يقل به أحد من أهل السير والتواريخ، فـ (سنوات عديدة) هكذا لفظة غير علمية.

صحيح أن بعض السنة بالغ وذكر إسلامه قبل علي وزيد بن حارثة ولكن هذه المبالغة لا تدل على أنه أسلم بعد مضي (سنوات عديدة) بل كان من السابقين الأولين فقد أسلم قبل دخول النبي (ص) دار الأرقم وكان المهاجرون إلى الحبشة وحدهم أكثر من مئة وأسلم عمر وهم في الحبشة ومعلوم أن عمر أسلم بعد أبي بكر بمدة (السنة السادسة).

نعم هناك من يقول: إن خالد بن سعيد ونحوه أسلموا قبل أبي بكر لكن حتى لو أسلم بعد خمسين فالمهاجرون الأولون هم (500) شخص وكلهم من المرضي عنهم في الكتاب والسنة وأبو بكر من أوائل هؤلاء.

13 ـ لم يثبت أن الزهراء اتخذت إماما آخر، ولم يثبت أن علياً نصب نفسه للإمامة بعد النبي (ص) حتى المؤرخين الشيعة كالمسعودي واليعقوبي وأبي مخنف لم يذكروا هذا.

14 ـ وبقية النقاط التي أوردتها قد سبق الجواب عليها في ثنايا الإجابات السابقة فلا أرى داعياً للتكرار، وأعترف بأننا لو توسعنا في قضية واحدة لأخذت منا وقتا طويلا وأنا لا أدعو الناس للتقيد بما أقول وإنما أدعوهم للبحث والمراجعة، وهذا اللقاء هو تواصل أكثر منه إجابة من مسؤول لسائل لأنني أعرف أن من الجمهور الكريم من هو أعلم مني وأفضل، وإنما طلب مني اللقاء فأجبت والإجابات الحاضرة سواء مني أو من غيري تختلف عن (الإجابات البحثية) لكن هذه الأخيرة مكانها الكتب والأبحاث لا اللقاءات.

15 ـ عدالة الصحابة مسألة لم تحدث إلا في كتب المتأخرين الحديثية ولم يكن عند الصحابة ولا التابعين هذه (العدالة) إلا للعدل حقا ثم الصحابي (الصحبة المقصودة بالثناء في النصوص الشرعية) إنما هي حجة المهاجرين والأنصار.

كثير ممن أسلم من الأعراب والطلقاء لم يكن عدلا وإنما كان سوء السيرة عليهم غالبا وفيهم من (اتبع بإحسان).

16 ـ قد ناقشنا موضوع (عدالة الصحابة) في كتابنا الصحبة (موجود على موقع المالكي) وتوصلنا فيه إلى رأي رأيناه، ليس عليه أكثر السنة ولا أكثر الشيعة.

17 ـ العدالة العامة تعني صلاح السيرة وهناك عدالة خاصة تعني الصدق في الرواية وكلا العدالتين موجودتان في (مجموع المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان) وقد يشذ من هذا العموم من يشذ.
إضافة إلى أن كثيراً من الطلقاء والأعراب وكثيراً من قبائل العرب لم تتحقق فيهم هذه العدالة فكانوا بين مرتد أو مسيء السيرة وفيهم من أحسن الاتباع فكان عدلاً.

وعلى هذا فمعظم الاستشكالات التي أوردتها أنت هي على الغلو السني أو السلفي لا على ما أراه وقد سبق أن ذكرت أنني خالفت كثيراً من السنة في هذه المسألة مقتصراً على النصوص والآثار الأولى لخيار الصحابة والتابعين وبعض علماء السنة كالمازري الذي يقول (في الصحابة عدول وغير عدول).

18 ـ ذكرت أن أحاديث النبي (ص) ضد قريش إلا بني هاشم والصواب أن أحاديثه ضد الكفار من قريش وضد مسيئي السيرة من بني هاشم وغيرهم، أما الصالحون من بني هاشم وقريش فلا تتناولهم أحاديث الذم كما أن بعض بني هاشم لا تتناولهم أحاديث الثناء على بني هاشم.

أما قولك: (هل وصلت الأمة إلى قبضة شارون إلا منهم) فقد وصلت لقبضة شارون نتيجة لسياسات مختلفة من قريش ومن سائرهم بل ومن بني هاشم (خاصة المعاصرين منهم) أنا ضد المدح المطلق أو الذم المطلق لقبيلة أو شعب.. معايير الصلاح والفساد تدور حول إحسان العمل وإساءته، حول التزام الطاعات وارتكاب المحرمات وهذا خلاصة العدل الإلهي والبشري.

19 ـ صحيح أن الفساد قد يغلب على قبائل كبني أمية وثقيف وبني حنيفة، والصلاح قد يغلب على قبائل كبني هاشم والأنصار وغفار.. لكن التعميم غير علمي.

يتبع>>>

نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر




خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي 2 ـ وضع النقاط على الحروف..
قديم بتاريخ : 21-Jul-2009 الساعة : 02:06 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


2 ـ وضع النقاط على الحروف..
وكان الرد على المالكي:
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة على محمد وآله الطاهرين. واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين..
إلى حسن فرحان المالكي..

لقد قرأت جوابك الأخير، فأخذتني الدهشة مما قرأت.. ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك.. غير أني أسجل على جوابك ما يلي:

مقدمة تشير إلى عدة نقاط هي:
1 ـ إن الفقرات الأخيرة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة لا ربط لها بما تحدثنا عنه في رسالتنا السابقة لك..

2 ـ إنني أطلب وألح في الطلب من كل من يطلع على رسالتي إليك وجوابك عليها.. أن يقارن بين أجوبتك وبين تلك الرسالة، ليجد أنك لم تجب على أكثر الأدلة التي وردت في رسالتي لك. كما أنك لم تشر إلى قبولك أو رفضك لما سكتّ عنه..

3 ـ والغريب في الأمر أن رسالتك هذه تلح على أن تلقي في روع القارئ أن نزاعي معك واستدلالاتي عليك إنما هي لإثبات كفر أبي بكر وعمر.. أو كفر غيرهم من الصحابة.. ولأجل ذلك فأنا أطلب أيضاً من كل قارئ منصف أن يقرأ رسائلي إليك عشر مرات. وأن يرصد كل حروفها وكلماتها ليدلني على الموارد التي حكمت فيها على الصحابة أو على أبي بكر وعمر بالكفر والارتداد..

فلماذا تسعى إلى عطف مسار البحث إلى ذلك الاتجاه، أم أنك تريد أن تثير حماس وعواطف الناس وحميتهم، ضد إجاباتي وذلك لكي لا يلتفتوا إلى قوتها أو أنك تريد التستر على ضعف أجوبتك عليها..

وبعد هذه المقدمة ورغم كل هذا، فإنني سأذكر النقاط التي تعرضت لها في جوابك واحدة فواحدة، وأسجل ملاحظاتي عليها كما يلي:

1 ـ بالنسبة لما ذكرته تحت رقم (1) أقول:أ ـ إننا لا نتكلم عن مذاهب السنة والشيعة والنواصب حول أحاديث الوعيد، هل هي في أبي بكر أو في غيره.. ولكن السؤال هو عن ما ورد في البخاري وغيره من أن فاطمة قد ماتت وهي واجدة على أبي بكر.. وأن من يكون كذلك فإنه يكون ـ بنص البخاري وغيره أيضاً ـ قد أغضب الرسول.. وأن من يفعل ذلك لا يكون أهلاً لمقام إمامة الأمة وقد صرحنا بذلك في الفقرة رقم 8 في رسالتنا السابقة إليك، فنحن نسألك أنت ما هو موقفك من هذا الأمر وكيف تحل هذه المشكلة.. ولا يعنينا ما يقوله السنة والشيعة والنواصب.

ب ـ قد ذكرنا لك في الفقرة رقم 12 في رسالتنا السابقة: أننا لم ندع كفر الصحابة.. بل طرحنا عليك أسئلة لا بد لك من الإجابة عنها لتتمكن أنت من تصحيح خلافة أبي بكر، وإلا فإنك تكون قد أوقعت نفسك في المحذور الكبير..

ج ـ قد ذكرنا أن مناقشتك فيما تستدل به لا يعني إلا إبطال قولك، ولا يعني أننا نلتزم بالمحاذير التي تواجهها أنت بسبب استدلالاتك التي لو قُبِلَتْ، استلزمت القبول بأمور خطيرة.

ولأجل ذلك قلنا لك: إن كل دليل إنما يصح الاستدلال به بعد إثبات بطلان كل احتمال يعارضه وينافيه..

وأنت قد استدللت ببعض الاحتمالات ولم تبطل الاحتمالات الأخرى.. فقلت إن إغضاب النبي () لا يوجب الكفر بدليل: أن هناك من أغضب النبي () في حياته، ولم يكفّره النبي () فأجبناك بأن هذا غير صحيح.. لأن رفق النبي () بالناس وتألفهم على الإسلام لا يعني أن النبي () لم يكفّر من يؤذيه. فراجع رسالتنا السابقة الفقرة رقم8.

فلماذا طبقت ذلك على أبي بكر وعمر، أو على المهاجرين والأنصار، ولم تطبقه على ابن أبي المنافق مثلاً الذي كان يغضب النبي () باستمرار، وكان النبي () يرفق به.

د ـ وأما حديثك عن عصمة الزهراء.. فنحن لم نذكر عصمتها ولم نستدل بها عليك..

والذي قلناه: إن النبي () هو الذي قال: من أغضبها فقد أغضبني ولم يستثن أبا بكر ولم يستثن الأذى بتأويل.

ولم يقل: إلا إذا كانت مخطئة باعتقاد أبي بكر، أو باعتقادي أو باعتقادك.. وأنت لم تجب عن هذا بل حورت كلامنا، وعطفت اتجاهه، وحشرت عصمة الزهراء في الاستدلال من دون مبرر ظاهر.

هـ ـ وأما جوابك عن سؤال: لماذا لم ينهها الصحابة أو علي.. بأن أهل السنة يجوزون الخطأ..

على علي وعلى غيره من الصحابة. ولا يجوز الاستدلال بفعل فرقة ضد الأخرى إلا بدليل.. إلخ.

والقرائن قوية على إيمان أبي بكر، فلا يرفع اليد عنها بظن العصمة فلا يصح الحكم على أبي بكر بالكفر أو النفاق..

فهو جواب عجيب، وذلك لما يلي:
أولاً: إنك قلت: إن إيمان أبي بكر قرينة قطعية على أن إغضابه للزهراء كان من باب التأويل..

فأجبناك: بأن القرينة لو كانت قطعية لعرفتها فاطمة، ولكان الصحابة أرشدوها إليها ولم يتركوها تهجر أبا بكر إلى أن ماتت حسب نص الصحاح وغيرها..

فأجبت على هذا: بأن أهل السنة يجوزون الخطأ على علي وغيره من الصحابة.

ونقول لك: هل جميع الصحابة قد أخطأوا في عدم إرشادهم الزهراء إلى هذه القرينة التي زعمت أنها قطعية؟!

وألا يدل سكوتهم جميعاً عن ذلك، على عدم قطعية القرينة التي أشرت إليها؟!

وألا يسقط ذلك استدلالك على صحة خلافة أبي بكر بأن من غير المعقول أن يقدم الصحابة على مخالفة الرسول () وهم الموصوفون بالأوصاف الحميدة في القرآن.. وهم الذين ضحوا في سبيل هذا الدين..

إن استدلالك هذا لا بد أن يسقط، فإنهم جميعاً لم يعملوا بواجبهم هنا وقد تركوا فاطمة واجدة على أبي بكر إلى أن ماتت.. وكانوا السبب في بقاء غضبها عليه، مع أن هذا الغضب، يوجب الشك على الأقل في صلاحيته للخلافة..

ثانياً: إننا حين شككنا بقوة القرائن التي ذكرتها لم نستدل على ذلك بالعصمة لتقول إنها ظنية، والظني لا يوجب رفع اليد عن القطعي..

ثالثاً: إننا لم نحكم على أبي بكر بالكفر والنفاق.. بل قلنا إن القرائن على أن أبا بكر قد أغضبها من باب التأويل ليست قطعية كما زعمت.. بل هي ظنية أيضاً إذ يمكن للإنسان بعد مرور عمر طويل على طاعته لله تعالى أن تحلو الدنيا في عينيه، ولا سيما في أمر عظيم، كالخلافة والملك.. فمع وجود هذا الاحتمال لا تكون القرينة التي ذكرتها قطعية ولا يصح الاستدلال بها..

رابعاً: إننا لم نقل: إن ذلك قرينة على نفاق أو كفر أبي بكر، بل قلنا: إن ذلك لا يصلح قرينة على أنه أغضب فاطمة من باب التأويل كما زعمت.. فلماذا تحشر هذا الموضوع في سياق الرد علينا، ألا يوجب ذلك وقوع القارئ في وهم أن نكون نحن الذين ادعينا ذلك؟!.

خامساً: إنك قد جوزت الخطأ على أبي بكر، وعلى غيره من الصحابة.. ولم تجوز عليه المعصية. بل زعمت أن خطأه عن تأويل.. فما الذي أثبت عصمة أبي بكر عن المعاصي يا ترى؟ حتى قطعت بأن خطأه ليس من المعصية.. فإذا كان التاريخ الطويل في الطاعة دليلاً على عصمة أبي بكر عن المعصية ـ مع أن ذلك لا يصلح دليلاً كما أوضحناه أكثر من مرة ـ فلماذا لا تكون آية التطهير، وجعل غضب فاطمة هو الميزان في رضا الله وغضبه دليلاً على عصمة الزهراء عن المعاصي، وعن الأخطاء أيضاً.. إذ لا يجوز إناطة رضا الله وغضبه برضاها وغضبها إلا في حالة عصمتها عن ارتكاب الخطأ، وعن ارتكاب المعصية..

فإن من يخطئ ويعصي لا بد أن يردع عن خطئه ومعصيته، فإذا غضب، فإن الله لا يهتم لغضبه، بل سوف يكون راضياً ممن يغضبه..

سادساً: قولك: إن ما يهمك هو أن لا تنجر التخطئة لهذا أو ذاك إلى الحكم بالكفر والنفاق.

نقول في جوابه: إن التخطئة هنا تجر إلى الحكم بعدم أهليته لمقام الخلافة والإمامة وهذا يكفي.

2 ـ بالنسبة لما ذكرته تحت رقم (2) نقول:
أولاً: سواء فر أبو بكر في الهجمة الأولى في أحد، أو في الأخيرة فإن ذلك لا يؤثر في كونه من الفارين الذين تركوا رسول الله () ليموت بسيوف الأعداء.

ثانياً: دعوى كون فرارهم تحرفاً للقتال.. تحتاج إلى إثبات بالدليل..

ثالثاً: لو كان فرارهم تحرفاً لقتال لم يؤنبهم الله عليه في العديد من الآيات الصريحة، التي نزلت في هذه المناسبة، فراجع الآيات الشريفة في سورة آل عمران..

رابعاً: إن تخصيصك الآيات بمن فر ولم يرجع كعثمان تخصيص بلا دليل ما هو إلا تبرع منك.

خامساً: إن فرارهم في حنين هو الآخر قد وقع مورداً للذم الإلهي في الآيات القرآنية فلا معنى لأن يذمهم الله على أمر إذا لم يكن فيه مخالفة.

سادساً: ليتك تعرفنا الفرق بين الهزيمة والفرار، مع أن الآيات القرآنية قد تحدثت عن الهزيمة، وقد عبرت عنها بالتولي يوم التقى الجمعان.

ويقول: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ}[16].
عن حنين يقول الله سبحانه: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}[17].

فهل توليهم مدبرين شيء آخر سوى الهزيمة؟!

سابعاً: وأما أن الله سبحانه قد عفا عن عثمان فيحتاج إلى إثبات بالأدلة القطعية.

ثامناً: وأما قولكم إن الدليل على فرار أبي بكر يوم حنين كان ضعيفاً. فنكتفي في جوابه بما رواه الحاكم: عن العباس بن عبد المطلب قال:

(شهدت مع رسول الله () يوم حنين فلقد رأيته وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو آخذ بلجام بغلة رسول الله () وهو راكبها، وأبو سفيان لا يألو أن يسرع نحو المشركين)..

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.. ووافقه الذهبي[18].
وهناك حديث آخر[19] وتلخيصه للذهبي وصححاه على شرط الشيخين أيضاً. فليراجع، وقد قال فيه الذهبي أخرجه مسلم.

وذكر الحاكم أيضاً: (أن العباس مكث معه ـ أي النبي () ـ يوم حنين في أهل بيته حين انكشف الناس عنه)[20].

*وروى البخاري ومسلم ما جرى في حنين، وقالا:
(فأدبروا عنه ـ أي عن النبي () ـ حتى بقي وحده)[21].
فكيف تقول: إن الحديث عن فرار أبي بكر يوم حنين ضعيف.. فإن هذه الأخبار قد رويت في الصحاح..

وقد أضربنا عن ذكر ما روي في مسند أحمد وغيره.. اعتماداً على حصافة القارئ، الذي سيكون قادراً على متابعة البحث عن صحاح الروايات إن أحب ذلك.

ولست بحاجة إلى تذكيرك بأنك لا تستطيع أن تدعي أن هذه الروايات تدل على فرار غير أبي بكر أيضاً.. فإن ذلك إنما يصح لك لو كان غيرك يلزم نفسه بما تلزم به نفسك من الأخذ بما في كتب الصحاح التي هي معتبرة لدى فريق من المسلمين دون فريق..

ثامناً: إننا لم نقل لك: إن أبا بكر قد فر في الأحزاب، بل قلنا: إنه لم يرغب في الجنة التي ضمنها الرسول () لمن يبرز لعمرو بن عبد ود حين قال: من لعمرو، وأضمن له على الله الجنة.

فلماذا تنسب ما لم نقله..

وكيف تطالبني بمصدر لكلام نسبته أنت إلي، وأنا منه بريء؟

تاسعاً: إن ذكرك لعمار وسلمان والمقداد في من لم يبارز عمرواً، لا يحل الإشكال، فإن هؤلاء لم يتصدوا لأمر الإمامة والخلافة.. ولم يغضبوا فاطمة ورسول الله () بعد وفاته..

ولم يسترضوها حتى ماتت.. ثم يأتي من يقول: رجماً بالغيب: إنهم قد أغضبوا فاطمة () بتأويل. ولم يدعوا لهم أنهم يجمعون كافة الصفات التي تؤهلهم لمقام الخلافة والإمامة.. ولم يقل أحد إنهم معصومون عن الخطأ مبرؤون من الزلل.

عاشراً: لماذا لا زلت تطعن بالشيعة تارة وبالسنة أخرى.. و من قال لك إن من يخاطبك ويحاورك هو من السنة، أو من الشيعة الإمامية، أو الزيدية، أو من غير هؤلاء..

3 ـ وحول ما ذكرته في الفقرة رقم (3) نقول:
قولك: إن قاعدة أن بعض الناس قد ينتكسون في آخر عمرهم لا يجوز إنزالها برجل مؤمن إلا بدليل قطعي..

نقول في جوابه:
أولاً: ما المانع من أن يكون هناك رجل مؤمن، ثم تغره الدنيا في آخر عمره فيسعى لها سعيها، ويهيء الظروف التي تمكنه من الحصول عليها، ولا يلزم من سعيه للحصول على الدنيا أن يكون محكوماً بالكفر أوالنفاق.

وأما فيما يرتبط بأبي بكر، فإننا نقول: إننا حين تحدثنا عن وقوعه في الخطأ في حق الزهراء، قد جئنا بالدليل والبرهان والحجة التي أمرنا بالأخذ بها.. والدليل قد يكون آية وقد يكون نصاً محكوماً بالصحة..

وقد قلنا: إن حديث من أغضب فاطمة فقد أغضب الرسول () موجود في الصحاح، وكذا حديث: أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر موجود في الصحاح أيضاً.. وهذا دليل وحجة لا بد من الالتزام بها كما نلتزم بالحديث الصحيح في أحكام الصلاة والحج وغير ذلك، فإننا إذا خالفناه بلا برهان يزيل حجيته ويسقطها، فإن الله سبحانه سيحاسبنا على ذلك..

ثانياً: إننا لا زلنا نكرر لك: أن حديثنا يتلخص في أن أبا بكر قد عمل عملاً يجعله غير مؤهل لمقام الخلافة. حتى لو كان هو إغضاب الرسول () بإغضاب فاطمة ().. ولم نقل إن ذلك الذنب هو الكفر، فلماذا عدتم إلى تكرار هذه المقولة..

ثالثاً: إننا قد قلنا: إن دعواكم أن أبا بكر لم يدخل الإسلام خوفاً ولا طمعاً تحتاج إلى دليل قاطع..

رابعاً: قد قلنا لك: لم يثبت أن أبا بكر كان من المهاجرين الأولين بصورة قاطعة لأن في الطبري رواية تقول: إنه قد أسلم بعد أكثر من خمسين بالإضافة إلى دلائل أخرى على تأخر إسلامه..

وتحديد المهاجرين الأولين بخمس مئة رجل كما ذكرت في بعض النقاط التالية ما هو إلا دعوى تفتقر إلى البرهان القاطع والدليل والحجة..

خامساً: أما مطالبتك لي بترك المنظومة الشيعية، وترك التقليد فمن أين علمت أنني شيعي، ومن أين علمت أنني مقلد للشيعة أو للسنة..

وها نحن نراك تطعن بالشيعة تارة, وتطعن بالسنة أخرى، ثم تنسب نفسك إليهم كما فعلت في النقطة الأولى.. فلماذا تنسب نفسك لمن لا زلت تطعن فيهم؟..

سادساً: متى قلنا لك: إن تكفير أبي بكر وعمر وبقية المهاجرين والأنصار هو من مفردات البحث الموضوعي المنصف.. ولماذا تمارس في بحثك العلمي (!!) هذه الأساليب التحريضية المبطنة.

4ـ وأما ما ذكرته في الفقرة رقم (4) فنقول فيه ما يلي:إن إصرارك على أن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان بتأويل لإيمان أبي بكر المتواتر..

يرد عليه:
أولاً: إنه إذا كان متواتراً عندك فهو ليس متواتراً عند غيرك، فأين هذه الأخبار التي أظهرت باطن هذا الرجل، وأطلعتك على حقيقة ما في قلبه.. فلا يصح دعوى التواتر جزافاً حتى لو كان أبو بكر مؤمناً في الواقع فإن التواتر هو صفة للخبر.

ثانياً: نحن لا نقول لك: إن أبا بكر قد كفر، بل نقول لك: إنه قد فعل فعلاً يسقطه عن الأهلية لمقام الإمامة.. كأي إنسان يتصدى لمقام له شرائط، ويكون ذلك المتصدي فاقداً لبعض تلك الشرائط. فإن أستاذ الجامعة يحتاج إلى شهادة الدكتوراه فإذا فقدها لم يكن أهلاً لذلك المقام وذلك لا يعني أنه أصبح كافراً.

5 ـ بالنسبة للفقرة رقم (5) نقول:
قد طلبت منا أن لا نتمسك بأحاديث الآحاد ونترك النصوص القرآنية المتواترة..

ونقول:
أولاً: بأي نص قرآني استدللت علينا ورفضناه.. وأي خبر آحاد قدمناه على نص قرآني، فهل يمكنك أن تبين لنا ذلك؟!

ثانياً: لماذا لا يكون سعيك إلى إحقاق الحق، والالتزام له، وتوحيد الفكر والاعتقاد والسلوك. بدلاً من أن يكون سعيك إلى قبول الناس بعضهم بعضاً مع بقاء الاختلاف في الاجتهاد والتأويل.

ولماذا إذن تفتح حواراً علمياً مع الآخرين؟ وهل الحوار العلمي بمثابة قبلات فيما بين صديقين، وتبادل عبارات المجاملة بين فريقين مختلفين في الفكر وفي الاعتقاد..

وهل الإصرار على الاختلاف في وجهات النظر سعة أفق؟ أم السعي إلى توحيد النظرة على أساس الدليل، ونبذ التعصب هو الأفق الأرحب والموافق لما يريده الله ورسوله منا..

ثالثاً: ما معنى هذا الطعن في الأحاديث بزعم أنها أتتنا مبتورة؟! وهل يمكنك تسرية هذا النهج إلى سائر الموارد التي جاءت الأحاديث لتثبتها أو لتنفيها؟! أم أن ذلك تشكيك تبرعي بخصوص ما دل على مظلومية الزهراء، وما فيه إدانة لما جرى عليها؟!

وأي خبر ظني طلبنا منك تقديمه على القطعي من نصوص القرآن؟! فهل خلافة أبي بكر قطعية بنص القرآن، وموت الزهراء واجدة على أبي بكر حديث ظني..

بل نقول لك: إن القطعي من نصوص القرآن يدعونا لالتزام إمامة علي بنص آية إنما وليكم الله ورسوله وغيرها من الآيات..

رابعاً: أما حديثك عن دوران السنة والشيعة حول نصوص حديثية وتركهم لنصوص القرآن فهو حجة عليك من جهة، واتهام لفريق تخالفه، وتعمل على التخلص من فكره وأدلته من جهة أخرى..

فلا بد أن يؤخذ باعترافك، أما دعواك على غيرك، فليس على من ردها عليك جناح، بل ذلك هو حقه الطبيعي، لأنك تعترف بهذا الأمر وبغيره من أمور لا زلت تعترف بها، مع أنها تدين أهل نحلتك من جهة، ثم تدعي أن من يخالفك أيضاً مبتلى بهذا البلاء، وما كنا نحب لك أن تسجل هذا الاعتراف المهين، ولا ذلك الادعاء الذي يحق لغيرك رده عليك. وذلك في كلا الحالتين يمثل اتهاماً للفريقين من السنة والشيعة إما بقلة الدين أو بقلة الفهم..

والسنة والشيعة أمة كبيرة تعد بالمليارات، ولا سيما إذا أخذنا هذا الامتداد عبر مئات السنين، ولن يكون من الإنصاف أبداً توجيه هذا الاتهام لهم جميعاً، وتبقى أنت وربما أفراد آخرون مثلك في دائرة الإنصاف، أو في دائرة الالتزام الديني..

خامساً: ثم عدت إلى الحديث عن أن إغضاب فاطمة ليس كفراً..

ونعود لنقول لك: إن هذا الأسلوب لن يجدي نفعاً. فإن إغضاب فاطمة حتى لو كان معصية صغيرة فإن من شأنه أن يسقط أبا بكر عن صلاحية الإمامة. فانظر كيف تخرج من هذا المأزق..

وتمثيلك بشارب الخمر والسارق والزاني.. وتسليمك بأن إغضابها ذنب من الذنوب.. يكفي للدلالة على سقوط الأهلية بذلك، ولا يحتاج أحد إلى إثبات كفر أبي بكر أبداً، فلماذا تصر على هذه المقولة، وعلى اتهام الشيعة أو غيرهم بها، إمعاناً منك في التحريض غير المبرر ولا المقبول.. خصوصاً مع هذه التعميمات التي يظلم فيها الكثيرون ممن تشملهم وهم منها براء.

سادساً: إن الكلام ليس في الذهاب إلى النار وعدمه، فإن المعصية وإن لم توجب الذهاب للنار لكنها قد توجب عدم صلاحية فاعلها لمقام الإمامة..

وذلك لأن كثيرين يكونون في الجنة، لكنهم لا يصلحون للإمامة والخلافة، فهناك نساء مؤمنات لايصلحن للإمامة ويدخلن الجنة.

وهناك أناس يدخلون الجنة ولكنهم لضعف معرفتهم بالأحكام لا يصلحون للقضاء أو للإمامة..
سابعاً: لقد حكمت على حديث إغضاب فاطمة بأنه حديث آحاد..

ونقول لك: إن خبر الواحد حجة عليك وعلى غيرك، وليست الحجج محصورة بالمتواترات، ولو انحصرت بها لمحق الدين، وطمست معالمه. وعفيت آثاره..

فأخبار الآحاد هي التي تتعبد بها أنت وغيرك من المسلمين.. فالمهم هو ثبوت الحجة، التي يؤاخذ الله سبحانه على تجاهلها..

وأما ادعاؤك أنهم يتركون النص القرآني فأي نص قرآني تركناه، وأخذنا بحديث إغضاب فاطمة الذي هو خبر واحد بزعمك؟!

لقد قدمنا لك الأدلة التي تؤمن بها.. وتحتج بها على غيرك، فإن كان مرادك هو آية: {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ} فسيأتي الحديث عنها.. في أكثر من مناسبة في ردنا في هذه الرسالة.

ثامناً: وأمـا آيـة: {وَالسَّابِقُـونَ الأوَّلُـونَ مِنَ الْمُهَاجِـرِيـنَ وَالأنْصَارِ}[22].. فقد زعمت أنها نص قطعي لا يقبل به الشيعة..

ونقول:
ألف: إن الشيعة يقبلون بالقرآن كله.. ولا يرفضون حرفا منه، وما هذا منك إلا افتئات منك عليهم.

ب: إنك تستدل بآية السابقون، وهي وإن كانت قطعية السند لكنها ليست قطعية الدلالة، بل هي ليست ظنية الدلالة على مطلوبك.. وإنما تدل على خلاف مطلوبك، حيث قد ذكرنا أن أبا بكر لم يثبت أنه من المهاجرين الأولين، ولا سيما بعد أن ذكر الطبري ما هو صريح في أنه قد أسلم بعد أكثر من خمسين هذا بالإضافة إلى قرائن أخرى قلنا لك إن بعضها مذكور في الجزء الثاني من كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم ()..

وأي دليل قطعي قد حدد لك عدد السابقين الأولين؟! فهل ثلاثة أو خمسة أو عشرة أو عشرون أو خمسون..

إن استدلالك بهذه الآية يتوقف على تحديد ذلك.. وإلا فإن الآية تكون مجملة غير صالحة لإثبات ما ترمي إليه أبداً..

ج: إنه بعد ثبوت أن أبا بكر قد أغضب فاطمة وجاء به النص الصحيح الذي هو حجة فإن هذا يكون مخصصاً لظهور الكتاب في العموم فإن قوله والسابقون الأولون عام.. وحديث إغضاب فاطمة ووجدها عليه مخصص لذلك العموم فكأنه قال: السابقون الأولون كذا وكذا إلا من أغضب فاطمة منهم.. ويكون من قبيل قولك: العلماء حماة الدين.. ثم يأتي دليل آخر يخصص هذا العام ويقول: إن فلاناً العالم ليس حامياً للدين لأنه ممن آتاه الله آياته فانسلخ منها.

والعلماء يقولون إن تخصيص الكتاب بخبر الواحد صحيح ومقبول.. فيكون هذا الحديث قرينة قطعية على المراد بالآية.. وأن المراد بها الغالب والأكثر. وليس المراد جميع أفراد المهاجرين..

وبذلك يكون الشيعة قد عملوا بالآية وبالحديث الشريف معاً، وليس في ذلك أي إشكال من الناحية العلمية..

د: ما المانع من أن يكون إغضاب فرد من أهل البيت مساوياً لإغضاب الله تعالى.. خصوصاً إذا كان الله تعالى هو الذي قرر ذلك على لسان الرسول ()، وقد قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ}[23].. فهو قد جعل طاعة فرد من أهل البيت وهو رسول الله مساوية لطاعة الله.. وقال النبي () ـ كما في القرآن الكريم ـ {اتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ}[24]..

هـ : ثم عدت في نهاية هذه الفقرة لتتحدث من جديد عن أن إغضاب الله بإغضاب فاطمة لا يوجب الكفر كما أن إغضاب الله بفعل شارب الخمر والسارق لا يجعله كافراً..

وقد قلنا لك:
أولاً: إن إسقاط أبي بكر عن الأهلية للخلافة لا يتوقف على إثبات كفره..

ثانياً: إن إغضاب الله بشرب الخمر لا يجب أن يكون في مستوى إغضاب الله بإغضاب فاطمة وإغضاب الرسول، فإن إغضاب الله بإغضاب الرسول أعظم بكثير من إغضاب الله بشرب الخمر والسرقة..

لأن المعاصي تختلف في خطورتها وآثارها، وفي شدة غضب الله على فاعل هذه المعصية أو تلك كما أن إغضاب الله تعالى بالنظر إلى الأجنبية ومصافحتها ليس مثل إغضابه تعالى بقتل مؤمن أو بقتل الحسين مثلاً.

6 ـ وأما بالنسبة لما ذكرته في الفقرة (6) فإننا نقول:
إن تفريقك بين العنسي وطليحة ومسيلمة وبين المهاجرين والأنصار يرد عليه..

أولاً: إننا لم نقل: إن هؤلاء مثل أولئك لتجيبنا بهذا الجواب، بل قلنا لك: إن البعض قد يقضي عمره في الطاعة ثم يرتد في آخر عمره وقد يكون العكس. وذلك لنثبت لك أن من الممكن أن يكون الإنسان مؤمناً تقياً ثم تحلو الدنيا في عينه، فيقدم على إغضاب الزهراء لأجل الحصول على هذه الدنيا أو على ذلك الحكم والسلطان..

ثانياً: إن كون أبي بكر من أول الناس إسلاماً لا يمنع من أن تحلو الدنيا في عينه في آخر عمره..

ثالثاً: قد تقدم أن هناك قرائن تدل على أنه لم يكن من الأوائل بل تأخر إسلامه عدة سنوات. ومن يسلم بعد أكثر من خمسين ـ بناء على رواية الطبري ـ لا يصح وصفه ـ بصورة قاطعة ـ بأنه من أول الناس إسلاماً..

رابعاً: وأما قرائن البراءة المطلوبة التي تحدثتم عنها.. فنقول عنها: إن قضية أبي بكر ليست من هذا القبيل، فإن إغضابه لفاطمة قطعي الثبوت بالحجة التي هي الروايات الصحيحة ولا يراد إثبات أكثر من ذلك، فالإغضاب قطعي وقرائن البراءة ظنية حسب زعمك ولا يقدم الظني على القطعي..

خامساً: قد قدمنا: أن آية مدح المهاجرين والأنصار لا بد أن تخصص بحديث إغضاب فاطمة كما هو معلوم، فلا بد لك من التماس الجواب المقنع عن هذا الاستدلال..

7ـ وأما ما ورد في الفقرة رقم (7) فيرد عليه..أولاً: إن حديث: (هذا الأمر في قريش ما بقي الناس اثنان) ليس المراد به الإخبار عن سير الأحداث على صفحة الواقع الخارجي، بل المراد به التشريع والحكم على الناس بأن عليهم أن يسلموا هذا الأمر لقريش، ولا يجوز لهم معارضتها فيه، واغتصابه منها.

فلا معنى لقولك: وأين هم الآن..

ولو جاريناك فإننا نقول: إن هذا الفهم للحديث هو الأولى والأظهر من الاحتمال الذي ذهبت إليه، وبذلك يسقط كلامك عن صلاحية الإثبات لما تريد إثباته..

ثانياً: قولك: إن المهاجرين لم يحتجوا على الأنصار بأحاديث القرشية.. غير صحيح فإنهم قد احتجوا بها في السقيفة بالذات، واحتجوا بأنهم قرابة رسول الله ()، وأنهم أولياؤه وعشيرته، وبغير ذلك فراجع كتاب: الحياة السياسية للإمام الرضا.. الفصل الأول في هامش مطول ذكر هناك..

ثالثاً: إن طريقة تشكيكك بأحاديث القرشية لم يسبقك إليها أحد، فإنها قد جاءت شبيهة بأحاديث المنجمين أو الذين يكشفون البخت بفنجان القهوة، فراجع قولك: (مما يدل على أنها إما ضعيفة أو مخصصة بمناسبة أو نحو ذلك.. مما قصر المحدثون في استيفائه..)

فهل هذه الإحالة على مجهول تعد طريقة علمية في البحث والاستدلال؟!.

8 ـ وحول الفقرة المذكورة برقم (8) نقول:
قد اعترفت بأن التأويل لا ينفع مع وجود التصريح من الرسول بغضبه () لغضبها.
ثم ذكرت: أنه لا دليل على أن أبا بكر كان يعلم بأن رسول الله () قد قال ذلك في حق فاطمة..

ونقول:
أولاً: إذا كان أبو بكر يجهل ذلك فهل الصحابة جميعاً كانوا يجهلونه؟! فلماذا لم ينبهوه عليه..

ثانياً: إنه إذا كان أبو بكر يجهل بهذا الأمر، فإن ذلك يجعلنا نشك في مقدار علم أبي بكر. ولا سيما في أمور خطيرة فيما يرتبط بخلافته للرسول، ونشر أحكام الدين وتعاليمه وحفظ شرائعه وسياسة الناس وفقاً لما جاء به الرسول (). فلا مجال بعد هذا للطمأنينة بصحة خلافته إذا كان بهذا المستوى من الجهل بالدين وأحكامه.

ثالثاً: ويتأكد ما ذكرناه آنفاً إذا علمنا أنهم يقولون: إن النبي () قد خطب الناس وأعلن أن من أغضب فاطمة فقد أغضبني[25].

فإذا لم يعلم أبو بكر بأمر خطب به الرسول () الناس، على المنبر فما هو مدى معرفته بالأمور الخفية، أو التي لم يخطب بها والتي جاء بها رسول الله ().

رابعاً: لنفترض أنهم أخبروه بالأمر، فلماذا لم يعتذر ويرجع الأمور إلى نصابها بحيث ينال الرضا من جديد؟!. أم أنه لم يكن يهمه رضا فاطمة (

وإذا كان قد اعتذر، فلماذا لم تقبل الزهراء عذره؟!. وما هذه القسوة منها عليه.. فإن كانت محقة في قسوتها هذه فكيف أصبح أهلاً لمقام الإمامة؟!. وإن لم تكن محقة فكيف يجعل النبي () رضاها من رضا الله، وغضبها من غضب الله..

خامساً: قد قلت: إنه يمكن تخطئة أبي بكر.

ونقول لك: إن من يخطئ هنا فما الذي يؤمننا من أن يخطئ فيما هو أعظم..

وقد قلنا: إن الحديث ليس عن كفره وإيمانه، بل عن أهليته لخلافة الرسول ()..

سادساً: قد قلنا: إن التاريخ الطويل لأبي بكر في الإيمان والتقوى لا يجعله أهلاً لمقام الخلافة للرسول ()..

فإن هذا المقام يحتاج إلى العلم الواسع بالأحكام، وإلى الشجاعة, وإلى السياسة والتدبير، وإلى القدرة على القضاء بالحق.. وإلى.. وإلى..

فتاريخ أبي بكر الطويل الذي تحدثت عنه لا يكفي لجعله حائزاً على تلك الصفات والميزات.

سابعاً: إن التاريخ الطويل.. قد انتقض بما ثبت بالدليل الصحيح من أنه قد أغضب الله و الرسول بإغضاب الزهراء..

ثامناً: وأما بالنسبة لاحتمالات أن يكون أبو بكر قد فهم من النص التعميم أو التخصيص، فهي احتمالات لا تجدي في رفع غضب الزهراء ()، ولا في رفع غضب الرسول. فإنهما ثابتان قطعاً..

واحتمالات أن يكون أبو بكر قد فهم هذا أو ذاك.. إن صلحت عذراً لأبي بكر عند الله، فهي لا تصلح عذراً لنا في اعتقاد إمامته وفي التسويق لمشروعيتها. بل تكون من قبيل من يرتكب ذنباً يوجب الحد. فيجب على القاضي حده وجلده لأجل البينة، ولعله يكون عند الله معذوراً والقاضي لا يدري..

9 ـ أما ما ورد تحت رقم (9) فيرد عليه..
أولاً: قد ذكرنا في الرسالة السابقة: أنه لا يحق لك أن تقول: إننا نحسن الظن بأبي بكر فلا يخالف النص القطعي عن رسول الله ().. ولا يعقل أن يخالف الصحابة أمر النبي () فيبايعون أبا بكر.. وهم يعلمون بالنص على غيره..

وقد أجبنا عن ذلك.. بأن الأنصار قد اتفقوا على مخالفة النص الثابت عن رسول الله () لأن حديث الأئمة من قريش ثابت قطعاً وقد خالفه الأنصار كلهم.. ولا يعقل أن يكونوا جميعاً جاهلين به. ولو كان بعضهم جاهلاً، فعلى العالم أن يعلمه، أو ناسياً، فعليه أن يذكر به.. وقد ذكرهم به أبو بكر في السقيفة فلم يلتفتوا إليه.

فإذا كان الأنصار كلهم يخالفون حديث القرشية، فلماذا لا يخالف أبو بكر حديث النص على علي ().. ويطمع في هذا الأمر؟! ولماذا لا يخالف حديث من أغضب فاطمة فقد أغضبني؟!

ثانياً: لقد عدت إلى إطلاق التعميمات التي لا يصح إطلاقها في البحث العلمي.. فإننا نحن أيضاً نقول:

إن كثيراً من الأحاديث تم توليدها فيما بعد، ولم تكن مشهورة.. أو تم الاستدلال بها في غير موقعها..
ولم يكن الإسلام حكراً على عائلة إلخ..

فما الذي ثبت بقولنا هذا؟ هل ثبتت صحة إمامة أبي بكر ومشروعيتها؟! أو ثبت أنه أهل للإمامة؟! وثبت أنه لم يرد الدنيا حين طلب هذا الأمر؟

ولماذا لا تكون الأحاديث حول أبي بكر وإمامته وفضائله مولدة..

فإن قلت: لم لا تكون الأحاديث حول علي () أيضاً كذلك..
فنقول لك: إن الأحاديث في علي مجمع عليها، أما الأحاديث في أبي بكر فيدعيها فريق دون فريق..

يضاف إلى ذلك: أن الأحاديث في علي محاربة من فئات كثيرة من الناس، ومن الحكام وغيرهم..

ومع ذلك فقد وردت في الصحاح، التي يلتزم بها الفريق الحريص على تثبيت إمامة أبي بكر وتشييدها.

ثالثاً: أما قولك: السنة والشيعة يسيئون للإسلام عندما يعرض كل فريق منهم بأن الحكم خاص بالقرشيين. وفريق يخصه بفرع من القرشيين. والإسلام أوسع من هذا..

فهو جرأة عظيمة منك على رسول الله ()، وعلى الله أيضاً، حيث إنك تحاول أن تكذِّب أحاديث الرسول () من دون حجة ظاهرة. وتستند في ذلك إلى مجرد الاستحسان. وزعم أن الإسلام أوسع من ذلك..

نعم.. إن الإسلام واسع وسهل وسمح، ولكنه يريدك أن تتكلم في صلاتك بالعربية، ويريدك أن تصلي إلى خصوص الكعبة..

ثم هو يريدك أن تقدس شخصاً اسمه محمد بن عبد الله ().. ويريدك.. ويريدك.. ويريدك أيضاً أن تعطي الحكم لقريش كما ورد في النص المجمع عليه، والذي عليه اعتقاد علماء الأمة سنة وشيعة إلا من شذ من الخوارج أو من غيرهم..

رابعاً: قولك: إن المهم هو شكل السلطة لا مضمون السلطة.. غير مقبول.. فإن دل الدليل على أن المهم هو الشكل والمضمون معاً، لم يكن لك أن تعترض. وقد علمت أن المهم في الصلاة هو الشكل والمضمون معاً، وفي الحج المهم الشكل والمضمون معاً.. و.. و. إلخ..

فلم لا يكون المهم في السلطة الشكل والمضمون معاً؟!

إن الأمر تابع لتوجيهات رسول الله ()، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولا قيمة للتظني وللآراء التي لا تستند إلى علم ولا إلى برهان..

10 ـ وحول النقطة رقم (10) نقول:
قد قلت: إنك لا تعتقد إلا أن أبا بكر كان صادقاً في حلفه على أنه محب لأهل البيت..

ونقول لك:
أولاً: إن اعتقادك إنما هو حجة عليك، وليس من الأدلة العلمية التي يؤخذ بها غيرك.. إلا أن تقدم الدليل النافي لما قلناه من احتمال أن يكون حلفه هذا لأجل امتصاص الأثر السلبي لوجد الزهراء عليه، وغضبها منه إلى أن ماتت حسب نص البخاري وغيره..

ثانياً: قد قلنا: إن دعوى الحب لا بد أن تشفع بأدلة تثبتها، بعد أن ظهر ما يدل على عدم الحب، إلى درجة الإغضاب المستمر إلى الموت. كما حصل للزهراء ().

ثالثاً: إن حلف أبي بكر يشير إلى أنه كان يواجه التشكيك في حبه لأهل البيت، ولم يكن ذلك الشك ليزول بمجرد الدعوى. بل حتى احتاج إلى أن يقسم على ذلك..

ولم يكن القسم الواحد يكفي، بل كان يتكرر هذا القسم منه باستمرار، مما يدل على حجم الشك في هذه الدعوى، وأن الناس كانوا لا يصدقونه فيما يدعيه حتى وهو يقسم لهم..

رابعاً: قولك إن عدم مبادرته إلى إرضاء الزهراء يدل على أنه متأول.. لا يصح.. فإن التأويل الذي تزعمه لا يمنع من المبادرة للإرضاء.

خامساً: إنه لا تأويل في مقابل النص الوارد عن الرسول ().. على أن الإغضاب لها إغضاب لله تعالى وللرسول ().. ولا يصح لأحد أن يقول: إنني أرى نفسي مصيباً في إغضابي لرسول الله، وفي إغضابي لله سبحانه.

سادساً: لقد عدت إلى الحديث عن الكفر والإيمان في هذه النقطة أيضاً لكي توهم الناس: أنني أسعى إلى إثبات ذلك.. أو لتنفر الناس مني ومن الشيعة حتى لا يتفاعلوا مع ما يقدمونه من حجج..

11 ـ وحول ما جاء في الفقرة رقم (11) نقول:
قولك: إن ندم أبي بكر على كشف بيت فاطمة يدل على صلاحه.. لا يصح:

أولاً: لأن ندمه كما قد يكون لأجل اكتشافه الخطأ كذلك قد يكون لأجل أن ما فعله قد نشأت عنه مشكلة, ولم يستطع أن يحقق أهدافه كاملة.. فأراد أن يمتص الآثار السلبية لما فعله في آل النبي () بإظهار هذا الندم، فلماذا جزمت بالأول.. ولم تلتفت إلى الثاني. مع أننا قد نبهناك عليه في رسالتنا السابقة..

بل إن الأمر ليس فقط لم يحقق له أهدافه المرجوة، وإنما هو تسبب له بفضيحة كبرى، حيث أصبح متهماً ببغض أهل البيت، وأصبح يحتاج إلى الحلف على أنه يحبهم.. ولم تعد الدعوى المجردة تكفيه، ولم يكن الحلف يؤثر في رفع التهمة فكان يحتاج تكراره..

ثانياً: قد اعترفت بأن أبا بكر كان قد اندفع لموقف مغضب لله ولرسوله وللزهراء، بسبب جهله ببعض الأدلة ثم ظهر له من الأدلة ما كان يجهله باعترافك.. فكيف نطمئن بعد هذا إلى أنه يملك من المعرفة والعلم ما يجعله أهلاً لمقام الخلافة وسياسة العباد وفق ما يريده الله تعالى؟!

12 ـ بالنسبة للفقرة رقم (12) نقول:
أولاً: لا معنى لأن تستدل على عدم تأخر إسلامه بأن أحداً لم يقل ذلك.. فإنه إذا دل الدليل على أن أبا بكر لم يسلم إلا بعد سنوات من البعثة، فالدليل هو الميزان، ولا ينظر إلى أقوال هذا أو ذاك من المؤرخين والمحدثين.. لأنهم قد تخفى عليهم بعض الحقائق، وما أكثر ما يخفى عليهم منها. وتلك هي الدراسات والبحوث العلمية تثبت لك ذلك بأيسر طريق..

ثانياً: إن لقائل أن يقول: إن ثمة سعياً لتزوير وطمس الحقائق لصالح أبي بكر، باعترافك أنت حيث قلت:

(صحيح أن بعض السنة بالغ وذكر إسلامه قبل علي وزيد).

فمن بالغ هنا بهذا المقدار، لماذا لا يبالغ بأكثر منه؟! إذا اطمأن إلى قبول كلامه وعدم اكتشاف مبالغاته، فإن من يسرق البيضة قد يسرق الجمل أيضاً إن تمكن من ذلك..

ثالثاً: إذا كان قد أسلم بعد أكثر من خمسين كما رواه الطبري في تاريخه، وإذا وجدت قرائن تدل على هذا التأخير في إسلام أبي بكر لسنوات عديدة. فلماذا يكون قولنا (سنوات عديدة) هكذا لفظة غير علمية؟!

رابعاً: قولك: إنه أسلم قبل دخول دار الأرقم لو صح، فمن الواضح: أن دخول دار الأرقم قد كان بعد عدة سنوات من البعثة.

أضف إلى ذلك: أن هذا الأمر هو محل الإشكال وقد جاءت بعض القرائن لتدل على خلافه. فهل تجعل دعواك هي الدليل مع وجود نصوص توجب الريب في صحة تلك الدعوى؟!

خامساً: لقد قلت: إن عمر قد أسلم في السنة السادسة، ولكن كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم () يقول: إن إسلام عمر قد تأخر إلى ما قبل الهجرة بقليل. فراجع ما أورده ذلك الكتاب من أدلة وشواهد على ذلك.. وهي بلا شك توجب الريب في صحة ما تذكره عن إسلام عمر.

سادساً: ما هو دليلك على أن المهاجرين الأولين كانوا خمس مئة.. ولماذا لا يكونون ثلاثة أشخاص، أو خمسة، أو عشرة، أو عشرين، أو خمسين، أو مئة، أو مئتين أو.. أو.. إلخ..

سابعاً: قولك:
عن المهاجرين الأولين: (وكلهم من المرضي عنهم في الكتاب والسنة، وأبو بكر من أوائل هؤلاء).. لا يصحح لك إمامة أبي بكر. وذلك لما يلي:

ألف: إن الآية قد نصت على المهاجرين الأولين.. وليس ثمة ما يدل على المراد بهم، فهل هم ثلاثة، أو خمسة، أو عشرة، أو أزيد.. فإن هذا غير معلوم، فإن كان لديك دليل قاطع فائتنا به لننظر فيه..

فلا يوجد لديك ما يثبت دخول أبي بكر في مدلول الآية، إذا كان يحتمل أن يكون أبو بكر قد أسلم بعد أكثر من خمسين، وبعد عدة سنوات، فكيف تقول: إنه من أوائل المهاجرين الأولين؟

ب: إن الآية قد جاءت بصيغة العموم، وهي لا تأبى عن التخصيص، بالخبر الثابت في حق بعضهم، ويكون أبو بكر قد خرج من الآية بواسطة الحديث الشريف.. على سبيل التخصيص لعمومها.. كما أوضحناه من قبل..

ج: إن هناك أحاديث كثيرة جداً مروية بأسانيد صحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما تدل على أن أكثر الصحابة لا يدخلون الجنة يوم القيامة بل يدخلون النار وأنه لا يبقى منهم إلا مثل همل النعم.. فهي مخصصة للآية الكريمة حسبما ذكرناه فيما سبق.. وإليك طائفة من هذه الأحاديث الصحيحة:

1 ـ عن أبي وائل قال: قال عبد الله: قال النبي( وسلم): (أنا فرطكم على الحوض، ليرفعن إليَّ رجال منكم، حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي، يقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك)[26].

2 ـ عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت النبي ( وسلم) يقول:

(أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً ليرد عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم..

قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عيّاش وأنا أحدثهم هذا فقال: هكذا سمعت سهلاً ؟ فقلت: نعم، قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه قال: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدّلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي)[27].

3 ـ عن ابن عمر أنه سمع النبي ( وسلم) يقول:
(لا ترجعوا بعدي كفاراً. يضرب بعضكم رقاب بعض ونفس ذلك رواه أبو بكرة، وجرير، وابن عباس عنه ( وسلم))[28].

4 ـ عن عبد الله قال: قال رسول الله ( وسلم):
(إني فرطكم على الحوض، وإني سأنازع رجالاً فأغلب عليهم، فأقول: يا رب أصحابي. فيقال: لا تدري ما احدثوا بعدك)[29].

5 ـ عن حذيفة: أن رسول الله ( وسلم) قال:

(ليردن علي الحوض أقوام فيختلجون دوني فأقول: رب أصحابي رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)[30].

6 ـ عن ابن عباس في حديث له عنه يقول ( وسلم) فيه: وإن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي؟ أصحابي؟ فيقول: إنه لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول، كما قال العبد الصالح: (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم.. إلى قول الحكيم)[31].

7 ـ وعن أنس عن النبي ( وسلم) قال:
(ليردن عليّ ناس من أصحابي الحوض، حتى (إذا) عرفتهم اختلجوا دوني فأقول: أصحابي. فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك. وعبارة مسلم: ليردنّ عليّ الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليّ اختلجوا دوني فلأقولنّ: أي رب أصحابي أصحابي)[32].

8 ـ عن أبي هريرة: أنه كان يحدث أن رسول الله ( وسلم) قال:
(يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي، فيحلؤون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى)[33].

9 ـ عن أبي هريرة عنه ( وسلم) أنه قال:
(ترد عليّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه، كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله قالوا: يا نبي الله أتعرفنا قال: نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم تردون عليّ غرّاً محجلين من آثار الوضوء وليصدّن عني طائفة منكم فلا يصلون فأقول: يا رب هؤلاء من أصحابي؟ فيجيبني ملك فيقول: هل تدري ما أحدثوا بعدك؟)[34].

10 ـ وعن أبي هريرة أيضاً عن النبي ( وسلم) قال:
(بينا أنا قائم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم فقلت: أين ؟ قال إلى النار والله. قلت: وما شأنهم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. قلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنكم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم)[35].

11 ـ وروي عن عمار أيضاً:
(إن في أصحاب النبي ( وسلم) اثني عشر منافقاً لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط)[36].

12 ـ عن أبي بكرة: أن رسول الله ( وسلم) قال:
(ليردنّ عليّ الحوض رجال ممن صحبني ورآني، حتى إذا رفعوا إلي ورأيتهم اختلجوا دوني فلأقولن: رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك)[37].

13 ـ عن أبي سعيد الخدري عن النبي ( وسلم) أنه قال: تزعمون أن قرابتي لا تنفع قومي؟ والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة إذا كان يوم القيامة يرفع لي قوم يؤمر بهم ذات اليسار فيقول الرجل: يا محمد أنا فلان بن فلان ويقول الآخر: أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب قد عرفت ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم على أعقابكم القهقرى[38].

14 ـ قالت أسماء بنت أبي بكر: قال رسول الله ( وسلم):
(إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم. وسيؤخذ أناس دوني فأقول: يا رب مني ومن أمتي فيقال: أما شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم)[39] الخ..

15 ـ عائشة تقول: سمعت رسول الله ( وسلم) يقول، وهو بين ظهراني الصحابة:
(إني على الحوض أنتظر من يرد عليّ منكم فوالله ليقتطعن دوني رجال. فلأقولن: أي رب مني ومن أمتي فيقول: إنك ما تدري ما عملوا بعدك مازالوا يرجعون على أعقابهم)[40].

16 ـ وعن أم سلمة: أنه ( وسلم) قال:
(أيها الناس بينما أنا على الحوض جيء بكم زمراً، فتفرّقت بكم الطرق فناديتكم: ألا هلمّوا إلى الطريق، فناداني منادٍ من بعدي، فقال: إنهم قد بدّلوا بعدك، فقلت: ألا سحقاً ألا سحقاً)[41].

17 ـ عن أم سلمة: أنه ( وسلم) قال:
(أيها الناس إني لكم فرط على الحوض فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال، فأقول: فيم هذا ؟

فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً)[42].

18 ـ عن أم سلمة قالت: قال النبي ( وسلم):
(من أصحابي من لا أراه ولا يراني بعد أن أموت أبداً)[43].

19 ـ في كتاب المواهب لمحمد بن جرير الطبري الشافعي عن أبي علقمة قال:
(قلت لسعد بن عبادة وقد مال الناس إلى بيعة أبي بكر: ألا تدخل فيما دخل فيه المسلمون؟ قال: إليك مني فوالله لقد سمعت رسول الله ( وسلم) يقول: إذا أنا متُّ تضِلّ الأهواء، ويرجع الناس على أعقابهم فالحق يومئذ مع علي وكتاب الله بيده، ولا تبايع أحداً غيره)[44].

20 ـ وكان طلحة بن عبيد الله وابن عباس وجابر بن عبد الله يقولون: صلى رسول الله ( وسلم) على قتلى أحد وقال رسول الله ( وسلم): أنا على هؤلاء شهيد، فقال أبو بكر: يا رسول الله أليسوا إخواننا، أسلموا كما أسلمنا وجاهدوا كما جاهدنا ؟ قال:

(بلى ولكن هؤلاء لم يأكلوا من أجورهم شيئاً ولا أدري ما تحدثون بعدي، فبكى أبو بكر وقال: إنا لكائنون بعدك؟)[45].

21 ـ عن مرة قال: حدثني رجل من أصحاب النبي ( وسلم) قال: قام فينا رسول الله ( وسلم) على ناقة حمراء مخضرمة فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ إلى أن قال:
(ألا وإني فرطكم على الحوض أنظركم وإني مكاثر بكم الأمم فلا تسوّدوا وجهي. ألا وقد رأيتموني وسمعتم مني، فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار ألا وإني مستنقذ رجالاً أو إناثاً ومستنقذ مني آخرون فأقول: يا رب أصحابي؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)[46].

وأخيراً..
فقد قال المقبلي: إن أحاديث (لا تدري ما أحدثوا بعدك) متواترة بالمعنى[47].
وإن أردت التوسع في هذا الموضوع فراجع المصادر الموجودة في الهامش[48].
وبعد كل ما تقدم نقول: إذا كان البخاري وغيره يروون هذه الروايات، ويروون أنه لا يبقى من الصحابة إلا مثل همل النعم. والباقون يكون مصيرهم إلى النار..

كيف يصح قولك: إن أكثر المهاجرين كانوا في خط العدالة وأن الخارج عن هذا الخط شاذ، أو أنه من قبائل العرب، أو من الأعراب أو نحو ذلك؟!

13 ـ وحول ما ذكر برقم (13) نقول:أولاً: إن سؤالنا لا يزال حائراً يطلب منك الجواب، وهذا السؤال هو: أنه إذا لم يثبت أن الزهراء قد اتخذت إماماً آخر غير أبي بكر، وإذا كانت غاضبة على أبي بكر منذ وفاة أبيها، وقد ماتت وهي واجدة عليه، فمن كان إمامها.. فهل ماتت ميتة جاهلية؟

فإن قلت: نعم.. فإنك تكون قد كذبت نص آية التطهير فيها وما دل على أن رضاها رضا الله سبحانه وغير ذلك..

وإن قلت: لا.. لزمك الإفصاح عن الذي كانت تعتقد الزهراء إمامته.. وإن لم يكن قد تسلم زمام الخلافة الزمنية فعلاً..

ثانياً: إذا كان الله ورسوله قد توليا نصب علي للإمامة، فلا يحتاج هو إلى نصب نفسه..

ثالثاً: إن اغتصاب الإمامة من الإمام لا ينفي إمامته الواقعية، لكنه يثبت التعدي عليه في ما جعله الله تعالى له..

14 ـ وأما ما ذكرته تحت رقم (14) فنقول فيه:
ألف: إنك قد ادعيت أنك قد أجبت على بقية النقاط التي ذكرتها في رسالتي إليك، ونحن لا نريد أن نجادلك في هذا، ولكن نحيل الأمر إلى القارئ الكريم ليقارن بين الرسالة وبين جوابك..

ب: أما اعتذاراتك بأنك إنما تجيب بالإجابات الحاضرة، وأن هذا لقاء، وليس محلاً للإجابات البحثية، فهو اعتذار غير مقبول، فإن العنوان المعلن هو حوار.. والحوار فيما نفهم ليس حوار مجاملات، وتقبيل لحى، أو تبادل القصائد الشعرية. بل هو حوار فكري هادف إلى الوصول إلى الحق. بكلمة الصدق..

وعلى كل حال.. فإننا لا نريد أن نظن.. ونسأل الله أن يكون ظننا خاطئاً أنك تمهد بهذه الأقوال.. إلى إنهاء هذا الحوار، والتخلص من تبعاته..

وعلى كل حال.. فإننا نقول..
هذه رسالتنا بين يديك تنتظر الإجابة الصريحة منك، والأمر إليك لتقرر كيف ستتعامل معها.

وأما الفقرة رقم 15 والفقرة رقم 16 فليس فيهما جديد..17 ـ أما ما ورد برقم (17) فنقول فيه:
قد قلت: إن العدالتين وهما: صلاح السيرة.. والصدق في الرواية موجودتان في مجموع المهاجرين والأنصار وقد يشذ من هذا العموم من يشذ، إضافة إلى أن كثيراً من الطلقاء والأعراب، وكثيراً من قبائل العرب لم تتحقق فيهم هذه العدالة، فكانوا بين مرتد، أو سيء السيرة. وفيهم من أحسن الاتباع فكان عدلاً..

ونقول لك..
اولاً:

إن ما ذكرناه برقم 12 يكفي في وضع علامة استفهام كبيرة حول هذا الكلام..
خصوصاً.. وأن بعض الروايات الواردة في البخاري وغيره تصرح بأنه لا يبقى من أصحابه إلا مثل همل النعم..

ثانياً:
إنه لا ريب في أن المنافقين كانوا موجودين في زمن الرسول () وقد انخذل ابن أبي بحوالي ثلث الجيش في حرب أحد التي كانت في السنة الثالثة من الهجرة، وقد كان ذلك قبل فتح مكة، وقبل ظهور الطلقاء على الساحة، وقبل سنة تسع التي هي عام وفود قبائل العرب، ليعلنوا إسلامهم.

مع العلم بأن الذين انخذلوا في أحد لم يكونوا كل المنافقين، بل هؤلاء هم الذين وجدوا الجرأة أو المصلحة لأنفسهم بإظهار الخلاف.. ولا دليل على أنه لم يبق منهم في جيش النبي () من كان يرى مصلحته في التستر، وفي المشاركة..

ثم إنك لا تستطيع أن تدعي أن النفاق كان مختصاً بالأنصار وتستثني المهاجرين.. فهل ثلث الجيش، والله أعلم، بمقدار من بقي، كانوا أشذاذاً، أو كانوا من قبائل العرب، أو من الأعراب؟!

وهل يجوز لك أن تحددهم بهذه الطريقة؟! وما هو دليلك على هذا التحديد؟!

وإذا كان الله تعالى يقول: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}[49].

ويقول أيضاً: {لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}[50] إن رسول الله () لا يعلمهم.. فهل علمتهم أنت بعد ألف وأربع مئة وثلاثة عشر سنة من وفاته ()..

إلا أن تقول: إن الناس بمجرد موت رسول الله () صاروا مؤمنين، وخرجوا من النفاق؟!

ثالثاً:
قد ذكرنا أن آية: {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ}.. خاصة بالسابقين. وخاصة بالأولين. وخاصة بغير المنافقين وخاصة بغير من أغضب الزهراء () وخاصة بغير همل النعم الذين يبقون بعد أن يؤخذ بالبقية ذات الشمال في يوم القيامة..

فكيف حكمت بهذا الحكم وحددت العدول من الصحابة وميزتهم من غير العدول؟!

وبقيت الفقرتان رقم 18 و19 فإننا لم نجد لهما أي ارتباط بما نحن فيه ونحن لم نتحدث عن وصول الأمة إلى قبضة شارون.. ولا عن غير ذلك مما أوردته فيهما..

ولذلك فنحن نرد بضاعتك في هاتين الفقرتين إليك..

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين..

[16] سورة آل عمران /153.
[17] سورة التوبة /25.
[18] راجع مستدرك الحاكم ج3 ص255 وتلخصيه للذهبي بهامشه.
[19] في المستدرك على الصحيحين ج3 ص327.
[20] راجع المستدرك على الصحيحين ج3 ص321.
[21] راجع صحيح البخاري ج5 ص106 وصحيح مسلم ج3 ص106.
[22] سورة التوبة/100.
[23] النساء/80 .
[24] آل عمران /31 .
[25] راجع هذه النصوص في: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف. وكتاب الخمس وكتاب المناقب، وصحيح مسلم ج7 ص141، وفي فضائل فاطمة، ومسند أحمد ج4 ص328، وحلية الأولياء ج2 ص40، وسنن البيهقي ج7 ص64، ومستدرك الحاكم ج3 ص158 و159، وغوامض الأسماء المبهمة ص340 و341، وسنن ابن ماجة ج1 ص616، وأسد الغابة ج 5 ص 521، والمصنف ج7 ص301، و302 و300 بعدة نصوص، وفي هامشه عن عدد من المصادر، ونسب قريش ص87 و312، وفتح الباري ج7 ص6، وج9 ص286، وتهذيب التهذيب ج7 ص90، وشرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 88 و 51 وج 4 ص 64 ـ 66، ومحاضرة الأدباء المجلد الثاني ص 234، والسيرة الحلبية ج 2 ص 208، وتلخيص الشافي ج 2 ص 276، ونقل عن سنن أبي داود ج 2 ص 326.
وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج 1 ص 4، ونزل الأبرار ص 82 و 83، وفي هامشه عن صحيح البخاري ج 2 ص 302 و 189 وج 3 ص 265، وعن الجامع الصحيح للترمذي ج 5 ص 698.
[26] صحيح البخاري ج9 ص58 كتاب الفتن وج8 ص148 وفي آخره أنه نقل أيضاً عن حذيفة ومسند أحمد ج1 ص439 مع تفاوت يسير.
[27] صحيح البخاري ج9 ص58/59 وج8 ص150 وصحيح مسلم ج7 ص96 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص159 ومسند أحمد ج5 ص333 وراجع ج3 ص28.
[28] صحيح البخاري ج9 ص63 و64 وصحيح مسلم ج1 ص58.
[29] صحيح مسلم ج7 ص68 بعدة أسانيد ومسند أحمد ج1 ص402 و406 و407 و384 و425 و453.
[30] مسند أحمد ج5 ص388 وراجع ص393 وأشار إليه في صحيح البخاري ج8 ص148/149.
[31] صحيح البخاري ج8 ص169 و204 وج6 ص122 و69 و70 وج8 ص136 وصحيح مسلم ج8 ص157 ومسند أحمد ج1 ص235 و253 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص160 وعن الجمع بين الصحيحين.
[32] صحيح البخاري ج8 ص149 وصحيح مسلم ج7 ص70 و71 ومسند أحمد ج3 ص381 وعن الجمع بين الصحيحين الحديث رقم 131 وفي إحقاق الحق باب ما رواه الجمهور في حق الصحابة أنهم رووا مثل ذلك عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر وسعيد بن المسيب وحذيفة وأبي الدرداء.
[33] صحيح البخاري ج8 ص150 وبعده نفس الحديث الذي رواه ابن المسيب عن أصحاب النبي ’.
[34] صحيح مسلم ج1 ص150.
[35] صحيح البخاري ج8 ص150/151 والمصنف لعبد الرزاق ج11 ص406 وعن الجمع بين الصحيحين الحديث 267.
[36] راجع: صحيح مسلم ج7 ص122 و123.
[37] مسند الإمام أحمد ج5 ص48 وص50 بسند آخر.
[38] مسند أحمد ج3 ص39 ويقرب منه ما في ص18 وكنز العمال ج11 رقم 2472.
[39] صحيح البخاري ج8 ص151/152 وصحيح مسلم ج7 ص66 وكنز العمال ج11 رقم 2461.
[40] صحيح مسلم ج7 ص66 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص159 وكنز العمال حديث رقم 1416.
[41] مسند أحمد ج6 ص297.
[42] صحيح مسلم ج7 ص67.
[43] مسند أحمد ج6 ص298.
[44] ملحقات إحقاق الحق ج2 ص296.
[45] مغازي الواقدي ج1 ص410.
[46] مسند أحمد ج5 ص412 وفي صحيح البخاري ج5 ص159-160: عن العلاء بن المسيب عن أبيه، قال: لقيت البراء بن عازب رض فقلت: طوبى لك، صحبت النبي ص وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا بن أخي لا تدري ما أحدثنا بعده.
[47] راجع: أضواء على السنة المحمدية ص350 نقلاً عن العلم الشامخ للمقبلي.
[48] بالإضافة إلى ما تقدم: مصنف عبد الرزاق ج11 ص406 ـ 407، وتنوير الحوالك ج1 ص51، والبحار ج28 كتاب الفتن ص26 حتى 36، وكنز العمال ج11 ص157 رقم 645 وفي ذيله: >إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك مرتدين على أعقابهم< ورقم 746 ورقم 747 وفيه: >ولكنكـم ارتـددتـم بعدي ورجعتم القهقرى< وص155 رقم 776 وفيه: >فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم بعضاً< وج11 ص221 رقم 2411 عن أبي هريرة وفيه: >إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى< وفي بعضها عن حذيفة رقم 2412 وعن أنس رقم 2414 وعن سمرة رقم 2481 وعن أبي هريرة رقم 2415 وعن حذيفة رقم 2476 و2471 وعن أم سلمة رقم 417 وعن أنس وحذيفة رقم 2418 وعن زيد بن خالد رقم 2424 وعن ابن مسعود رقم 2470 وعن أسماء بنت أبي بكر وعائشة رقم 2416 وعن أبي سعيد رقم 2472 وغير ذلك مما لا يمكن استقصاؤه في هذه العجالة.
[49] سورة التوبة: الآية 101.
[50] سورة التوبة: الآية 101.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر




خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي الفصل الرابع: لماذا سكت المالكي؟!!
قديم بتاريخ : 22-Jul-2009 الساعة : 10:29 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الفصل الرابع: لماذا سكت المالكي؟!!

لماذا سكت المالكي؟

وقد انتظرنا إجابة المالكي أياماً وليالي طويلة.. ولما يأتنا الرد، وقد أخذتنا الحيرة..

وازدادت.. وبقي السؤال: لماذا لا يجيب على أي سؤال، وهل غادر الشبكة دون أن يعتذر لمحاوريه عن مواصلة الحوار معهم.

أليس من اللياقة أن يفعل ذلك.. وألا يعد انسحابه من الحوار بهذه الطريقة إساءة أدبية إلى محاوريه..
وهل من مبرر لتعمد الإساءة إليهم؟!

إنهم لم يسيئوا إليه ولو بكلمة واحدة، رغم أنه كان قاسياً عليهم، بل كانت معاملته لهم مهينة لهم، من بداية ظهوره كضيف على شبكة الميزان حتى اللحظات الأخيرة، حيث إنه لم يزل يعرض لهم بالكلام الجارح، وبالإهانة لمذاهبهم، ولطوائفهم، إلى درجة أنه اتهم الشيعة بأنهم أكذب الفرق، وادعى أن ذلك ثابت لديه بالدراسة الموضوعية..

إلى غير ذلك مما ظهر على (صفحة الميزان) بعضه..

أما نحن، فإن غاية ما يمكن أن يعتبره قسوة عليه، هو الإعلان بالحق، والجهر بالحجة وبالدليل، من دون مواربة, وبصورة حاسمة للجدل.. رغم أنه لم يكن ملتزماً بمعايير البحث العلمي، فلماذا يترك ويصمت عن الحديث معهم كل هذا الوقت الطويل مع أنهم قد التزموا بكل آداب الحوار العلمي الهادي والموضوعي كما أظهره هذا الحوار.. والحوارات التالية في القسم الثاني وكذلك سائر ما ورد على (صفحة شبكة الميزان)..

وأخيراً.. فقد أرسل المالكي رسالته التي ترفع الحيرة، وتزيل الشك، وذلك بما تضمنته من إهانات واتهامات لمحاوريه، وهو يعلن انسحابه من الحوار بهذه الطريقة الغريبة..

فلماذا فعل المالكي، ذلك يا ترى؟!..

إن الإجابة على هذا السؤال ستبقى برسم القارئ الكريم، الذي نثق بإنصافه، وبدرايته، وستكون إجابة مسؤولة، وواعية، ومنصفة إن شاء الله تعالى.

ولكننا نطلب أن لا يعجل بهذه الإجابة قبل أن يقرأ رسالة المالكي وردنا عليه.. وسنورد الرسالة والرد في آخر هذا الكتاب، بعد استعراضنا لسائر فقرات هذا الحوار..

فإلى القسم الثاني من هذا الكتاب..

يتبع>>>

نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر



إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc