الليلة الأولى - على مائدة الإفطار - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: الشــعـر والأدب :. ميزان شعراء أهل البيت صلوات الله عليهم صفوان بيضون حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1431
منوعات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
كاتب الموضوع صفوان بيضون مشاركات 0 الزيارات 1742 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.18 يوميا
النقاط : 215
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1431
افتراضي الليلة الأولى - على مائدة الإفطار
قديم بتاريخ : 02-Oct-2010 الساعة : 06:12 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


أعزائي المشاهدين
السلام عليكم
سلام الرحمة ، سلام المغفرة ، سلام العتق من النار .
سلاماً رمضانياً مزيناً بالبركات ، مزركشاً بالخيرات ، معطراً بالصلوات ، على محمد وآل محمد .
السلام عليكم : سلاماً حتى مطلع الفجر ، في شهر ليلة القدر .
في شهر : عفو الله فيه يستغرق الذنوب ... فكيف حبه ؟
وحبه ينير القلوب ... فكيف وده ؟
ووده يدهش العقول ... فكيف قربه ؟
وقربه ينسي هموم الدنيا ... فكيف لقاؤه ؟

++++++++++++++++


على مشارف شهر الله .. شهر رمضان المبارك ، يرتقي رسول الله صلّى الله عليه وآله منبر الجمعة فيخاطب جماهير المسلمين ، يذكّرهم ويبعث في أنفسهم الشوق إلى عبادة الله والتقرّب إليه تبارك وتعالى قال صلّى الله عليه وآله : (( أيّها الناس ، إنّه قد أقبل عليكم شهرُ الله بالبركة والرحمة والمغفرة ، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور ، وأيّامه أفضل الأيّام ، ولياليه أفضل الليالي ، وساعاته أفضل الساعات . وهو شهر دُعيتم فيه إلى ضيافة الله ، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله . أنفاسُكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة ، وعملكم فيه مقبول ، ودعاؤكم فيه مستجاب )) .
نعم .. تلك بشارات صادقة ، تبعث الرجاء والأمل ، وتشد القلب إلى الطاعة بحنين وشوق ، فماذا ينبغي علينا بعد شكرنا لله جلّ وعلا على هذه النِّعم العظمى ؟ يقول صلّى الله عليه وآله وسلّم :
(( فاسألوا ربّكم بنيّاتٍ صادقة ، وقلوبٍ طاهرة ، أن يوفّقكم لصيامه وتلاوة كتابه ، فإنّ الشقيّ مَن حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم .
واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوعَ يوم القيامة وعطشَه ، وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم ، ووقّروا كباركم وارحموا صغاركم ، وصِلوا أرحامكم ، واحفظوا ألسنتكم وغُضّوا عمّا لا يَحِلّ الاستماع إليه استماعَكم ، وتَحنّنوا على أيتام الناس كما يُتَحنّنُ على أيتامكم ، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم ، وارفعوا إليه أيديَكم بالدعاء في أوقات صلواتكم ؛ فإنّها أفضل الساعات ، ينظر الله عزّوجلّ فيها بالرحمة إلى عباده ، يجيبهم إذا ناجَوه ، ويلبّيهم إذا نادَوه ، ويستجيب لهم إذا دَعَوه .
أيّها الناس ، إنّ أنفسَكم مرهونة بأعمالكم ، ففكُّوها باستغفاركم ، وظهورَكم ثقيلة من أوزاركم ، فخفّفوا عنها بطول سجودكم ...
أيّها الناس ، مَن حسّن منكم في هذا الشهر خُلقَه كان له جوازاً على الصراط يوم تَزِل فيه الأقدام ، ومَن خفّف في هذا الشهر عمّا ملكت يمينه خفّف الله عليه حسابه ، ومن كفّ فيه شرَّه كفف الله عنه غضبه يوم يَلقاه ، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه ، ومن وصل فيه رِحمَه وصله الله برحمته يوم يلقاه ...
أيّها الناس ، إنّ أبواب الجِنان في هذا الشهر مُفتّحة ، فاسألوا ربّكم أن لا يُغلقها عليكم ، وأبوابَ النِّيران مُغلّقة ، فاسألوا ربّكم أن لا يفتحها عليكم ، والشياطينَ مغلولة ، فاسألوا ربّكم أن لا يسلّطها عليكم.

* * *


هكذا تكون كلمات حبيب الله صلّى الله عليه وآله نافذةً إلى القلوب ، موقظةً للأرواح من الخمول والفتور في العبادة ، فتنشط النيّات وتنهض الأبدان لطاعة بارئها عزّوجلّ ، وتهب الأرواح ملبيّة على حال من الرغبة والاستئناس ، تَنشد مرضاة ربّها ورحمته ، وهي مقتربة من بعض الحالات التي سبقتها في شهر شعبان في المناجاة الشعبانيّة الشريفة الصادرة عن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام :
إلهي انظُرْ إليّ نظَرَ مَن ناديتَه فأجابك ، واستعملته بمعونتك فأطاعك ...
إلهي هبْ لي قلباً يُدنيه منك شَوقُه ، ولساناً يُرفَع إليك صِدقُه ، ونظراً يُقربّه منك حقُّه ..

إلهي وألهِمْني ولَهاً بذِكركَ إلى ذِكرك ، وهمّتي في رَوح نجاح أسمائك ومحلِّ قدسك .
إلهي بك عليك إلاّ الحقتَني بحمل أهل طاعتك ، والمثوى الصالح من مرضاتك

...


إلهي ، واجعلْني ممّن ناديتَه فأجابك ، ولاحظتَه فصَعِق لجلالك ، فناديتَه سِرّاً ، وعمل لك جَهْراً ...
إلهي فَلَك أسأل وإليك أبتهل وأرغب ، وأسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تجعلني ممّن يديم ذِكرَك ، ولا يَنقُض عهدَك ، ولا يَغفُل عن شكرك ، ولا يستخفّ بأمرِك..

* * *


وكلّما وقف المرء على أعتاب النصوص المباركة ، من آيات مباركات أو أحاديث شريفة فاحت من البيت النبويّ الزاكي فيما يتعلّق بشهر رمضان ـ يجد أن صيامه عائد على الناس بالخير من جميع جوانبه ، وبالعُقبى ما تقرّ به العيون وتطمئنّ القلوب ، لا سيّما إذا راعى الناس مقتضيات عبادة الصوم ، وجاؤوا بها مقرونة بآدابها المعنويّة ، حينذاك سيجنون ثمار الفضائل :
فضائل روحيّة: فالصوم يولّد في قلب العبد حالة التقوى ، فهو من جهة يراعي أحكام هذه الفريضة ، فيراقب نفسه ويتحرّى ألاّ يُسخط ربّه جلّ وعلا ، ومن جهة أخرى يحذر أن يصدر منه قول أو فعل يؤذي به الآخرين ، فيُفسد على نفسه ثواب الصوم ، وتفوته الأهداف السامية التي كان يترقّبها من انقطاعه عن الطعام والشراب . فالآية التي خاطبته بالصيام تنبّهه إلى غايةٍ شريفة هي التقوى ، فهي تقول له مُناشدةً قلبّه وضميره :
يا أيّها الذين آمنوا كُتبَ عليكمُ الصيامُ كما كُتب على الذين مِن قبلِكم لعلّكم تتّقون .
إنّ الصوم يربّي عنده مراعاة أوامر الله تعالى ونواهيه ، ويشدّه إلى طاعة المولى تبارك وتعالى ، ويقطعه عمّا يستفزّه الشيطان إليه من المعاصي والوساوس والأهواء . وعندئذ تُشرق الروح بتوجّهها إلى الله عزّ شأنه ، ويستنير العقل بأخذ أحكام الشرع الحنيف ، وتشعّ الحكمة في القلب قولاً سديداً وعملاً صالحاً .. وقد رقّقه الصيام وأذهب قساوته ونبّهه من غفلته ، وشوّقه إلى العبادة يلتذّها ويستزيد منها .
وفضائل أخلاقيّة: فالصوم صبر ، والصبر ـ في كلمات رسول الهدى وأهل بيته صلوات الله عليهم ـ منزلتُه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان ، فلا إيمان لمن لا صبر له ، إذ هو رأس الإيمان .
والصوم يخلق حالة الصبر ، إذ يقوّي الإرادة ، ويُمسك العبدَ عن التهوّر والانفعال والسلوك غير المتّزن ، فيقيّده بأحكام وآداب الشريعة ، ويمنحه مناعة من المؤثّرات الداعية إلى المعاصي . فيغضّ بصره عمّا لا يحلّ النظرُ إليه ، ويغضّ سمعَه عمّا لا يحلّ الاستماع إليه ، ويغضّ لسانه عمّا لا يحلّ الكلام فيه .. وهكذا يراقب جوارحه متحرّزاً من أيّ ذنبٍ يسخط الله تعالى عليه وهو صائم يتوخّى طاعة ربّه ويرجو رحمته .
وبهذا يكون أبعدَ عن الكذب والغيبة والنميمة والنظرة الحرام ، وعن الظلم والحسد والمِراء والسَّفَه .. وعن كلّ قبيح وسوء وباطل ، بل وعن كلّ ما لا يحبّه الله تعالى ولا يرتضيه ممّا لا يليق بالصائم ، فهذا شهر الخير والرحمة ، وهذه سُوَيعات أجدر بالمؤمن ألاّ تفوته في أعمال البرّ ، وألا يَغفل فيها فيكتفي منه بالامتناع عن الطعام والشراب ، وتلك وصيّة الإمام جعفر الصادق عليه السّلام : إذا صُمتَ فلْيَصُم سمعُك وبصرك وشَعرك وجِلدك ـ وعدّد عليه السّلام أشياء غير هذا ـ ثمّ قال : لا يكون يومُ صومِك كيوم فِطرك .
الصوم في عمقه صوم عن الحرام . وأدنى الصوم الامتناع عن الأكل والشرب في نهار شهر رمضان ، وإنّما بالصبر عن الأكل والشرب يُراد الصبر على الطاعات وعن المعاصي . وتلك حكمة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّ الصوم ليس من الطعام والشراب ، وإنّما جَعَل الله ذلك حجاباً عما سواهما من الفواحش .
وكذلك هناك فضائل نفسيّة : إذ يرتقي الإنسان بالصيام عن حالة الجشع والنهم ، وعن إطلاق الشهوات بلا ضوابط ولا حدود ، ودون مراعاة أو اعتبار .
فالصائم يترفّع ويتنزّه أن يمارس ما تمارسه المخلوقات الأخرى التي لا تتمتّع بالارادة الإنسانيّة ، فيمسك نفسه عن تناول المضرّات ، ولا يرتضي لنفسه أن تُقبِلَ بلا رويّة ولا أصول على الأطعمة والأشربة كيفما اتّفق وأينما كان ومن أيّ مصدر ورد .
وبذلك يحقّق الصوم مَلَكة نفسيّة تمنح المرء حريّتَه من العبوديّات للمشتهيات والنزوات ، ولكل شيءٍ يضرّ بكرامته ولكلّ أحد يذلّه .
بل يجد الصائم بعد شهر رمضان إرادةً أقوى ونفساً أسمى من أن يخضع للباطل والشرّ والظلم ، فقد تسلّح بالإباء خلال دورة الصيام ، ووجد داخله روحاً تأبى أن تتردّى في مهاوي الضعف والهوان ، ووجد نفسه تتحلّى بمعنويات عالية ، ترتقي على نوازع الهوى ، وتقوى على قمع الشهوات الطائشة .
• يقول الإمام الرضا عليه السّلام في بيان علّة وجوب الصوم : لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش ... مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات. .
وهناك أبضاً فضائل اجتماعيّة للصوم : يُسأل الإمام الحسين عليه السّلام : لمَ افترض الله عزّوجلّ على عبده الصوم ؟ فيقول : ليجد الغنيّ مَسَّ الجوع ، فيعود بالفضل على المسكين.
• وعن الإمام الصادق عليه السّلام : أمّا العلّة في الصيام ، ليستويَ به الغنيّ والفقير ، وذلك لأنّ الغنيّ لم يكن ليجد مَسّ الجوع فيرحم الفقير ؛ لأنّ الغنيّ كلّما أراد شيئاً قدر عليه ، فأراد الله عزّوجلّ أن يسوّي بين خَلْقه ، وأن يُذيق الغنيَّ مَسّ الجوع والألم ؛ ليرقّ على الضعيف ويرحم الجائع.
• وفي بيان علل الشرائع ، يقول الإمام عليّ الرضا سلامُ الله عليه : لكي يعرفوا - أي بالصوم - ألم الجوع والعطش ، ليستدلّوا على فقر الآخرة ... وليكون ذلك واعظاً في العاجل ، ورائضاً لهم على أداء ما كلّفهم ودليلاً في الآجل ، ليعرفوا شدّة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمَسكنة في الدنيا ، فيؤدّوا إليهم ما افترض الله تعالى عليهم في أموالهم .
من هنا يكون الصوم وقد فُرض على الناس ـ كبيرهم وصغيرهم ، غنيّهم وفقيرهم ، رئيسهم ومرؤوسهم ـ سبباً لتقريب الشُّقّة بين الناس ، شأنه شأن الصلاة التي تجمعهم في صفوف واحدة ، فتذيب حالات التفاوت والتمايز ، وتحيل التكبرّ والعُجب إلى تواضع وتقارب . فيخلق الصوم حالةً من تصحيح العلاقات الاجتماعيّة بين طبقات الناس وفئاتهم ، وتجعل الأجواء أقرب إلى المساواة والوحدة في الشعور بالغاية الواحدة والهدف الواحد والاتّجاه الموحّد .
ثمّ إنّ الصيام يعمّق التعاطف الإنسانيّ والأخويّ ، فيكسر قلب الغنيّ على الفقير والمسكين ، متذكّراً ما مسّه طوال السنين من ألم الجوع وألم الحرمان ، فتحلّ الرحمة مكان القسوة ، والسخاء بدل البخل ، والصلة عوض القطيعة .
أترككم يها الأعزاء مع فاصل ثم نعود لنتابع المحطة الصحية من برنامجكم : على مائدة الإفطار .

++++++++++++++++++++++



أعزائي المشاهدين :
يقول مثل صيني قديم :
إذا أردت السلام للعالم يجب أن تؤسسه في بلدك .
إذا أردت السلام في بلدك يجب أن تؤسسه في عائلتك .
إذا أردت السلام في عائلتك يجب أن تؤسسه في نفسك .
وإذا أردت السلام في نفسك أصلح جسدك وعقلك .
أختي المشاهدة ، أخي المشاهد :
لا تقارن أي آلة تصوير مهما كانت دقتها بعينيك
لا تقارن أي طيارة أو مفاعل ذري بقلبك
لا تقارن أي بناء مهما كان تعقيده بخلايا جسمك
أهم شيء يمكنك عمله هو تصفية الغيوم من تفكيرك وحكمتك
العالم كبير ، وأنت يافع
هناك كثير من الأمكنة التي يجب أن تزار.
هناك كثير يجب عمله
الشيء الوحيد الذي تحتاجه هو الصحة
إذا عرفت سر الصحة وراعيته ، ستحصل على حريتك واستقلاليتك
ما أجمل الحياة إذا طبقت قانون الحياة لوحدك ...

أعزائي المشاهدين :
يجب العودة إلى الأطعمة الطبيعية التي كان يستسيغها الأقدمون بشبه غريزتهم ، بعد أن فقد الإنسان المعاصر إمكانية معرفته بما ينفعه ويضره ، أو بما يميل إليه ، بشعور النقص لما يحتاج إليه.
ومن القواعد المألوفة التي يجب أن نتبعها ، كما تتبعها المخلوقات الفطرية ، تناول المآكل أقرب ما تكون من حالتها الطبيعية . فتصنيع الأكل ، كما يجري حالياً في المدنية الحديثة , قد يكون من أكثر العوامل ضرراً في الصحة , لأننا في النهاية أبناء البيئة ونعيش في نفس دورة الطبيعة التي تعيشها جميع مخلوقات الله , فلا يجوز أن نخرج عن القواعد التي وضعها الله في فطرتها وألهمها إياها على مدى الأحقاب المتطاولة والأزمنة الغابرة.
ألف سلام وذكرى طيبة على تلك الأيام , والتي كانت الأرض فيها جنة الطيور والحيوان من جميع الأصناف التي تقطن فيها .
والتي لم تكن فيها المغروسات والمزروعات ترش بهذه المواد السامة والقاتلة لكل شيء تقريباً سوى جراثيم الأوبئة والأمراض التي تحتجب ثم تظهر أقوى فأقوى . من آثار استخدام الأسمدة الكيماوية أن هذه الأسمدة تؤثر في قيمة المواد المنتجة الغذائية , وتخفض من الفيتامينات وسواها من الشحنة المعدنية والغذائية للمنتجات الزراعية . وهكذا تتسبب بشكل غير مباشر بالكثير من أمراض التغذية, فيما عدا أنها تفقد الطعام المأكول كل نكهة تقريباً.
جاء السماد الكيماوي ويبدو أنه لم يكن خالياً من الأوبئة الجديدة , أو أن اليد الاستغلالية المنتجة للأدوية الزراعية دسّت فيه بعض الأوبئة ثم جائت الدعاوى الواسعة لاستخدام المبيدات الحشرية , ووُرِّدَت إلينا المبيدات المسمة جداً بعد الحرب العالمية الثانية وكان قد اخترعها العلماء لاستخدامها في الحرب ولغاية قتل الانسان . فلما وقع السلم , تحولت المصانع في الترويج الى استخدامها ضد الحشرات والآفات الضارة .
إعلموا أحبتي أن الطعام والشراب يرتبطان بطبيعة الأرض التي يعيش عليها الإنسان والحيوان . فأفضل الطعام والشراب مما استنبته واستقاه الإنسان من أرضه وينابيعها , ولا يستجلبه من الخارج أبداً , فهي القاعدة الذهبية لطب الأقدمين على اختلاف مذاهبهم , وهي القاعدة التي يعود اليوم إليها بعض أطباء العصر المتقدمين في الغرب , فيرون فيها صلاح الأعضاء والأبدان , لما تتضمنه الأطعمة والأشربة من تموجات , وظروف للإنبات , وتميز بمختلف عناصر البلدان . فكيف يكون الإنسان وليد الأرض التي يعيش عليها , يدّخر من لطيفها وكثيفها ما يشحن به جسده ونفسه , ولا تكون نباتات بلاده وحيواناتها وينابيعها أفضل وأشرف ما يقبل عليه في تغذية جسده ونفسه .
الصحة أيها الإخوة تعتمد بشكل رئيس على نقاوة الدم . والدم يحتاج لأكسجين وبعض الكيماويات . يؤخذ الاكسجين من الهواء , والكيماويات من الغذاء .
لنتذكر أن الهدف الحيوي الوحيد لوجباتنا العديدة والمتنوعة هو تقديم المواد الخام للجسم لاصلاح الانسجة المستهلكة والحفاظ على حرارة ثابتة .
عند تناول فائض من الغذاء يجهد ذلك عملية التصريف الطبيعية ، وتصريف غير كامل يسبب عاجلا أم آجلا مشاكل صحية تتراوح ما بين التخمة والخمول إلى النزلة الصدرية . الغذاء الامثل يتجنب كل الأغذية الدسمة والحاوية على البهارات والأغذية المحفوظة والمعلبة .
يقول الرازي في كتابه (من لا يحضره الطبيب) : " مهما قدرت أن تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية .
ويقول الحارث بن كلدة ( طبيب العرب المشهور ) : دافع الدواء ما وجدت مدفعاً ، ولاتشربه إلا من ضرورة ، فإنه لا يصلح شيئاً إلا افسد .
وسلام الله على أمير العلوم والبلاغة ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) عندما قال : "شرب الدواء للجسد كالصابون للثوب ، يُنقيه ولكن يُخلقه ( أي يبليه ويمزقه ) " .
أحبتي من هنا جاءت الدعوات الحديثة لاستخدام الطب البديل والعلاج بالنباتات والأعشاب قوية ملحة ، تحاول بنا أن ندفع عنا أخطار المركبات الكيماوية ، عبر العودة إلى اغذيتنا الطبيعية والتداوي بما تحمله الطبيعة من مكونات فطرية غير متأثرة بسموم الحضارة الزائفة .
في كل يوم من برنامجكم : " على مائدة الإفطار " سوف نطل معكم على محطة غذائية صحية تعنى بالعلاج بالأعشاب الطبية
أترككم مع المهندس الزراعي الأستاذ : بشار لطف ، ومحطته الرمضانية اليومية : " العلاج بالأعشاب والطب البديل" .

++++++++++++++++++++++


أعزائي المشاهدين :
اجتمع عند الملك كسرى أربعة من الحكماء : عراقي ورومي وهندي وسوادي .
فقال لهم كسرى : كل واحد منكم يصف لي الدواء الذي لا داء معه !
فقال العراقي : الدواء الذي لا داء معه ، أن تشرب كل يوم ثلاث جرع على الريق من الماء الساخن .
وقال الرومي : الدواء الذي لا داء معه ، أن تبلع كل يوم قليلاً من حب الرشاد .
وقال الهندي : الدواء الذي لا داء معه ، أن تأكل كل يوم ثلاث حبات من الهليلج الأسود .
والسوادي ساكت ، وكان أحذقهم .
فقال له الملك : لم لا تتكلم ؟ فقال : يا مولاي ، الماء الساخن يذيب شحم الكلى ويرخي المعدة ، وحب الرشاد يهيج الصفراء ( والصفراء هي الأوري أو البولة ) ، والهليلج الأسود يهيج السوداء ( والسوداء هي الأسيد أوريك أو حمض البول ) .
قال : فما تقول انت ؟ فقال : يا مولاي ، الدواء الذي لا داء معه ، أن لا تأكل إلا بعد الجوع ، وإذا اكلت فارفع يدك قبل الشبع ، فإنك لا تشكو إلا علة الموت .

+++++++++++


وسلام الله على طبيب القلوب والأبدان وإمام الأنام والأزمان علي بن أبي طالب حين أوصى ابنه الحسن (ع) قائلاً : يا بني ألا أعلمك أربع خصال تستغني بها عن الطب ؟ قال الحسن (ع) : بلى .

قال أمير المتكلميــن (ع) : (( لا تجلس على الطعام إلا و أنت جائـــع ، ولا تقم عن الطعام إلا و انت تشتهيــه ، وجود المضغ ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء ، فإذا استعملت هذه استغنيت عن الطب .
ومن نصائح سيدنا علي (ع) الطبية :
من ابتدأ غداءه بالملح أذهب الله عنه كل داء ، ومن أكل إحدى وعشرين زبيبة كل يوم لم ير في جوفه شيئا يكرهه ، واللحم ينبت اللحم ، والثريد طعام العرب ، ولحم البقر داء ، ولبنها دواء ، وسمنها شفاء ، والشحم يخرج مثله من الداء .
ولم تستشف النفساء بشيء أفضل من الرطب ، والسواك وقراءة القرآن يذهبان البلغم ، ومن أراد البقاء ( ولا بقاء إلا لله ) ، فليباكر الغداء ، وليخفف الرداء ، وليقل غشيان النساء ... قيل يا أمير المؤمنين وما خفة الرداء قال : قلة الدَّين .
يقول الإمام علي (ع) : " العلم علمان : علم الأديان ، وعلم الأبدان " .
وقال (ع) : " الفقه للأديان ، والطب للأبدان ، والنحو للسان ، والنجوم لمعرفة الأزمان " .
وكان الأئمة (ع) أطباء القلوب وأطباء الأبدان .
لذلك قال الإمام علي (ع) يصف نفسه : " طبيب دوّار بطبه ، قد أحكم مراهمه ، وأحمى مواسمه . يضع ذلك حيث الحاجة إليه ، من قلوب عمي ، وآذان صم ، وألسنة بكم , متتبع بدوائه مواضع الغفلة ، ومواطن الحيرة ".
أترككم مع فاصل ونعود إلى طب القلوب ، لنتحدث عن الآداب المعنوية للصيام .

++++++++++++++++++++++


أعزائي المشاهدين :
نتحدث في هذه المحطة عن الآداب المعنويّة للصيام
المؤمن أيها الأحبة .. في طاعاته لله جلّ وعلا يعلم ..
أوّلاّ : أنّ الله عزّوجلّ ـ وهو الرؤوف الرحيم ـ لم يأمره إلاّ بما فيه الخير والصلاح والسعادة ، ولم يَنْهَه إلاّ عمّا فيه الشرّ والفساد والشقاء.
ثانياً : يعلم المؤمن أنّ الله تبارك وتعالى وقد أعدّ لعباده المطيعين له ما يفيض عليهم بالهناء الدينويّ والأُخروي . هكذا بشّر الحديث الشريف عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام : للصائم فرحتان : فرحةٌ عند إفطاره ، وفرحة عند لقاء ربّه.
المؤمن سعيدٌ - على كلّ حال - بإيمانه ، ما دام هو في طاعة الله عزّ شأنه ، فهو يرى أنّه مطيع لأمر ربّه سبحانه ، ومستجيب لنداء فطرته ، ويرى أنّه يقترب من ساحة الأمل ويعيش حالة الرجاء أن يفوز بلطف الله ورحمته ، وهو القائل عزّ من قائل :
وإنّما تُوَفَّون أُجورَكُم يومَ القيامة ، فمَن زُحزِحَ عن النّارِ وأُدخِلَ الجنّةَ فقد فاز ، وما الحياةُ الدنيا إلاّ مَتاعُ الغُرور .
وَعدَ اللهُ المؤمنينَ والمؤمناتِ جنّاتٍ تَجري مِن تحتها الأنهارُ خالدينَ فيها ومساكنَ طيّبةً في جنّاتِ عَدْنٍ ، ورِضوانٌ مِن اللهِ أكبرُ ، ذلك هو الفوزُ العظيم .
والإنسان المتّزن هو مَن عمل لدار الخلود ، وأعدّ نفسه لسفر الآخرة ، واستهدف في عبادته الآثار المعنويّة والآداب الباطنيّة ، فخرج بها على حالةٍ من الإيمان الصادق والتقوى الواعية ، والشوق الدائم في المضيّ نحو مراتب المعرفة والقرب إلى الله تعالى والأُنس بمناجاته.
والصوم ـ بشروطه وآدابه ـ يحقّق ذلك أيُّها الإخوة الأعزاء .

* * *


ماذا يحقّق لنا الصوم ؟
إنّه ـ أيّها الأعزّة ـ يحقّق لنا حالة الطاعة ، والطاعة ترسّخ الإيمان في القلب ، وتشدّ عُرى التقوى في داخل الإنسان . ولا أدلَّ على ذلك من تصدّر النداء الإلهيّ في آية الصيام بالإيمان وختمه بالتقوى ، حيث خُوطب به خاصّة عباد الله ، ودُعوا إلى أمر الله ، ورُجي لهم تقوى الله ، فقال جلّ وعلا .
يا أيّها الذينَ آمنوا كُتبَ عليكمُ الصيامُ كما كُتبَ على الذين مِن قَبلِكم لعلّكم تتّقون ، فخُوطب المؤمنون هنا إذ هم أسرع الناس استجابةً لنداء ربّهم تبارك وتعالى ، وكان من شرفهم أن دعاهم الله لعبادته ، ومن شرفهم أيضاً أن لَبَّوا دعوته مؤمنين به راشدين.
في أحد أدعيته المباركة ، يقول الإمام السجّاد عليّ بن الحسين عليه السّلام: إنّ الشريفَ مَن شَرَّفَته طاعتُك ، والعزيزَ مَن أعَزَّته عبادتك.. ، وفي إحدى مناجاته الشريفة يقول : إلهي ، لولا الواجب من قَبول أمرِك ، لَنزّهتُكَ عن ذِكري إيّاك ، على أنّ ذِكري لك بقَدْري لا بقَدْرك ، وما عسى أن يبلغ مقداري حتّى أُجعلَ مَحلاًّ لتقديسك ! ومِن أعظَم النِّعم علينا ، جَرَيانُ ذِكرك على ألسنتنا ، وإذنُك لنا بدعائك ، وتنزيهِك وتسبيحك..
والصوم ـ إخوتنا المؤمنين ـ من تلك النعم التي مَنّ الله تعالى بها على عباده ، ليطيعوه في الظاهر والباطن ، فيحفظوا به إيمانهم ، ويُحقّقوا به إخلاصهم ، ويتشرّفوا به في تلبيتهم لأمر بارئهم.

* * *


لنتحدث عن وسائل القرب من الله في هذا الشهر الفضيل :
لا تتحقّق المعنويّات إلاّ بتوجّه القلب إلى الله عزّوجلّ بالطاعة المخلصة ، والالتزام بالمقتضيات المعنوية للعبادات . والصوم على مراتب :
الصوم العامّ: ويكون بترك الطعام والشراب وبقيّة المفطرات ، على ما قرّره الفقهاء من الواجبات والمحرّمات فيه .
الصوم الخاصّ: وهو ترك ذلك مع حفظ الجوارح من مخالفات الله جلّ جلاله.
والصوم الأخصّ : وهو ترك كلّ ما هو شاغل عن الله ، من حلال (مباح) ، فضلاً عن الحرام والمكروه.

والمهمّ هو صيام العبد عن الذنوب ، وعزوفه عن المحرّمات .
تعالوا ـ يا أعزاءنا ـ نتأمل في كلمات أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام في هذا المضمار :
• صوم الجسد الإمساك عن الأغذية بإرادة واختيار ؛ خوفاً من العقاب ، ورغبة في الثواب والأجر . صوم النفس إمساك الحواسّ الخَمس عن سائر المآثم ، وخلوّ القلب من جميع أسباب الشرّ.
• صوم القلب خير من صيام اللسان ، وصيام اللسان خير من صيام البطن. • صيام القلب عن الفكر في الآثام ، أفضل من صيام البطن عن الطعام.
هم المؤمن أن يخطو في سبيل التقرّب إلى الله تعالى ، ويرتقي إلى مراتب الطاعة المَرْضيّة ، فلا يكتفي بالامتناع الظاهريّ عن المحرّمات ، ولا بالأداء الظاهريّ للفرائض والطاعات ، بعيداً عن الحالة الروحيّة والقلبيّة في الإقبال والتلبية لدى أداء العبادة ، وفي مفارقة المعاصي والاستياء منها ، وفي كلّ ذلك يذكر العبد ربَّه عزّ شأنه ، ويشعر أنّه في محضره ، وأنّه مدعوّ إلى رحابه الشريفة .
سُئل الإمام الصادق عليه السّلام عن تفسير التقوى فقال : أن لا يَفقدك الله حيث أمَرَك ، ولا يراك حيث نهاك.
والتقوى كامنة في الصوم إذا مُورس بشروطه المعنويّة والروحيّة . نقرأ خاتمة الآية في نداء الصوم : لعلّكم تتّقون ، وتلك علامة لافتة.
ومن حالات الصوم المباركة : أن المؤمن إذا أقبل عليه شهر رمضان تذكّر خطبة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وكأنّه يسمعها في ذلك المشهد ، حيث خاطب المسلمين :
أيُّها الناس ، إنّه قد أقبلَ إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة ، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور ، وأيّامه أفضل الأيّام ، ولياليه أفضل الليالي ، وساعاته أفضل الساعات . وهو شهر دُعيتم فيه إلى ضيافة الله ، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله ، أنفاسُكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة ، وعملكم فيه مقبول ، ودعاؤكم فيه مستجاب . فاسألوا الله ربَّكم بنيّات صادقة ، وقلوبٍ طاهرة ، أن يوفّقكم لصيامه ، وتلاوة كتابه..
وعند التأمّل في هذه الخطبة الشريفة تنهض في قلب المؤمن همّة عالية ، واستعدادُ مشتاقٍ ، وتلبيةٌ صادقة .. فيستحي من الله عزّوجلّ أن يكسل أمام دعوته عن الوقوف بين يديه ، منشغلاً بسفاسف الدنيا وملهياتها ، صادّاً نفسَه وغيره عن ذِكر الله تعالى . بل يستحي أنه يأتي بالطاعات البدنيّة الظاهريّة ويتغافل عن الطاعات القلبيّة أو يجيء بالآداب الماديّة ولم يتشرّف بالآداب المعنويّة .

* * *


ما هو الحصاد الذي نستهدفه في هذا الشهر الكريم ؟

الهدف ـ أيّها الأحبة ـ هو التقوى ، وتكون بطهارة الجوارح والجوانح ، فإذا تحقّق ذلك ثبت الإيمان وازداد ، وطويت مسافة أمام ساحة القرب من مرضاة الله تبارك وتعالى.
فهناك غاية ، وهناك وسيلة ، وبعد ذلك ثمار تُجنى .. ينادي رسول الله صلّى الله عليه وآله مخلصاً من أصحابه : يا جابر، هذا شهر رمضان ، من : صام نهاره ، وقام وِرْداً من ليله ، وعفّ بطنَه وفرجه ، وكفّ لسانه ، خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر .
فقال جابر : يا رسول الله ، ما أحسنَ هذا الحديث ! فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله : يا جابر ، وما أشدَّ هذه الشروط!.
إنّ حقيقة الصوم ـ أيّها الإخوة الأحبّة ـ اجتناب المحارم ، فكما يحرم ترك الصوم والإفطار في شهر رمضان من غير عذر ، كذلك تحرم أمور تخلّ بالطاعة ، وتفسد العبادة . تعالوا معنا نقف عند هذه الرواية :
• يمرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله فيسمع امرأة تسبّ جاريةً لها ، فيدعوها إلى أن تأكل طعاماً ، فتعتذر المرأة قائلة : أنا صائمة يا رسول الله ! فيقول لها : كيف تكونين صائمة وقد سببتِ جاريتكِ ؟! إنّ الصوم ليس من الطعام والشراب ، وإنّما جعل الله ذلك حجاباً عن سواهما من الفواحش ، من الفعل والقول يُفطر الصائم . ما أقلَّ الصُوّام ، وأكثر الجُوّاع!
• وتأتينا رواية أخرى يقول فيها رسول الله صلّى الله عليه وآله مشوِّقاً : ما مِن عبد صالح يُشتَم فيقول : إنّي صائم ، سلامٌ عليك ، لا أشتمك كما شتمتني ، إلاّ قال الربّ تبارك وتعالى : استجار عبدي بالصوم من شرّ عبدي ، فقد أجَرَتُه من النار.
• ثمّ يأتي الإمام جعفر الصادق سلام الله عليه فيبسط القول للناس في آداب الصوم ، فيقول : إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده . قالت مريم إنّي نذرتُ للرحمنِ صوماً أي صَمْتاً . فإذا صُمتم فاحفظوا ألسنتكم ، وغُضّوا أبصاركم ، ولا تَنازعوا ولا تَحاسدوا ... وقال عليه السّلام : إذا صُمتَ فليَصُم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودَعِ المِراء وأذى الخادم ، وليكن عليك وَقار الصيام ، ولا تجعل يومَ صومِك كيوم فِطرك.
• وكان الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام إذ دخل شهر رمضان دعا فقال :
ـ اللهمّ صلّ على محمّد وآله ، وألهِمْنا معرفة فضله ، وإجلالَ حُرمته ، والتحفّظَ ممّا حظرت فيه ، وأعِنّا على صيامه بكفِّ الجوارح عن معاصيك ، واستعمالِها فيه بما يُرضيك ، حتّى لا نُصغيَ بأسماعنا إلى لَغو ، ولا نُسرع بأبصارنا إلى لَهو ، وحتّى لا نبسطَ أيديَنا إلى محظور ، ولا نخطوَ بأقدامنا إلى محجور ، وحتّى لا تعيَ بطوننا إلاّ ما أحللت ، ولا تَنطقَ ألسنتنا إلاّ بما قلت ، ولا نتكلّفَ إلاّ ما يُدني من ثوابك ، ولا نتعاطى إلاّ الذي يَقي من عقابك . ثمّ خلّصْ ذلك كلَّه من رِئاء المُرائين ، وسمعة المستمعين ، لا نُشرك فيه أحداً دونك ، ولا نبتغيَ فيه مراداً سواك.
• وأخيراً .. فمِن مقتضيات الصوم تحقّق الإيمان ، من خلال التلبية ، ثمّ الثبات على التقوى التي يكون فيها المرء مراقباً مرضاة الله تعالى ، عالماً أنّ الله تعالى مِطّلع على سرائره ، فضلاً عن ظواهره. فلا ينبغي ـ لا سيّما وهو صائم ـ أن يأتي بالمعاصي ، أو يغفل عن حضوره في محضر الله جلّت عظمته ، أو أنّه راحل إلى آخرته ليلاقي ربّه ..
نسأل الله تعالى ـ أيّها الأحبة الأفاضل ـ أن نوفَّق وإيّاكم إلى ذلك ، فيكون حصاد هذا الشهر الكريم خيراً وهدىً ونوراً في القلوب وسعادة في دنيانا وأخرانا .

أترككم أيها الأحبة على أمل اللقاء بكم في وقت السحر ، في محطات جديدة من برنامجكم على مائدة السحر ، وقبل أن ننتقل إلى الحضرة الحسينية المعظمة لنقل شعائر أذان المغرب أحب أن أشير لكم بأننا أعددنا لكم مسابقة رمضانية يومية سنبدأ بها قريباً فترقبوها .
أستودعكم الله ورسوله وآل بيته الطاهرين ، وإلى الحرم الحسيني المقدس
والسلام عليكم .


آخر تعديل بواسطة صفوان بيضون ، 31-Jan-2011 الساعة 05:47 PM.

إضافة رد



ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc