الفصل الخامس (في أسرار الحسين بن علي عليهما السلام)

 فمن ذلك أنه لما أراد الخروج إلى العراق قالت له أم سلمة: يا بني لا تحزني بخروجك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يقتل ولدي الحسين بالعراق، فقال لها الحسين عليه السلام: يا أماه إني مقتول لا محالة وليس من الأمر المحتوم بد وإني لأعرف اليوم الذي أقتل فيه والحفرة التي أدفن فيها، ومن يقتل معي من أهل بيتي ومن شيعتي، وإن أردت أريتك مضجعي ومكاني.

 ثم أشار بيد ه فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه ومكانه (1).

ومن ذلك من كتاب الراوندي أن رجلا جاء إلى الحسين عليه السلام فقال: أمي توفيت ولم توص بشئ غير أنها أمرتني أن لا أحدث في أمرها حدثا حتى أعلمك يا مولاي، فجاء الحسين عليه السلام وأصحابه فرآها ميتة فدعا الله ليحييها فإذا المرأة تتكلم، وقالت: ادخل يا مولاي ومرني بأمرك، فدخل وجلس وقال لها: أوصي يرحمك الله، فقالت: يا سيدي، إن لي من المال كذا وكذا وقد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت، والثلثان لابني هذا إن علمت أنه من مواليك، وإن كان مخالفا فلا حظ للمخالف في أموال المؤمنين، ثم سألته أن يتولى أمرها وأن يصلي عليها، ثم صارت ميتة كما كانت (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار عن الكافي: 44 / 330 ح 2.

( 2) الخرائج والجرائح: 245 باب 4، وفرج المهموم: 227.

 

 

 

الفصل السادس في أسرار علي بن الحسين عليهما السلام

 فمن ذلك ما رواه خالد بن عبد الله قال: كان علي بن الحسين عليه السلام حاجا فجاء أصحابه فضربوا فسطاطه في ناحية فلما رآه قال: هذا مكان قوم من الجن المؤمنين وقد ضيقتم عليه، فناداه هاتف: يا بن رسول الله قرب فسطاطك منا رحمة لنا، وإن طاعتك مفروضة علينا، وهذه هديتنا إليك فاقبلها، قال جابر: فنظرنا وإذا إلى جانب الفسطاط أطباق مملوءة رطبا وعنبا، وموزا ورمانا، فدعا زين العابدين عليه السلام من كان معه من أصحابه، وقال: كلوا من هدية إخوانكم المؤمنين (1).

 ومن ذلك ما رواه صاحب كتاب الأربعين: أن بني مروان لما كثر استنقاصهم بشيعة علي بن الحسين عليه السلام شكوا إليه حالهم فدعا الباقر عليه السلام وأخرج إليه حقا فيه خيط أصفر وأمره أن يحركه تحريكا لطيفا فصعد السطح وحركه، وإذا بالأرض ترجف وبيوت المدينة تساقطت حتى هوى من المدينة ستمائة دار، وأقبل الناس هاربين إليه يقولون: أجرنا يا بن رسول الله، أجرنا يا ولي الله، فقال: هذا دأبنا ودأبهم يستنقصون بنا ونحن نفنيهم (2).

 ومن ذلك أن رجلا سأله فقال: بماذا فضلنا على أعدائنا وفيهم من هو أجمل منا؟ فقال له الإمام عليه السلام: أتحب أن ترى فضلك عليهم؟ فقال: نعم، فمسح يده على وجهه، وقال: أنظر، فنظر فاضطرب، وقال: جعلت فداك ردني إلى ما كنت، فإني لم أر في المسجد إلا دبا، وقردا وكلبا، فمسح يده فعاد إلى حاله (3).

 وإليه الإشارة بقوله: (أعداء علي مسوخ هذه الأمة)، وفي النقل: اقتلوا الوزغ فإنها مسوخ بني أمية (4).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار عن دلائل الطبري: 46 / 45 ح 45 بتفاوت.

( 2) الهداية الكبرى: 227 - 228 باب 6 و: 322 باب 12، ودلائل الإمامة: 2، والبحار: 25 / 379.

( 3) بحار الأنوار: 46 / 49 ح 49.

( 4) الخرائج: 823 وبحار الأنوار: 27 / 269 ح 19 بتفاوت.

 

 

 

الفصل السابع (في أسرار أبي جعفر الباقر عليه السلام)

 فمن ذلك ما رواه محمد بن مسلم قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام إذ وقع إليه ورشانان ثم هدلا فرد عليهما فطارا، فقلت: جعلت فداك ما هذه؟ فقال: هذا طائر ظن في زوجته سوءا فحلفت له فقال لها: لا أرضى إلا بمولاي محمد بن علي عليه السلام، فجاءت فحلفت له بالولاية أنها لم تخنه فصدقها، وما من أحد يحلف بالولاية إلا صدق إلا الإنسان، فإنه حلاف مهين (1).

 ومن ذلك ما رواه ميسر قال: قمت بباب أبي جعفر فخرجت جارية جلاسية فوضعت يدي على رأسها فناداني من أقصى الدار: ادخل لا أبا لك فلو كانت الجدران تحجب أبصارنا عنكم كما تحجب أبصاركم لكنا نحن وإياكم سواء (2).

 ومن ذلك ما رواه محمد بن مسلم قال: خرجت مع أبي جعفر عليه السلام إلى مكان يريده فسرنا، وإذا ذئب قد انحدر من الجبل وجاء حتى وضع يده على قربوس السرج، وتطاول فخاطبه فقال له الإمام عليه السلام: إرجع فقد فعلت، قال: فرجع الذئب مهرولا، فقلت: يا سيدي ما شأنه؟ فقال: ذكر أن زوجته قد عسرت عليها الولادة فسأل لها الفرج وأن يرزقه الله ولدا لا يؤذي دواب شيعتنا، فقلت له: إذهب فقد فعلت، قال: ثم سرنا، وإذا قاع محدب يتوقد حرا، وهناك عصافير يتطايرون، ودرن حول بغلته فرجوها، وقال: لا ولا كرامة، قال: ثم سار إلى مقصده، فلما رجعنا من الغد وعدنا إلى القاع وإذا العصافير قد طارت ودارت حول بغلته ورفرفت، فسمعته يقول: اشربي وارتوي، قال: فنظرت، وإذا في القاع ضحضاح (3) من الماء، فقلت: يا سيدي بالأمس منعتها واليوم سقيتها؟ فقال: اعلم أن اليوم خالطتها القنابر فسقيتها، ولولا القنابر لما سقيتها، فقلت: يا سيدي، وما الفرق بين القنابر والعصافير؟ فقال: ويحك أما العصافير فإنهم موالي الرجل (4) لأنهم منه، وأما القنابر فإنهم موالينا أهل البيت، وإنهم يقولون في صفيرهم: بوركتم أهل البيت عليهم السلام، وبورك شيعتكم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 65 / 24 ح 04.

 (2) بحار الأنوار: 46 / 248 ح 40 وفيه لا أم لك.

 (3) الضحضاح في الأصل مارق من على وجه الأرض ما بلغ الكعبين (النهاية).

 (4) في البحار: عمر.

 

 

ولعن الله أعدائكم، ثم قال: عادانا من كل شئ حتى الطيور الفاختة ومن الأيام الأربعاء (1).

 أقول: في هذا الحديث رمز حسن يشير إلى أن كلا يميل إلى شكله ويفرح بنظيره، وينبعث طبعه، وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله: يعرف ولد الحرام بأكله للحرام (2)، وهذا أيضا رمز وهو أن ولد الحرام مادته من الحرام فهو يحب ما هو منه، وعدوهم من الرجل فهو لا يحب إلا مادته، ومحبهم ووليهم طينته منهم، وهي طينة خلق منها أولاد الحلال فلا يحبهم إلا ولد الحلال، وليس محبهم إلا ولد الحلال.

 ومن ذلك ما رواه إسماعيل السندي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول لرجل من خراسان كان قدم إليه: كيف أبوك؟ فقال الرجل: بخير، فقال: فأخوك؟ قال: خلفته صالحا، فقال: قد هلك أبوك بعد خروجك بيومين، وأما أخوك فقتلته جاريته يوم كذا، وقد صار إلى الجنة، فقال الرجل: جعلت فداك، إن ابني قد خلفته وجعا، فقال: أبشر فقد برئ وزوجه عمه ابنته وصار له غلام وسماه عليا، وليس من شيعتنا، فقال الرجل: فما إليه من حيلة؟ فقال: كلا قد أخذ من صلب آدم أنه من أعدائنا فلا تغرنك عبادته وخشوعه (3).

 ومن ذلك ما رواه جابر بن يزيد قال: كنا مع أبي جعفر عليه السلام في المسجد فدخل عمر بن عبد العزيز وهو غلام، وعليه ثوبان معصفران فقال أبو جعفر عليه السلام: لا تذهب الأيام حتى يملكها هذا الغلام، ويستعمل العدل جهرا والجور سرا فإذا مات تبكيه أهل الأرض ويلعنه أهل السماء (4).

 ومن ذلك ما رواه أبو بصير قال: قال لي مولاي أبو جعفر عليه السلام: إذا رجعت إلى الكوفة يولد ولد تسميه عيسى، ويولد ولد وتسميه محمدا وهو من شيعتنا وأسماؤهما في صحيفتنا، وما يولدون إلى يوم القيامة، قال: فقلت: وشيعتكم معكم؟ قال: نعم، إذا خافوا الله واتقوه وأطاعوه (5).

 ومن ذلك أنه دخل المسجد يوما فرأى شابا يضحك في المسجد فقال له: تضحك في المسجد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 27 / 272 ح 25 بتفاوت.

( 3) بحار الأنوار: 46 / 243 ح 31 بتفاوت كبير.

( 4) بحار الأنوار: 46 / 251 ح 44 بتفاوت.

( 5) بحار الأنوار: 46 / 274 ح 79.

 

 

وأنت بعد ثلاثة من أصحاب القبور؟ فمات الرجل في أول اليوم الثالث، ودفن في آخره (1).

 ومن ذلك ما ورد في كتاب كشف الغمة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له يوما: أنتم ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم، قلت: ورسول الله وارث الأنبياء؟ قال: نعم، قلت: وأنتم ورثة رسول الله؟ قال: نعم، قلت: فتقدر أن تحيي الموتى وتبرئ الأكمه والأبرص وتخبر الناس بما يأكلون، وما يدخرون؟ قال: نعم، بأمر الله، ثم قال: ادن مني، فدنوت منه فمسح يده على وجهي، فأبصرت السماء والأرض، ثم مسح يده على وجهي فعدت كما كنت لا أرى شيئا (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) المصدر نفسه.

( 2) بصائر الدرجات: 289 ج 6 باب 3 ح 1 باب إنهم يحيون الموتى. والهداية الكبرى: 243 باب 7 وبحار الأنوار: 46 / 237 ح 13.

 

 

 

 

الفصل الثامن في أسرار الإمام الصادق عليه السلام

من ذلك ما رواه محمد بن سنان أن رجلا قدم عليه من خراسان ومعه صرر من الصدقات معدودة مختومة، وعليها أسماء أصحابها مكتوبة، فلما دخل الرجل جعل أبو عبد الله يسمي أصحاب الصرر، ويقول: أخرج صرة فلان فإن فيها كذا وكذا، ثم قال: أين صرة المرأة التي بعثتها من غزل يدها أخرجها فقد قبلناها؟ ثم قال للرجل: أين الكيس الأزرق، وكان فيما حمل إليه كيس أزرق فيه ألف درهم، وكان الرجل قد فقده في بعض طريقه، فلما ذكره الإمام استحيى الرجل وقال: يا مولاي إني فقدته في بعض الطريق، فقال له الإمام عليه السلام: تعرفه إذا رأيته؟ فقال: نعم، فقال: يا غلام، أخرج الكيس الأزرق، فأخرجه، فلما رآه الرجل عرفه، فقال الإمام: إنا احتجنا إلى ما فيه فأحضرناه قبل وصولك إلينا، فقال الرجل: يا مولاي إني ألتمس الجواب بوصول ما حملته إلى حضرتك، فقال له: إن الجواب كتبناه وأنت في الطريق (1).

 ومن ذلك ما رواه عبد الله بن الكاهلي قال: قال لي الصادق عليه السلام: إذا لقيت السبع فاقرأ في وجهه آية الكرسي، وقل: عزمت عليك بعزيمة الله وعزيمة رسوله، وعزيمة سليمان بن داود، وعزيمة علي أمير المؤمنين والأئمة من بعده، فإنه ينصرف عنك، قال: فخرجت مع ابن عم لي قادما من الكوفة فعرض لنا السبع فقرأت عليه ما علمني مولاي فطأطأ رأسه ورجع عن ا لطريق، فلما قدمت إلى سيدي من قبل أن أعلمه بالخبر، فقال: أتراني لم أشهدكم أن لي مع كل ولي أذن سامعة، وعين ناظرة، ولسان ناطق، ثم قال: يا عبد الله أنا والله صرفته عنكما وعلامة ذلك أنكما كنتما على شاطئ النهر (2).

 أقول: في هذا الحديث أسرار غريبة، الأول إطاعة الوحوش لهم عيانا وسماعا، والثاني إخباره أنه لم يغب عنهم وأن يشهد سائر أوليائه لأن الإمام مع الخلق كلهم لم يغب عنهم، ولم يحتجبوا عنه طرفة عين، ولكن أبصارهم محجوبة عن النظر إليه، وإن الدنيا بين يدي الإمام كالدرهم بين يدي الرجل يقلبه كيف شاء، والثالث أنه أنكر عليه وقال: أتراني لم أشهدكم؟ حيث إنه حسب أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 47 / 155 ح 218.

( 2) بحار الأنوار: 47 / 95 ح 108.

 

 

الحجة لا يشهد لمحجوج عليه بعد أن يثبت أنهم عين الله الناظرة في عباده، ويده المبسوطة بالفضل في بلاده، ولسانه المترجم عنه، وأن قلوب الأولياء مكان مشيئة الله وخزائن أسراره وباب حكمته.

ومن ذلك ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن المعلى بن خنيس ينال درجتنا، وإن المدينة من قابل يليها داود بن عروة، ويستدعيه ويأمره أن يكتب له أسماء شيعتي فيأتي فيقتله ويصلبه، فينال بذلك درجتنا، فلما ولي داود المدينة من قابل أحضر المعلى وسأله عن الشيعة فقال: أعرفهم، فقال: اكتبهم لي وإلا ضربت عنقك، فقال: بالقتل تهددني والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعتها عنهم، فأمر بضرب عنقه وصلبه، فلما دخل عليه الصادق عليه السلام قال: يا داود قتلت مولاي ووكيلي، وما كفاك القتل حتى صلبته، والله لأدعون الله عليك كما قتلته، فقال له داود: أتهددني بدعائك؟ ادع الله لك فإذا استجاب لك فادعه علي، فخرج أبو عبد الله عليه السلام مغضبا، فلما جن الليل اغتسل واستقبل القبلة، ثم قال: يا ذا يا ذي يا ذوا إرم داود سهما من سهام قهرك تبلبل به قلبه، ثم قال لغلامه: اخرج واسمع الصائح.

 فجاء الخبر أن داود قد هلك، فخر الإمام ساجدا وقال: إنه لقد دعوت الله عليه بثلاث كلمات لو قسمت على أهل الأرض لزلزلت بمن عليها (1).

 ومن كراماته عليه السلام: أن المنصور يوما دعاه، فركب معه إلى بعض النواحي، فجلس المنصور على تلال هناك وإلى جانبه أبو عبد الله، فجاء رجل وهم أن يسأل المنصور ثم أعرض عنه، وسأل الصادق عليه السلام فجش له من أهل وعل هناك ملء يديه ثلاث مرات، فقال: إذهب وأغل، فقال له بعض حاشية المنصور: خرجت عن الملك وسألت فقيرا لا يملك شيئا، فقال الرجل وقد عرق وجهه خجلا مما أعطاه: إني سألت من أنا واثق بعطائه، ثم جاء بالتراب إلى بيته، فقالت له زوجته: من أعطاك هذا؟ فقال: جعفر، فقالت: وما قال؟ قال لي: أغل، فقالت: إنه صادق، فاذهب بقليل منه إلى أهل المعرفة فإني أشم منه رايحة الغنا، فأخذ الرجل منه جزءا ومر به إلى بعض اليهود فأعطاه فيما حمل منه إليه عشرة آلاف درهم، وقال له: أتيني بباقيه على هذه القيمة (2).

 ومن ذلك: أن المنصور لما أراد قتل أبي عبد الله عليه السلام استدعى قوما من الأعاجم يقال لهم البعرعر لا يفهمون ولا يعقلون، فخلع عليهم الديباج المثقل، والوشي المنسوخ، وحملت إليهم الأموال، ثم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 47 / 181 ح 27 وتصويب العبارة منه.

( 2) بحار الأنوار: 47 / 155 ح 218.

 

 

استدعاهم وكانوا مائة رجل، وقال للترجمان: قل لهم: إن لي عدوا يدخل علي الليلة فاقتلوه إذا دخل، فأخذوا أسلحتهم ووقفوا ممتثلين لأمره، فاستدعى جعفرا عليه السلام وأمره أن يدخل وحده، ثم قال للترجمان: قل لهم هذا عدوي فقطعوه، فلما دخل الإمام تعاووا عوي الكلاب، ورموا أسلحتهم، وكتفوا أيديهم إلى ظهورهم، وخروا له سجدا، ومرغوا وجوههم على التراب، فلما رأى المنصور ذاك خاف، وقال: ما جاء بك؟ قال: أنت، وما جئتك إلا مغتسلا محنطا، فقال المنصور: معاذ الله أن يكون ما تزعم، ارجع راشدا، فخرج جعفر عليه السلام والقوم على وجوههم سجدا، فقال للترجمان: قل لهم: لم لا قتلتم عدو الملك؟ فقالوا: نقتل ولينا الذي يلقانا كل يوم ويدبر أمرنا كما يدبر الرجل أمر ولده ولا نعرف وليا سواه، فخاف المنصور من قولهم فسرحهم تحت الليل، ثم قتله بعد ذلك بالسم (1).

 ومن كراماته عليه السلام أن فقيرا سأله فقال لعبده: ما عندك؟ قال: أربعمائة درهم، فقال: أعطه إياها، فأعطاه، فأخذها وولى شاكرا، فقال لعبده: أرجعه، فقال: يا سيدي سألت فأعطيت، فماذا بعد العطاء، فقال له: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير الصدقة ما أبقت عني، وإنا لم نغنك فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم، فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة (2).

 ومن ذلك من كتاب الراوندي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: علمنا غابر ومزبور، ونكث في القلوب، ونقر في الأسماع، وعندنا الجفر الأبيض والجفر الأحمر، ومصحف فاطمة والجامعة، فأما الغابر فعلم ما كان، وأما المزبور فعلم ما يكون، وأما النكث في القلوب فهو الإلهام، وأما النقر في الأسماع فهو حديث الملائكة، وأما الجفر الأحمر ففيه سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله، وأما الجفر الأبيض فوعاء فيه التوراة والإنجيل والزبور والكتب الأولى، وأما مصحف فاطمة ففيه ما يكون من الحوادث، واسم من يملك إلى يوم القيامة، وأما الجامعة ففيها جميع ما يحتاج الناس إليه حتى أرش الخدش، وعندنا صحيفة فيها اسم من ولد ومن يولد، واسم أبيه وأمه من الذر إلى يوم القيامة، ممن هو من أعدائنا، ذلك فضل الله علينا وعلى الناس (3).

 ومن ذلك: ما رواه أحمد البرقي عن أبيه عن سدير الصيرفي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم وبين يديه طبق مغطى، فدنوت منه وسلمت عليه، فكشف الطبق وإذا فيه رطب، فقلت: يا رسول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 47 / 181 ح 27.

( 2) بحار الأنوار: 47 / 60 ح 116.

( 3) الإرشاد للمفيد: 2 / 186 كلام الصادق حول ميراث الرسول، وأصول الكافي: 1 / 238.

 

 

الله ناولني رطبة، فأكلتها، ثم طلبت أخرى فناولني حتى أكلت ثمان رطبات، فطلبت أخرى فقال: حسبك.

 قال: فلما استيقظت من الغد دخلت على الصادق عليه السلام وإذا بين يديه طبق مغطى كما رأيته في المنام، فكشف عنه، وإذا فيه رطب، فقال: جعلت فداك ناولني رطبة، فناولنيها فأكلتها، ثم سألته أخرى فأعطاني، فناولني ثمان رطبات فأكلتهن، ثم سألته أخرى، فقال: حسبك لو زادك جدي صلى الله عليه وآله لزدتك (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 47 / 63 ح 2.

 

 

الفصل التاسع (في أسرار أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام)

 

فمن ذلك أن الرشيد لما حج دخل المدينة فاستأذن عليه الناس، فكان آخر من أذن له موسى بن جعفر عليهما السلام، فلما أدخل عليه دخل وهو يحرك شفتيه، فلما قرب إليه قعد الرشيد على ركبتيه وعانقه، ثم أقبل عليه، وقال: كيف أنت يا أبا الحسن؟ كيف عيالك؟ كيف عيال أبيك؟ كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ وهو يقول: خير، خير، فلما قام أراد الرشيد أن ينهض فأقسم عليه أبو الحسن فقعد، ثم عانقه وخرج، فلما خرج قال له المأمون: من هذا الرجل؟ قال: يا بني هذا وارث علوم الأولين والآخرين، هذا موسى بن جعفر، فإن أردت علما حقا فعند هذا (1).

 ومن ذلك ما رواه أحمد البزاز قال: إن الرشيد لما أحضر موسى عليه السلام إلى بغداد فكر في قتله، فلما كان قبل قتله بيومين، قال للمسيب وكان من الحراس عليه لكنه كان من أوليائه، وكان الرشيد قد سلم موسى إلى السندي بن شاهك وأمره أن يقيده بثلاثة قيود من الحديد وزنها ثلاثين رطلا قال: فاستدعى المسيب نصف الليل وقال: إني ظاعن عنك في هذه الليلة إلى المدينة لأعهد إلى من بها عهدا يعمل به بعدي، فقال المسيب: يا مولاي كيف أفتح لك الأبواب والحرس قيام؟ فقال: ما عليك، ثم أشار بيده إلى القصور المشيدة والأبواب العالية، والدور المرتفعة، فصارت أرضا، ثم قال لي: يا مسيب كن على هيئتك فإني راجع إليك بعد ساعة، فقال: يا مولاي ألا أقطع لك الحديد؟ قال: فنفضه وإذا هو ملقى، قال: ثم خطا خطوة فغاب عن عيني، ثم ارتفع البنيان كما كان.

 قال المسيب: فلم أزل قائما على قدمي حتى رأيت الأبنية والجدران قد خرت ساجدة إلى الأرض، وإذا بسيدي قد أقبل وعاد إلى محبسه وأعاد الحديد إليه، فقلت: يا سيدي، أين قصدت؟ فقال: كل محب لنا في الأرض شرقا وغربا حتى الجن في البراري ومختلف الملائكة (2).

 ومن ذلك ما رواه صفوان الجمل بن مهران قال: أمرني سيدي أبو عبد الله عليه السلام يوما أن أقدم ناقته على باب الدار، فجئت بها، قال: فخرج أبو الحسن موسى مسرعا وهو ابن ست سنين فاستوى على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 48 / 133 ح 6 والحديث طويل.

( 2) مدينة المعاجز: 6 / 384.

 

 

ظهر الناقة وأثارها وغاب عن بصري، قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، وما أقول لمولاي إذا خرج يريد ناقته، قال: فلما مضى من النهار ساعة إذا الناقة قد انقضت كأنها شهاب وهي ترفض عرقا، فنزل عنها ودخل الدار فخرج الخادم، وقال: أعد الناقة مكانها وأجب مولاك، قال: ففعلت ما أمرني ودخلت عليه، فقال: يا صفوان إنما أمرتك إحضار الناقة ليركبها مولاك أبو الحسن، فقلت في نفسك: كذا وكذا فهل علمت يا صفوان إلى أين بلغ عليها في هذه الساعة؟ إنه بلغ ما بلغه ذو القرنين وجاوزه أضعافا مضاعفة وأبلغ كل مؤمن ومؤمنة سلامي (1).

 ومن ذلك ما رواه المسيب أن الرشيد لما أراد قتل موسى أرسل إلى عماله في الأطراف فقال: التمسوا إلى قوم ما لا يعرفون الله أستعين بهم في مهم لي، فأرسلوا إليه قوما يقال لهم العبدة، فلما قدموا عليه وكانوا خمسين رجلا أنزلهم في بيت من بيوت داره قريب المطبخ، ثم حمل إليهم المال والثياب والجواهر والأشربة والخدم، ثم استدعاهم وقال: من ربكم؟ فقالوا: ما نعرف ربا وما سمعنا بهذه الكلمة، فخلع عليهم، ثم قال للترجمان: قل لهم إن لي عدوا في هذه الحجرة فادلوا إليه فقطعوه، فدخلوا بأسلحتهم على أبي موسى عليه السلام والرشيد ينظر ماذا يفعلون، فلما رأوه رموا أسلحتهم وخروا له سجدا فجعل موسى يمر يده على رؤوسهم وهم يبكون، وهو يخاطبهم بألسنتهم، فلما رأى الرشيد ذلك غشي عليه وصاح بالترجمان أخرجهم، فأخرجهم يمشون القهقرى إجلالا لموسى عليه السلام، ثم ركبوا خيولهم وأخذوا الأموال ومضوا (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) الهداية الكبرى: 270 باب 9.

( 2) بحار الأنوار: 48 / 249 ح 57.

 

 

الفصل العاشر في أسرار أبي الحسن علي بن موسى عليهما السلام

فمن ذلك أن الرضا عليه السلام لما قدم من خراسان توجهت إليه الشيعة من الأطراف، وكان علي بن أبي أسباط قد توجه إليه بهدايا وتحف فأخذت القافلة وأخذ ماله وهداياه وضرب على فيه، فانتثرت نواجذه فرجع إلى قرية هناك ونام، فرأى الرضا عليه السلام في منامه، وهو يقول: لا تحزن إن هداياك وصلت إلينا، وأما فمك وثناياك فخذ من السعد المسحوق واحشي به فاك، فانتبه مسروا وأخذ من السعد وحشي به فاه فرد الله عليه نواجذه، قال: فلما وصل إلى الرضا عليه السلام ودخل عليه قال له: قد وجدت ما قلناه لك في السعد حقا فادخل هذه الخزانة فانظر، فدخل فإذا ماله وهداياه كلا على حدته (1).

ومن ذلك أن رجلا من الواقفة جمع مسايل مشكلة في طومار، وقال في نفسه: إن عرف معناه فهو ولي الأمر، فلما أتى الباب، وقف ليخف الناس من المجلس، فخرج إليه خادم وبيده رقعة فيها جواب مسألة بخط الإمام عليه السلام فقال له الخادم: أين الطومار؟ فأخرجه، فقال له: يقول لك ولي الله هذا جواب ما فيه.

 فأخذه ومضى (2).

 ومن ذلك أن الرضا عليه السلام قال يوما في مجلسه: لا إله إلا الله مات فلان، ثم صبر هنيهة، وقال: لا إله إلا الله غل وكفر، وحمل إلى حفرته، ثم صبر هنيهة، وقال: لا إله إلا الله وضع في قبره، وسئل عن ربه فأجاب، ثم سئل عن نبيه فأقر، ثم سئل عن إمامه فأخبر، وعن العترة، فعدهم، ثم وقف عندي فما باله وقف، وكان الرجل واقفيا (3).

 ومن ذلك ما رواه الراوندي في كتابه عن إسماعيل قال: كنت عند الرضا عليه السلام فمسح يده على الأرض فظهرت سبايك من فضة، ثم مسح يده فغابت، فقلت: أعطني واحدة منها، فقال: إن هذا الأمر ما آن وقته (4).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 49 / 71 ح 95.

( 2) بحار الأنوار: 49 / 71 ح 95.

( 3) المصدر نفسه.

( 4) بحار الأنوار عن الخرايج: 49 / 50 ح 50.

 

 

أقول: الفرق بين الشعبذة والسحر والسيمياء، والكرامات والمعجزات، الأول منها قلب العين حتى يرى الإنسان شيئا فيتخيله ولا حقيقة له ولا يبقى، وأما المعجزات والكرامات فقلب أعيان الأشياء وتحويلها إلى حقيقة أخرى باقية لا تزول إلا إذا أراد المظهر لها زوالها.

 ومن كراماته عليه السلام أن أبا نواس مدحه بأبيات فأخرج له رقعة فيها تلك الأبيات فتحير أبو نواس، وقال: والله يا ولي الله ما قالها أحد غيري، ولا سمعها أحد سواك، فقال: صدقت، ولكن عندي في الجفر والجامعة أنك تمدحني بها.

 (1) ومن ذلك ما رواه أبو الصلت الهروي قال: بينما أنا واقف بين يدي أبي الحسن الرضا عليه السلام إذ قال لي: سيحفر لي هاهنا قبر فتظهر صخرة لو اجتمع عليها كل معول بخراسان لم يقدروا على قلعها، فمرهم أن يحفروا لي سبع مرات إلى أسفل، وأن يشق لي ضريح فإن الماء سينبع حتى يمتلئ اللحد وترى فيه حيتانا صغارا، ثم يخرج حوت كبير يلتقط الحيتان الصغار ثم يغيب، فدع يديك على الماء وتكلم بهذا الكلام فإنه ينضب لك ولا يبقى منه شئ، ولا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون، ثم قال لي: يا أبا الصلت غدا أدخل إلى هذا الفاجر، فإن خرجت مكشوف الرأس فتكلم أكلمك، وإن خرجت مغطى الرأس فلا تكلمني.

 قال أبو الصلت: فما أصبحنا من الغد لبس ثيابه، وجلس في محرابه، فجاء غلام المأمون وقال: أجب أمير المؤمنين، فلبس نعله ورداءه، وقام يمشي وأنا أتبعه، ثم دخل على المأمون وبين يديه أطباق وفاكهة، وبيده عنقود من عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه، فلما رآه مقبلا وثب قايما وعانقه وأجلسه، ثم ناوله العنقود، وقال: يا ابن رسول الله هل رأيت أحسن من هذا العنب؟ فقال: قد يكون في بعض الجنان أحسن منه، ثم قال له: كل منه، فقال له الرضا عليه السلام: أعفني، فقال: لا بد من ذلك، ثم قال: وما يمنعك أتتهمني؟ ثم تناول العنقود منه وأكل منه، وناوله الرضا عليه السلام فأكل منه ثلاث حبات، ثم رمى به، وقال له المأمون: إلى أين؟ فقال له الرضا عليه السلام: إلى حيث وجهتني، ثم خرج عليه السلام مغطى الرأس حتى دخل الدار ثم أمر أن تغلق الأبواب، ثم نام على فراشه.

 فكنت: واقفا في صحن الدار باكيا حزينا إذ دخل إلي شاب حسن الوجه أشبه الناس بالرضا فبادرت إليه وقلت: من أين دخلت والباب مغلوق؟ فقال: الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا حجة الله يا أبا الصلت، أما محمد بن علي، ثم مضى نحو أبيه الرضا عليه السلام فدخل، فأمرني بالدخول، فلما نظر إليه الرضا عليه السلام نهض إليه ليعتنقه، ثم سجه سجى إلى فراشه وأكب عليه محمد بن علي عليه السلام فسر إليه سرا لا أفهمه، ورأيت على شفة الرضا بياضا أشد بياضا من الثلج، ورأيت أبا جعفر عليه السلام يلحسه بلسانه ثم أدخل يده بين صدره وثوبه فاستخرج منه شيئا شبه العصفور فابتلعه، ثم مضى الرضا عليه السلام فقال لي: يا أبا الصلت أيتني المغسل والماء من الخزانة، فقلت: ما في الخزانة مغسل ولا ماء، فقال: ائتمر بما آمرك به.

 قال: فدخلت الخزانة وإذا فيها مغسل وماء فأتيته بها، ثم شمرت ثيابي لأعاونه، فقال: تنح فإن لي من يساعدني، ثم قال لي: أدخل الخزانة وأخرج السفط الذي فيه كفنه وحنوطه، فدخلت وإذا أنا بسفط لم أره من قبل ذلك فأخرجته إليه وصلى عليه، ثم قال: إئتني بالتابوت، فقلت: أأمضي إلى النجار؟ فقال: إن في الخزانة تابوتا، فدخلت وإذا تابوت لم أر مثله قط، فأخرجته إليه فوضعته فيه بعد أن صلى عليه، تباعد عنه وصلى ركعتين، وإذا بالتابوت قد ارتفع فانشق السقف وغاب التابوت.

 فقلت: يا ابن رسول الله الساعة يأتي المأمون ويسألنا عن الرضا فماذا نقول؟ فقال: اسكت يا أبا الصلت، سيعود، إنه ما من نبي في شرق الأرض يموت ووصيه في غربها إلا جمع الله بين روحيهما.

 فما تم الحديث حتى عاد التابوت، فقال: فاستخرج الرضا عليه السلام من التابوت ووضعه على فراشه كأنه لم يكفن ولم يغسل، ثم قال: افتح الباب للمأمون، ففتحت الباب، وإذا أنا بالمأمون والغلمان على الباب، فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه ولطم رأسه، وهو يقول: واسيداه، ثم جلس عند رأسه، وقال: خذوا في تجهيزه، وأمر بحفر القبر، فظهر جميع ما ذكر الرضا عليه السلام.

 فقلت: أمرني أن أحفر له سبع مرات، وأن أشق ضريحه، قال: فافعل، ثم ظهر الماء والحيتان، فقال المأمون: لم يزل الرضا عليه السلام يرينا عجائبه في حياته حتى أرانا بعد وفاته، فقال له وزيره الذي كان معه: أتدري ما أخبرك به؟ قال: لا.

 قال: أخبرك أن ملككم يا بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان، حتى إذا انقضت دولتكم وولت أيامكم سلط عليكم رجلا فأفناكم عن آخركم.

 فقال له المأمون: صدقت، ثم دفن الرضا عليه السلام ومضى (1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 49 / 293 ح 8.

 

 

الفصل الحادي عشر في أسرار أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليهما السلام

 النور المستضئ فمن ذلك ما روي عنه أنه جئ به إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله بعد موت أبيه الرضا وهو طفل، فجاء إلى المنبر ورقى منه درجة، ثم نطق فقال: أنا محمد بن علي الرضا أنا الجواد، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب، أنا أعلم بسرايركم وظواهركم، وما أنتم صائرون إليه، علم منحنا به من قبل خلق الخلق أجمعين، وبعد فناء السماوات والأرضين، ولولا تظاهر أهل الباطل ودولة أهل الضلال، ووثوب أهل الشك، لقلت قولا يعجب منه الأولون والآخرون.

 ثم وضع يده الشريفة على فيه وقال: يا محمد اصمت كما صمت آباؤك من قبل (1).

 ومن ذلك ما رواه أبو جعفر الهاشمي قال: كنت عند أبي جعفر الثاني ببغداد فدخل عليه ياسر الخادم يوما وقال: يا سيدنا إن سيدتنا أم جعفر تستأذنك أن تصير إليها.

 فقال للخادم: إرجع فإني في الأثر، ثم قام وركب البغلة وأقبل حتى قدم الباب، فخرجت أم جعفر أخت المأمون فسلمت عليه وسألته الدخول على أم الفضل بنت المأمون، وقالت: يا سيدي أحب أن أراك مع ابنتي في موضع واحد فتقر عيني، قال: فدخل والستور تشال بين يديه فما لبث أن خرج راجعا وهو يقول:.

 فلما رأينه أكبرنه.

 قال: ثم جلس فخرجت أم جعفر تعثر ذيولها، فقالت: يا سيدي أنعمت علي بنعمة فلم تتمها، فقال لها: أتى أمر الله فلا تستعجلوا، إنه قد حدث ما لم يحسن إعادته فارجعي إلى أم الفضل فاستخبريها عنه.

 فرجعت أم جعفر فعادت عليها ما قال، فقالت: يا عمة وما أعلمه بذاك عني، ثم قالت: كيف لا أدعو على أبي وقد زوجني ساحرا، ثم قالت: والله يا عمة إنه لما طلع على جماله حدث لي ما يحدث للنساء فضربت يدي إلى أثوابي فضممتها، فبهتت أم جعفر من قولها ثم خرجت مذعورة، وقالت: يا سيدي وما حدث لها.

 قال: (هو من أسرار النساء).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) الهداية الكبرى: 296 باب 11 وبحار الأنوار: 50 / 108 ح 27.

 

 

 

فقالت: يا سيدي أتعلم الغيب؟ قال: لا.

 قالت: فنزل إليك الوحي؟ قال: لا.

 قالت: فمن أين لك علم ما لا يعلمه إلا الله وهي؟ فقال: (وأنا أيضا أعلمه من علم الله (1).

 قال: فلما رجعت أم جعفر قلت له: يا سيدي وما كان إكبار النسوة؟ قال: هو ما حصل لأم الفضل.

 فعلمت أنه الحيض (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) روحي فداه نفى أولا علم الغيب الاستقلالي ثم أثبته بتعليم الله تعالى.

( 2) الهداية الكبرى: 197 ذيل الباب 4 والإرشاد إلى ولاية الفقيه: 254.

 

 

 

الفصل الثاني عشرفي أسرار أبي الحسن الهادي عليه السلام

فمن ذلك ما رواه محمد بن الحسن الحضيني (1) قال: حضر مجلس المتوكل مشعبذ (2) هندي فلعب عنده بالحقق فأعجبه، فقال له المتوكل: يا هندي الساعة يحضر مجلسنا رجل شريف فإذا حضر فالعب عنده بما يخجله، قال: فلما حضر أبو الحسن المجلس لعب الهندي فلم يلتفت إليه، فقال له: يا شريف أما يعجبك لعبي، كأنك جائع؟ ثم أشار إلى صورة مدورة في البساط على شكل الرغيف وقال: يا رغيف مر إلى هذا الشريف، فارتفعت الصورة فوضع أبو الحسن يده على صورة سبع في البساط وقال: قم فخذ هذا، فصارت الصورة سبعا، فابتلع الهندي وعاد إلى مكانه في البساط، فسقط المتوكل لوجهه، وهرب من كان قائما (3).

 وعن ذلك ما رواه محمد بن داود القمي، ومحمد الطلحي قال: حملنا مالا من خمس ونذور، وهدايا وجواهر، اجتمعت في قم وبلادها، وخرجنا نريد بها سيدنا أبا الحسن الهادي عليه السلام فجاءنا رسوله في الطريق أن ارجعوا فليس هذا وقت الوصول إلينا، فرجعنا إلى قم وأحرزنا ما كان عندنا فجاءنا أمره بعد أيام أن قد أنفذنا إليكم إبلا غبراء فاحملوا عليها ما عندكم، وخلوا سبيلها فحملناها وأودعناها لله، فلما كان من قابل قدمنا عليه، قال: انظروا إلى ما حملتم إلينا، فنظرنا فإذا المنايح كما هي (4).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) في نسخة خطية الحمصي.

( 2) كذا في الأصل يريد مشعوذ.

( 3) بحار الأنوار: 50 / 211 ح 25.

( 4) بحار الأنوار: 50 / 185 ح 62.

 

 

الفصل الثالث عشر في أسرار أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام

فمن ذلك ما رواه علي بن عاصم الكوفي قال: دخلت على أبي محمد العسكري عليه السلام فقال لي: يا علي بن عاصم انظر إلى ما تحت قدميك فإنك على بساط قد جلس عليه كثير من النبيين والمرسلين، والأئمة الراشدين.

 قال: فقلت: يا سيدي ألا أتنعل ما دمت في الدنيا إكراما لهذا البساط؟ فقال: يا علي إن هذا النعل الذي في رجلك نجس ملعون [ لا يقر بولايتنا ].

 قال: فقلت في نفسي: ليتني أرى هذا البساط، فعلم ما في ضميري، فقال: ادن مني، فدنوت منه، فمسح يده الشريفة على وجهي فصرت بصيرا قال: فرأيت في البساط أقداما وصورا، فقال:: هذا قدم آدم عليه السلام وموضع جلوسه، وهذا أثر هابيل، وهذا أثر شيت، وهذا أثر نوح، وهذا أثر قيدار، وهذا أثر مهلائيل، وهذا أثر دياد (1)، وهذا أثر أخنوخ، وهذا أثر إدريس، وهذا أثر توشلح (2)، وهذا أثر سام، وهذا أثر أرفخشد، وهذا أثر هود، وهذا أثر صالح، وهذا أثر لقمان، وهذا أثر إبراهيم، وهذا أثر لوط، وهذا أثر إسماعيل، وهذا أثر إلياس، وهذا أثر إسحاق، وهذا أثر يعقوب، وهذا أثر يوسف، وهذا أثر شعيب، وهذا أثر موسى، وهذا أثر يوشع بن نون، وهذا أثر طالوت، وهذا أثر داود، وهذا أثر سليمان، وهذا أثر الخضر، وهذا أثر دانيال، وهذا أثر اليسع، وهذا أثر ذو القرنين إسكندر، وهذا أثر سابور بن أرشير (3)، وهذا أثر لؤي، وهذا أثر كلاب، وهذا أثر قصي، وهذا أثر عدنان، وهذا أثر عبد المطلب، وهذا أثر عبد الله، وهذا أثر عبد مناف، وهذا أثر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا أثر أمير المؤمنين عليه السلام، وهذا أثر الأوصياء من بعده إلى المهدي عليه السلام لأنه قد وطأه وجلس عليه.

 ثم قال: أنظر إلى الآثار واعلم أنها آثار دين الله، وأن الشاك فيهم كالشاك في الله، (ومن جحدهم ] كمن جحد الله، ثم قال: اخفض طرفك يا علي، فرجعت محجوبا كما كنت (4).

 ومن ذلك ما رواه الحسن بن حمدان عن أبي الحسن الكرخي قال: كان أبي بزازا في الكرخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) في البحار: ياره.

( 2) في نسخة متوشلح وهو المشهور وكذا في البحار.

( 3) في البحار: شابور بن أردشير.

( 4) بحار الأنوار: 50 / 304 ح 81.

 

 

 

فجهزني بقماش إلى سر من رأى فلما دخلت إليها جاءني خادم وناداني باسمي واسم أبي، وقال: أجب مولاك، فقلت: ومن مولاي حتى أجيبه؟ فقال: ما على الرسول إلا البلاغ المبين ! قال: فتبعته فجاء بي إلى دار عظيمة البناء لا أشك أنها الجنة، وإذا رجل جالس على بساط أخضر ونور جلاله يغشي الأبصار فقال لي: إن فيما حملت من القماش حبرتين إحداهما في مكان كذا، والأخرى في مكان كذا في السفط الفلاني، وفي كل واحدة منهما رقعة مكتوب فيها ثمنها وربحها، وثمن إحداهما ثلاثة وعشرون دينارا والربح ديناران، وثمن الأخرى ثلاثة عشر دينارا، والربح كالأولى، فاذهب فأت بهما.

 قال الرجل: فرجعت فجئت بهما إليه فوضعتهما بين يديه فقال لي: إجلس فجلست لا أستطيع النظر إليه إجلالا لهيبته، قال: فمد يده إلى طرف البساط وليس هناك شئ فقبض قبضة، وقال: هذا ثمن حبرتيك وربحهما، قال: فخرجت وعددت المال في الباب فكان المشتري والربح كما كتب أبي لا يزيد ولا ينقص (1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) بحار الأنوار: 50 / 314 ح 12.

 

 

 

الفصل الرابع عشر في أسرار أبي صالح المهدي عليه السلام

 فمن ذلك ما رواه الحسن بن حمدان عن حليمة (1) بنت محمد بن علي الجواد قالت: كان مولد القائم ليلة النصف من شعبان سنة 250 (2) وأمه نرجس بنت ملك الروم فقالت حليمة: فلما وضعته سجد، وإذا على عضده (3) مكتوب بالنور: جاء الحق وزهق الباطل، قال: فجئت به إلى الحسن عليه السلام فمسح يده الشريفة على وجهه وقال: تكلم يا حجة الله وبقية الأنبياء، وخاتم الأوصياء، وصاحب الكرة البيضاء، والمصباح من البحر العميق الشديد الضياء، تكلم يا خليفة الأتقياء، ونور الأوصياء.

 فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أن عليا ولي الله، ثم عد الأوصياء، فقال له الحسن عليه السلام: إقرأ ما نزل على الأنبياء، فابتدأ بصحف إبراهيم فقرأها بالسريانية، ثم قرأ كتاب نوح وإدريس، وكتاب صالح، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وفرقان محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين، ثم قص قصص الأنبياء إلى عهده عليه السلام (4).

 هذا بقية الله في خلقه، ووجه الله في عباده، ووديعته المستحفظة، وكلمته الباقية، وهذا بقية أغصان شجرة طوبى، هذا القاف، وسدرة المنتهى، هذا ريحان جنة المأوى، هذا خليفة الأبرار، هذا بقية الأطهار، هذا خازن الأسرار، هذا منتهى الأدوار، هذا ابن التسمية البيضاء، والوحدانية الكبرى، وحجاب الله الأعظم الأعلى، هذا السبب المتصل من الأرض إلى السماء، هذا الوجه الذي يتوجه الأولياء، هذا الولي الذي بيمنه رزق الورى، وببقائه بقيت الدنيا، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء، هذا الحجة من الحجج، هذا نسخة الوجود والموجود، هذا غوث المؤمنين، وخاتم الوصيين وبقية النبيين، ومستودع علم الأولين والآخرين، هذا خاتم الألقاب الذاتية، والأشخاص المحمدية، والعترة الهاشمية، هذا البقية من النور القويم، والنبأ العظيم، والصراط المستقيم، خلفاء النبي الكريم، وأبناء الرؤوف الرحيم، وأمناء العلي العظيم، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) في نسخة خطية حكيمة.

( 2) كذا في الأصل المطبوع وفي النسخة 225 فأما في كتاب دلائل الإمامة للطبري: سنة 257.

( 3) في النسخة الخطية.

( 4) بحار الأنوار: 51 / 27 ح 37.

 

 

هم خلفاء أحمد والنقباء الحكماء

أئمة اثنا عشر أشرف من تحت السماء

تعمى العيون عنهم وهم جلاء للعماء

هذا الخليفة الوارث لأسرة النبوة والإمامة، والخلافة والولاية، والسلطنة (1)، والعصمة والحكمة، هذا الخلف من الآيات الباهرات، والنجوم الزاهرات، الذين لهم الحكم على الموجودات، والتصرف في الكائنات، والاطلاع على الغيوب، والعلم بما في الضمائر والقلوب، والإحاطة بالمخلوقات والشهادة لسائر البريات، شهد لهم بذلك الذكر المبين (2)، بأنهم سادة الأولين والآخرين، والولاة على السماوات والأرضين، وإن الذي وصل إلى الأنبياء قطرة من بحرهم، ولمعة من نورهم، وذرة من سرهم، وذلك لأن الذي كان عند الأنبياء من الاسم الأعظم حرفان لا غير، وكانوا يفعلون بهما العجائب، وعند آل محمد سبعون حرفا، وعندهم ما عند الأنبياء أيضا مضاف إليه، فالكل منهم وعنهم، وإليه الإشارة بقوله حكاية عن موسى عليه السلام: (وكتبنا له في الألواح من) كل شئ) (3) ومن هنا للتبعيض، وقال حكاية عن عيسى عليه السلام: ليبين لهم الذي يختلفون فيه (4)، وقال حكاية عن خاتم النبيين: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ (5)، وقوله: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (6)، فهم اللوح الحاوي لكل شئ، والكتاب المبين الجامع لكل شئ، لأن كل ما سطر في اللوح صار إليهم، دليله قوله: (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) (7).

 والإمام المبين هو اللوح المحفوظ (8) المتقدم في الوجود على سائر الموجودات، وسماه الإمام لأنه فوق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) في النسخة الخطية والنقطة كما في المفهوم الذي يراه المؤلف في علم الحروف.

( 2) إشارة إلى قوله تعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم هذه الآية في آخر سورة التوبة.

( 3) الأعراف: 145.

( 4) النحل: 39.

( 5) النحل: 89.

( 6) الأنعام: 38.

( 7) يس: 12.

( 8) راجع تفسير الميزان: 17 / 67 مورد الآية.

 

 

الكل وإمام الكل، دليله قوله: (أول ما خلق الله اللوح المحفوظ) (1) ونور محمد متقدم في علم الغيب على الكل وعدل على الكل، وعنه بدأ الكل ولأجله خلق الكل، فاللوح المحفوظ هو الإمام، وإليه الإشارة بقوله: وكل شئ أحصيناه في إمام مبين فالكتاب المبين هو الإمام، وإمام الحق علي، فعلي هو الكتاب المبين، وإليه الإشارة بما روي عن محمد الباقر عليه السلام أنه لما نزلت هذه الآية قام رجلان فقالا: يا رسول الله من الكتاب المبين أهو التوراة؟ قال: لا.

 قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا.

 قالا: فهو القرآن؟ قال: لا.

 فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا هو الإمام المبين الذي أحصى الله فيه علم كل شئ (2) وإن كبر عليك أنه هو الكتاب المبين، فعنده علم الكتاب وإليه الإشارة بقوله: (ومن عنده علم الكتاب) (3) فعلى الوجهين عنده علم الغيب من غير ريب.

 أقول: يؤيد هذا ما رواه ابن عباس من كتاب المقامات قال: أنزل الله على نبيه كتابا من قبل أن يأتيه الموت عليه خواتيم من ذهب، فقال له: ادفعه إلى النجيب من أهلك علي بن أبي طالب عليه السلام ومره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه ثم دفعه إلى الحسين عليه السلام ففك خاتما منه فوجد فيه: اخرج بقومك إلى الشهادة، واشتر نفسك لله، ثم دفعه إلى علي ابنه عليه السلام فوجد فيه: اصمت والزم بيتك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، ففعل ثم دفعه إلى محمد ابنه عليه السلام ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وافتهم، ولا تخافن إلا الله فلا سبيل لأحد عليك، ففعل، ثم دفعه إلى ابنه جعفر ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وافتهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) تقدم الحديث.

( 2) تقدم الحديث وراجع: ينابيع المودة: 1 / 77 ط تركيا و: 87 النجف، وتفسير الثقلين: 4 / 379.

( 3) الرعد: 43.

 

 

وانشر علوم آبائك وصدق أهل بيتك، ولا تخافن أحدا إلا الله هكذا حتى مضى، ثم صار إلى القائم عليه السلام.

 يشهد بصحة هذا الإيراد حديث اللوح الذي رواه جابر عن الزهراء عليها السلام وهو لوح أهداه الله إلى رسوله فيه اسمه واسم الخلفاء من بعده نسخته: (بسم الله الرحمن الرحيم) هذا كتاب من الله العزيز الحكيم إلى محمد نبيه وسفيره نزل به الروح الأمين من رب العالمين، عظم يا محمد أمري، واشكر نعمائي، إنني أنا الله لا إله إلا أنا فمن رجا غير فضلي، وخاف غير عدلي، عذبته عذابا أليما (1).

فإياي فاعبد، علي فتوكل، إنني لم أبعث نبيا قط فأكملت أيامه إلا جعلت له وصيا وإني فضلتك على الأنبياء وجعلت لك عليا وصيا، وكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين، وجعلت حسنا معدن وحيي بعد أبيه، وجعلت حسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة، وأعطيته مواريث الأنبياء فهو سيد الشهداء، وجعلت كلمتي الباقية في عقبه أخرج منه تسعة أبرار هداة أطهار منهم سيد العابدين وزين أوليائي، ثم ابنه محمد شبيه جده المحمود الباقر لعلمي، هلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني أن أهيج بعده فتنة عمياء، من جحد وليا من أوليائي فقد جحد نعمتي، ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، ويل للجاحدين فضل موسى عبدي وحبيبي، وعلي ابنه وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوة يقتله عفريت مريد، حق القول مني لأقرن عينه بمحمد ابنه موضع سري، ومعدن علمي، وأختم بالسعادة لابنه علي الشاهد على خلقي، أخرج منه خازن علمي الحسن الداعي إلى سبيلي، وأكمل ديني بابنه زكي العالمين عليه كمال موسى، وبهاء عيسى، وصبر أيوب، يذل أولياؤه في غيبته ويتهادون برؤوسهم إلى الترك والديلم، ويصبغ الأرض بدمائهم ويكونون خائفين أولئك أوليائي حقا، بكم أكشف الزلازل والبلاء، (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار عن الكافي: 36 / 192 ح 1.

(2) بحار الأنوار: 36 / 198 ح 3 والحديث طويل / والآية 157 من سورة البقرة.

 

 

فصل (آيات في فضل آل محمد عليهم السلام)

 فهؤلاء سادة الأنام، ومصابيح الظلام، وكعبة الاعتصام، وذروة الاحتشام، وأمناء الملك العلام، الذين اصطفاهم للخطاب وارتضاهم بميراث الحكمة والكتاب، وإليهم الإشارة بقوله: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (1) فهم السادة الأبرار والمصطفون الأخيار، الذين وصفهم بالطهارة والعصمة في الكتاب، فقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (2) فهم الذرية الفاخرة، وسادة الدنيا والآخرة، الذين دل الكتاب على أنهم الهداة المهديون.

 فقال في وصفهم رب العالمين: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) (3) ثم شهد الرسول بأنهم سفينة النجاة، فقال وقوله الحق صلى الله عليه وآله: (أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخر عنها ضل وغوى) (4).

 ثم أبان لنا رب الأرباب، أنهم ورثة الحكمة والكتاب، فقال: (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب (5)، فهم الذرية الطاهرون، والعترة المعصومون.

 ثم صرح الذكر المبين أنهم ولاة يوم الدين، فقال: (إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم) (6)، فإليهم الإياب، وعليهم الحساب، يوم الحساب أنتم أعلم أن حكم يوم المعاد إليهم، وحساب العباد عليهم، فقال: وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد (7) فالشهيد محمد النبي، والسائق علي الولي.

 ثم أبان للخلق عددهم ونبأهم فقال: وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا (8) فمنهم السادة النقباء،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) فاطر: 32.

( 2) الأحزاب: 33.

( 3) الأنعام: 90.

( 4) بحار الأنوار: 23 / 124، والطرائف: 1 / 199 بتحقيقنا.

( 5) الحديد: 26.

( 6) الغاشية: 25 - 26.

( 7) ق: 21.

( 8) المائدة: 12.

 

 

والأسباط الأوصياء، ثم خصهم بالشرف والفخار، وحصر فيهم العلم والافتخار، فقال: ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم (1) فآباؤهم محمد وعلي وفاطمة، وإخوانهم الحسن والحسين، وذرياتهم الخلفاء من عترة الحسين إلى آخر الدهر عليهم السلام.

 ثم قال: واجتبيناهم فتعين شرفهم وفضلهم ووجب اتباعهم، وانقطاع الكل عن مرتبتهم ونزول الخلائق عن رفعتهم.

 ثم أكد ذلك وعينه، وأشاع فضلهم وبينه، وأن الإمامة لا تكون إلا في المعصوم البرئ من السيئات، المطهر من الخطيئات، وأخرج من سواهم من دائرة الشرف والحكم، وأشار إلى ذلك رمزا، فقال لنوح إذ قال: رب إن ابني من أهلي * إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) (2)، ثم بين لعباده أنهم أئمة الحق، وأوضح لهم أنهم الداعون إلى الصدق، وأن من تبع غيرهم ضل وزل، فقال: (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون (3).

 ثم توعد عباده وخوفهم أن يتبعوا غيرهم فقال: (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (4) والصدق فيهم ومنهم.

 ثم أمر عباده أن يدينوه بطاعتهم، فقال: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة (5) فجعل ولايتهم السلم والسلام.

 ثم بين في الآيات أنه اصطفاهم على الخلائق، وارتضاهم للغيب والحقائق، فقال: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (6).

 ثم بين أنهم بنعم الله محشورون، وعلى فضل الله محسودون، فقال: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) (7)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) الأنعام: 87.

( 2) هود: 46.

( 3) يونس: 35.

( 4) التوبة: 119.

( 5) البقرة: 208.

( 6) آل عمران: 33.

( 7) النساء: 54.

 

 

والملك العظيم هو وجوب الطاعة على سائر العباد.

 ثم أوجب على العباد طاعتهم بالتصريح فقال: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (1) يعني الذين قرنهم بالكتاب والرسول.

 ثم نهى عباده أن يتفرقوا عنهم فقال: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه (2) يعني عليا وعترته، ثم قال: (ولا تتبعوا السبل - يعني غيرهم - فتفرق بكم عن سبيله) - يعني: فتضل بكم عن سبيله، فجعلهم سبيله الهادي إليه، وطريقه الدال عليه.

 ثم جعل من مال عنهم تابعا للشيطان، ومخالفا للقرآن، وعاصيا للرحمن، فقال: (ولا تتبعوا الشيطان وهي طريق أعدائهم.

 ثم بين أن من اتبعهم نال الرضوان، وفاز بالغفران، ونجا من النيران، فقال: (وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم) (3) ومعناه قفوا عند علي وعترته فهم الباب وتمسكوا بحبهم تأمنوا العذاب، واتبعوا سبيله فهو أم الكتاب، واعلموا أن عليا مولاكم يغفر لكم خطاياكم.

 ثم عدد مقاماتهم في الكتاب وعينهم بالخص والنص، فقال: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (4) يعني رهطك المصطفين.

 ثم خصهم بجوامع الشرف والتفضيل والتطهير، وهذا هو الفضل الذي لا يجحد والشرف الذي لا يحد.

 ثم باهل بهم الأعداء فجعلهم على إثبات دينه شهداء، وعلى نبوة نبيه أدلاء، فقال: فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) (5).

 ثم خصهم بالمقام الخاص، وجعلهم قنطرة الإخلاص، ونهج النجاة والخلاص، فقال: وآت ذا، القربى حقه) (6) وهي خصوصية خص بها الرب الكريم فاطمة الزهراء بضعة الرؤوف الرحيم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) النساء: 59.

( 2) الأنعام: 153.

( 3) النساء: 154.

( 4) الشعراء: 214.

( 5) آل عمران: 61.

( 6) الإسراء: 26.

 

 

 

ثم أوجب محبتهم على العباد، وجعلهم الذخر يوم المعاد، فقال: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (1).

 ثم ذكر قصة نوح فقال: وما أسألكم من أجر (2) وقال، عن هود: يا قوم لا أسألكم عليه أجرا (3)، وقال لمحمد صلى الله عليه وآله: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فلم يفرض لهم المودة إلا لأنهم نجوم الولاية، وشموس الهداية، لم يرتدوا عن الملة، ولم يفارقوا الكتاب والسنة، لا بل هم الكتاب والسنة، ففرض مودتهم وطاعتهم، فمن أخذ بها وجب على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يحبه لأنه على منهاجه، ومن لم يأخذ بها وجب على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبغضه لأنه ضيع فريضة أمره الله والرسول بها، لا بل هي رأس الفرض وتمام كل سنة وفرض، فأي شرف يعلو على هذا المقام.

 ثم إن الله لم يبعث نبيا إلا وأمره أن لا يسأل أمته أجرا على نبوته، بل الله يوفيه أجره، وفرض لمحمد صلى الله عليه وآله مودة أهل بيته عليهم السلام، وأمره أن يبين فضلهم، فمن أخذ بهذه المودة فهو مؤمن مخلص قد وجبت له الجنة.

 ثم قرن ذكر محمد بذكره في الصلاة وقرن ذكرهم بذكر نبيه فدل بذاك على رفيع شرفهم، وبين ذلك الصادق الأمين من قوله: اللهم صل على محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (4).

 ثم أعطاهم من الفضل ما لم يبلغ أحد وصفه، فسلم على الأكثر من رسله، ولم يسلم على آلهم فقال: سلام على نوح في العالمين (5)، ثم قال: سلام على إبراهيم (6) ثم قال: سلام على موسى وهارون) (7)، ثم سلام على آل محمد صلى الله عليه وآله، فقال: سلام على إل ياسين (8) وياسين اسم محمد بلغة طي) (9).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) الشورى: 23.

( 2) الشعراء: 109 (3) هود: 51.

( 4) فتح الباري شرح صحيح البخاري: ح 3369.

( 5) الصافات: 79.

( 6) الصافات: 109.

( 7) الصافات: 120.

( 8) التوبة: 60.

( 9) تقدم الحديث.

 

 

ثم أنزل في كتابه ما فرق به بين الآل والأمة، فقال: واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى (1) فرضي لهم ما رضي لنفسه فبدأ لنفسه ثم بدأ برسوله، ثم بآل رسوله فجعل لنفسه نصيبا، ثم للنبي ثم لآله ثم قربهم إليه في الطاعة فقال: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (2) فبدأ بنفسه ثم برسوله المخبر عنه ثم بالهداة المهتدين ين من عترته، ثم أكد لهم الولاية فقال: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) (3) فجعل ولايتهم مع ولاية الرسول مقرونة بولايته، كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا لسهمه في القسمة (الغنيمة خ ل) فسبحان من فضلهم ورفعهم واختارهم على العالمين.

 

فصل

ثم إنه لما أنزلت آية الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته، فقال: (إنما الصدقات للفقراء) والمساكين (4) إلى آخر الآية، فلم يجعل له سهما ولا لرسوله ولا لآل رسوله من الصدقات، لأنها من أوساخ الناس، وهم مطهرون من الأدناس، فهم الآل الذين أمر الله بطاعتهم، وذوو القربى الذين أمر الله بمودتهم وصلتهم، والموالي الذين أمر الله بطاعتهم ومعرفتهم، وأهل الذكر الذين أمر الله بمسألتهم، ورضي لهم ما رضي لنفسه، ونزههم مما نزه منه نفسه، وجعلهم آل الرسول خاصة فقال: (قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا) (5).

 فهم آل الرسول وعترته، وأهل الله وخاصته، ومعهد التنزيل ونهايته، وسدنة الوحي وخزنته، كما قال أبو الحسن الرضا عليه السلام في مشاجرته: أيحل لرسول الله صلى الله عليه وآله لو كان حيا أن يتزوج إليك؟ فقال المأمون: نعم.

 فقال الرضا عليه السلام: لكنه لا يحل له أن يتزوج إلي، فقال المأمون: نعم.

 لأنك ابنه.

وهذا هو الفرق ما بين الآل والأصحاب، لأن المأمون كان يزعم أن آل رسول الله أصحابه وأمته، فأبان لهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) الأنفال: 41.

( 2) النساء: 59.

( 3) المائدة: 55.

( 4) التوبة: 60.

( 5) الطلاق: 10.

 

 

الإمام من آله وأصحابه.

ثم أنه قال له سبحانه في لفظ التخصيص: (وأمر أهلك بالصلاة) (1) فلفظ الأمر هنا خص ومعناه عام، لأنه أدخله مع الأمة لعموم الأمر، وميزهم عنهم بتخصيص لفظ الأهل، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله بعد نزول هذه الآية يأتي إلى باب الزهراء عليها السلام فيقف هناك ويقول: الصلاة يا آل محمد الصلاة (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) طه: 132.

( 2) راجع مسند أحمد: 3 / 259 ط. م و: 4 / 157 ط. ب وسنن الترمذي: 5 / 352 ح 06 32 وتفسير الطبري: 22 / 5 مورد الآية.

 

 

 

فصل(1) (سر العدد 12)

 وهم 12 سبطا خير أسباط المرسلين، و 12 نقيبا، و 12 نجما، بعدد البروج والشهور والأيام، ولكل إمام منهم 12 حرفا وهو سر من أسرار الولاية، وهو هذا مع التوحيد والنبوة لا إله إلا الله 12، محمد رسول الله 12، النبي المصطفى 12، الصادق الأمين 12، علي باب الهدى 12، أمين الله حقا 12، أمير المؤمنين 12، فاطمة أمة الله 12، البتول الزهراء 12، وارثة النبيين 12، الإمام الثاني 12، الحسن المجتبى 12، وارث المرسلين 12، الإمام الثالث 12، الحسين بن علي 12، خليفة النبيين 12، والد الوصيين 12، الإمام الرابع 12، الإمام السجاد 12، علي بن الحسين 12، وارث المرسلين 12، سيد العابدين 12، الإمام الخامس 12، الإمام الباقر 12، هو محمد بن علي 12، إمام المؤمنين 12، الإمام السادس 12، الإمام الصادق 12، هو جعفر بن محمد 12، قدوة الصديقين 12، الإمام السابع 12، الإمام الكاظم 12، هو موسى بن جعفر 12، خليفة النبيين 12، الإمام الثامن 12، الإمام الرضا 12، هو علي بن موسى 12، إمام المؤمنين 12، الإمام التاسع 12، الإمام الجواد 12، هو محمد بن علي 12، نجل المنتجبين 12، الإمام العاشر 12، الإمام الهادي 12، هو علي بن محمد 12، وارث الوصيين 12، الإمام الحادي عشر 12، الحسن العسكري 12، إمام المسلمين 12، الإمام الخاتم 12، القائم المهدي 12، محمد بن الحسن 12، خليفة النبيين 12، خاتم الوصيين 12، هؤلاء العترة 12، الغر الميامين 12، بنو عبد المطلب 12، سادة أهل الجنة 12، محبهم مؤمن تقي 12، في الجنة مخلد 12، عدوهم كافر شقي 12، في النار مؤبد 12، اللهم صل عليهم 12، بأفضل صلواتك 12، يا رب العالمين.

 

فصل

وبرهان ما هديت إليه، ودللت عليه، أن جميع الكلام إذا رد إلى الأصل كان منحصرا في أربع كلمات، وهي: لا إله إلا الله محمد رسول الله، والإسلام والإيمان مبني عليهما وكل واحدة من هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) جاء في هذا الفصل كثير من علم الحروف. ومن الجدير بالذكر أن الحروف المدغمة المشددة تعد واحدة والهمزة المدرجة والألف المكتوبة والملفوظة كذلك تعد واحدة... والألف علامة للإعراب كأخته ولغير الأعراب سواء وقعت في الفاء أو العين أو اللام.

 

 

الكلمات 12 حرفا، والإمام رأس الإيمان، وزمام الإسلام، فوجب أن يكون القائم بها 12 إماما، وإليه الإشارة بقوله: (وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) (1) وقوله: (وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما) (2) فجعل القائم بأمره من النقباء الأولياء، والأسباط الأوصياء 12، الثالث أنه جعل مصالح العالم في الليل والنهار في 12 ساعة، الرابع أنه جعل الشمس والقمر آيتين يهتدى بهما وسيرهما بالتقدير والتسخير في 12 برجا، وجعل شهور السنة 12 شهرا، فانظر بين الاعتبار إلى أدوار كيف جرت بهذه الأسرار، بمشيئة الجبار، ذلك تقدير العزيز العليم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) المائدة: 12.

( 2) الأعراف: 160.