الصفحة 150

الشيخ المفيد(1) (المتوفى 413)

والحسيني الزيدي(2) (المتوفى 670)

والعلامة البياضي(3) (المتوفى 877)

[7] وأجاب أمير المؤمنين (عليه السلام) عنه: " أما بعد، فقد أتاني كتابك.. وقلت: إني كنت أُقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع.. ولعمر الله لقد أردت أن تذمّ فمدحت، وأن تفضح فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوماً ما لم يكن شاكّاً في دينه ولا مرتاباً بيقينه.. وهذه حجّتي إلى غيرك "(4).

رواه من العامة ابن حمدون(5) (المتوفى 562)

وابن أبي الحديد(6) (المتوفى 656)

والنويري(7) (المتوفى 737)

والقلقشندي(8) (المتوفى 821)

والباعوي الشافعي(9) (المتوفى 871)

ومن الشيعة:

السيّد الرضي(10) (المتوفى 406)

وأبو الصلاح الحلبي(11) (المتوفى 447)

والشيخ الطبرسي(12) (القرن السادس)

____________

1. الفصول المختارة: 287.

2. أنوار اليقين: 28، 385.

3. الصراط المستقيم: 3/11.

4. خ. ل: عليك وعلى غيرك.

5. التذكرة الحمدونية: 7/166.

6. شرح نهج البلاغة: 15/183.

7. نهاية الإرب: 7/236.

8. صبح الأعشى: 1/276.

9. جواهر المطالب: 1/374.

10. نهج البلاغة: 122 ـ 123، كتاب 28.

11. تقريب المعارف: 237.

12. الاحتجاج: 1/178.


الصفحة 151
وابن حمزة الزيدي(1) (المتوفى 614)

وحسام الدين المحلّى(2) (المتوفى 652)

والحسينى الزيدي(3) (المتوفى 670)

[8] وروى المنقري في كتاب معاوية إلى محمّد بن أبي بكر:.. فلما اختار الله لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما عنده، وأتم له ما وعده، وأظهر دعوته، وأبلج(4)حجّته، [و] قبضه(5) إليه صلوات الله عليه، فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزّه حقّه، وخالفه على أمره. على ذلك اتقفا واتسقا. ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما، فأبطأ عنهما، وتلكأ عليهما، فهمّا به الهموم، وأرادا به العظيم(6)..!

ورواه علي بن الحسين المسعودي(7) (المتوفى 346)

وابن أبي الحديد(8) (المتوفى 656)

وأبو بكر الدواداري(9) (المتوفى 732)

ومن الشيعة:

الشيخ المفيد(10) (المتوفى 413)

[9] وروى المنقري عن محمّد بن عبيد الله عن الجرجاني [قال عمرو بن العاص لمعاوية]: وقد سمعته أنا وأنت: وهو [يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)]

____________

1. الشافي: 3/245.

2. الحقائق الوردية: ص 67.

3. أنوار اليقين: 29.

4. خ. ل: أفلج.

5. خ. ل: قبضه الله.

6. وقعة صفّين: 120.

7. مروج الذهب: 3/12 ـ 13.

8. شرح نهج البلاغة: 3/190.

9. كنز الدرر: 3/351.

10. الاختصاص: 126 ـ 127، عنه بحار الأنوار: 33/579.


الصفحة 152
يقول: " لو استمكنت من أربعين رجلاً..! "، فذكر أمراً، يعني لو أنّ معي أربعين رجلاً يوم فتش البيت ـ يعني بيت فاطمة ـ(1).

وأشار إليه ابن أبي الحديد وقال: ذكره كثير من أرباب السنّة(2).

5 ـ الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله (المتوفى 224)

6 ـ الحافظ سعيد بن منصور (المتوفى 227)

الاعتراف بالجناية

قد جرت سيرة العقلاء على الأخذ بما يقوله الإنسان إقراراً على نفسه واعترافاً بجنايته، ولم يختلف في هذا اثنان.

ودلّتنا الآثار الواردة في غير واحد من كتب أهل السنة والشيعة أنّ أبا بكر اعترف عند موته بالهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام) وأظهر الندامة.

[10] عن عبد الرّحمن بن عوف، عن أبي بكر حال احتضاره: إني لا آسي على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتها.. فوددت اني لم أكشف(3) بيت فاطمة عن شيء(4) وإن كانوا(5) أغلقوه على الحرب(6).

وفي رواية: وذكر [أي أبو بكر] في ذلك كلاماً كثيراً.

... ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر، فكان أميراً وكنت وزيراً... ووددت أني كنت سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن هذا الأمر! فلا ينازعه أحد، ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب؟!

____________

1. وقعة صفين ـ نصر بن مزاحم: 163، عنه بحار الأنوار: 32/440.

2. شرح نهج البلاغة: 2/22.

3. خ. ل: لم أفتش.

4. خ. ل: وأُدخله الرجال.

5. خ. ل: مع أنهم.

6. خ. ل: وإن كان أعلن عليّ الحرب.


الصفحة 153
رواه مع اختلاف يسير مفصّلاً أو مختصراً كثير من علماء الفريقين.

من العامة:

الحافظ أبو عبيد(1) (المتوفى 224)

الحافظ سعيد بن منصور (المتوفى 227) وقال حديث حسن(2).

حميد بن زنجويه(3) (المتوفى 251)

ابن قتيبة الدينوري(4) (المتوفى 276)

اليعقوبي(5) (المتوفى 292)

الطبري(6) (المتوفى 310)

الجوهري(7) (المتوفى 323)

ابن عبد ربّه الاندلسي(8) (المتوفى 328)

خيثمة بن سليمان الإطرابلسي(9) (المتوفى 343)

المسعودي(10) (المتوفى 346)

____________

1. الاموال: 194 بنحو من الابهام.

2. كتاب السنن، عنه وعن غيره جامع الأحاديث الكبير: 13/100 ـ 101 (لم يطبع من كتاب السنن إلاّ المجلّد الثالث والرواية غير موجودة فيه).

3. الأموال: 1/348 مبهماً و 1/304 من دون إبهام.

4. الإمامة والسياسة: 1/24.

5. تاريخ اليعقوبي: 2/137.

6. تاريخ الطبري: 3/430 وبسند آخر: 3/431.

7. السقيفة وفدك، نقله عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 6/51 و 2/46 ـ 48.

8. العقد الفريد: 4/250 (ط بيروت) 4/268 (مكتبة النهضة المصرية).

9. فضائل الصحابة، عنه كنز العمال: 5/631 ولم نجده في المصدر المطبوع في دار الكتاب العربي، بيروت!

10. مروج الذهب: 2/301 ـ 302 (2/317 ط بيروت).


الصفحة 154
الطبراني(1) (المتوفى 360)

الحافظ ابن عساكر(2) (المتوفى 571) وقال: أخبرنا جماعة في كتبهم..

ضياء الدين المقدسي الحنبلي(3) (المتوفى 643) وقال: هذا حديث حسن عن أبي بكر.

الحافظ الذهبي(4) (المتوفى 748)

ابن كثير الدمشقي(5) (المتوفى 774)

السيوطي(6) (المتوفى 911)

المتقي الهندي(7) (المتوفى 975)

العصامي المكّي(8) (المتوفى 1111)

خير الله طلفاح(9) محمد حسين هيكل(10) ومن الشيعة:

فضل بن شاذان(11) (المتوفى 260)

____________

1. المعجم الكبير: 1/62.

2. تاريخ مدينة دمشق: 30/417 ـ 422، بأسانيد عديدة، عنه مختصر تاريخ دمشق: 13 / 122.

3. الأحاديث المختارة: 10/88 ـ 90.

4. تاريخ الاسلام: 3/117 ـ 118، سير اعلام النبلاء ـ سير الخلفاء الراشدون ـ: 17.

5. جامع المسانيد والسنن: 17/65.

6. مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام): 17 (ط حيدر آباد) ; جامع الأحاديث: 13/100 ـ 101.

7. كنز العمال: 5/631 ; منتخب الكنز: 2/143.

8. سمط النجوم العوالي: 2/356.

9. كيف السبيل إلى الله، أبو بكر: 12/154.

10. الصديق أبو بكر: 326.

11. الايضاح: 159 ـ 161.


الصفحة 155
الشيخ الصدوق(1) (المتوفى 381)

أبو الصلاح الحلبي(2) (المتوفى 447)

الشيخ الطوسي(3) (المتوفى 460)

محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني(4) (المتوفى 588) وقال: عليه إجماع الأُمّة(5).

بعض علماء الزيدية عنه أبو جعفر النقيب(6) (القرن السابع)

الحسيني الزيدي(7) (المتوفى 670) وقال: الحديث معروف.

عماد الدين الطبري(8) (القرن السابع)

العلامة الحلّي(9) (المتوفى 726)

الحسن بن محمّد الديلمي(10) (المتوفى 771)

عزّ الدين المهلبي الحلّي(11) (المتوفى بعد 840)

العلامة البياضي(12) (المتوفى 877)

الشيخ مفلح.. ابن صلاح البحراني(13) (القرن التاسع)

أحمد بن تاج الدين الأسترآبادي(14) (القرن العاشر)

____________

1. الخصال: 172.

2. تقريب المعارف: 397، 366 (تحقيق تبريزيان).

3. تلخيص الشافي: 3/170.

4. مثالب النواصب: 155.

5. مثالب النواصب: 202 ـ 203.

6. شرح نهج البلاغة: 20/24.

7. أنوار اليقين: 12.

8. تحفة الأبرار: 247. (فارسي)

9. نهج الحق: 265 ; منهاج الكرامة: 86 (ط الحجر) ; شرح التجريد: 377.

10. ارشاد القلوب، المجلد الثاني، عنه بحار الأنوار: 30/352.

11. الأنوار البدريّة، عنه إثبات الهداة: 2/377.

12. الصراط المستقيم: 2/296 ـ 301.

13. إلزام النواصب: 217.

14. آثار احمدي: 402. (فارسي)


الصفحة 156
المحقق الكركي(1) (المتوفى 940)

العلامة المجلسي(2) (المتوفى 1111)

.. وغيرهم منّا ومنهم...

فالرواية كما ترى مشهورة بين الفريقين، وقد حكموا باعتبارها، أو تلقّوها بالقبول، فلا قيمة لمناقشة بعضهم فيها لوجود علوان بن داود في سندها كما صدر من العقيلي(3)، وتبعه الذهبي(4)، والهيثمي(5)، وابن حجر العسقلاني(6) ; إذ يرد عليهم:

أوّلاً: وثّقة ابن حبان في الثقات.

وثانياً: لم يذكره ابن عدي في كتابه الكامل في الضعفاء مع أنه قال في المقدّمة: أنا ذاكر في كتابي هذا كل من ذكر بضرب من الضعف.. ولا يبقى من الرواة الذين لم أذكرهم، إلاّ من هو ثقة أو صدوق.

وثالثاً: يروي عن علوان أعلام أهل السنّة ورجال البخاري ومسلم.. كما يظهر من مراجعة ترجمته في ميزان الاعتدال ولسان الميزان(7).

أقول: وعقد أبو الصلاح الحلبي(8) والعلامة المجلسي(9) باباً فيما أظهره أبو بكر وعمر من الندامة عند الموت، والمتتبّع فى كتب أهل السنّة يجد كثيراً منها مروية من طرقهم، وإن حملوها بعضهم على محامل لا يناسبها، وعليك بالتأمّل فيما رواه السيوطي(10) لتعرف حقيقة الحال فيها.

____________

1. نفحات اللاهوت: 79.

2. بحار الأنوار: 30/123.

3. الضعفاء الكبير: 3/419.

4. ميزان الاعتدال: 3/109.

5. مجمع الزوائد: 5/203.

6. لسان الميزان: 4/189.

7. أخذنا هذه الردود الثلاثة من كتاب إحراق بيت فاطمة (عليها السلام): 184 ـ 186.

8. تقريب المعارف: 366 ـ 368.

9. بحار الانوار: 30/121.

10. جامع الأحاديث الكبير: 13/50 (رقم 170 إلى 175)، 317 ـ 318، 379 ـ 380، 385 ـ 386، 388، 391، 393.


الصفحة 157

7 ـ أبو بكر عبد الله بن أبي شيبة (المتوفى 235)

8 ـ عثمان بن أبي شيبة (المتوفى 239)

[11] عن أسلم: إنّه حين بويع لأبي بكر ـ بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ كان علي والزبير يدخلون على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويشاورونها ويرجعون في أمرهم. وفي رواية: كان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى عليّ (عليه السلام) ـ وهو في بيت فاطمة (عليها السلام) ـ فيتشاورون ويتراجعون أُمورهم، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال:

يا بنت رسول الله! ما من أحد أحبّ إليّ من أبيك وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك..! وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم البيت(1).

فلما خرج عمر جاؤوها قالت: " تعلمون أنّ عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقنّ عليكم البيت(2)؟ وأيم الله ليمضينّ ما حلف عليه، فانصرفوا راشدين فتروا رأيكم ولا ترجعوا إليّ.. " فانصرفوا عنها ولم يرجعوا إليها حتّى بايعوا لأبي بكر(3).

رواه من العامة: عثمان بن أبي شيبة (المتوفى 239) في السنن، عنه إبراهيم بن عبد الله اليمني الشافعي(4) (القرن العاشر)

وأحمد بن عمرو بن الضحّاك المشهور بـ: ابن أبي عاصم الشيباني(5)

____________

1. خ. ل: الباب.

2. خ. ل: الباب.

3. المصنف: 14/267.

4. الاكتفاء، عنه تشييد المطاعن: 1/440.

5. المذكّر والتذكير والذكر: 41 (ط دار الصحابة للتراث بطنطا).


الصفحة 158
(المتوفى 287)

وأبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري(1) (المتوفى 323)

والسيوطي(2) (المتوفى 911)

والمتّقي الهندي(3) (المتوفى 975)

والمحدث الشاه ولي الله الدهلوي(4) (المتوفى 1176)

ورواه غير واحد من العامة محرفاً، كما صنع أحمد بن حنبل (المتوفى 241) فإنّه ذكر الرواية بعينها وقال بدل (تهديد عمر بإحراق الدار): وكلّمها(5).

وكذا ابن عبد البرّ(6) (المتوفى 463)

والنويري(7) (المتوفى 733)

والصفدي(8) (المتوفى 764)

فإنّهم ذكروا أيضاً بدل التهديد بالإحراق: ولئن بلغني لأفعلنّ وأفعلن.

ورواه من الشيعة:

ابن حمزة الزيدي(9) (المتوفى 614)

____________

1. السقيفة وفدك، عنه شرح نهج البلاغة: 2/45، عنه بحار الأنوار: 28/313.

2. مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام): 20 ـ 21 ; جامع الأحاديث: 13/267 (جمع الجوامع: 1/ ق 2/1163).

3. كنز العمال: 5/651 ; منتخب كنز العمال: 2/146.

4. قرّة العينين: 78 ; إزالة الخفاء: 2/29، 179.

5. فضائل الصحابة: 1/364.

6. الاستيعاب: 2/254. (بهامش الإصابة)، 3/975 ط دار الجيل.

7. نهاية الارب: 19/40.

8. الوافي بالوفيات: 17/311.

9. الشافي: 4/174.


الصفحة 159
ومحمّد بن أحمد بن علي بن الوليد الزيدي(1) (المتوفى 623)

والمنصور بالله الحسن بن بدر الدين الحسيني(2) (المتوفى 670)، وفي روايتهما زيادة التهديد بهدم البيت.

والسيد أحمد بن طاووس(3) (المتوفى 673) مختصراً.

9 ـ حميد بن زنجويه (المتوفى 251)

تقدّمت له الرواية المرقّمة: [10].

10 ـ أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري(4) (المتوفى 276)

[12] بسنده عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري(5) ـ في رواية طويلة يذكر فيها السقيفة وما جري فيها وبعدها ـ: وأما علي (عليه السلام) والعباس بن عبد المطلب ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا إلى رحالهم ومعهم الزبير بن العوام، فذهب إليهم عمر في عصابة فيهم أُسيد بن حضير وسلمة بن أسلم.. فقالوا: انطلقوا فبايعوا أبا بكر.. فأبوا، فخرج الزبير بن العوام بالسيف، فقال عمر: عليكم بالرجل فخذوه.. فوثب عليه سلمة بن أسلم، فأخذ السيف من يده ; فضرب به الجدار،

____________

1. الجواب الحاسم لشبه المغني: 20/ ق 2/269.

2. أنوار اليقين: 9.

3. بناء المقالة الفاطمية: 402.

4. هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة، قال ابن حجر العسقلاني: صدوق، قليل الرواية، ونقل عن الخطيب أنّه قال: كان ثقة ديّناً فاضلاً، ونقل عن بعضهم انّه كان منحرفاً عن أهل البيت (عليهم السلام)، انظر لسان الميزان: 6/357 ـ 359. وقال محمّد فريد وجدي عند ذكر كتابه الإمامة والسياسة: هو من أقدم الكتب وأوثقها في مسائل الخلافة الإسلامية. راجع دائرة المعارف: 3/750.

5. مشترك بين غير واحد من التابعين وحكموا بوثاقتهم، راجع تهذيب التهذيب: 5/291 ـ 292، 294، 300.


الصفحة 160
وانطلقوا به فبايع، وذهب بنو هاشم أيضاً فبايعوا.

ثم إنّ علياً (عليه السلام) أُتي به إلى أبي بكر وهو يقول: " أنا عبد الله وأخو رسوله "، فقيل له: بايع أبا بكر، فقال: " أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتأخذونه منا أهل البيت غصباً؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) منكم، فأعطوكم المقادة، وسلموا إليكم الإمارة، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، نحن أولى برسول الله حيّاً وميتاً فأنصفونا إن كنتم تؤمنون، وإلا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون ".

فقال له عمر: إنك لست متروكاً حتى تبايع، فقال له علي (عليه السلام): " احلب حلباً لك شطره، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غداً ". ثم قال: " والله يا عمر! لا أقبل قولك ولا أُبايعه "، فقال له أبو بكر: فإن لم تبايع فلا أُكرهك، فقال أبو عبيدة ابن الجراح لعليّ (عليه السلام): يابن عمّ! إنّك حديث السنّ وهؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأُمور، ولا أرى أبا بكر إلاّ أقوى على هذا الأمر منك، وأشدّ احتمالاً واضطلاعاً به، فسلمّ لأبي بكر هذا الأمر، فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء، فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق.. في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك..

فقال علي (عليه السلام): " الله الله يا معشر المهاجرين! لا تخرجوا سلطان محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقّه، فوالله يا معشر المهاجرين! لنحن أحقّ الناس به، لأنّا أهل البيت، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، المضطلع بأمر الرعية، المدافع عنهم الأُمور السيّئة، القاسم بينهم بالسوية، وإنّه والله لفينا، فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن

الصفحة 161
سبيل الله، فتزدادوا من الحقّ بُعداً.. " فقال بشير بن سعد الأنصاري: لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك ـ يا علي! ـ قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان.

إلى أن قال:... وإنّ أبا بكر تفقد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي (عليه السلام)، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي (عليه السلام)، فأبوا أن يخرجوا.

فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنّها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص! إنّ فيها فاطمة! قال: وإن.

فخرجوا فبايعوا إلا علياً (عليه السلام) فإنه زعم أنه قال: " حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتّى أجمع القرآن "، فوقفت فاطمة (عليها السلام) على بابها، فقالت: " لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم.. تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردوا لنا حقّاً ".

فأتى عمر أبا بكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المختلف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفذ ـ وهو مولى له ـ: اذهب فادع لي علياً، قال: فذهب إلى علي فقال له: " ما حاجتك؟ " فقال: يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي (عليه السلام): " لَسَريع ما كَذَّبتم على رسول الله! " فرجع فأبلغ الرسالة، قال: فبكى أبو بكر طويلاً. فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المختلف عنك بالبيعة، فقال أبو بكر لقنفذ: عد إليه، فقل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع، فجاءه قنفذ، فأدّى ما أمر به، فرفع عليّ (عليه السلام)صوته فقال: " سبحان الله! لقد ادّعى ما ليس له "، فرجع قنفذ، فأبلغ الرسالة، فبكى أبو بكر طويلاً.

ثم قام عمر، فمشى معه جماعة، حتى أتوا باب فاطمة (عليه السلام)، فدقّوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: " يا أبت! يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟! " فلما سمع القوم صوتها وبكاءها، انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر، وبقي عمر ومعه قوم،

الصفحة 162
فأخرجوا علياً (عليه السلام)، فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: " إن أنا لم أفعله فمه؟ " قالوا: إذاً والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك، فقال: " إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسوله "، قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا، وأبو بكر ساكت لا يتكلّم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال: لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه. فلحق عليّ بقبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصيح ويبكي، وينادي: " يـ (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) "(1).

فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة، فإنّا قد أغضبناها.. فانطلقا جميعاً، فاستأذنا على فاطمة (عليها السلام)، فلم تأذن لهما، فأتيا علياً (عليه السلام) فكلّماه، فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها، حوّلت وجهها إلى الحائط، فسلّما عليها، فلم تردّ عليهما السلام!!

فتكلّم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله! والله إن قرابة رسول الله أحبّ إليّ من قرابتي، وإنك لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني متّ ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقّك وميراثك من رسول الله إلاّ أني سمعت أباك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لا نورّث، ما تركنا فهو صدقة..!

فقالت: " أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تعرفانه وتفعلان به؟ " قالا: نعم. فقالت: " نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ " قالا: نعم، سمعناه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قالت: " فإنّي أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونّكما إليه.. ".

فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ; ثم انتحب

____________

1. الأعراف (7): 150.