الصفحة 77

(قد أدرك سليم خمسة من الأئمة عليهم السلام واتصل بهم... وكان موثقا عندهم مقتبسا من علومهم الفياضة، وكان متصلبا في دينه مناوئا لأعداء آل البيت النبوي مجاهرا بالعداء لهم حتى أن الحجاج طلبه ليقتله فاختفى عنه أيام إمارته الغاشمة خو فاعلي نفسه). (1)

24. قال العلامة السيد الخوئي في معجم رجال الحديث: (ثقة جليل القدر عظيم الشأن، ويكفي في ذلك شهادة البرقي بأنه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام). (2)

حياة أبان بن أبي عياش

الشيخ الثقة الفقيه الزاهد العابد طاووس القراء أبو إسماعيل أبان بن أبي عياش العبدي البصري.

ولد أبان حدود سنة 62 وتوفي في أول رجب من سنة 138 عن عمر بلغ 76 سنة، وكان له عند قدوم سليم نحو 14 سنة. (3)

ولا شك أن سليم بن قيس رحمه الله كان يعرف والد أبان أو أحد أقاربه أو معارفه، حيث كان فارا من الحجاج مختفيا عنه، وقد دخل إلى بلدتهم نوبندجان تلك المدينة الخارجة نسبيا عن حكم الحجاج ووجد المأوى فيها، وقد استضافوا هذا الشيخ المشرد المطارد الذي يبلغ الثمانين من عمره، وتحملوا الخطر على أنفسهم، وحموا سليما من سيف الحجاج.

وفي ذلك الجو الخاص المحمي كان يوجد شاب صغير السن، له ولع بالعلم والأحاديث، على نمط الشباب المتدينين المتحفزين للمعرفة في ذلك الزمان.. وهو أبان بن أبي عياش.. فاختاره سليم أو اختاره له الذين آووه، لكي يسلمه تلك الأمانة العلمية المهمة والخطيرة، والتي هي كتاب سليم

____________

(1). راجع مقدمة الطبعة الأولى من كتاب سليم في القطع الرقعي من الطبعات النجفية.

(2). معجم رجال الحديث: ج 8 ص 220.

(3). مفتتح كتاب سليم. أعيان الشيعة: ج 5 ص 48. ميزان الاعتدال: ج 1 ص 14.

الصفحة 78

أبان وكتاب سليم في البصرة

ذكر أبان أنه كان بعد وفاة سليم ينظر في كتابه ويطالعه، وأنه رحل لطلب العلم من بلاده إلى أقرب الحواضر الإسلامية إلى شيراز، وهي البصرة وذلك في حدود سنة 77 هجرية، وكان معه كتاب سليم.

وقد استوطن أبان في البصرة إلى آخر عمره وكان هو وأهله من موالي قبيلة عبد القيس، فقد ذكر له مترجموه نسبة العبدي التي هي نسبة إلى عبد القيس، وهي قبيلة بصرية معروفة كان يرأسها في عهده المنذر بن الجارود، وقد شاركت في فتح منطقة فارس التي كان منها أبان، وقد كان فتح فارس في سنة 19 وترجع سابقة تشيع بني عبد القيس إلى قبل سنة 30 وصاروا شيعة بالتدريج. (1)

وقد درس أبان في البصرة ونبغ في الفقه، حتى أن قبيلة عبد القيس كانت تفتخر بأن بين مواليها أبان بن أبي عياش الفقيه (2)، وكان يلقب ب (طاووس القراء). (3)

كما كان أبان من الأتقياء العباد الذين يسهرون الليل بالقيام ويطوون النهار بالصيام. (4)

وقد وصفه مترجموه بأنه الشيخ التابعي العالم الفقيه العابد أبو إسماعيل أبان بن أبي عياش فيروز العبدي البصري الزاهد من موالي عبد القيس. (5)

وقد كان أبان من أصحاب الإمام السجاد والباقر والصادق عليهم السلام (6)، وتوفي قبل وفاة الإمام الصادق عليه السلام بعشر سنين.

ثم إن أبانا أطلع الحسن البصري على كتاب سليم في البصرة، فطالعه الحسن البصري بأجمعه ثم قال: (ما في حديثه شئ إلا حق سمعته من الثقات). (7)

____________

(1). فتوح البلاذري: ص 378 - 380.

(2). المعارف لابن قتيبة: ص 239.

(3). الضعفاء الكبير: ج 1 ص 38.

(4). ميزان الاعتدال: ج 1 ص 12.

(5). معجم رجال الحديث: ج 1 ص 18. أعيان الشيعة: ج 5 ص 48.

(6). رجال البرقي: ص 9. رجال الشيخ: ص 83، 106، 156.

(7). مفتتح كتاب سليم.

الصفحة 79

أبان وكتاب سليم في مكة والمدينة

قدم أبان من البصرة إلى مكة حاجا، والتقى بكثير من العلماء، وزار الإمام زين العابدين عليه السلام وعرض عليه كتاب سليم، وكان ذلك بحضور الصحابيين أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني، وعمر بن أبي سلمة.

وعلى مدى ثلاثة أيام كان يغدو عليه كل يوم ويقرؤون الكتاب والإمام عليه السلام يستمع إلى قرائتهم.

ولما فرغوا قال الإمام عليه السلام:

(صدق سليم، رحمه الله، هذا حديثنا كله نعرفه).

ثم إن أبا الطفيل وابن أبي سلمة أيضا شهدا بصحة الكتاب فقالا: (ما فيه حديث إلا وقد سمعناه من علي صلوات الله عليه ومن سلمان ومن أبي ذر ومن المقداد). (1)

أبان يوصي بكتاب سليم إلى عمر بن أذينة

لا يبعد أن يكون أبان أعطى نسخة الكتاب إلى تلاميذه وأصدقائه في البصرة، فقد صار فقيها كبيرا، ودرس عنده واستفاد منه كثيرون.

ولكن الروايات تقتصر على أنه أطلع الإمام زين العابدين عليه السلام وأبي الطفيل وابن أبي سلمة والحسن البصري على الكتاب، وتذكر أنه عندما جاوز السبعين من عمره سلم نسخة كتاب سليم إلى شيخ الشيعة في البصرة ووجههم عمر بن أذينة، الذي هو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، ثم من أعاظم أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام.

فقد أخبره أبان بقصة الكتاب كلها وقرأه عليه وناوله إياه كما فعل سليم، وبهذا أدى أمانة سليم إلى من كان يثق به.

ولم يلبث أبان بعد ذلك إلا قليلا حتى فاز بلقاء ربه، وكان ذلك في رجب سنة 138 الهجرية.

____________

(1). مفتتح كتاب سليم.

الصفحة 80

عدالة أبان بن أبي عياش

الشيخ الثقة الفقيه الزاهد العابد طاووس القراء أبو إسماعيل أبان بن أبي عياش العبدي البصري من أعاظم فقهاء زمانه كما أقر بذلك المخالف والمؤالف.

ولا ينتظر الإنسان من أجهزة الخلافة أن تمدح أبان بن أبي عياش، بل ينتظر أن يرث أبان أستاذه سليما في غضب السلطة عليه ومطاردتها له.. ولكن أبانا لم يكن معروفا عند السلطة بولاء أهل البيت النبوي الطاهرين مثل سليم. ثم إن الأمور اختلفت بعد هلاك الحجاج، فنجا أبان من مطاردة السلطة. وكان فقيها يعيش في البصرة ويدرس تلاميذه الفقه والحديث، ويستعمل التقية الشرعية حتى لا يعطي على نفسه ممسكا ويسفك دمه!

لقد استطاع أبان بذلك أن ينجو من بطش السلطة، ولكنه لم يستطع أن ينجو من بطش علماء السلطة!

ولهذا تجد ترجمة أبان في مصادر علماء الخلافة مليئة بتضعيفه والتحذير من رواياته، مع أنه أستاذ عدد من كبار أئمتهم!

ثم إن المتعرضين لترجمة أبان من الخاصة أيضا لم ينقحوا أحواله وغفل كثير منهم عن ملاحظة الظروف الخاصة التي عاشها وما واجهه به المخالفون من الافتراء والتهمة. نعم تفطن بهذا عدة من المتأخرين. ونحن نركز البحث حول وثاقته بنقل كلمات العلماء فيه، وما نستخرجه من تاريخ الأوضاع التي كانت تسود على المجتمع الذي عاش فيه.

كلمات العلماء السنيين عن أبان بن أبي عياش

اعلم أن أكثر ما صدر عن المخالفين عند ذكر أبان إنما نشأ من العناد الخاص معه بالإضافة إلى مواجهتهم العامة مع رواة الشيعة، ويلاحظ في كلماتهم الإقرار بوثاقته

الصفحة 81
وتشيعه بجانب ما ذكروه من الوقيعة فيه إظهارا للمعاندة، وما في كلماتهم من جهة المدح فيه. فمن نماذج ذلك:

1. قيل لشعبة: لم سمعت منه؟ قال: ومن يصبر عن ذا الحديث (1)

2. قال سلم العلوي: يا بني، عليك بأبان. فذكرت ذلك لأيوب السختياني فقال: ما زال نعرفه بالخير مذ كان. (2)

3. إن ابن عدي قال: أرجو أنه لا يتعمد الكذب وعامة ما أتى به من جهة الرواة عنه. (3)

4. قال الفلاس: هو رجل صالح (4)!

5. إن أبا حاتم قال: كان رجلا صالحا. (5)

6. قال العقيلي: إنه كان طاووس القراء. (6)

7. قال ابن قتيبة في المعارف: كانت تفخر عبد القيس بأن بين مواليها أبان بن أبي عياش الفقيه. (7)

8. قال الذهبي: كان أبان من العباد الذين يسهرون الليل بالقيام ويطوون النهار بالصيام. (8)

من كلمات العلماء في الدفاع عن أبان

لقد تفطن المتأخرون إلى وثاقة أبان بن أبي عياش وغاية الاعتماد عليه ولم يكن ذلك إلا حصيلة الدراسة في حياة أبان والقرائن الكثيرة التي تحتف بها.

____________

(1). ميزان الاعتدال: ج 1 ص 10.

(2). ميزان الاعتدال: ج 1 ص 10.

(3). ميزان الاعتدال: ج 1 ص 11 وتهذيب التهذيب: ج 1 ص 97.

(4). ميزان الاعتدال: ج 1 ص 10.

(5). تهذيب التهذيب: ج 1 ص 97.

(6). الضعفاء الكبير: ج 1 ص 38.

(7). المعارف: ص 239.

(8). ميزان الاعتدال: ج 1 ص 12.

الصفحة 82
1. قال الأسترآبادي في منهج المقال: (إني رأيت أصل تضعيفه من المخالفين من حيث التشيع). (1)

2. قال المير حامد حسين في استقصاء الإفحام: (إن أبان بن أبي عياش يعد عند العامة أيضا من أعاظم علمائهم ويعدونه من خيار التابعين وثقاتهم، وكان أبو حنيفة ممن أخذ عنه وارتضاه لأخذ الأحكام الشرعية (2) كما يرى ذلك من كتب أكابر فن التنقيد). (3)

3. قال السيد الأمين في أعيان الشيعة: (يدل على تشيعه قول أحمد بن حنبل كما سمعت (قيل أنه كان له هوى) أي من أهل الأهواء والمراد به التشيع...، وأما شعبة فتحامله عليه ظاهر وليس ذلك إلا لتشيعه كما هو العادة مع أنه صرح بأن قدحه فيه بالظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ولا يسوغ كل هذا التحامل بمجرد الظن وقد سمعت تصريح غير واحد بصلاحه وعبادته وكثرة روايته وأنه لا يتعمد الكذب. (4)

وجعلهم له منكر الحديث لروايته ما ليس معروفا عندهم أو مخالفا لما يروونه أو ما يرون فيه شيئا من الغلو. وأما الاعتماد على المنامات في تضعيف الرجال فغريب طريف، مع أن بعض المنامات السابقة دل على حسن حاله). (5)

4. قال السيد الموحد الأبطحي في تهذيب المقال: (أما تضعيف العامة لأبان فلا يوجب وهنا فيه... وكان أكثر تضعيفات العامة لأبان عولا على شعبة، فقد أسس الوقيعة في أبان وتبعه غيره... وملخص ما قالوا عن شعبة وغيره في تضعيفه أمور:

أحدها منامات ذكروها... وثانيها رواية أبان عن أنس بن مالك، وثالثها رواية المناكير وعد منها روايات في فضل أهل البيت عليهم السلام؟... يظهر ممن ضعفه من العامة

____________

(1). منهج المقال: ص 15.

(2). جامع المسانيد للخوارزمي: ج 2 ص 389 ب 40.

(3). استقصاء الإفحام: ج 1 ص 563، 564، 566.

(4). بيان ذلك أولا: إن كذبه على رسول الله صلى الله عليه وآله إنما كان على رأي شعبة وأمثاله ورأيهم لا يكون حجة لغيرهم.

وثانيا: إن أمثال شعبة كانوا يرون نقل ما يدل على مذهب أهل البيت عليهم السلام وما يكشف عن فضائلهم كذبا على رسول الله عليهم السلام ولم يكن ابتلاء أبان بكلماتهم إلا بنقله أمثال ذلك كما أشار إليه السيد الأمين.

(5). أعيان الشيعة: ج 5 ص 50.

الصفحة 83
أن أبان بن أبي عياش كان من العباد فلعل التضعيف كان من جهة المذهب). (1)

5. قال المولى حيدر علي الشيرواني: (أبان بن أبي عياش كان يتظاهر بنقل كتاب سليم في زمن سيد العابدين والباقر والصادق عليهم السلام وهو من أصحابهم الثقات المذكورين، والأجلاء ينقلون عنه مسلمين موقنين). (2)

6. قال السيد الصفائي الخوانساري في كشف الأستار: ينبغي عده (أي تضعيف المخالفين لأبان) من مدائحه. (3)

8. قال العلامة الشيخ موسى الزنجاني في (الجامع في الرجال): (الأقرب عندي قبول رواياته تبعا لجماعة من متأخري أصحابنا اعتمادا بثقات المحدثين كالصفار وابن بابويه وابن الوليد وغيرهم والرواة الذين يروون عنه، ولاستقامة أخبار الرجل وجودة المتن فيها). (4)

8. أقول: كل ما ذكرناه من وجوه اعتماد العلماء على كتاب سليم واعتباره عندهم فتلك كلها تدل على اعتمادهم على أبان بن أبي عياش الراوي الوحيد للكتاب عن مؤلفه كما سوف نحقق في ترجمة سليم أنه لم يرو عنه أحد غير أبان بن أبي عياش.

فاعتماد الأعلام المتقدمين والمتأخرين على كتاب سليم ونقلهم عنه يتوقف على اعتمادهم على أبان الناقل له. ومن المعلوم أن هذا الجم الغفير من الأعاظم لا يعتمدون إلا على كتاب مروي بسند قوى، وقد أشار إلى ذلك السيد الخوانساري في كشف الأستار فقال: (وإذا انتهت أسانيد الكتاب إلى أبان فهذا الإجماع يكشف عن وثاقته جدا ". (5)

____________

(1). تهذيب المقال: ج 1 ص 182 و 183.

(2). قال ذلك في آخر رسالته المسماة (رسالة في كيفية استنباط الأحكام من الآثار في زمن الغيبة) وهي مخطوطة.

(3). كشف الأستار: ج 2 ص 30.

(4). الجامع في الرجال: ج 1 ص 11.

(5). كشف الأستار: 2 ص 132.

الصفحة 84
ويؤيد ذلك وجود (أبان) في جميع الأسانيد الناقلة لأحاديث سليم في المصادر الحديثية.

أضف إلى ذلك أن ابن أبي عمير الذي يعتمد على مسانيده ومراسيله نقل كتاب سليم وأحاديثه بالأسناد إلى أبان بن أبي عياش، وهذا يدل على اعتماده عليه.

وفي نهاية المطاف ألخص الكلام في كلمة واحدة وأقول:

إن أبان بن أبي عياش كان من كبار علماء الشيعة، وكان متصلا بالأئمة المعصومين عليهم السلام وأصحابهم، وأنه كان ممن أصابه سهام التهمة والافتراء من الأعداء في سبيل إحياء مذهب أهل البيت عليهم السلام، وهو أوثق من أن يبحث عن ذلك فيه، وله علينا حق عظيم لسعيه الوافر في استبقاء هذا التراث القيم في تلك الظروف المملوءة بالغشم والإرهاب والاتهام. جزاه الله عن أهل بيت نبيه عليهم السلام خير الجزاء.


وهنا ننهي الدراسة عن أسانيد كتاب سليم، وقد ظهر من خلالها كثرة الطرق الصحيحة إلى الكتاب والدقة في نقله وأن جميع رواته من أعاظم أصحاب الأئمة عليهم السلام وأكابر رواة الشيعة والذين كانت لهم منزلة كبيرة في عالم الحديث والتراث الإسلامي الخالد، شكر الله مساعيهم الجميلة.


الصفحة 85

(4)
مخطوطات الكتاب
ونسخه المطبوعة والمترجمة والملخصة

الاهتمام بحفظ نسخ الكتاب

تداولت الأيدي الأمينة نسخ كتاب سليم طيلة أربعة عشر قرنا، وقام العلماء بحفظ هذا الأثر القيم من التراث الشيعي الخالد منذ القرن الأول وهلم جرا إلى زماننا هذا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل في سلسلة متلاحقة لم تنقطع. وتمثل ذلك في روايتهم للكتاب وقرائته ومناولته وإجازته واستنساخه ورواية أحاديثه والتحفظ بنسخه وتكثير مخطوطاته، وأخيرا إخراجه إلى عالم النور ونشره العالمي.

القرائن على وجود النسخ الكثيرة من الكتاب عند القدماء والمتأخرين

لقد عرفت عند ذكر أسماء الراوين عن كتاب سليم ما يعطي وجود نسخة من الكتاب عند أكثرهم أو رؤيتهم لنسخة منه، وكان ملخص تلك القرائن ما يلي:

- تداول كلمة (كتاب سليم) على لسان عدة منهم.

- تصريح عدة منهم بالرواية عن كتابه.

- وجود ما نقلوه عن سليم بعينه في نسخ كتابه الذي بأيدينا.

- ذكر عدة منهم طريقهم إلى كتاب سليم.


الصفحة 86
- تكرر الأسانيد المتشابهة في كتبهم.

- توافق الأسانيد في أحاديثهم مع أسانيد نسخ كتاب سليم الذي بأيدينا غالبا.

- ذكر عدة منهم مفتتح كتاب سليم في كتبهم.

- تكلمهم حول الكتاب وإبراز الآراء عنه والبحث عن محتواه بصورة تدل على رؤيتهم للنسخة.

ويؤيد وجود النسخ الكثيرة شهادات العلماء باشتهار الكتاب في كل عصر مثل ما عن ابن النديم المتوفى 385 والنعماني المتوفى 462 وابن الغضائري المتوفى 411 وابن أبي الحديد المتوفى 656. (1)

وذكره الشيخ الحر العاملي والسيد هاشم البحراني والعلامة المجلسي والمحدث النوري والمحدث القمي والعلامة الطهراني والسيد الأمين العاملي والعلامة الأميني والعلامة المرعشي في عداد الكتب التي تواترت عن مؤلفيها وعلمت صحة نسبتها إليهم... كوجودها بخط أكابر العلماء وتكرر ذكرها في مصنفاتهم وأنه كتاب مشهور معتمد متداولة من العصور القديمة، نقل عنه المصنفون في كتبهم وللأصحاب إليه طرق كثيرة وأنه من الأصول الشهيرة عند الخاصة والعامة). (2)

وهناك شهادات من عدة من الأعاظم تدل على أن كل واحد منهم رآى عدة نسخ خطية من الكتاب، وهو يدل على تداول نسخ الكتاب عند المتقدمين والمتأخرين وأنهم كانوا بصدد مقابلتها والتحفظ بها. وأورد هنا أسمائهم، فهم الشيخ الحر والفاضل

____________

(1). الفهرست لابن النديم: ص 275. الغيبة للنعماني: ص 61. خلاصة الأقوال: ص 83. شرح نهج البلاغة:

ج 12 ص 216.

(2). وسائل الشيعة: ج 20 ص 36. غاية المرام: ص 549، الباب 54. بحار الأنوار: ج 1 ص 32. بحار الأنوار (الطبعة القديمة): ج 8 ص 198. مستدرك الوسائل: ج 3 ص 73. نفس الرحمن: ص 56. الكنى والألقاب: ج 3 ص 243. الذريعة: ج 2 ص 153. أعيان الشيعة: ج 35 ص 293. الغدير: ج 1 ص 195، الهامش. إحقاق الحق: ج 2 ص 421، الهامش.

الصفحة 87
التفريشي والميرزا الأسترآبادي والعلامة المجلسي والشيخ أبو علي الحائري والعلامة الطهراني والشيخ شير محمد الهمداني. (1)

أسماء الذين تداولوا نسخ الكتاب في القرون

نذكر هنا أسماء الذين نصوا على وجود نسخة الكتاب عندهم أو شهدوا برؤيتهم لها عينا، والذين يلوح ذلك من كلماتهم ومن كيفية نقلهم لأحاديث سليم. وهي تدل على أن الكتاب كان في جميع العصور محل اهتمام العلماء، وأنهم كانوا يرجعون إليه كمصدر في الفقه والأصول والرجال والحديث والتاريخ والتفسير وغيرها.

ونورد أسمائهم على ترتيب القرون وبملاحظة تاريخ وفياتهم (2):

القرن الأول: انتقلت النسخة من يد سليم إلى أبان بن أبي عياش.

القرن الثاني: تداولتها أيدي ثلاثة أشخاص من أعاظم رواة هذا القرن وهم عمر بن أذينة ومعمر بن راشد البصري وإبراهيم بن عمر اليماني.

القرن الثالث: تكثرت نسخه بحضور أئمتنا عليهم السلام على أيدي هؤلاء: حماد بن عيسى، أخوه عثمان بن عيسى، عبد الرزاق بن همام، ابن أبي عمير، يعقوب بن يزيد، أحمد بن محمد بن عيسى، إبراهيم بن هاشم، محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عبد الله بن جعفر الحميري، سعد بن عبد الله الأشعري.

القرن الرابع: قام العلماء بنشره أحسن قيام فكان منهم: علي بن إبراهيم، الكليني، والد الصدوق، محمد بن همام بن سهيل، ابن عقدة، ماجيلويه، أحمد بن محمد بن الوليد، محمد بن يحيى العطار، المسعودي، الصدوق، هارون التعلكبري، ابن النديم، أبو عمرو عصمة بن أبي عصمة البخاري، أبو طالب محمد بن صبيح بن رجاء المصفى الدمشقي الثقفي، وهذا الأخير هو الذي استنسخ على نسخته نسخا

____________

(1). وسائل الشيعة: ج 20 ص 210. نقد الرجال: ج 2 ص 355 رقم 2387. منهج المقال: ص 171. منتهى المقال: ص 153. الذريعة: ج 2 ص 156. كتاب سليم المطبوع في النجف، المقدمة ص 19.

(2). مر الإشارة إلى تاريخ وفاتهم في الفصل الثاني.

الصفحة 88
كثيرة وتداولت إلى اليوم.

القرن الخامس: صار الكتاب مشهورا غاية الاشتهار، رواها مثل النعماني وابن الغضائري وابن أبي جيد والنجاشي والشيخ الطوسي، وقد صرح باشتهارها الشيخ المفيد.

القرن السادس: استمر العلماء في التحفظ على نسخه، فمنهم أبو علي ابن الشيخ الطوسي، ابن شهريار الخازن، شهرآشوب جد صاحب المناقب، أبو الحسن العريضي، محمد بن هارون بن الكال، أبو عبد الله المقدادي، الحسن بن هبة الله السوراوي، هبة الله بن نما، محمد بن علي بن شهرآشوب. ثم إنه استنسخ على نسخهم نسخا كثيرة وتداولت إلى اليوم، وقد شهد باشتهارها في ذلك القرن ابن أبي الحديد.

القرن السابع: كانت نسخ الكتاب منتشرة محفوظا بها، فممن أشار إليها من رجال هذا القرن: أبو منصور الطبرسي صاحب الإحتجاج، السيد أحمد بن طاووس، شاذان بن جبرئيل صاحب الفضائل، محمد بن الحسين الرازي صاحب نزهة الكرام. وكان قد بقيت من المائة السابعة نسخة قيمة وصلت إلى يد العلامة المجلسي وكان تاريخها 609، وتكثرت النسخ المنتسخة عليها بعد ذلك.

القرن الثامن: كانت نسخ من الكتاب عند العلامة الحلي والديلمي صاحب إرشاد القلوب، والحافظ رجب البرسي.

القرن التاسع: كانت نسخ من الكتاب عند العلامة البياضي صاحب الصراط المستقيم والحسن بن سليمان الحلي صاحب مختصر البصائر.

القرن العاشر: كانت نسخ من الكتاب عند الشهيد الثاني والعلامة القطيفي صاحب (الفرقة الناجية)، والحموئي الخراساني صاحب (منهاج الفاضلين).

القرن الحادي عشر: كانت نسخ من الكتاب عند العلامة المجلسي الأول والفاضل التفريشي والميرزا الأسترآبادي.


الصفحة 89
القرن الثاني عشر: كانت نسخ منه عند الشيخ الحر والسيد البحراني والعلامة المجلسي الثاني والمير محمد أشرف والوحيد البهبهاني والفاضل الهندي.

القرن الثالث عشر: كانت نسخ منه عند الشيخ أبي علي الحائري والشيخ عبد الله البحراني والسيد مهدي القزويني صاحب (الصوارم الماضية).

القرن الرابع عشر: كانت نسخ منه عند المير حامد حسين والسيد الخوانساري والمحدث النوري والمحدث القمي والعلامة المامقاني والعلامة الطهراني والعلامة الأميني والشيخ شير محمد الهمداني والسيد صادق بحر العلوم. وقد طبع الكتاب في أوائل النصف الثاني من هذا القرن وانتشر نسخه في البلاد، كما نقل إلى الأردية ونشرت الترجمة مطبوعا.

القرن الخامس عشر: توجد عد ة نسخ مخطوطة منه في المكتبات العامة والخاصة على ما سأورد تفاصيلها. وقد طبع الكتاب في هذا القرن مرارا وفي نماذج مختلفة وانتشر في الأقطار، كما نقل إلى الفارسية والأردية ونشرت الترجمتان مطبوعا.

الأسانيد الموجودة في أول النسخ

مما يعجب كل محقق وجود الأسانيد المتسلسلة إلى المؤلف سليم في مفتتح نسخ الكتاب وأن المذكور في أول النسخ ليس سندا واحدا بل أسانيد متعددة تبلغ 18 طريقا (1)، وأكثر رجالها من المشايخ العظام (2) وهي هكذا:

  • أسانيد شيخ الطائفة إلى كتاب سليم، وهي مذكورة في مفتتح عدد من النسخ كنسخة الشيخ الحر والعلامة المجلسي وغيرهم وهي هكذا (3):

    ____________

    (1). قد مر بيانها عند ذكر أسانيد الكتاب.

    (2). يراجع عن تراجمهم المفصلة: كتاب سليم (المطبوع في ثلاث مجلدات): ج 1 ص 209 - 253.

    (3). يراجع كتاب سليم (المطبوع في ثلاث مجلدات): ج 1 ص 316.

    الصفحة 90

    أربعة أسانيد إلى الشيخ الطوسي

    أخبرني الرئيس العفيف أبو البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون رضي الله عنه، قراءة عليه بداره بحلة الجامعيين في جمادى الأولى سنة خمس وستين وخمسمائة، قال: حدثني الشيخ الأمين العالم أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طحال المقدادي المجاور، قراءة عليه بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه سنة عشرين وخمسمائة، قال: حدثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي رضي الله عنه، في رجب سنة تسعين وأربعمائة.

    وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسن بن هبة الله بن رطبة، عن الشيخ المفيد أبي علي عن والده، فيما سمعته يقرأ عليه بمشهد مولانا السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليه، في المحرم من سنة ستين وخمسمائة.

    وأخبرني الشيخ المقرئ أبو عبد الله محمد بن الكال، عن الشريف الجليل نظام الشرف أبي الحسن العريضي، عن ابن شهريار الخازن، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.

    وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن شهرآشوب، قراءة عليه بحلة الجامعيين في شهور سنة سبع وستين وخمسمائة، عن جده شهرآشوب، عن الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه.

    أربعة أسانيد من الشيخ الطوسي إلى سليم

    قال: حدثنا ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ومحمد بن أبي القاسم الملقب بماجيلويه عن محمد بن علي الصيرفي عن حماد بن عيسى عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي.

    قال: قال الشيخ أبو جعفر: وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري، قال: أخبرنا أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري رحمه الله، قال: أخبرنا أبو علي ابن همام بن سهيل، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي.


    الصفحة 91

  • الأسانيد إلى عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني، وهي مذكورة في مفتتح عدد من النسخ كنسخة صاحب الروضات وصاحب العبقات والمحدث النوري والشيخ كاشف الغطاء هكذا (1):

    حدثني أبو طالب محمد بن صبيح بن رجاء بدمشق سنة 334، قال: أخبرني أبو عمرو عصمة بن أبي عصمة البخاري، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن المنذر بن أحمد الصنعاني بصنعاء - شيخ صالح مأمون، جار إسحاق بن إبراهيم الدبري - قال:

    حدثنا أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني الحميري، قال: حدثنا أبو عروة معمر بن راشد البصري، قال: دعاني أبان بن أبي عياش قبل موته بشهر فقال: (إني رأيت الليلة...) وساق القول بعين قول ابن أذينة في السند السابق، ثم قال في آخره:

    (قال عمر بن أذينة: ثم دفع إلي أبان كتاب سليم بن قيس).


  • الأسانيد إلى إبراهيم بن عمر اليماني، وهي مذكورة في مفتتح عدد من النسخ كنسخة الحموئي الخراساني وأبي عبد الله المجتهد الموسوي هكذا (2):

    الحسن بن أبي يعقوب الدينوري عن إبراهيم بن عمر اليماني عن عمه عبد الرزاق بن همام الصنعاني عن أبيه هلال بن نافع عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي.


    ____________

    (1). يراجع كتاب سليم (المطبوع في ثلاث مجلدات): ج 1 ص 318.

    (2). يراجع كتاب سليم (المطبوع في ثلاث مجلدات): ج 1 ص 324.

    الصفحة 92

    مخطوطات الكتاب

    نقصد بالنسخ المخطوطة ما ورد النص عليها في كتب المؤلفين، أو هي موجودة في المكتبات العامة أو الخاصة، أو ورد ذكرها في مخطوطات الكتاب.

    وقد بلغت 68 نسخة، وهي موجودة في مختلف البلدان: في مكة والمدينة و صنعاء والنجف الأشرف وكربلاء والحلة وبغداد والبصرة والكوفة ودمشق من البلاد العربية. وفي إصفهان وطهران ومشهد وقم وشيراز ويزد وزنجان من البلاد الإيرانية.

    وفي لكنهو وفيض آباد وبمبئي من البلاد الهندية.

    وفيما يلي نورد فهرسا بنسخه، ونضع الموجودة منها بحرف مميز، وهي 25 نسخة (1):

    1. نسخة الشيخ الحر العاملي الأولى، تاريخها 1087 ق، في مكتبة السيد الحكيم بالنجف في مجموعة رقمها 316.

    2. نسخة عتيقة انتسخ عليها نسخة الشيخ الحر، كتبت بأمر السيد حيدرا، مذكورة في النسخة 1.

    3. نسخة سقيمة قوبل عليها نسخة الشيخ الحر، وهي مذكورة أيضا في آخر النسخة 1.

    4. نسخة العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي، ذكرها في روضة المتقين: ج 12 ص 201، ج 14 ص 371.

    5. نسخة العلامة المجلسي الأولى، ذكرها في أول بحار الأنوار: ج 1 ص 15، 76.

    6. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الأولى، تاريخها 1353 ق، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بالنجف رقمها 3230.

    ____________

    (1). على الطالب أن يراجع تفاصيل كل نسخة في طبعة الكتاب في ثلاث مجلدات.

    الصفحة 93
    7. نسخة الشيخ أبي علي الحائري، ذكرها في منتهى المقال: ص 153، والذريعة: ج 2 ص 157.

    8. نسخة المير حامد حسين صاحب العبقات في لكنهو، رقمها في فهرست المكتبة: 7728، وذكرها في استقصاء الإفحام: ج 1 ص 860، ج 2 ص 332، 361، وفي الذريعة: ج 2 ص 157.

    9. نسخة الخواجة الكابلي، ذكرها في استقصاء الإفحام: ج 1 ص 363.

    10. نسخة حيدر علي الفيض آبادي، ذكرها في منتهى الكلام: ج 3 ص 12.

    11. نسخة صاحب الروضات، ذكرها في روضات الجنات: ج 4 ص 67، والظاهر أنها انتقلت إلى النجف.

    12. نسخة مكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء بالنجف، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 156.

    13. نسخة المحدث النوري، تاريخها 1270 ق، ذكرها في نفس الرحمن: ص 65، والذريعة: ج 2 ص 157 وجاء ذكرها في فهرست مكتبته: ج 1 ص 147.

    14. نسخة الشيخ عبد الحميد الكرهرودي، التي انتخب عنها عدة أحاديث وطبعها قبل طبع أصل كتاب سليم.

    15. نسخة مكتبة السيد الروضاتي الخاصة بإصفهان، تاريخها 1288.

    16. نسخة مكتبة الشيخ علي حيدر الخاصة بقم، في مجموعة رقمها 296، تاريخها 1059.

    17. نسخة مكتبة كلية الإلهيات بمشهد، في مجموعة رقمها 456، تاريخها 1082، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 1 ص 362.

    18. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، رقمها 2035، ذكرها في فهرست المكتبة القديم: ج 5 ص 150.

    19. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، في مجموعة رقمها 8130، تاريخها 1346 ق، ذكرها في الفهرست الألفبائي للمكتبة: ص 312.

    20. نسخة قديمة انتسخ عليها نسخة آستان قدس رقم 8130، مذكورة في النسخة 19.