الليلة الثانية - على مائدة السحر - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: الشــعـر والأدب :. ميزان شعراء أهل البيت صلوات الله عليهم صفوان بيضون حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1431

إضافة رد
كاتب الموضوع صفوان بيضون مشاركات 0 الزيارات 1665 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.18 يوميا
النقاط : 215
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1431
افتراضي الليلة الثانية - على مائدة السحر
قديم بتاريخ : 08-Oct-2010 الساعة : 12:30 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


أعزائي المشاهدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحيكم من قناة اهل البيت (ع) الفضائية في حلقة جديدة من برنامجكم اليومي : " على مائدة السحر "
عنوان محطتنا الأولى : " أنوار شهر الله "
فضائل شهر الله
أيّها الإخوة .. إنّما يَعرف فضيلةَ شهر رمضان المبارك مَن عاش أسمى حالاته الروحيّة فيه ، وهو رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وقد عرّفه للناس وشوّقهم إليه حين خطب في آخر جمعةٍ من شعبا ن، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثمّ قال :
(أيّها الناس، إنّه قد أظلّكم شهر فيه ليلةٌ .. خيرٌ من ألف شهر ، وهو شهر رمضان .. فرَضَ الله صيامه ، وجعل قيامَ ليلةٍ فيه بتطوّعِ صلاةٍ كمَن تطوّع بصلاة سبعين ليلةً فيما سواه من الشهور ...
وهو شهرُ الصبر ، وإنّ الصبر ثوابُه الجنّة .. وهو شهر المواساة ، وهو شهر يزيدُ اللهُ فيه رزقَ المؤمن . ومَن فطّر فيه مؤمناً كان له عند الله بذلك عتق رقبة ، ومغفرة لذنوبه فيما مضى ...
وهو شهرٌ أوّلُه رحمة ، ووسطه مغفرة ، وآخره إجابة والعِتق من النار).
• وفي سنةٍ من السنين، وقد بقي من شعبان ثلاثة أيّام .. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لبلال الحبشيّ : نادِ في الناس . فجُمع الناس ، ثمّ صعد المنبر وحمد اللهَ وأثنى عليه ، ثمّ قال صلّى الله عليه وآله : ( أيّها الناس ، إنّ هذا الشهر قد حَضَركم ، وهو سيّد الشهور ، فيه ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر ، يُغلَق فيه أبواب النار ، ويُفتَح فيه أبواب الجِنان . فمَن أدركه فلم يُغفَرْ له فأبعَدَه الله ، ومَن أدرك والدَيهِ فلم يُغفَرْ له فأبعَدَه الله ، ومَن ذُكِرتُ عنده فلم يُصلِّ علَيّ فلم يُغفَر له فأبعدَه الله) .
اللَّهمَّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّد

ويحضر شهر رمضان مرّةً فيقول النبيّ صلّى الله عليه وآله للمسلمين : ( سبحانَ الله ! ماذا تستقبلون ؟! وماذا يستقبلكم ؟! ـ قالها ثلاث مرّات)
ويبشّر صلّى الله عليه وآله المؤمنين ، وهو البشير الأمين ، فيقول : « إنّ أبواب السماء تُفتح في أوّل ليلةٍ من شهر رمضان ، ولا تُغلق إلى آخر ليلةٍ منه ) .
ويحذّر صلّى الله عليه وآله من عاقبة الخسران ، وهو النذير من عذاب النيران ، وسخط الرحمن ، فيقول :
ـ إنّ الشقيّ مَن حُرِم غفرانَ الله في هذا الشهر العظيم .
ـ إنّ الشقيّ حقَّ الشقيّ مَن خرج عنه هذا الشهرُ ولم يُغفرَ ذنوبُه !
ـ فمَن لم يُغفَر له في (شهر) رمضان ، ففي أيّ شهرٍ يُغفَرُ له ؟!
ويصعد منبرَه الشريف مرّة فيُسمَع صلّى الله عليه وآله يقول : آمين . بعد ذلك يبيّن قائلاً : أيّها الناس ، إنّ جَبرئيل استقبلني فقال : يا محمّد ! مَن أدرك شهرَ رمضان فلم يُغفَرْ له فيه فمات ، فأبعدَهَ الل ه، قل : آمين . فقلت : آمين .
وينبّه صلّى الله عليه وآله إلى فضيلة شهر رمضان مشيراً إلى مالا يُدرك من مقامه وشرفه ، فيقول : لو يعلم العبد ما في (شهر) رمضان ، لَودَّ أن يكون (شهر) رمضانُ السنةَ ..
ويأتي أهل بيت الرسالة والوحي عليهم أفضل الصلاة والسّلام ، فيعيشون شهر رمضان بحالات سامية ؛ لأنّهم يعرفون فضله وكرامتَه ، وشرفه وعظمته .. فإذا دخل حَمِد الإمامُ زين العابدين عليه السّلام فقال : الحمد لله الذي حَبانا بدِينه ، واختصّنا بمِلّته ، وسبّلَنا في سُبل إحسانه ، لنسلكها بمَنّه إلى رضوانه ، حمداً يتقبّلُه مِنّا ، ويرضى به عنّا .
والحمد لله الذي جعل من تلك السُّبُل شهرَه شهرَ رمضان ، شهرَ الصيام ، وشهرَ الإسلام ، وشهر الطَّهور وشهر التمحيص ، وشهر القيام ..
وإذا أوشك شهر رمضان على الرحيل أخذ الإمام السجّادُ عليُّ بن الحسين عليه السّلام يودّعه عارفاً فضلَه ، ومحزوناً على فراقه ، فقال يخاطبه :
السّلام عليك يا شهرَ اللهِ الأكبر ، ويا عيدَ أوليائه .
السّلام عليك يا أكرمَ مصحوبٍ من الأوقات ، ويا خيرَ شهرٍ في الأيّام والساعات .
السّلام عليك مِن شهرٍ قَرُبَت فيه الآمال ، ونُشِرت فيه الأعمال .
السّلام عليك مِن قرينٍ جلّ قَدْرُه موجودا ، وأفجَعَ فَقْدُه مفقودا ، ومَرْجُوٍّ آلَمَ فِراقُه.
السّلام عليك مِن أليفٍ آنَس مُقْبِلاً فَسَرّ ، وأوحَشَ مُنقَضياً فَمَضّ .
السّلام عليك مِن مُجاورٍ رقّت فيه القلوب ، وقَلّت فيه الذنوب ...
السّلام عليك مِن شهرٍ لا تُنافِسُه الأيّام .
السّلام عليك مِن شهرٍ هو مِن كلِّ أمرٍ سلام ...
السّلام عليك مِن مطلوبٍ قبلَ وقته ، ومَحزونٍ عليه قبل فَوتهِ.
السّلام عليك .. كم مِن سوءٍ صُرِف بك عنّا ، وكم مِن خيرٍ أُفيض به علينا .
وتسمو أيّام شهر رمضان ولياليه على أيّام السنة ولياليها العامّة ، ويكون لساعاته وأوقاته منازلُ خاصّة وكرامات إلهيّة وعنايات رحمانيّة تدعو أصحاب الحظوظ وأهل البصائر إلى اغتنامها . أمّا الجمعة ـ وهي عروس الأيّام ـ فلها هي الأُخرى خصوصيّتها في هذا الشهر الكريم ، حيث قال الإمام محمّد الباقر عليه السّلام : إنّ لِجُمع شهر رمضان لَفضلاً على جميع سائر الشهور ، كفضل رسول الله على سائر الرسُّل ، وكفضل شهر رمضان على سائر الشهور .

فضائل الصوم
في الصوم تكاملٌ للنفس ، إذ يخلق حالات من الصبر والإرادة والمقاومة الداخلية أمام المغريات ، ويكسر جُماحَ الشهوات حتّى يمكن السيطرة عليها وتوجيهها بشكلٍ شرعيّ مهذّب . وإلى ذلك ، يزيل الصيام حالة البَطَر والجَشَع ، ونَزوةَ الشرّ وطُغيان النفس ، وينمّى مكانَ ذلك الرحمةَ والشفقةَ والسخاء والخشوع لله تعالى .
وإذا كان الإكثار من تناول الطعام يولّد خمولاً في الفكر ، وثقلاً في البدن إلى حدّ الكسل ، وتشوّشاً في القلب .. ففي الصيام يصفو الفكر والقلب ، وتهدأ النفس ، فإذا ألِفَ المرءُ الصومَ استغنى قليلاً عن الحاجة الملحّة ، وابتعد عن التُّخمة وعن الهمّ المتفاقم نحو الأكل والشرب .
والصوم ـ مع أنّه تكليف شرعيّ ـ نجده تشريفاً من الله عزّوجلّ إلى عباده ، وهذا يوجب الشكر ؛ إذ أصبحوا موضعَ خطاب الله تعالى وندائه ، ومحلَّ تكليفه ودعوته :
يا أيُّها الذينَ آمَنوا كُتِبَ عليكُمُ الصيامُ كما كُتبَ على الذينَ مِن قبلِكُم لَعلّكُم تتّقون (13).
وأيّ شرف عظيم للإنسان أن تتوجّه إليه العناية الربّانيّة فتدعوه إلى ضيافته الخاصّة ، ووفادته المكرّمة ! وأيّة كرامة له ـ إذا كان مؤمناً ـ أن يُخَصّ بالنداء الشريف كي ينهض بتكليف أُعِدّ بعده الخير والسعادة والإكرام ! قال الإمام جعفر الصادق عليه السّلام يوماً : إنّ شهر رمضان لم يَفرضِ اللهُ صيامَه على أحد من الأُمم قبلَنا . فقال له أحد الحاضرين : فقول الله عزّوجلّ ... كما كُتب على الذين مِن قبلِكم ؟! فقال عليه السّلام : إنّما فَرضَ اللهُ صيام شهر رمضان على الأنبياء دون الأُمم ، ففضّل اللهُ به هذه الأمّة ، وجعل صيامه فرضاً على رسول الله صلّى الله عليه وآله وعلى أُمّته .
ومِن هنا يخاطب الإمام السجّاد سلام الله عليه ربَّه جلّ وعلا بلسان الشكر والثناء ، فيقول : ( اللهمّ وأنت جعلتَ مِن صَفايا تلك الوظائف ، وخصائصِ تلك الفروض .. شهرَ رمضان الذي اختصَصتَه من سائر الشهور ، وتخيّرتَه مِن جميع الأزمنة والدُّهور ، وآثَرْتَه على كلِّ أوقات السنةِ بما أنزلتَ فيه من القرآن والنور ، وضاعَفتَ فيه من الإيمان ، وفَرَضتَ فيه من الصيام ، ورَغّبتَ فيه من القيام ، وأجلَلتَ فيه من ليلة القَدْر التي هي خيرٌ من ألف شهر .
ثمّ آثَرْتَنا به على سائر الأمم ، واصطفَيْتَنا بفضلِه دون أهلِ المِلل ، فصُمْنا بأمرِكَ نهارَه ، وقُمنا بعَونِكَ ليلَه ؛ مُتعرِّضين بصيامه وقيامه لِما عَرّضْتَنا له من رحمتك ، وتَسَّبْبنا إليه من مَثُوبتك ) .
ويبلغ الصيام من الشرف مَحلاًّ أنّ الله تعالى يخصُّه لنفسه ، فيقول جلّ وعلا في حديث قدسيّ مبارك : الصوم لي ، وأنا أجزي به .
وفي رواية أُخرى ، قال تبارك وتعالى : كلُّ عملِ ابن آدمَ هو له ، غيرَ الصيام ، هو لي وأنا أجزي به . والصيام جُنّة العبدِ المؤمن يوم القيامة ، كما يَقي أحدَكُم سلاحُه في الدنيا ... والصائم يفرح بفرحتَين : حين يُفطِر فيَطعم ويَشرب ، وحين يلقاني فأُدخِلُه الجنّة .
وهذا يدعو الصائم إلى التعرّف على أدب الصيام أوّلاً ، ثمّ العمل بهذا الأدب تجاه بارئه جلّ وعلا ثانياً .
أدب الصائم
قبل أن يحلّ الشهر المبارك ، شهر الله الحبيب، شهر رمضان الخير والبركة.. ينبغي تقديمُ التوبة والإقلاع عن المحرّمات، والإكثار من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن الكريم، والصلاة، والاجتهاد في العبادة وكثرة الصدقة وأفعال البِرّ والإحسان إلى المحتاجين والمحرومين.
ويَجمُل بالصائم أن يخلّص ذمّتَه من سائر الحقوق، فينزع الحقد على المؤمنين من قلبه، ويكفّ عن المعاصي، ويترك التنازع والتحاسد، ويتجنّب الإيذاء، ويلزم الصمت عن اللغو والمراء والجدال الباطل فضلاً عن الغِيبة وغيرها من آفات اللسان. ويَحسُن به أن يوجّه جوارحه إلى الطاعات، ويهيّئ قلبه للعبادة، مستحضراً التوجّه والإخلاص، ومنصرفاً عن كلّ ما يشغله عن ذلك من الخصومات وملاهي الدنيا.
فإذا صام المرء الواعي علم أنّه لابدّ له أن يَقرِن انقطاعَه عن الطعام والشراب والمُفطرات، بانقطاعه عن القبائح والدنايا والخطيئات.. وإلاّ لم يَصُم كما أُريد له، ولم يبلغ حكمة الصيام وغايته المُثلى، ولا وُفّق لمقتضيات الصوم الحقيقيّ.
• كان الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام إذا دخل شهر رمضان دعا:
(اللهمّ صَلِّ على محمّدٍ وآله، وألِهمْنا معرفةَ فضله وإجلالَ حُرمته، والتحفّظَ ممّا حظَرْتَ فيه، وأعِنّا على صيامه بكفّ الجوارح عن معاصيك، واستعمالِها فيه بما يُرضيك.. حتّى لا نُصغيَ بأسماعنا إلى لَغْو، ولا نُسرِعَ بأبصارنا إلى لَهْو، وحتّى لا نبسطَ أيديَنا إلى محظور، ولا نخطوَ بأقدامنا إلى محجور)
• وقد أوصى الإمام أبو عبدالله الصادق عليه السّلام ، فقال:
( إذا أصبحتَ صائماً فلْيصُمْ سمعُك وبصرك من الحرام، وجارحتُك وجميعُ أعضائك من القبيح. ودع عنك الهذيَ وأذى الخادم، وليكُنْ عليك وَقارُ الصيام، والزَمْ ما استطعت من الصمت والسكوت إلاّ عن ذِكر الله. ولا تجعل يومَ صومِك كيوم فِطرك )
ومن أدب الصائم : صرف النفس عن التلهّي، والتوجّه إلى اللذائذ الروحيّة شوقاً إلى نوال مرضاة الله جلّ وعزّ، بقلبٍ مُقبل على بارئه الرحيم، ولسان ذاكر، ونفس جانحة إلى التزكية، ويد معطاء للخير، وفكر يَقظٍ من مداخل الرياء وشوائب العُجب.
ومن أدب الصائم أيضاً أن يتهيّأ لاستقبال شهر الله المبارك، ويستعدّ للقائه وهو شاكرٌ لله تعالى أن مَدّ في عمره حتّى أدرك أيّام الطاعة في شهر رمضان، وكان من ضيوف الرحمن.
ومن التهيّؤ ـ أيّها الأصدقاء ـ أن يترقّب الحبيبَ القادم، فيستهلّ مُقلِّباً طَرْفَه في آفاق السماء.. حتّى إذا رأى هلال شهر رمضان انتعش قلبه، وتوجّه إلى القِبلة الشريفة رافعاً يديه إلى ربّه عزّوجلّ، مخاطباً الهلال:
ربّي وربُّكَ اللهُ ربُّ العالمين. ثمّ مخاطباً الحقّ المتعال: اللهمّ أهِلَّه علينا بالأمنِ والإيمان، والسلامةِ والإسلام، والمسارعةِ إلى ما تُحبّ وترضى. اللهمّ بارِكْ لنا في شهرنا هذا، وارزُقنا خيرَه وعونه، واصرِف عنّا ضُرَّه وشرّه وبلاءه وفتنتَه .
مهمّات الصيام
من مهمّات الصائم في هذا الشهر العظيم ـ أيّها الإخوة ـ معرفة حقّ شهر رمضان، وأنّه مَنزِلٌ أكرَمَ اللهُ فيه السائرين إليه جلّ وعلا بالدعوة إلى ضيافته. وهذا الشهر المبارك هو دار ضيافة الله تعالى.
وجميلٌ حقّاً أن يعرف الصائم معنى الصوم، ومناسبته، ومعنى ضيافة الله سبحانه لعباده، وأن يسعى بعد المعرفة في تحصيل الإخلاص وطلب وجه الله تعالى ورضاه.
وإذا كان صوم العوامّ بترك الطعام والشراب وما قرّره الفقهاء من الواجبات تركه والمحرّمات، فإنّ صوم الخواصّ يكون بترك ذلك كلِّه مع حفظ الجوارح من المخالفات ومن معاصي الجوارح.. فيما يكون صوم خواصّ الخواصّ هو ترك كلّ ما هو شاغل عن الله عزّ شأنه.
وإذا كان المرء منصرفاً بعد جوعه إلى إشباع معدته، فإنّ الصائم يرى من مهمّاته إفطارَ الصائمين وإكرامهم واستضافتهم على مائدة الأُخوّة والمحبّة في الله تعالى.
وإذا كان الإنسان مشغولاً في الأشهر السالفة بمحاسبة شريكه في العمل، فإنّه في هذا الشهر يرى من مهمّاته أن يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه، ويلاحظ رأس ماله في شهر رمضان.. وهو عمره وإيمانه، وأنوار هذا الشهر الشريف وأنواره ـ هل أُفيض فيه عليه البركات والفضائل والخيرات ؟ وكيف غدَتْ أخلاقه ومعارفه، وإلى أيّ شيء صار قلبه وجَنَحت نفسه ؟ وهل صلحت حاله وكفّ عن المحرّمات، ومالت روحه إلى الطاعات ؟ وما هي حالته حين ودّع شهر رمضان ؟ أَكما يودّع عزيزاً حبيباً سيفارقه إلى عام قادم.. وقد لا يدركه إذا فاجأه الأجل ؟!
أترككم أيها المشاهدين الأعزاء مع الفقرة اليومية الرمضانية : " وقفة مع نهج البلاغة " .
++++++++++++++++++++++
الصبر على الأذى
إذا سابك أحد في رمضان فقل : إني صائم .
إذا قاتلك أحد في رمضان فقل : إني صائم
نعم .. لن أحمل السلاح ، لأنني في موسم الصلاح، وميدان النجاح، وفي محراب حي على الفلاح
اغسل بنهر الدمع آثار الهوى تنسى الذي قد مرَّ من أحزان
أصبرُ على أذى الناس، وأتحمل إساءة الآخرين، وأتأسى بنبيي - -، وأقول لمن أساء واعتدى، وآذى وسب وشتم: إني صائم.
إني صائم .. قد قطعت حظ الشيطان عني بصيامي، وضيقت عليه مسالكه وطرقه.
إني صائم: كلمة يذَكّر الصائم بها نفسه وغيره فيحفظ بها صيامه وطاعته لربه، فلا يجهل على أحد فضلاً عن أن يتعدى ويظلم.
إني صائم: فصومي سد منيع لهوى نفسي، وحظوظها وغوايتها، فقد تركت ما اعتدت عليه من الحلال من طعام وشراب وغيرهما تقرباً إلى الله، وطاعةً له - عز وجل -؛ فكيف بما هو في الأصل حرام؟ سأكون أبعد الناس عنه؛ لأني صائم.
إني صائم: فأنا ساكن النفس، مستقر البال، طيب القلب، نظيف الصدر، نشيط مبتسم لا أعبس في وجه أحد، يظهر أثر صيامي على جوارحي وطريقة كلامي.
إني صائم: رائحة فمي أطيب عند الله من ريح المسك.
إني صائم: فأترك الرد على الإساءة مرضاةً لربي، كما أني أصوم لأجله - سبحانه - مصدقاً قول نبيّ - -: ((يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا)) ، فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصوم لأجل كونه من الصبر قال - تعالى - في الحديث القدسي: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)) ، وقد وعد الله الصابرين بأنه معهم، وجمع للصابرين أموراً لم يجمعها لغيرهم فقال: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} ، قال (ص) : ((ما أعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر)) ، وقال الإمام الحسن (ع) : " الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله - عز وجل - إلا لعبد كريم عنده".
والصبر ثلاثة أقسام:
1- الصبر على الطاعات: فالعبد محتاج إلى الصبر على الطاعات لأن النفس بطبعها تنفر من التكليف.
2- الصبر عن المعاصي: وما أحوج العبد إلى ذلك؛ إذ النفس أمارة بالسوء.
3- الصبر على المصائب: وهى كثيرة كموت الأحبة، وهلاك الأموال، وزوال الصحة وغيرها، ومن أعلى مراتب هذا الباب الصبر على أذى الناس لا سيما في شهر رمضان قال - تعالى -: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} ، وقال لنبيه: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} ، ويكفيك في هذا ما جاء عن سيد البشر (ص) إذ يقول : ((ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم - حتى الشوكة يشاكها -؛ إلا كفّر بها من خطاياه)) ، فأنت على خير في مجموع حالاتك أيها المؤمن ، لا سيما إذا استشعرت أنك متأس بنبيك - - حينما أوذي فصبر، وشُتم فصبر، وسُب فصبر، سحبوه فصبر، أخرجوه فصبر، سجنوه فصبر، طردوه فصبر ممتثلاً قول الله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} ، وقول الله: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} ، وعلى هذا المنهاج سار أئمة الطهر ، فقد جاء رجل إلى الإمام زين العابدين (ع) فقال له : يا زين العابدين فقال : نعم ، قال : " ألحيتك أطهر أم ذنب كلبي ؟ " فقال الإمام زين العابدين (ع) : " إن دخلت لحيتي الجنة فهي أطهر ، وإن دخلت النار فذنب كلبك أطهر " ، فانظر أخي الصائم إلى أي درجة بلغ بهم تحمل الأذى، والصبر على الآخرين.
++++++++++++++++++++++++
حل مسابقة اليوم
رمضان : جاء في مقاييس اللغة ، ابن فارس . مادة : رمض.
(الراء والميم والضاد أصل مطَّردٌ يدل على حدة في شيء من حرّ وغيره. فالرمض : حَرُّ الحجارةِ من شدة حرِّ الشمس . وذكر قومٌ أن رمضان اشتقاقه من شدة الحر ؛ لأنهم لمَّا نقلوا اسم الشهور عن اللغة القديمة سمُّوها بالأزمنة، فوافق رمضان أيام رَمَضِ الحرِّ.}

تعريف شهر رمضان :


شهر رمضان المبارك هو الشهر التاسع من الأشهر العربية التي تُعرف بالقمرية أو الهلالية ، و هو شهر الله و شهر الصيام و هو سيد الشهور و أفضلها ، و هو شهر الصبر و شهر المواساة ، و هو شهر نزول القرآن و ربيعه ، و هو أيضاً شهر نزول سائر الكتب السماوية .

ما هو معنى رمضان :

قال العلامة الطريحي : رمضان اسم للشهر ، قيل سمي بذلك لأن وضعه وافق الرَمَض بالتحريك ، و هو شدة وقع الشمس على الرمل و غيره ، و جَمْعُهُ رمضانات و أرمضاء .

لكن هناك أحاديث مأثورة عن أهل البيت ( ) تنهى عن ذكر رمضان مفردة عن شهر ، و ذلك لأن " رمضان " إسم من أسماء الله عَزَّ و جَلَّ .

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ( عليه السَّلام ) ، قَالَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : " لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ ، وَ لَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ .

وَ رَوَى عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَهُ ثَمَانِيَةَ رِجَالٍ ، فَذَكَرْنَا رَمَضَانَ .

فَقَالَ : " لَا تَقُولُوا هَذَا رَمَضَانُ ، وَ لَا ذَهَبَ رَمَضَانُ ، وَ لَا جَاءَ رَمَضَانُ ، فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، لَا يَجِي‏ءُ وَ لَا يَذْهَبُ ، وَ إِنَّمَا يَجِي‏ءُ وَ يَذْهَبُ الزَّائِلُ ، وَ لَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ ، فَإِنَّ الشَّهْرَ مُضَافٌ إِلَى الِاسْمِ ، وَ الِاسْمُ اسْمُ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ ، وَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ جَعَلَهُ مَثَلًا وَ عِيداً " .

++++++++++++++++++++++++
أتركم أيها الأحبة مع تسبيحات السحر ، ونعود بعدها لنكمل فقرات برنامجكم على مائدة السحر .
+++++++++++++++++++++++
نتحدث في هذه المحطة ونحن في شهر العطاء عن " إرادة العطاء " .
إرادة العطاء من أهم القيم الإنسانية والأخلاقية وهي نوع من السلوك الذاتي الطوعي الذي يقوم به الفرد تجاه الآخرين والنابع عن حب وقناعة ورضا في تقديم يد العون والمساعدة والخير والاهتمام بمصلحة الآخرين دون التفكير بالمكافأة .
والشخص القادر على العطاء هو شخص صحيح نفسيا وينطبق على إرادة العطاء قول الرسول الكريم محمد ص : [ خير الناس من نفع الناس ]
ما هو مفهوم إرادة العطاء ؟
عرف مصطلح إرادة العطاء عدة تعاريف منها :
_ هي تنظيم دافعي يدفع الإنسان ويحركه باتجاه حب الآخرين بصدق والعطاء من أجل العطاء فقط دون مقابل بما يشعر الفرد بالرضا لما يقدمه للآخرين ، فضلاً عن السعادة والكفاية .
- إرادة العطاء معناها أن الإنسان يقدم تضحية أو عطاء للآخرين ويشعر بالرضا عن نفسه لأنه أعطى لما يحب أو ما يحب إن يعطيه ، إذ يرى ان بعض الناس يضحي بماله أو بأولاده إذا لزم الأمر أو بنفسه عن طيب خاطر وبدافع الحب .
-(ويعرف الدكتور فاخر عاقل العطاء ) : بأنه (نوع من السلوك يهتم بمصلحة الآخرين ورفاههم بدلا من الاهتمام بمصلحة نفسه ورفاهها) .
- ان العطاء أهم ما يميز إنسانية الفرد . ويضيف ، نقصد بالعطاء الذي لا يكون خلفه سوى رغبة في العطاء . ويعد العطاء من دلائل الصحة النفسية السليمة وهو من مظاهر تحقيق وجود الفرد وتحقيق إنسانيته .
- (ماكولاي وبيركويتز (Macaulay and Berkawitz, 1970) : يقصد بالعطاء سلوك ينفذه الفرد ليحقق النفع لشخص آخر دون ان يتوقع فاعله مكافأة ، أي عطاء دون مقابل .
-(كانت (Kant, 1973) : هو حب الخير والقيام بشيء جيد للآخرين بدافع مساعدة الناس ، بحسب قدرتنا وشعورنا بالمسؤولية الاجتماعية .
- (وجاء في كتاب المذهب الإنساني ، 1980) : ان الحب هو السمة التي تميز الإنسان بشكل واضح. وهو الذي يحقق له الشعور بالسعادة عندما يمنح الآخرين دون انتظار لرد أو مقابل لعطائه.
- (رانك (Rank, 1982): ان إرادة العطاء مفهوم جوهري لأن الإنسان يعيش في عالم مليء بالعقبات يستلزم الكفاح والجهاد في سبيل الحياة وهو مهم في النمو السوي .
- (وبستر (Webster, 1983) : بأنه مبدأ أو عادة لاهتمام غير
أناني أو أخلاقي لرعاية الآخرين ، ويعني الخير لديه بأنه استعداد الفرد الطبيعي إلى الاهتمام بتعزيز رفاهية الآخرين وسعادتهم .
- (بليمان (Bleman, 1989) : بأنه تصرف طوعي ، ويتم عمله في غير توقع المكافأة ، ويعبر عن الحب للبشرية كلها ويستلزم تضحية بالذات ويتضمن قرارا واعيا بتكريس حياته لمساعدة الآخرين .
ان كل إنسان يتمنى ان يكون متمتعا بقوة الإرادة وان يشهد لنفسه ويشهد له غيره بأنه قوي الإرادة ذلك ان صاحب الشخصية القوية يجب ان يتصف بقوة الإرادة ولها ثلاثة معان أساسية لا يمكن إغفالها وهي المعنى النفسي والمعنى الفلسفي والمعنى الاجتماعي
لا يعد الفعل سلوكا مالم تتحكم فيه الإرادة ولا يعد السلوك أخلاقيا إلا اذا حدث بإرشاد التعقل وجاز الحكم عليه بأنه خطا او صواب .
فالسلوك إذا هو فعل مقيد بالأخلاق ، او هو فعل خاضع لحكم العقل وهو حاصل أفعال الشخصية المؤلفة من النفس و القوى العقلية والانفعالات الظرفية والشخصية تتبدل وتتغير بتغير الظروف وتبدل الأحوال التي تنشا بتحرك الفعل بقوة المحرك الخلقي وبإدارة الإرادة
كل فعل من أفعال الإنسان إنما هو تحت حكم الإرادة والتعقل وبهذا المعنى يختلف الإنسان عن الحيوان لان الحيوان يتحرك بفعل الغريزة والشهوة من غير ان يتصور غاية معينة او هدف يسعى إليه .
ان قيمة إرادة العطاء من القيم الأخلاقية الأصلية وان الأخذ بها يزيد في قوة شخصية الفرد والجماعة وتسود العلاقات الإنسانية الخيرة .
يصف منجر (Menniger) إرادة العطاء بكونها تدفع الإنسان إلى حب غيره من الأفراد على نحو يجعله أكثر قدرة في ان يحيا حياة نفسية سليمة وهو يقول ان الحب الذي يتحدث عنه الفرد ينبغي ان يسير جنبا إلى جنب مع البر الحقيقي والفهم والعطف . ويرى أيضاً أنه كلما زادت قدرة الفرد على المنح والعطاء كلما اقترب من ان يحيا حياة أكثر سعادة، واستطاع ان يجعل الأفراد الذين حوله أسعد حالا ، ويشير إلى ان الإنسان الأكثر نضجا
تزداد عنده مقادير ما يحصل من متعة وسعادة جراء منحه للآخرين ، وينبه إلى ان المنح في مرحلة النضج يعني أكثر من مجرد إعطاء الإنسان لأشياء مادية ، إذ يتضمن المنح حب الآخرين إلى جانب المساعدة التي يحرص الفرد على تقديمها لأفراد أسرته وأصدقائه والآخرين ممن يعيشون في محيطه .
أما سدني (Sedney, 1963) فيشير إلى ان الإنسان يعطي عندما يحب ، كما أوضح أن المحب يتمتع بالعطاء حينما يشعر أنه يستطيع أن يجعل من يحب سعيدا ، وان الدافع الأساسي للحب هو الرغبة في العطاء ، وعمل كل ما يساعد على زيادة سعادة من يحب وان العطاء لا يتم عن طريق الإجبار لأن المحب يقوم بدافع من نفسه بالواجب نحو من يحبه ، وهو يشعر بالرضا عن كل ما يقدمه ، ولا يمكن أن يتم هذا تحت تأثير أو تهديد لذا يعد الشخص الذي لديه القدرة على العطاء صحيحا نفسيا .
وفي المنظور الإسلامي ، فان القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة دعيا إلى غرس سلوك العطاء للفرد والمجتمع. قال سبحانه وتعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) (سورة آل عمران ، الآية 110)
وقال تعالى : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (سورة التوبة ، الآية 128)
ان العلاقات الإنسانية قائمة على أساس علاقة الفرد بالمجتمع وفقا للقيم الأخلاقية التي توجه سلوك كل منها .
وأكد الإسلام التكامل والتوازن وتحقيق ذاتية الفرد وحريته وكرامته فضلاً عن تحقيق ايجابية المجتمع وان الرسول الكريم محمد ( ) مثل التعاون والمحبة والعطاء بين الأفراد والاهتمام بالجماعة كالجسد فقال : [ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ].
وتتجلى إرادة العطاء في الإسلام في قوله () [ المؤمن مرآة المؤمن ] .
وقوله أيضاً [ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ] .
والعطاء بين الناس يغرس الألفة والمحبة ويجعل الحياة أكثر سعادة فكونوا إخوة للوطن متعاونين متحابين كما قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) (سورة المائدة ، الآية 2)
وحب العطاء من أرقى الأخلاق الإسلامية
فقد وضع الإسلام كل ما يلزم من خطط و ترتيبات لتربية خلق حب العطاء في نفوس المسلمين تقديراً منه لأهمية هذا الخلق العظيم في تزكية النفس ، و في توثيق روابط الإخوة بين المجتمع المسلم و لهذا الخلق آثار اجتماعية عظيمة و هو عنصر من عناصر علو الفطرة و سمو الطبع و ارتقاء الإنسانية و رجاحة العقل.
و لذلك حثّ الإسلام حثّاً عظيماً على كل أنواع العطاء الخيِّر سواء أكان عطاء معنوياً أو مادياً من خدمات و معونات جسدية ،أو عطاءات نفسية أو ممتلكات مادية و سواءا أكان عطاءا خاصا أو عاما.
و يأتي في مقابل هذا الخلق العظيم ضيق النفس ، و شعورها بالأنانية المفرطة التي ينجم عنها البخل و الشح و الكراهية و الرغبة بالاستئثار بكل شيء و قبض النفس و اليد عن البذل و الإنفاق على الغير من مال أو جاه أو علم ........الخ
العطاء الأسمى من صفات الله عز وجل : صفة العطاء لا حدود لها في حق ربنا سبحانه و تعالى و لا يكون لها عوض مقابل بل إنها من أخلاقه سبحانه و تعالى و لهذا جاء في أسمائه سبحانه و تعالى : الوهاب و الرزاق و الكريم و لذلك فإن الله تبارك و تعالى يمد بعطائه في الدنيا أهل طاعته و أهل معصيته حتى الكافرين و الجاحدين له لقوله تعالى : {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً }الإسراء20 أما عطاء الآخرة فهو عطاء الفضل الكريم الذي يُحرم منه من حرم ضمن قانون الجزاء : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46.
المجالات التي يشملها مفهوم العطاء:
1) عطاء المال بكل أشكاله و صوره : كالذهب و النقد و الخيل و المأكول و المشروب و الملبوس و الدواء .
2) عطاء العلم و المعرفة : و المعطاء في هذا المجال هو الذي لا يدّخر عنده علما و لا معرفة عمن يحسن الانتفاع بذلك و البخيل الذي يحتفظ بمعارفه و علومه لنفسه فلا ينفق منها لمستحقيها ضنّا بها و رغبة بالإستئثار و بعض البخلاء بعطاء العلم إذا بذلوا منه شيئا فإنما يبذلون منه بقدر كأنهم يخشون النفاد مع أن المعارف و العلوم تربو بالعطاء فهي تزيد و لا تنقص إلا أن دوافع البخل في نفوسهم تجعلهم يظنون أن العطاء يُنقص من الأشياء التي يمتلكونها.
3) عطاء النصيحة : فالإنسان الجواد كريم النفس لا يبخل على أخيه الإنسان بأي نصيحة تنفعه في دينه أو دنياه بل يعطيه نصحه الذي ينفعه مبتغيا به وجه الله و لقد ارتقى مفهوم النصيحة حتى كان مساويا للدين كله و لذلك عرّف الرسول صلى الله عليه و آله الدين بأنه النصيحة فقال : " الدين النصيحة " و لذا فإن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من أركان النصيحة.
4) العطاء من النفس: فالجواد يعطي من جاهه و عطفه و حنانه و من حلو كلامه و ابتسامته و طلاقة وجهه و يعطي من وقته و راحته و من سمعه و إصغائه و حبه و رحمته .
5) و منها العطاء من طاقات الجسد و قواه فالجواد يعطي من معونته و خدماته و جهده و يأخذ بيد العاجز و يمشي في مصالح الناس و يتعب في مساعداتهم و يسهر من أجل معونتهم و خدمتهم .
6) و يرتقي حب العطاء ليصل إلى مستوى التضحية بالحياة كلها فالمجاهد المقاتل في سبيل الله يجود بحياته إعلاء كلمة الله و نصرة دينه .
فوائد خلق حب العطاء و ثمراته :
من فوائد و ثمرات حب العطاء :
1) أنه يُوّلد في الفرد شعورا بأنه جزء من الجماعة فهو بهذا الشعور النبيل يجد نفسه مدفوعا إلى مشاركتهم في عواطفهم مشاركة وجدانية و مشاركة مادية فيفرح لفرحهم و يحزن لحزنهم و يساهم معهم في الأعمال العامة لقوله صلى الله عليه و آله " مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر ".
2) و من فوائد اكتساب خلق حب العطاء أنه يزكي النفس و يطهرها من رذائل الأنانية المقيتة و الأثرة القبيحة و الشح الذميم .
3) و من ثمرات خلق حب العطاء حل مشكلة حاجات ذوي الحاجات من أفراد المجتمع الواحد .
4) و في تربية النفوس على خلق حب العطاء إقامة سد واقي يمنع الأنفس من الجنوح الخطير إلى حب التملك و الأثرة.
كيف نتربى على خلق حب العطاء؟
يتم ذلك من خلال الاقتداء بالقدوة الحسنة فقد كان رسول الله صلى الله عليه و آله أجود الناس و كان أجود ما يكون في رمضان إذ كان فيه كالريح المرسلة .
و قد رسم صلى الله عليه و سلم صورة مشرقة في حبه للعطاء و من التطبيقات العملية في سيرته صلى الله عليه و آله أن عائشة قالت : كان لرسول الله عندي في مرضه ستة دنانير أو سبعة فأمرني أن أفرقها فشغلني وجع النبي ثم سألني عنها " ما فعلت الستة أو السبعة " قلت " لا والله لقد شغلني وجعك " فدعا بها ثم وضعها في كفه فقال : " ما ظن نبي الله لو لقي الله عز وجل و هذه عنده "
و عن جابر رضي الله عنه قال : ما سُئل رسول الله عن شيء قط فقال لا .
التحذير من البخل : قبل أن يحذر الإسلام من الشح و البخل و يذم الأشحاء و البخلاء أبان حقيقة من شأنها أن تشعر الإنسان بأنه ليس من حقه مطلقا أن يبخل بشيء يقع تحت يده لأن ما تحت أيدي الناس من أموال هي مُلك لله تعالى ولكن الله قد جعلهم مستخلفين فيها ليمتحنهم في تصرفاتهم و ليختبرهم كيف تكون طاعاتهم لأوامره و نواهيه و لذلك قال تعالى : " وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ" و كذلك حذّر الإسلام من الشح و البخل لأنه كان سببا في إهلاك الأمم السابقة إذ حملهم على أن سفكوا دمائهم و استحلوا محارمهم فقد روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة و اتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دمائهم و استحلوا محارمهم"

سنتابع معكم محطة العطاء في شهر العطاء في حلقات قادمة إنشاء الله
من قناة أهل البيت عليهم السّلام الفضائية نرحّب بكم ، ونلتقي بكم دائماً على مائدة المعرفة والفائدة والهداية والولاء .
نلقاكم على مائدة الإفطار إنشاء المولى .
طابت أوقاتكم ، ودمتم بخير ، والسلام عليكم .



إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc