طرح سؤال بحث

التصنيفات

· عرض جميع التصنيفات

· أسئلة عقائدية
· أسئلة فقهية
· أسئلة حول فضل الله

· الصفحة الرئيسية

أسئلة حول فضل الله: لقب آية الله واجتهاد السيد فضل الله

سماحة العلامة الكبير السيد جعفر مرتضى العاملي أعزه الله.. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. هل تنفون أن يكون السيد فضل الله مجتهداً ينتفع بعلمه وبكتبه؟ وقد صرح بذلك آية الله العظمى الشيخ المنتظري حفظه الله عندما سُئل عن اجتهاد السيد فضل الله فأجاب بالنص: إن الحاج السيد محمد حسين فضل الله في لبنان عالم مجتهد ينتفع بعلمه وبكتبه.. وبإمكانكم التأكد من ذلك بالاتصال بمكتبه أو الدخول على موقعه على الإنترنت ، والاستفتاء حديث لم يمض عليه عشرون يوماً. هذا مضافاً إلى ما شهد به أهل الخبرة من الفضلاء والعلماء باجتهاد السيد فضل الله.. فما رأيكم بذلك وحتى أنتم في بعض رسائلكم له خاطبتموه بآية الله وهذا لقب حسب العرف الحوزوي لا يخاطب به إلا المجتهدون. جواب هذا السؤال مهم جداً عندي فأنا أنوي تقليد السيد ولكن كلمات بعض العلماء تشككني في ذلك. فهنا تعارض بين علماء كبار ومراجع أمثال المنتظري وبين علماء من أهل الخبرة أمثالكم والشيخ المالكي .. أرجو تعليقكم على كلام الشيخ المنتظري..

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

فقد تضمن السؤال المذكور عدة جهات، نشير إليها فيما يلي:

لقب آية الله:

بالنسبة إلى كتابتي أنا شخصياً كلمة «آية الله» في الرسالة الأولى التي أرسلتها إلى السيد محمد حسين فضل الله للاستفسار عن موضوع ما كان قد قاله حول السيدة الزهراء «عليها السلام»، فهو لا يفيد شيئاً ولا يثبت صفة الاجتهاد لذلك الرجل، لأسباب عديدة نذكر منها:

1 ـ إنكم تعرفون أن المراسلات إلى أهل العلم تتخذ صفة المجاملة بصورة عامة، فتكتب كلمة «ثقة الإسلام» للطالب المبتدئ، مع أن هذا الوصف قد أطلق على الكليني، وتطلق صفة «العلَّامة» على من يدرس السطوح، أو ابتدأ بدرس الخارج لتوِّه، مع أن هذا اللقب يطلق على الحلي، والمجلسي، والطباطبائي وأضرابهم.. ويطلق لقب «حجة الإسلام» على من درس قليلاً من الخارج. وكذلك الحال بالنسبة إلى لقب «حجة الإسلام والمسلمين»، أو لقب «آية الله».

وأهل العلم في إيران هم أعرف الناس بهذا الموضوع..

2 ـ يختلف الأمر حين يكون الحديث عن الشخص مع غير المعني باللقب، فإنك تجد أن هذه الألقاب ينزل مستواها.. ولعل السبب في ذلك هو أنهم حين يكاتبون الشخص المعني نفسه، فإنهم يلاحظون ما يدَّعيه هو لنفسه، وحينما ىتحدثون عنه مع غيره، فإنما يلاحظون نظرة ذلك الغير إلى هذا الشخص.. فهم إذن لا يعبرون عن آرائهم في مراسلاتهم تلك.. بل هم يراعون رأي من يخاطبونه..

3 ـ إن كلمة «آية الله» في الرسالة الأولى قد أضيفت إلى الرسالة بصورة لاحقة كما يظهر من ملاحظة النص المكتوب باليد، وهو الذي أرسل إليه.

ثم إن الرسائل اللاحقة قد خلت عن هذا اللقب بالكلية.. واكتفت بلقب «حجة الإسلام والمسلمين» أو نحو ذلك.

4 ـ إذا كنت لم تختبر علم شخص، فلابد لك حين تراسله أن تخاطبه بما يخاطبه به الناس، فإذا قربت منه، واختبرته وعرفت مكانته العلمية، فإن النظرة إليه قد تتبدل..

وهذا بالفعل هو حالنا مع السيد محمد حسين فضل الله، فإننا لم نكن قد اطلعنا على مقدار خبرته بالفقه بصورة تكفي لإطلاق صفة الاجتهاد عليه، فكان لابد لنا من الجري على وفق ما احتملناه في حقه.. ثم حين قرأنا شطراً من كتبه، ومن مقولاته ظهر لنا ما كان خافياً عنا، وصار لزاماً علينا أن نعامله وفق هذه الرؤية الجديدة التي توفرت لنا. فسلخنا عنه جميع الألقاب التي تليق بالعلماء والفقهاء.

والاغترار بالأشخاص القريبين برهة من الزمن ثم تبدل الرأي فيهم ـ بعد ظهور قصورهم، أو عوارهم ـ أمر شائع بين الناس، ومنهم أهل العلم أيضاً.. فكيف إذا كانوا بعيدين عنك، ولا تلتقيهم إلا مرات قليلة ومتباعدة، ويفصل بين كل مرة ومرة السنوات أو الأشهر، ويكون لقاؤك بهم ذا طابع مجاملاتي لا مجال فيه للدخول في خصوصياتهم، وهم لا يظهرون لك إلا ما هو لطيف وجميل..

الشيخ المنتظري:

أما بالنسبة لما ذكرتموه عن الشيخ المنتظري، فنقول فيه:

أولاً: إن آراء أي كان من الناس لا تجدي نفعاً بعد ظهور أمر الرجل في مقولاته التي سجلها في مؤلفاته، وإعلانه عنها في مختلف وسائل الإعلام، كالكتب، والجرائد، والمجلات، والإذاعات، والخطابات، في المناسبات وعلى شاشات التلفاز المحلية منها والفضائية..

وعلى هذا الأساس نقول:

إذا كان أمامك كوب ماء، فهل تقبل مني ومن غيري من البشر كلهم إن قالوا لك: هذا لبن، وليس ماء؟!

ثانياً: إنني لم أطَّلع على النص المنسوب للشيخ المنتظري، فهل هو بخطه وبتوقيعه، أو هو بيان من مكتبه؟! وهل سأله السائل عن اجتهاده، أو سأله عن صحة مقولاته وفسادها، فأجاب بجواب آخر. إذ إنه حتى لو كان يظن أو يقطع بأن السيد فضل الله مجتهد. فذلك لا يعني ضرورة أن يكون معتقداً بصحة مقولاته العقائدية..

ثالثاً: لعل الشيخ المنتظري لا يزال يمر بالمرحلة التي مررنا جميعاً بها، فهو مثل الشيخ النوري الهمداني، ومثل سائر العلماء والمراجع الذين كانوا يظنون بهذا الرجل الاستقامة على جادة الصواب في أموره الاعتقادية والإيمانية، ولكنهم حين ظهر لهم خلاف ذلك واجهوه بما فرضه الله تعالى عليهم من التصدي لأمثال هذه الحالات..

غير أننا لا نجرؤ على الظن بأن الشيخ المنتظري يوافق هذا الرجل في بعض ما يراه، فضلاً عن أن يصوبه في جميع آرائه.. فنحن نجل هذا الرجل، ونربأ به عن هذا الأمر الخطير.

رابعاً: إن موضوع التقليد لا يتوقف على ثبوت الاجتهاد فقط، فإنه حتى لو كان شخص أعلم أهل الأرض، ثم ظهر فساد في عقيدته فلا يصح تقليده، وكذا لو ظهر الفساد في استقامته على جادة الشرع، بحيث تسقط عدالته.. هذا بالإضافة إلى شروط أخرى لابد من توفرها في موضوع جواز التقليد..

خامساً: إن جميع مراجع الدين قد أصدروا فتاواهم التي تدين السيد محمد حسين فضل الله في مقولاته، مثل الشيخ الوحيد، والميرزا التبريزي، والسيد محمد سعيد الحكيم، والشيخ بهجت، وسائر المراجع الذين أورد صاحب كتاب: «الحوزة العلمية تدين الإنحراف» الأسئلة الموجهة إليهم، وأجوبتهم عليها موشحة بأختامهم الشريفة، فلماذا لم يشر كاتب هذه الرسالة إلى هؤلاء، وأشار فقط إلى جعفر مرتضى، وإلى الشيخ المالكي؟!

سادساً: بالنسبة إلى الذين يدَّعون اجتهاد ذلك الرجل.. فإن الأسماء التي نشرت لا يقر كثير من أصحابها بصحتها.. والقسم الأكبر من الباقين هم من تلامذته السائرين في خطه، وأكثرهم لا يصح أن يتوهم في حقه أنه من أهل الفضل، فضلاً عن أن يكون من أهل الخبرة..

وهل يُقَابل هؤلاء بالشيخ التبريزي، والوحيد الخراساني، والسيد كاظم الحائري، والسيد محمد سعيد الحكيم، والشيخ بهجت، والشيخ الفاضل اللنكراني، والسيد السيستاني، والمقدس الشيخ الغروي و.. و.. وسائر مراجع الدين؟!

وفي الختام، على صاحب هذه الرسالة وعلى محبيه مني ألف تحية وسلام، مع مزيد من المحبة والاحترام..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

  • آخر تحديث: 2005-12-18 17:07
  • الكاتب:

    إعداد نسخة للطبع إبلاغ صديق