الليلة 29 - على مائدة الإفطار - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: الشــعـر والأدب :. ميزان شعراء أهل البيت صلوات الله عليهم صفوان بيضون حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1431

إضافة رد
كاتب الموضوع صفوان بيضون مشاركات 0 الزيارات 3360 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.18 يوميا
النقاط : 214
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1431
افتراضي الليلة 29 - على مائدة الإفطار
قديم بتاريخ : 19-Jul-2011 الساعة : 05:49 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


(29)
الخميس ، 9 ، أيلول ، 2010
++++++++++++++++++++++++++++++++
أعزائي المشاهدين
السلام عليكم
سلام الرحمة ، سلام المغفرة ، سلام العتق من النار .
سلاماً رمضانياً مزيناً بالبركات ، مزركشاً بالخيرات ، معطراً بالصلوات ، على محمد وآل محمد .
أخي الصائم أختي الصائمة : قبل أن نبدأ محطاتنا من برنامجكم الرمضاني اليومي " على مائدة الافطار "
نرفع أيدينا لندعو بدعاء اليوم التّاسع والعشرين :
اَللّـهُمَّ غَشِّني فيهِ بِالرَّحْمَةِ، وَارْزُقْني فيهِ التَّوْفيقَ وَالْعِصْمَةَ، وَطَهِّرْ قَلْبي مِنْ غَياهِبِ التُّهْمَةِ، يا رَحيماً بِعِبادِهِ الْمُؤْمِنينَ .

السعداء والاشقياء في نهاية الشهر الكريم
نحن في نهاية الشهر الكريم، ونسأل الله تعالى أن يتقبل طاعاتكم جميعا، ولكن أليس شهر رمضان محطة اختبار للمسلم الصائم، وكل صائم يتمنى أن يكون من الرابحين الفائزين السعداء، لا من المذنبين الأشقياء والعياذ بالله؛ من هم السعداء ومن هم الأشقياء؟
شهر رمضان المبارك، محطة ربانية سنوية للتزود من التقوى، ومحاسبة النفس، وتطهير الروح والجسد، والتواصل بين أفراد الأسرة والمجتمع والشعوب، والتضامن مع الآخرين.
وهذا الشهر الكريم مليء بالبركات والنعم من الصعب حصرها فيكفي ان أوله رحمة وأوسطه مغفرة ونهايته عتق من النار، وما أسهل وابسط الحصول على هذه البركات والنعم، لمن اخلص العمل لله في هذا الشهر الفضيل.
شهر رمضان ليس مجرد وقت للتسلية وتغيير بعض العادات عبر الامتناع عن الشراب والطعام طوال النهار، وتغيير ساعات العمل والنوم بحيث يتحول الليل إلى سهر، بل هو شهر الله، شهر له شعائر عبادية وله تشريعات وحدود، وفيه محاسبة شديدة، وهو بمثابة قاعة اختبار وامتحان ، وفي الامتحان يكرم المرء أو يهان، وفي هذا الشهر الكريم هناك من يفوز ويحصل على الشهادة بتفوق وامتياز وهناك من ينجح بنسبة متدنية لمجرد النجاح ، وهناك من لا ينجح ـ بسبب ارتكاب المعاصي والذنوب ـ ، ويخسر الثواب وأهمها العتق من النار، ويصبح من الأشقياء!
ونحن في اللحظات الأخيرة من الشهر الكريم، نشعر بفجيعة الافتقاد للضيف العزيز الذي جاء بفرحة وسيذهب بفرحة بشكل سريع جدا جدا، وقد شغلتنا الفرحة ومراسيم وعادات هذا الضيف عن القيام بكثير من الأعمال التي ينبغي أن نقوم بها، وحسب ما كنا نخطط له قبل أن يأتي.
نسال الله تعالى أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا، ويغفر لنا تقصيرنا، ويجعلنا من الفائزين السعداء، وان لا يجعلنا من الأشقياء المذنبين الذين حرموا من غفران الله في هذا الشهر الفضيل.
السعداء:الصائمون، القائمون، الذاكرون، والمحافظون (على صلة الرحم والعطاء وخدمة أفراد المجتمع ..)، المخلصون، الذين يبحثون عن الأعمال التي فيها رضاء الله والابتعاد عن كل ما فيه غضب لله (التقوى).
الأشقياء: المذنبون (المشغولون بارتكاب المعاصي والآثام بحق الخالق وحق العباد)، المحرمون الذين حرموا أنفسهم من بركات هذا الشهر الكريم من الرحمة والمغفرة والعتق من النار.
اللهم صل على محمد وآل محمد، الهي وقف السائلون ببابك، ولاذ الفقراء بجنابك، ووقفت سفينة المساكين على بحر جودك، يرجون الجواز إلى ساحل عفوك ومغفرتك.
الهي إن كنت لا تغفر في هذا الشهر الشريف إلا لمن أخلص لك في صيامه وقيامه، فمن للمذنب المقصر إذا غرق في بحر ذنوبه وآثامه، وان كنت لا تعفو إلا عن العاملين فمن للمقصرين.
الهي ربح الصائمون، وفاز القائمون، ونجا المخلصون،ونحن عبيدك المذنبون الخاطئون، فارحمنا وتجاوز عنا برحمتك يا ارحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
+++++++++++++++++
كان الامام الصادق () يدعو بهذا الدعاء لوداع شهر رمضان قال () :
اللهم انك قلت في كتابك المنزل : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وهذا شهر رمضان وقد تصرم فأسألك بوجهك الكريم وكلماتك التامة ان كان بقي علي ذنب لم تغفره لي أو تريد ان تعذبني عليه أو تقايسني به أن لا يطلع فجر هذه الليلة أو يتصرم هذا الشهر الا وقد غفرته لي ، يا أرحم الراحمين .
+++++++++++++
اللهم لك الحمد بمحامدك كلها أولها وآخرها ما قلت لنفسك منها وما قال الخلائق الحامدون المجتهدون المعدودون الموفرون ذكرك والشكر لك الذين أعنتهم على أداء حقك من اصناف خلقك من الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين واصناف الناطقين والمسبحين لك من جميع العالمين .
على انك بلغتنا شهر رمضان وعلينا من نعمك وعندنا من قسمك واحسانك وتظاهر امتنانك فبذلك لك منتهى الحمد الخالد الدائم الراكد المخلد السرمد الذي لا ينفذ طول الابد جل ثناؤك أعنتنا عليه حتى قضيت عنا صيامه وقيامه من صلاة وما كان منا فيه من بر أو شكر أو ذكر .
+++++++++++++
اللهم فتقبله منا بأحسن قبولك وتجاوزك وعفوك وصفحك وغفرانك وحقيقة رضوانك ، حتى تظفرنا فيه بكل خير مطلوب وجزيل عطاء موهوب وتوقينا فيه من كل مرهوب أو بلاء مجلوب أو ذنب مكسوب .
+++++++++++++
اللهم اني أسألك بعظيم ما سألك به أحد من خلقك من كريم أسمائك وجميل ثنائك وخاصة دعائك أن تصلي على محمد وال محمد وأن تجعل شهرنا هذا اعظم شهر رمضان مر علينا منذ أنزلتنا الى الدنيا .. بركةً في عصمة ديني وخلاص نفسي ، وقضاء حوائجي وتشفعني في مسائلي ، وتمام النعمة علي وصرف السوء عني ، ولباس العافية لي فيه ، وان تجعلني برحمتك ممن خرت له ليلة القدر وجعلتها له خيراً من الف شهر في اعظم الاجر وكرائم الذخر وحسن الشكر وطول العمر ودوام اليسر .
+++++++++++++
اللهم وأسألك برحمتك وطولك وعفوك ونعمائك وجلالك وقديم احسانك وامتنانك أن لا تجعله آخر العهد منا لشهر رمضان حتى تبلغناه من قابل على احسن حال وتعرفني هلاله مع الناظرين اليه والمعترفين له في أعفى عافيتك وأنعم نعمتك وأوسع رحمتك واجزل قسمك يا ربي الذي ليس لي رب غيره لا يكون هذا الوداع مني له وداع فناء ولا اخر العهد مني للقاء حتى ترينيه من قابل في اوسع النعم وافضل الرجاء وانا لك على احسن الوفاء انك سميع الدعاء .
+++++++++++++
اللهم اسمع دعائي وارحم تضرعي وتذللي لك واستكانتي وتوكلي عليك وانا لك مسلم لا ارجو نجاحاً ولا معافاة ولا تشريفاً ولا تبليغاً الا بك ومنك .
امنن علي جل ثناؤك وتقدست أسمائك بتبليغي شهر رمضان وانا معافى من كل مكروه ومحذور ومن جميع البوائق .
+++++++++++++
الحمد لله الذي اعاننا على صيام هذا الشهر وقيامه حتى بلغني آخر ليلة منه .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين .
+++++++++++++
وقفة.. على أعتاب الرحيل
(في وداع شهر الله الأكبر)
خاطرة كئيبة
حزّ في النفس أن أقف مودِّعاً عزيزاً لا يزورني إلاّ مرّةً واحدة في العام كلّه، فيغدق علَيّ فضائله السخيّة ويغمرني بلطفه وحنانه، ويخلق لي أجواء الأُنس والرحمة حتّى ينسيَني أنه سيرحل عنّي. فأستفيق فجأة مذعور القلب مهموم النفس كئيب الخاطر حيث أراه يجمع أطراف إزاره استعداداً للسفر الجديد، فأشدّ على يديه الكريمتين أن يبقى، فيأبى، وعذره أنّ أمره بيد الله تبارك وتعالى، وقد قدّر له أن يمضي بعد هذه السويعات، بل كانت لحظات سعيدة لا ندري كيف انصرمت وفرّت من بين أيدينا.
وأغالط عقلي إذ أتوسّل إليه أن يبقى قليلاً أو يتأنى، ولا جدوى، إذ هو جارٍ مجرى الزمان، وسائر في تعاقب الليل والنهار.. إلاّ أنّه رأف بحالي فأمّلني أن يعود مرّة أُخرى في العالم القادم، ففرحت وكانت فرحتي ممزوجةً بتلقين النفس بالصبر وتوطينها عليه، فسنةٌ كاملة ليست بالقليل، فالفراق وحشة تعتصر القلب، ولكن لابدّ من التسليم لأمر الله وقضائه. فدعني أفرح وأنتظر، وأنا أعيش الأمل الجميل والموعد العزيز، حيث لقاء ولو بعد عام من الوجد.
ثمّ أستفيق على كدر من النفس، تنبّهني قائلةً لي: يا عبدالله، كيف ضمنتَ أن تبقى سنةً أُخرى حتّى يكون اللقاء ؟! ومن أين علمت أنّك في العام القابل من الأحياء، لا من الأموات ؟! أجَل والله، فلعلّي بعد ساعة أو أقلّ أكون في عِداد الراحلين عن الدنيا، فلا أُدرك ذلك الموعد المؤنس مع الحبيب الراحل!
وتغتمّ نفسي مرّة أخرى، وكادت أن تنفجر بالبكاء والنحيب، أو أن تبوح بصرخة حزن عميق، إلاّ أنّ المودِّع العزيز عاد يؤمّلها أن يكون لها الأنيس الشفيع إن هي تابت توبة نصوحاً، وهجرت الذنوب هجرة قاطعة، وسارت نحو الله جلّ وعلا، ولازمت حبّ آل الله، محمّدٍ وأهل بيته أحبّاء الله.
إنّه شهر رمضان الحبيب، ها هو يودّعنا، بعد أن زارنا فنعِمْنا بنفحاته القدسيّة، وعشنا معه ساعاتٍ كريمةً طيّبة، فكان أنيسنا المبارك، إذ شغلَنا بذكْر الله جلّ وعلا في تلاوةٍ لأيات شريفات، وترتيلٍ لأدعية مأثورات، وصرفَنا عن كثير من الذنوب، وستر علينا جملة من العيوب، وأطلَعنا على آفاق مشرقة من الغيوب.. من معانٍ سامية في كتاب الله، وحالات روحية في عبادة الله.
فسلام عليك يا شهر الله، يا عيد الروح، ويا أبرّ الأصحاب وإن رحلْت، ويا أعزّ مودَّع من أيّام العمر، يا من أدخل البهجة بلقياه، وترك الوحشة والحزن بفراقه.. نرجوك ألاّ تغيب عنا وإن كان منك سفر، دَعْك تعيش في ضمائرنا وقلوبنا حتّى نلقاك أو تلقانا ونحن على العهد، فإن عدتَ وكنّا من الأحياء وجدتَنا على وفائنا منتظرين لك مفترشين أيدينا لاستقبالك، واستهلال هلالك.. وإن عدت ولم نكن من الأحياء، فأملنا أن تلفانا مرحومين لا محرومين، راجين لا يائسين، فقد علّمتْنا مناجاتُك أن نعقد الآمال على رحمة الله ولطفه، لا على أعمالنا.
* * *
نحو الأبلغ
ومهما كانت ألسنتنا تنطق بالبلاغة والبيان، لتعبّر عن لوعتنا بفراق شهر الله وحرماننا من بركاته وأوقاته الشريفة، فإنّها تَلكنُ أمام عبارات الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام، حيث كان له في وداع شهر رمضان دعاء، غاية في التعبير الصادق عن لواعج المحبّ وأشجانه وأحزانه وهو يودّع العزيز بقلب يبكي وروح تتألق، فكان منه هذه العبارات الجليلة:
.. وقد أقام فينا هذا الشهر مُقامَ حمْد، وصحِبنا صُحبةَ مبرور، وأربَحنا أفضل أرباح العالَمين، ثمّ قد فارقَنا عند تمام وقته، وانقطاع مدّته، ووفاءِ عدده.
فنحن مودِّعوه وِداعَ مَن عزّ فراقُه علينا، وغمّنا وأوحشَنا انصرافه عنّا، ولزِمَنا له الذِّمامُ المحفوظ، والحرمة المَرْعيّة، والحقُّ المقضيّ، فنحن قائلون:
السّلام عليك يا شهرَ الله الأكبر، ويا عيدَ أوليائه.
السّلام عليك يا أكرمَ مصحوب من الأوقات، ويا خير شهرٍ في الأيّام والساعات.
السّلام عليك من شهر قرُبت فيه الآمال، ونُشرت فيه الأعمال.
السّلام عليك من قرين جلّ قدْرُه موجودا، وأفجع فقْدُه مفقودا، ومرجوٍّ آلمَ فراقه.
السّلام عليك من أليفٍ آنسَ مقْبِلاً فسَرّ، وأوحش منقضياً فمضّ.
السّلام عليك من مُجاورٍ رقّت فيه القلوب، وقلّت فيه الذنوب.
السّلام عليك من ناصرٍ أعان على الشيطان، وصاحبٍ سهّل سبُلَ الإحسان...
السّلام عليك، ما كان أمحاكَ للذنوب وأسترك لأنواع العيوب!...
السّلام عليك كما وفدتَ علينا بالبركات، وغسلتَ عنّا دنَسَ الخطيئات.
السّلام عليك غيرَ مودَّعٍ برَما، ولا متروكٍ صيامُه سأَما.
السّلام عليك من مطلوبٍ قبل وقته، ومحزونٍ عليه قبل فوته.
السّلام عليك، كم من سوءٍ صُرف بك عنّا، وكم من خيرٍ أُفيض بك علينا!
السّلام عليك، ما كان أحرصَنا بالأمس عليك، وأشدَّ شوقَنا غداً إليك!
السّلام عليك وعلى فضلك الذي حُرِمناه، وعلى ماضٍ من بركاتك سُلِبناه...
اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، واجبرْ مصيبتَنا بشهرنا، وباركْ لنا في يوم عيدنا وفِطْرنا، واجعله من خير يومٍ مرّ علينا، أجْلَبَه لعفو، وأمحاه لذنب، واغفر لنا ما خفيَ من ذنوبنا وما عَلَن.
اللهمّ اسلَخْنا بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا، وأخرِجْنا بخروجه من سيّئاتنا، واجعلنا من أسعدِ أهله به، وأجزلِهم قِسْماً فيه، وأوفرِهم حظّاً منه...
اللهمّ ارزقنا خوفَ عقابِ الوعيد، وشوقَ ثوابِ الموعود، حتّى نجد لذّة ما ندعوك به، وكآبةَ ما نستجيرك منه، واجعلنا عندك من التوّابين الذين أوجبتَ لهم محبّتك، وقبِلتَ منهم مراجعة طاعتك، يا أعدلَ العادِلين..
* * *
قبيل الفراق
يقول أهل المعرفة والمعنى في مراقبات شهر رمضان المبارك: من مهمّات هذا الشهر الكريم أن يحاسب العبد نفسه في عمل الشهر كما يحاسب الشريك شريكه في آخر العمل، ويلاحظ رأس ماله الذي هو عمره وإيمانه وبركاتُ شهر مضان وأنواره، هل ازداد إيمانه ؟ وكيف أخلاقه المنبعثة عن معارفه، من الخوف والرجاء، والصبر والزهد والتجرّد لذكْر الله، والتفكّر في أمر الله، والرضى والتوكّل والتسليم، وانفساح القلب في تحمّل البلايا، وكيف تجافيه عن دار الغرور، وإنابته إلى دار الخلود ؟ وهل كان لشهر رمضان وأعماله تأثير في ذلك ؟
ويحاسب العبد نفسه في آخر الشهر.. في أفعاله وحركات جوارحه، هل بقيت على حالها أم ازدادت مراقبته لها على ضوء أحكام الله ؟ لا سيّما بالنسبة إلى حركات لسانه في: التكلّم بما لا يعينه، والخوض في الباطل، والكذب، والغيبة والافتراء، والتعرّض لأعراض المؤمنين، والفحش والإيذاء.. وغيرها. فليكنْ وجلاً خائفاً أن يكون مغبوناً، فإنّه من انسلخ عنه شهر رمضان ولم يُغفرْ له فلا غفرَ الله له ـ كما دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله، فإنّ ذلك من أعظم المصائب، لذا عليه أن يعمد إلى إصلاح حاله ملتجئاً إلى رحمة الله سبحانه، وهو يتعوّذ كما كان يتعوّذ كلّ ليلة من ليالي شهر رمضان: أعوذ بجلال وجهك الكريم، أن ينقضيَ عنّي شهرُ رمضانَ أو يطلُعَ الفجرُ من ليلتي هذه ولك قِبَلي تبِعةٌ أو ذنب تعذّبني عليه.
ومن علامات صلاح الحال أن يكون على العبد سِمةُ مذلّة الخاطئين، ووجَل قلوب المذنبين.
ومن المهمّات أيضاً، أن يودّع العبد شهر رمضان وهو متأثر لمفارقته، والأهمّ من ذلك أن يكون صادقاً في وداعه فيما يُظهره من الحزن عند التوديع، لئلاّ يختم شهره بالكذب والنفاق. وإنّما يكون محزوناً لفراقه إذا كان محبّاً لمصاحبة مَن يودّعه، مطيعاً له مشتاقاً إلى عودته ولقائه، مراقباً للإتيان بالأعمال التي جاء بها هذا المودَّع العزيز، مُجِدّاً في ذلك، معتقداً لكرامته وفضله.. فهنا يعزّ عليه رحيله، ويستوحش من فراقه، ويحزن في وداعه.
ثمّ لابدّ للعبد الذي راقب شهره شهر الله، أن يختمه بالصدق في الإنابة، وأن لا يرجع إلى ما كان فيه من مخالفة مراد ربّه ومولاه، بل يقف على العهد، ويفي ويُخلص الطاعة له، ويرجوه أن يمدّ في عمره ما كان بِذلةً في طاعته، فيوصله إلى مواسم العبادة ليتطلّب فيها درجات مرضاته تبارك وتعالى.
* * *
ختامه مسك العبادة
وينصرم الشهر الكريم، فيلاحقه المؤمن بقلب كئيب يعتصر حزناً، وعيونٍ دامعة تقطر شوقاً، ولكنّه لا يغفل في أواخر اليوم الآخر، الذي هو يوم عرض أعمال الشهر، أن يبادر إلى تجديد التوبة، والسجود لله تعالى وهو طاوٍ جوعاً، خاضعاً لربّه يرجوه عفوه وقبول ذلّته وطاعته.. حتّى يختم شهره وهو ساجد جائع، ويدخل إلى ليلة العيد وهو ساجد جائع، يأمل كرامة الله ورحمته.
وإذا رفع رأسه راقب هلال شوّال، فإذا علمه نهض من جديد في العبادة، فهذه الليلة هي من الليالي الشريفة، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل العبادة فيها وإحيائها. ولها أعمال عدّة، منها:
الغُسل المندوب، المشتمل على غَسل الأجساد من الأدران بالماء، وغسل القلوب من الذنوب بالتوبة، ويكون الغسل بعد غروب الشمس من آخر يوم من أيّام شهر رمضان أو أواخر ليلة العيد.
فإذا فرغ العبد من فريضة المغرب ونافلته، رفع يديه إلى السماء وقال: ياذا المَنِّ والطَّول، ياذا الجود، يا مُصطفيَ محمّدٍ وناصرَه، صلّ على محمّدٍ وآل محمّد، واغفر لي كلّ ذنْبٍ أحصيتَه وهو عندك في كتابٍ مُبين. ثمّ يسجد ويقول في سجوده مئة مرّة: أتوب إلى الله، ثمّ يسأل اللهَ تعالى ما يشاء.
ولا يغفل في ليلته هذه عن الصلاة والدعاء والاستغفار، وأن يبدأ بالتكبيرات في أعقاب صلاة المغرب والعشاء والصبح وعقيب صلاة العيد، وهي: اللهُ أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله والله أكبر، الله أكبرُ ولله الحمد، الحمدُ لله على ما هدانا، وله الشكر على ما أولانا.
ولا ينسى هذا المؤمن وقلبه مفعَم بالولاء لآل المصطفى صلّى الله عليه وآله أن يزور حبيبه الإمامَ الحسين عليه السّلام بالزيارة المخصوصة في العيدين: الفطر والأضحى.
ويتلو هذا الدعاء الذي ورد في أعمال ليلة الجمعة، وهو: يا دائمَ الفضل على البريّة، يا باسط اليدينِ بالعطيّة، يا صاحب المواهب السَّنيّة، صلِّ على محمّدٍ وآله خيرِ الورى سجيّة، واغفرْ لنا ياذا العُلى في هذه العشيّة.
هذا.. بعد أن يكون العبد قد ودّع شهر رمضان بالدعوات المأثورة عن الإمام السجّاد عليه السّلام وعن الإمام الصادق عليه السّلام، كما هي مدرجة في محلّها من كتب الأدعية والأعمال.
وأخيراً.. لابدّ للعبد أن يعرف قدْر منّة الله جلّ جلاله، كيف عرّفه ما عرف، وكيف أدخله في شهر الصيام تحت ظلّه، ووصل حبله بحبله، ووفّقه للإقبال عليه، والتشرّف بالمثول بين يديه، وشغله بالشكر والثناء عليه، عن طلب كثير من الحوائج إليه، حتّى يوشك أن يقضيها الله تعالى له دون أن يذكرها بلسانه، إذ كان لسانه مشغولاً بهذه العبارات يلهج بها في ليالي القدر الشريفة:
ـ يا خيرَ الغافرين، يا خير الحامدين، يا خير المحسنين..
ـ يا مُقلّبَ القلوب، يا طبيب القلوب، يا منوّر القلوب، يا أنيس القلوب..
ـ يا دليلَ المتحيّرين، يا غياث المستغيثين، يا ملجأ العاصين..
ـ يا خيرَ المرهوبين، يا خير المرغوبين، يا خير المطلوبين، يا خير المقصودين، يا خير المذكورين، يا خير المشكورين، يا خير المحبوبين، يا خير المدعوّين.
ـ يا من إليه يفزع المذنبون، يا من إليه يقصد المنيبون، يا من إليه يرغب الزاهدون، يا من إليه يلجأ المتحيّرون، يا من به يستأنس المريدون، يا من به يفتخر المحبّون، يا من في عفوه يطمع الخاطئون..
ـ يا نعم الحسيب، يا نعم الطبيب، يا نعم الحبيب، يا نعم المولى..
ـ يا سرور العارفين، يا مُنى المحبّين، يا أنيس المريدين، يا حبيب التوّابين، يا رجاء المذنبين، يا قرّة عين العابدين..
ـ يا من يعلم مراد المريدين، يا من يعلم ضمير الصامتين، يا من يرى بكاء الخائفين، يا من يقبل عذر التائبين، يا من لا يبعُد عن قلوب العارفين..
ـ يا خير معروف عُرف، يا أفضلَ معبود عُبد، يا أجلّ مشكور شُكر، يا أعزّ مذكور ذُكر، يا أكرم مسؤول سُئل، يا أشرف محبوب عُلم..
ـ يا خير داعٍ ومدعوّ، يا خير مُجيبٍ ومُجاب، يا خير مؤنس وأنيس، يا خير صاحب وجليس، يا خير مقصود ومطلوب، يا خير حبيب ومحبوب..
ـ يا من هو لمن دعاه مجيب، يا من هو لمن أطاعه حبيب، يا من هو إلى من أحبّه قريب..
ـ يا من هو غاية مراد المريدين، يا من هو منتهى هِمم العارفين، يا من هو منتهى طلب الطالبين..
++++++++++++
وداعاً يا شهر الصيام
اللهم أعد علينا شهر رمضان أعواماً عديدة، وأزمنة مديدة، ونحن في صحة وعافية وإيمان.
آه يا شهر القرآن، آه يا شهر القيام، آه يا شهر الصدقة والصيام.
وداعاً يا أحلى الليالي وأسعد الأوقات .. كم كان فيها من خيرات ونفحات .. وتلاوات وصدقات .. وجباه ساجدة .. وعيون دامعة.. وأفئدة وجلة..
وداعا تردد كل المدائن ..كل الأزقة.. كل البيوت..
وداعا تردد كل المآذن.. كل السهول.. وكل الجبال..
وداعا تردد هذي الوهاد.. وتلك السحاب..
وداعاً وتُلهِب كلَّ الخدودِ دموعُ الوداع...
لقد عشنا شهر رمضان، أحببناه وأنسنا به، لقد ملك قلوبنا، وصافح أحاسيسنا، وهاهو الآن يفارقنا، يودعنا.. شاهد لنا أو علينا. فيا ليت شعري من هو المقبول فنهنيه، ومن هو المحروم فنعزيه.
كيف لا تجري للمؤمن على فراقه دموع؟ وهو لا يدري هل بقي له في عمره إليه رجوع؟
أين حرق المجتهدين في نهاره؟ أين قلق المجتهدين في أسحاره؟ فكيف حال من خسر في أيامه ولياليه؟ ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه؟ وقد عظمت فيه مصيبته، وجلّ عزاؤه! كم نصح المسكين فما قبل النصح؟ كم دعي إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح؟ كم شاهد الواصلين فيه وهو متباعد؟ كم مرت به زمر السائرين وهو قاعد؟؛ حتى إذا ضاق به الوقت، وخاف المقت؛ ندم على التفريط حين لا ينفع الندم، وطلب الاستدراك في وقت العدم.
أخي الحبيب: لا أجد ما أعزيك به أبلغ من أن أقول أحسن الله عزاءنا جميعاً بانصرام هذا الشهر العظيم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لنا فيه خير ما كتبه لعباده الصالحين. وأن يجعلنا ممن أعتقهم من النيران إنه جواد كريم.
لا بد لنا أيها الأخ المبارك بعد هذا الفراق من وقفة يقفها كل مسلم ومسلمة، يقف مع نفسه قائلاً: لقد عشت شهر رمضان، وصليت فيه، لقد صمت فيه وقمت، لقد كنت أحرص فيه على الطاعة، وأسارع إلى القربة، لقد أحسست فيه براحة قلبي، وهدوء نفسي، وصفاء عيشي. ولذة المناجاة والأنس بالله تعالى.
وهنا أسألكِ أيتها النفس: لماذا لا أجعل من عمري كله شهر رمضان؟! هل هناك عائق يعوق؟
أيتها النفس: ألست تريدين السعادة؟ ألست تطلبين الراحة؟ ألست تسعين للطمأنينة؟
هل هناك أسعد مما وجدت في شهر رمضان؟ هل هناك أمتع وأحلى وألذ من تلك اللحظات؟
فيا نفسي اجعلي كل حياتك شهر رمضان.
صحيح أن النفوس تمل، ولا يمكن أن تبقى على حال واحدة من النشاط والإقبال، وأن لمواسم الخيرات نفحاتها ورحماتها وبركاتها وإقبالها.
ولكن إياك يا نفس أن تكوني كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً.
لئن فترت همتك يا نفس يوماً فلا تفتر عن واجب، ولا تتجاوز إلى محرم.
أخي الحبيب: إن من علامات قبول الطاعة الطاعة بعدها، والحسنة تنادي أختها، والموفق من حافظ على حسناته من الضياع، وواظب على الطاعات والإحسان حتى يأتيه الموت وهو على أحسن حال من الإنابة والإقبال على الله.
- حافظ أخي على الصلوات الخمس في جماعة كما كنت في شهر رمضان.
- صم الإثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر. وأكثر من النوافل.
- واظب على قراءة القرآن الكريم ولو ورقة واحدة من القرآن قبل كل صلاة، وسيكون المجموع اليومي: خمسة أوراق (نصف جزء) لا بأس، وفي الأسبوع ثلاثة أجزاء ونصف، وفي الشهر أربعة عشر جزءاً، ويضاف لها نصف جزء، وهكذا في الشهر الآخر؛ أي تنهي المصحف كاملاً في كل شهرين، إنه خير كثير، فإذا اعتادت النفس عليه؛ فلن تشبع منه أبداً.
- الوتر وصية رسول الله ، لا تتركه إن لم تستطع القيام إلى صلاة الليل.
- اجعل مبلغاً محدداً من الدخل الشهري لجارك المسكين، أو كفالة ذلك اليتيم، أو إعانة طالب علم...ولو مبلغاً يسيراً ولو حتى درهماً واحداً؛ فالحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ولا يزال الله ينمي الصدقة في يده سبحانه حتى تكون مثل الجبل، ولعله أن يكتب بذلك الدرهم آلاف الحسنات؛ والله ذو الفضل العظيم.
ـ أبواب الخير كثيرة مشرعة طوال العام ، بر وصلة، جود وإحسان، خوف ورجاء، إحسان إلى الوالدين، أمر بالمعروف، نهي عن المنكر، حج وعمرة وزيارة، حسن خلق، معاشرة بالمعروف.......
فلنجتهد في فعلِ الطاعاتِ، واجتناب الخطايَا والسيئاتِ، لنفوز بالحياةِ الطيبةِ في الدنيا والأجْر الكثير بعد المَمَات. {مَنْ عَمِلَ صَـالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } النحل 97
اللهم اجعل شهر رمضان شاهداً لنا عندك يوم نلقاك، اللهم أعده علينا أعواماً عديدة، وأزمنة مديدة، ونحن في مزيد من الصحة والعافية والأمن والإيمان. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وثبت قلوبنا على الإيمان.
والحمد لله ربَّ العالمينَ، وصلَّى الله على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين ..

من قناة أهل البيت عليهم السّلام الفضائية أودعكم ، على أمل اللقاء بكم دائماً على مائدة المعرفة والفائدة والهداية والولاء .
نلقاكم على مائدة السحر إنشاء المولى .
طابت أوقاتكم ، ودمتم بخير ، والسلام عليكم .


إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc