أحزان صفــر
( قصيدة في الأربعينية )
مالي رأيتُكَ يا محرَّمُ مُسْرِعا
تمضي ، وقد قرَّحتَ منَّا المَدْمَعا
+++++++++++
أَلِمَنْ تركتَ قلوبَنا ، ونفوسَنا
وهي التي قد آنستْكَ المَفْزَعا
+++++++++++
بالدمع كانتْ تستطيبُ طهارةً
وتسامياً فوق الهوى وتَرَفُّعا
+++++++++++
وتعيش في ذكرى الحسين قداسةً
وتعيش فيه بشارةً وتطلُّعا
+++++++++++
فدموعنا وَردٌ سقيناهُ الولا
هام الفؤاد بعطرهِ واستمتعا
+++++++++++
ودموع من يبكي الحسين مودةً
لو لامست جبلَ الذنوب تصدَّعا
+++++++++++
أتركتها لمعيشةٍ لن تنقضي
إلا بنقضِ سرورها ، أو تقنَعا
+++++++++++
أتركتها للحادثات تنوبها
بالبائناتِ ، تشفياً وتلوعا
+++++++++++
فأجابني : قد كنت خاتمة الأسى
لكنَّهُ صفرٌ أَجَنَّ المطلعا
+++++++++++
أضنى الزكيَّ بغُرَةٍ ما أزهرَتْ
لمّا تناولَ سمّها ، وتجرَّعا
+++++++++++
هو أولٌ للمجتبى ، هو آخِرٌ
للمصطفى ، ولمن بطوسٍ أُودِعا
+++++++++++
وبه رؤوس الآل رُدَّتْ للثرى
إذ آنَ للأوصال أن تتجمَّعا
+++++++++++
من بعد ما دارت دوائرها التي
حكمَ القضا فوق القنا أن تُرفَعا
+++++++++++
أمودعاً رزءَ الحسين بكربلا
هلاّ ذكرت محمداً مسترجِعا
+++++++++++
قُمْ زائراً قبرَ النبيِّ وبنتِهِ
واذكرْ مصابَ الآل واذكر أضلعا
++++++++++
وانظرْ مدينتَهَ المنورةَ التي
قد أظلمت حزناً ، وصارتْ بلقعا
+++++++++++
فبيوت آل محمدٍ قد أصبحتْ
نهباً لأهواء اللئام ومطمعا
+++++++++++
أو بنتُ عمرانَ التي انتبذت مكا
ناً ، كي تُواريَ حِمْلَها المستودعا
+++++++++++
أمْ بضعةُ المختار قد هَجَرَت مد
ينتَهُ لكي تبكي الرسول تفجعا
+++++++++++
فبكاؤها إن كان آذى يثرباً
فلكم شجى عرشَ السماء وأوجعا
+++++++++++
قُمْ جَدِّدِ الذكرى فهديُ محمدٍ
من بعد هاديه بعمدٍ ضُيِّعا
+++++++++++
مالوا عن الحق المبين وأهلِهِ
وتعاهدوا ألا يولوا الأنزعا
+++++++++++
وهو الوصيُّ ولم يولِ أحمدٌ
يومَ الغدير سوى الأميرِ ، فبويعا
+++++++++++
قد بايعته أكفُّهم لكنَّهُمْ
نكثوا العهود ، تنكراً وتمنعا
+++++++++++
وتسابقوا نحو التراث ، وزاحموا
آلَ النبي حقوقَهم ، والموقعا
+++++++++++
من غسَّلَ الهادي وكفَّنَهُ ومنْ
صلَّى عليه من الصحاب ، وشيَّعا
+++++++++++
شغلتهُمُ يومَ السقيفة إمرةٌ
فنسوا النبيَ ، وأمرَهُ ، ولِما دعا
+++++++++++
فالأمرُ من بعدي لحيدرَ فاسمعوا
ولكَمْ أعادَ مقالَهُ ، أو أسمَعا
+++++++++++
يسألهُمُ أجر المودة في الألى
كانوا مناراً للدنا متشعشعا
+++++++++++
فأتى الجوابُ أسنةً لا تشتفي
إلا برؤيةِ آلِ أحمدَ صُرَّعا
+++++++++++
يا سيد الكونين ما حالُ الذي
أمسى لآلك مُرهِباً ومُرَوِّعا ؟!
+++++++++++
يا سيد الكونين ما حالُ الذي
عصرَ البتول وحِمْلها والأضلعا؟!
+++++++++++
ما حالُ من قتل الوصيَّ المرتضى
من كان باباً للعلوم ومجمعا
+++++++++++
يا سيد الكونين ما حالُ الذي
سمَّ الزكيَ ، وللحشا قد قطَّعا؟!
+++++++++++
يا سيد الكونين ما حالُ الذي
جزر الحسين وصحبَه والرضَّعا؟!
+++++++++++
يا سيد الكونين ما حالُ الذي
احتزَّ الرؤوس بكربلا والإصبعا؟!
+++++++++++
يا سيد الكونين ما حالُ الذي
حمل الفواطمَ للشآم وأفزعا؟!
+++++++++++
واليوم ما حالُ الذي بضلاله
أضحى لهديك هادماًَ ومُزَعزعا؟!
+++++++++++
ومتاجراً بدم الحسين ودمعةٍ
قضَّتْ مدى الأيام منهُ المضجعا
+++++++++++
أيقول ما نفع البكاء وعبرةٍ ؟!
فلمَ بكى يعقوب يوسفَ موجَعا؟!
+++++++++++
فيمَ الإعادةُ والروايةُ والعزا؟!
أ أعاد دمعٌ ميتاً أو أرجعا؟!
+++++++++++
أو كان يقرأ في الكتابِ تدبراً
ما قصَّ من قصصِ الورى ، وتتبعا؟!
+++++++++++
أم أنه أعمى البصيرة والنهى
ولحكمة العلاّم لم يكُ قد وعى
+++++++++++
أيظن مصباحَ الحسين سينطفي
إن مات في أرض الوغى أو صُرِّعا؟!
++++++++++
أم أنه باقٍ بسيرته التي
في كلِّ يومٍ تستهلُّ الأدمعا
++++++++++
سنعيدها ونعيدها ونعيدها
لن نرتوي من ذكرها أو نشبَعا
+++++++++++
إنَّ الحبيبَ إذا ذَكَرْتَ حبيبَه
ما ملَّ ، بلْ طَلَبَ المزيدَ تولُّعا
+++++++++++
وإلى الذي يدعو لفكر حداثةٍ
ولطيِّ ماض في القلوب ترعرعا
+++++++++++
فلم لبست عباءةً وعمامةً ؟
أولى بمن جحد الردا أن ينزعا
+++++++++++
هذا اللباس لباس آل محمدٍ
هو لا يناسب كاذباً متصنعا
+++++++++++
ولعلَّ بعضَ اللابسين لباسَهم
يخفي به فكراً خبيثاً مُبدِعا
+++++++++++
أو تحته أخفى عقاربَ همُّها
أن تزرق السمَّ الزعاف ، وتلسعا
+++++++++++
وأقول ما عاشت رسالة أحمدٍ
إلا بناع في المحرم قد نعى
+++++++++++
من كان يكره حزننا وبكاءنا
ما كان يوماً مؤمناً متشيعا
+++++++++++
ما كان يسعى لاجتلاء حقيقةٍ
بل إنه صكَّ الضلالةِ وقَّعا
+++++++++++
أتراه يحلم أن يكون مع النبي
والآل ، في غرف النعيم مُشَفَّعا
+++++++++++
والله لو دخل الجنان بغيِّه
لخرجت منها هارباً مما ادعى
+++++++++++
يا سيد الكونين إنّأ معشرٌ
نهواكمُ ، نهوى الأصولَ وأفرعا
+++++++++++
نهواك ، نهوى فاطماً ، والمجتبى
نهوى البطين الهاشميَّ الأنزعا
+++++++++++
نهوى حسيناً ، والأئمة بعده
ولنصرة المهديِّ نلهج بالدُعا
+++++++++++
فانظر إلينا يا حبيبَ قلوبنا
ما كنت تنسى هائماً متضرعا
+++++++++++
نسعى إليكم بالمودة والتقى
إذ ليس للإنسان إلا ما سعى
+++++++++++
خادم مولانا الحسين : صفوان بيضون
يسألكم الدعاء