منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - مقابلة خاصة مع الشاعر الكبيرالأستاذ مهدي جناح الكاظمي
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.18 يوميا
النقاط : 215
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 28  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : ميزان شعراء أهل البيت صلوات الله عليهم
افتراضي مقابلة خاصة مع الشاعر الكبيرالأستاذ مهدي جناح الكاظمي4
قديم بتاريخ : 21-Feb-2010 الساعة : 06:53 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


مقابلة خاصة مع الشاعر الكبير
الأستاذ مهدي جناح الكاظمي


الحلقة الرابعة ( الأخيرة ) :

أسرة الميزان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، نعود معكم لمتابعة الجزء الأخير من المقابلة الخاصة مع الشاعر الكبير الأستاذ مهدي جناح الكاظمي ، وأحب أن أذكر الإخوة الذين سجلوا أسئلتهم للأستاذ مهدي بأننا سنسجل لهم لاحقاً إجابات الأستاذ على أسئلتهم ، بعد انتهاء هذا الجزء من المقابلة ، فعذراً على تأخرنا بالرد والذي كان لأسباب استيفاء المقابلة كل أجزاءها .

( صفوان يسأل ) أستاذ مهدي ، قبل الدخول في عالم الأسئلة والإجابات ، أنتم تحدثتم في الحلقة الماضية عن تجربتكم الشعرية في الشعر الحر ، وفي الشعر باللهجة الدارجة ، ولم نسمع منكم أي أبيات من اللونين ، حبذا لو تكرمتم بشيء من هذا وشيء من ذاك ، وأحب ، أن تبدأ بشعر التفعيلة ، وبالذات بقصيدة " أتى المساء " وما لها من قصة وأثر خاص في نفس مهدي جناح ...

الأستاذ مهدي : كتبت في سجن ( أبو غريب ) هذه القصيدة ، وكانت هجمةُ حنين مفاجئة اجتاحتني ، فغطيت رأسي بغطاء بحيث لا أرى أحداً من الذين معي في الزنزانة ، فغادرت روحاً لأستقر تحت ظلال تلك الشجرة الفارعة العجيبة الممتدة امتداد التاريخ ، وكان حديث اللقاء هذه القصيدة :

" أتى المساء "
الظلُّ مملكة الغصونْ
يذوب في صمت الغروبْ
والسِّدرةُ الجرداء أوحشها الصفير بلا انقطاعْ
كأنها شبحٌ غريبْ
تظلُّ تمتلكُ الطريقْ
صغَتِ السواقي غيرَ أصداء النقيقْ
مات الهدير بها كما انطفئ الشعاعْ
كما الدموعْ ،
تموت في عين الغريقْ
وظلَّ يحلمُ بالرجوعْ ...
فلا رجوعْ
++++
أتى المساءْ
ولَمْلَمَ العشبُ اختلاجاتِ الظلالْ
وصوتُ قُبّرةٍ تناءى في الفضاءْ ...
أتى المساءْ
وأنتِ أيتها الوحيدة ترقبينْ
خطى الرجال العائدينْ
مع المغيبْ
يرتدُّ طرفكُ بانكسارْ
لا شيء غير صدى الدموعْ
يهزُّ سمعَكِ كالرنينْ
+++++
ومثلما انطفئ الرمادْ
وعادَ يحلمُ بالوقيدْ
يَثبُ الفؤادْ
وحينَ يكبو في الضلوعْ
يعودُ يجهلُ ما يُريدْ ...!
+++++
هناكَ قنطرةُ الجذوعْ
للدهر ترنو في سكينهْ
والدربُ شابَ فمنْ يُعيدُ له سنينهْ
النهرُ عاودهُ الهجوعْ
جَفَتْهُ ضوضاءُ المسيرْ
كما النشيجُ يضيعُ في صمتِ الأسيرْ
+++++
أتى المساءْ
وأنتِ أيتها الوحيدةُ كالسؤالْ
يظلُّ يطرقُ كلَّ بابْ
متى يعودُ سجينُ أحداقِ الذئاب ؟!! .

مداخلة من صفوان : طبعاً للتوضيح أستاذ مهدي أن تلك القصيدة ليست موجودة بأكملها لديكم ، كونكن لم تكتبوها في السجن لتعذر وجود الأوراق والقلم ، وقد دونتم بعد الخروج بعضاً منها ... ننتقل إلى شيء من الشعر باللهجة الدارجة لو تكرمتم أستاذنا الكبير :

الأستاذ مهدي : أنقل لكم أبوذيه في الحجة بن الحسن (ع) :
الدهر بحبال شتفنه وسرنهْ
وإلك بكلوبنه إمشينه وسرنه
غيابك حيل بشّانه وسرنه
ظهورك مِنْ تمرْ بالغاضريه ...
وهذا مقطع من قصيدة في الحسين (ع) لم تنشر من قبل :
حسين باقي لُوْ صِفَه العلمْ عدمْ
يِرفْ فوك العرش بأمر اللهْ علمْ
+++++++
حسينْ جرح اقلوبنا يللي ما تهيدْ
يِبْلَنِ إثياب الدهر ويظل جديدْ
حسينْ سيف اللهْ على رقبةْ يزيدْ
حسين سر اللوح جرحه والقلمْ
+++++++
أحسنتم أستاذ مهدي وننتقل لمتابعة أسئلتنا .....

السؤال العاشر ( صفوان يسأل ) : أستاذ مهدي ينتظر الشاعر تقدير الجمهور ، وأنت صاحب رسالة ، لا تتعلق كثيراً بالجمهور ، فمن يكتب لأهل البيت أهل الغنى لا ينتظر ثناء الناس المفتقرين ، وهو يحلم بثناء وتقدير أهل الكرم والتقدير والقدرة ، ورغم ذلك جاءك تقديرهم سريعاً ، أشعارك الآن مكتوبة على أحد أبواب الحسين (ع) ، كيف تفسر ذلك ؟

الأستاذ مهدي : قلنا إن الشعر موهبة ، يعطيها الخالق سبحانه بشكل عام لمريديه سبحانه ولغيرهم .
فجرير وبشار بن برد والأخطل وقبلهم الحطيئة ، ومن بعدهم علي بن الجهم ، وغيرهم كثير ، لم يكونوا ممن يشغلهم حب الله ومن أحب الله ، لكنهم شعراء يُشار إليهم بالبنان ، فهم كبار في الشعر صغار في النفس / كذلك شعراء العالم مثل هوميروس و( شكسبير وإليوت وكيتس واللورد يابيرون ) وهم إنكليز ، وريتمان الأمريكي ، وياسنين الروسي القروي ، ورامبو الفرنسي ، وغيرهم من شعوب العالم ؛ هؤلاء لم يكونوا ممن يريد وجه الله ، ولا من الذين يثنون على نعمه ، كما يريد سبحانه ، وهم شعراء كبار أثروا في تطوير مسيرة الشعر العالمي .
إذن فالموهبة حال ، وما خلف الموهبة حال آخر ، فعندنا أن الشعر يعانق نزيف الشاعر ليصبا في صميم جراح العقيدة الداعية إلى الله سبحانه ، وفي عمق جراح الحسين (ع) حتى الموت .
إذن فالأهم المطلوب قبل الشعر والشاعرية هو الانتماء ، والشعر طريق جمالي حيوي يؤدي لانتصار الذات على ما يحول بينها وبين التألق الحسيني الذي شغل الناس وما يزال .
فالهدف هو ليس التعلق بالجمهور والإطراء والإعلام ، بقدر ما هو التحرر من قيود ضِعة النفس ، والكبرياء الفارغة ، والتسكع على أبواب الدعاية .
فأنا منذ البداية كان يَشغلني حبُّ من أكتب له من المعصومين (ع) ، ابتداء بالنبي (ص) وعلي (ع) والزهراء وبنيها (ع) ، هؤلاء هم دعايتي وقضيتني ، وشعري يدور حولهم ، ولا أُنسَ إلا بهم ، ولا أكبرُ إلا بانحنائي لهم ، فليس غريباً أن يُكتب شعري قريباً من ضريح الحسين (ع) بسبع أمتار تقريباً ، وباب الرواق المؤدي إلى الضريح أيضاً ، وعند الشهداء ، وهناك فكرة بكتابة قصيدتي العينية على الضريح الحسين (ع) : " حلفت بمبتورة الإصبع " أو الكافية : " إني رضعت مع الحليب هواكا " ، كل هذا من كرم مولاي الحسين (ع) ..

مداخلة من صفوان : طبعاً نشير للإخوة بأن الأبيات التي أشار إليها الأستاذ التي كتبت قريباً من ضريح مولانا الحسين ، هي من قصيدة : " اقصدوني فأنا اسمي الحسين " ، والتي قرأ لنا الأستاذ بعضاً منها ، في حلقات سابقة ، لكني أطلب من أستاذنا أن يسمعنا من قصيدتيه العينية والكافية شيئاً ، وهنيئاً لك يا أبا علي مجاورة شعرك لمولانا سيد الشهداء ...

( نشيد الطفّ )
" مولاي الحسين إنَّ المسير إليك على حدِّ السيف كما علمتنا في الطف "
حلفْتُ بمبتورة الإصبعِ
وما رضّتِ الخيلُ من أضلعِ
+++++++++++++
وبالرأس راحَ يُقيم الصرة
وجوباً على الأسل الشرَّعِ
+++++++++++++
ومهدٍ حواك وتغريدةٍ
لجبريل خادمك الأطوعِ
+++++++++++++
بأنك عرشٌ براه الإله
ينوف على عرشه الأوسعِ
+++++++++++++
وأنك ذكرٌ ولا مثلهُ
تلتهُ الدهور على مَسْمَعِ
+++++++++++++

السؤال الحادي عشر ( صفوان يسأل ) : أستاذ مهدي حدثتنا عن علاقتك بأحد الثقلين وهم عترة رسول الله صلوات الله عليهم ، لكن ما أعرفه أن لك علاقة خاصة جداً بعدلهم والثقل الأول القرآن الكريم ، حدثنا عن هذه العلاقة ..

الأستاذ مهدي : سؤالك عن علاقتي بالقرآن الكريم ، أنا وجدت فيه ذاتي بوضوح ، وتألقْتُ به نفساً وشعراً ، وأنا حافظ له ، وهو مدرستي الأولى ، بعد آل محمد (ص) .
عرفت منه كيف أصل إلى الله تعالى ، وكيف أتوغل بحقائق الأشياء ، وكيف أسبر أغوار النفس الإنسانية ، وأتطلع إلى كثير من خوافيها ، بالتأمل لا بمجرد القراءة ، فهو الرافد العلمي الكبير لروحي وعقلي وكل تأملاتي ، فهو ليس مجرد سرد للحوادث والمواعظ والتشريع ، بل يحكي حقيقة الأشياء بإعجاز وصدق ، تنحني لهما رؤوس الخليقة ، وهذا ما وجدته طيلة قراءاتي فيه واستقرائي على قدر طاقتي .
وأنا منذ نعومة أظفاري أرتل القرآن بصوت حسن ، أقلد فيه ( عبد الباسط عبد الصمد ) ، وعندما بلغت السابعة عشر كنت من المقرئين البارزين المشار إليهم وعلى الطريقة المصرية ، وقرّاء الكاظمية المعروفون أشاروا إلي كالقارئ الكبير الحاج عباس الشامي ، وأستاذي الشيخ حسون الشيخ يوسف ، وعادل العادلي مقرئ الإذاعة والتلفزيون ، والقارئ الكبير أبو العينين الشعيشع في القاهرة سنة 1976 ، ولكني كنتُ قارئاً هاوياً لا غير ، لم أتمحور في هذه الساحة ، وقدري أن أكون شاعراً لآل محمد (ص) لا غير .
قراءتي وثقافتي متسعة وشاملة ، قرأت الأدب العربي ، والأوربي شيئاً منه ، وقرأت شيئاً من تراث الشرق والغرب ، وقرأت بتأمل بعضاً من كتبنا الأخلاقية لمشاهير كتابنا ومفكرينا على مدِّ التأريخ الشيعي .

السؤال الثاني عشر والأخير ( صفوان يسأل ) : مهدي جناح ممن ورث الشعر ولمن سيورثه ؟

الأستاذ مهدي : أنا لم أرث الشعر ، بل أُعطيتُ الموهبة من الملهم الأول مولاي أمير المؤمنين ، ولولاه ما نطقتُ الشعر ، ولا تألقتُ فيع ، فهو منه وفيه وله ، أما عشقي للشعر فقد جاء من الحسين (ع) :
أنا ما عشقتُ الشعرَ لولا أنني = أيقنت أنَّ الشعرَ من عُشاقه ِ
وإنْ أبيتَ إلا الوراثة فهو جاء من أجدادي القدامى : طرفة بن العبد ولبيد وعمرو بن كلثوم والأعشى ، فالسيد الحميري ، فدعبل ، فالمتنبي ، فالجواهري .
ولو كان الشعر يُورّث لورَّثته لأحد خدمة الحسين الصادقين المغمورين ، وإنْ شئتَ إلا أنْ اُورّرثه : فلنفســـي .


أستاذ مهدي ليس سؤالاً بل هو طلب من فضلك ، لو أراد مهدي جناح الكاظمي أن يعرف نفسه للجمهور فماذا سيقول عن نفسه ؟

مهدي جواد كاظم عباس حسون .
من بني ربيعة الضاربة في عمق التأريخ ، وهذا لا يُسمن ولا يُغني من جوع ، فالعشيرة التي أنتمي إليها هي أكبر العشائر وأرقاها مكان ، وأقواها رجالاً ، وأغناها نفوساً ، واسمها : " خُدّام الحسين (ع) " .
ولدتُ في مدينة الكاظمية المقدسة، جوار الإمامين موسى والجواد (ع) :
وتحتَ القبتين ببطنِ أمي = أطوفُ مسبحاً ويطوف شعري
في محلة تُدعى " أم النومي " لكثرة ما تحيط بها بساتين النومي ( الليمون ) ، قرب نهر دجلة .
و ( جناح ) هو لقب العائلة جاءها من الجد الثالث حسون .
أمي وأبي كانا متيمان بحب عليِّ وبنيه (ص) ، وأمي إلى أن ماتت كانت تنوح لوحدها على زينب والحسين (ع) .
وأنا الآن طالب في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية في لندن ( فرع دمشق ) .
لي ديوانان من الشعر الحسيني ، والثالث على الأبواب ينتظر ( الفرج ) !
وحالياً أقيم في دمشق ، سورية الحبيبة موطن الغرباء .

مداخلة من صفوان : إذن نختم بأبيات لحبيبتك سورية ، أو بالأحرى إلى دمشق :

دمشق قولي فأنت المنطق العجبُ
ما لم يقله لنا التأريخُ والأدبُ
+++++++++++++
فإنَّ قلعتك العصماء ما برحتْ
لا الموجُ أردى لها باباً ، ولا اللهبُ
+++++++++++++
غرَّ السواقي هدوءُ البحر فاقتربتْ
تموج نشوى ، وظنَّتْ أنها السحبُ
+++++++++++++
فعلميها إذا أمواجها اصطخبتْ
يا أيها البحر كيف الموج يصطخبُ

أحبتي أسرة الميزان ، عشنا في الحلقات السابقة نشوى السواقي المنسابة من عيون مهدي جناح الكاظمي ، واقتربنا قليلاً من هدوء بحره ، وسمعنا أمواجه تصطخب حباً وألقاً وبهاء .
كنا نطوف حول قلعته ، طوف التواق للعبور إلى كنوزها المتخفية خلف أسوارها ، تمنعنا الهيبة من الاقتراب ، ويطمعنا التواضع فيه ، وأمام الحيرة ، لم يكن لنا سوى الاستمتاع بهذا الطود الشاهق وهذا البحر الزاخر ، وهو يطل شامخاً بشموخ الحسين وكريماً بكرمه وجليلاً بجلاله .
الكثيرون ممن سيقرؤون هذه الصفحات وهم يرون شاعرنا يتكلم عن نفسه عليهم أن يستشعروا أن جسداً نحيلاً ينوء بثقل هذه النفس الكبيرة ، فهو غير قادر على الإحاطة بها فتنفلت من هنا أو ها هناك انفلات الشذا من قيود الأزهار ، وعليه أيضاً أن يرى بين طيات أناه ذوباناً غريباً في نفس سر الرفعة الوجودية " علي بن أبي طالب " ، ومن يذوب في تلك النفس المتعالية ، لا يستطيع إلا أن يكون متعالياً ، وعليه أن يستشف هذا العشق الساحر لسيد العشاق أبي عبد الله ، ومن يُسحر بحب الحسين لا بد أن ينساب رقة وهياماً وجنوناً ، وهذا ما هو عليه مهدي جناح الكاظمي : عملاق باذخ ، ورقيق ساحر ، وعاشق مجنون .
أشكر أستاذنا وشاعرنا الكبير على تعبه ورفقته وسماحه لي ولكم الدخول إلى عوالمه والتحليق معه ، أمتعتنا وأسعدتنا وشرفتنا في منتداك منتديات الميزان ، وأشكر كل عشاق مهدي جناح الكاظمي وعشاق شعره وعشاق قضيته السامية الخالدة .
هذا أخوكم صفوان بيضون من دمشق العقيلة يودعكم ، على أمل اللقاء القريب جداً مع شخصية فذة جديدة ونجم من نجوم العشق الحسيني فترقبوا ذلك اللقاء الخاص ، وإلى ذلك اللقاء أستودعكم الله وأستودعكم أهل بيته الطاهرين ، وأسألكم الدعاء ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
دمشق العقيلة – من جوار مرقد السيدة زينب (ع)
21-2-2010


رد مع اقتباس