[ابو باقر]

لقد تابعت بحسرة برامج قناة المستقلة المحرضة على مدرسة آل البيت التي وصلت إلى اتهام الشيعة بالكذب على الرسول وعلى الأئمة من اجل عقيدة فاسدة حتى أصبحت الدعوة إلى موالاة آل البيت في مجتمعات العامة دعوة إلى الفتنة والتفريق بين المسلمين و بدل النقاش الموضوعي تحولت الحوارات إلى التطاول على المرجعية واتهامها بتكفير أهل السنة متجاهلين فتاوى التكفير للشيعة التي ملأت الخافقين من علماء السعودية والسلفية بشتى طوائفهم..ويقولون إن التشيع من أصل إيراني وهذه مغالطة مفضوحة لان مهد التشيع لايزال في ارض العرب في العراق في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكوفة وفي لبنان في جبل عامل قبل أن تكون قم المقدسة كما أن أغلبية المراجع العظام من سلالة النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وهو سيد العرب وليس بفارسي ..مع العلم أن أغلبية رؤساء المذاهب السنية كانوا من الموالي وبعضهم غامض النسب والأصل
غير أني أتأسى بمظلومية فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) ومظلومية الإمام علي(سلام الله عليه) ومظلومية الأئمة من بعده بل بمظلومية الرسول الأعظم الذي تطاول عليه الظالمون وقالوا انه يهجر وحرموا الأمة الإسلامية من أعظم عرض عرضه نبي على قومه ألا وهو الأمن من الضلال
وهم يقولون أن الخلافة في الإسلام أمر إضافي اجتهادي لا غير وليس أصلا من أصول الدين ثم بعد ذلك يقحمونها في عقيدتهم ويقاتلون الشيعة من اجل أمر لا نص عليه عندهم ..ثم ماذا تخسر الأمة لو اتبعت آل البيت وقدرتهم قدرهم؟ بل لماذا نحب أبا بكر الذي اغضب الله في فاطمة وعطل الحد على خالد بن الوليد ومنع تدوين السنة ولماذا نحب عمر الذي حرم نشر الحديث وعاقب على تفسير القران وحبس الصحابة في المدينة عن التحديث عن رسول الله ودرا الحد عن المغيرة بن شعبة وما أمر عثمان بهين ناهيك عن معاوية وابن النابغة ..والله لو تبرءوا من هؤلاء لتركت التشيع. أليس السبب في ضياع السنة وبروز البدعة هو الفراغ الذي حدث من سياسة عمر الخبيثة في منع الحديث بل لماذا فعل ذلك و ماهو غرضه من ذلك إن لم يكن ذلك عداء لآل البيت وخطهم ونهجهم ..فانا أفضل أبا ذر وأبا دجانة وعمار وسلمان وبلال على العمرين..و الفتوحات التي يطرونهم بها لاتعدوا كونها احتلال واستعمار بالمفهوم الحديث عند أصحاب الحركة الأمازيغية في الجزائر ولو كانت فضيلة فالأجدر بها أبطال الميدان وقادة المعارك ولكن مؤرخي أهل السنة ينسبون جهودهم إلى عمر الذي رفض المشاركة في فتوحات الرسول تحت قيادة أسامة.كما نسبوا جهود بدر إلى الداخل الأموي وجهود جوهر الصقلي إلى المعز الفاطمي كعادتهم
لماذا أفارق النص من اجل اجتهاد عمر الذي اعترف إنها فلتة وقى الله من شرها؟
إن الاعتقاد بولاية علي(سلام الله عليه) حتى بدون وجود النص ـ عقلا ووجدانا ـ مقبول فأعماله وبطولاته تؤهله بجدارة لهذه المنزلة فماذا والنص موجود عند الفريقين (من كنت مولاه فعلي مولاه)بل إن ولاية الإمام علي (سلام الله عليه)لا تحتاج إلى النص عند كل إنسان سليم الفطرة، بل كيف نتصور الإسلام كدين كامل وهو لا يعير لمسالة الحكم أهمية تذكر لولا تفطن عمر لهذا النقص؟! ثم بعد هذا الفراغ الذي تركه الرسول و اكتشفه عمر كيف نهضم قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم )؟
ومما يجدر ذكره أن أهل السنة يخلطون بين مفهوم الإمامة ومفهوم الخلافة عند الشيعة لذلك تراهم يحتجون ببيعة الإمام علي للخلفاء لإبطال إمامته ويقولون لو كانت الإمامة حقا لدافع وقاتل عن حقه ولما تنازل لهم عن منصبه وإلا فهو لا يعتقد في نفسه ما يعتقده فيه الشيعة.وهذا الخلط ناتج من سوء الفهم بل من قلة التدبر للقران وعدم التعمق في مفاهيمه وآياته.. والجواب أن الإمامة منصب الهي(تكويني) والخلافة منصب بشري(تشريعي) وإنكار الإمامة كفر وعدم طاعة الإمام معصية. ذلك لان الإمام فرض الله طاعته على كل أهل عصره، ولكنه لا يستطيع ـ أو لا يجب عليه ـ تولي الحكم بدون اخذ البيعة..حتى الإمام المهدي سوف لن يتولى القيادة قبل أخذ البيعة من الناس والله تعالى يسأل الأمة عن الإمام يوم القيامة . وباختصار إذا تركت الأمة إمامها فاللوم والإثم على الأمة وليس الإمام..أليس الرسل هم أئمة على الناس كافرهم ومؤمنهم وعدم وصولهم إلى الحكم لا يبطل إمامتهم ولا يرفع حجة الله على الناس بوجوب طاعة هؤلاء الأئمة. بل إن الرسول الأعظم لم يتول الحكم إلا بعد اخذ البيعة ..هذا من جانب .
ومن جانب آخر ؛إن الإمام لا يجب عليه القتال بدون أنصار أو نيابةً عن الأمة إذا قعدت عن القتال ، ومعصيتهم له لا تنفي إمامته تماماً كما حدث لموسى حينما استنفر بني إسرائيل لدخول الأرض المقدسة فقعدوا عنه إلا رجلين..
وفي القران أيضا أن الإمام يجوز له ـ في ظروف معينة ـ أن ينضوي تحت سلطان غيره كما حدث مع سيدنا يوسف .
وهكذا ينحل الإشكال بالقران الكريم ؛ فمبايعة الإمام علي (سلام الله عليه)للثلاثة لا تنفي إمامته ولا ترفع الحجة على الأمة كما انه لا يجب عليه قتال الخلفاء الثلاثة بدون أنصار وقد رأيناه يقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين بعد اخذ البيعة
إن رسالات السماء قائمة على أساس الابتلاء (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) . أما الإعجاز فهو لرفع معنويات المؤمنين في الميدان وليس للنيابة عنهم ؛ وفشل الأمة في الابتلاء لا يلغي دور الإمامة ولا يقلل من نجاعتها .