صفحة :27-36   

القسم الثاني

سيدة النساء فاطمة

يقول البعض عن كتاب الزهراء القدوة:

«قد قام فضيلة العلامة الشيخ حسين الخشن ـ حفظه الله ـ بجمع وتنسيق الكلمات وإعداد تلك الأحاديث بأسلوب شيق، وتدقيق وتحقيق، وتوزيع الموضوعات بالمستوى الرفيع، بحيث أصبح هذا الكتاب «الزهراء القدوة» يمثل كل فكري في سيدة نساء العالمين راجياً له من الله الأجر وللكتاب. المزيد من النفع للقراء الذين سوف يجدون في هذه الكلمات إنساناً يتجلّى في فكره عظمة الزهراء وقداستها وعظمتها بدلا مما يثيره الذين لا تقوى لهم أمام الغوغاء بما هو العكس في ذلك، سائلا الله لهم الهداية الى الصراط المستقيم، والله ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل»([1]).

ونقول:

1 ـ إننا سنجد في هذا الكتاب: الشيء الكثير من مقولات هذا البعض التي تتمثل فيها الجرأة غير المقبولة حيناً، وغير المعقولة حيناً آخر.. وأنه رغم محاولات الابتعاد به عن مواقع الصراحة التامة والتوسل بالأساليب البيانية التي تمكّن الكاتب من التمرير، ثم التبرير.. فإنه بقي قادراً على أن ينم عن أفكار صاحبه، ويدل على نواياه.. وسيظهر هذا القسم من الكتاب بعضاً من ذلك.. إن شاء الله تعالى. وسيظهر لكل أحد.. أن الكتاب المشار إليه يمثل وثيقة إدانة لهذا البعض لن يكون بإمكانه التملص والتخلص منها إلا بالتراجع عن تلك المقولات، وإلا بالتصحيح، وبالإعلان لذلك بشكل واضح وصريح.

2 ـ إن هذا الكتاب لا يمثل كل فكر هذا الرجل، فهناك أشياء كثيرة وخطيرة قد سجلها في مؤلفاته الأخرى وغيرها.. قد تجاهلها هذا الكتاب ولم يكد يقترب منها، ولا اجترأ على الالماح إليها..

ولعله يترصد الفرصة المناسبة لذلك، ربما حين يشعر في نفسه بعضاً من القوة، أو بعضاً من الحصانة والامتناع فيما يتخذه لنفسه من أبراج يتصور أنها عاجية أو غيرها.

 

تـقـديـم:

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، الى قيام يوم الدين.

وبعد..

1 ـ فإننا آثرنا أن نتحدث في هذا القسم الخاص بالزهراء، بدرجة من الصراحة، وأن نسمي الأمور بأسمائها، ما دام أن مراعاتنا الشديدة السابقة، ونأينا بأنفسنا عن التصريح الى التلميح لم يمنع من توجيه أنواع التهم إلينا، كما أنه لم ينفع في تعديل هذا البعض لأفكاره، ولا في تراجعه عن أي من مقولاته.. فلماذا إذن نراعي.. ولماذا نتحفظ، ولماذا نلمح، ولا نصرح، والمقولات لم تزل على حالها، والإهانات للأنبياء والأوصياء وللعلماء وللمراجع.. لم تتغير ولم تتبدل.

وللإجابة على ذلك نقول:

إننا لا ننظر إلى الأمر من ناحية علاقته بنا كأشخاص وإنما أحببنا أن لا يتخذ الآخرون من ذلك ذريعة ووسيلة للطعن على المذهب، وعلى أهله.. ثم من أجل أن لا نحرج الكثير من محبيه، ولا نثير حفيظتهم، وليتمكنوا من تقبل هذا الأمر بروح طيبة ونفس رضيةٍ بعيدة عن مشاعر التعصب للأشخاص.

2 ـ سنخصص هذا القسم للإلمام بطائفة من مقولات هذا البعض حول السيدة الزهراء «عليها السلام» وسيرى القارئ الكريم أننا لم نقتصر على ما ذكره هذا البعض عن السيدة الزهراء «عليها السلام» في كتبه، بل ذكرنا أيضاً ـ وإن كان يسيراً جداً ـ بعضا مما قاله عنها في خطبه المسجلة على أشرطة الفيديو والكاسيت.. والمتداولة بين الناس، وتباع في الأسواق في مراكز التسجيلات الصوتية التابعة لمؤسساته.

والسبب في ذلك: أنك تجد أكثر مقولاته في سائر المجالات قد أثبتها في الكتب والمؤلفات، وعلى صفحات الجرائد والمجلات وأنها تنشر بصورة متكررة في كتب تختلف أسماؤها، وتتفق في كثير من مضامينها عادة.. لكن مقولاته عن الزهراء أبقاها ـ في أكثرها ـ في دائرة المسموع، لا المكتوب، ولم يسمح لها بأن تطبع في كتاب، أو أن تحتويها جريدة، أو مجلة، إلا بعد رقابة صارمة، يمارس فيها الكثير من التقليم، والتطعيم، بهدف التعتيم على هذا الفريق، أو ذاك.. وإذ لزم الأمر فإن التحريف والتشويه هو الحل، ما دام أن آخر الدواء الكيّ.

3 ـ قد صدر مؤخراً كتاب باسم «الزهراء القدوة» اعتبره هذا البعض يمثل كل فكره عن الزهراء، وبمقارنة بسيطة بين ما ذكره هذا البعض في محاضراته سواء ما كان منها عبر الإذاعة التابعة له أو غيرها، وبين ما اختير بعناية فائقة ليودع في هذا الكتاب، فإنك ستجد البون شاسعاً، والفارق كبيراً جداً، يوحي لك بحجم التدليس الذي يمارسونه في خصوص موضوع الزهراء «عليها السلام»..

ومهما يكن من أمر فهناك عشرات من أشرطة الكاسيت والفيديو، بصوت وصورة هذا البعض قد تضمنت مقولات خطيرة له حول قضايا الزهراء «عليها السلام»..

ولم يعتذر هذا البعض عن أي واحدة من تلك المقولات إلى هذا التاريخ.. بل هو يحتفظ بها، ويدافع عنها.. بين الحين والآخر..

أما هذا الكتاب الأخير ـ الذي يقول إنه يمثل كل فكره، فإنه لن يفيد شيئاً، إذ إنه هو نفسه قد قرر للناس عبر إذاعته: أن تراجعه الظاهري الذي أعلنه في سنة 1993م في رسالة منه إلى قم.. إنما كان بهدف درء ما أطلق عليه هو اسم الفتنة، واستجابة لنصائح بعض أصدقائه!!

4 ـ وهذا معناه: أن الأجيال المقبلة سوف تعتبر هذا الكتاب أيضاً من مفردات الانحناء أمام العاصفة، ويراد به التخلص من الضغوط التي يواجهها، فهو إذن لا يمثل حقيقة رأيه، لا سيما وأنه لم يعلن عن خطأ أي من آرائه السابقة.. بل قد أعلن أنه لم يحدث فيها أي تغيير، وأنه ملتزم بها ومسؤول عنها كلها، ومنذ عشرات السنين إلى الآن..

5 ـ على أن هذا الكتاب، وإن كان يلهج باستمرار بالمديح والثناء على السيدة الزهراء «عليها السلام»، لكنه يخفي في طياته أمرا، أو فقل أمورا تجعل هذا المديح بلا فائدة ولا عائدة. بل هي تجعل منه غطاء لتمرير مقولات كثيرة، ربما يراد بهذا الكتاب التأسيس للاحتفاظ بها من جهة.. وإعطاء الفرصة لإسكات المعترضين، وتغيير المفهوم المعروف عنها..

أولاً: يصور أن العلاقة بين الرسول «صلى الله عليه وآله» وبين الزهراء «عليها السلام» هي علاقة إنسان هو في القمة في خصاله وميزاته الشخصية، وخلقه الرفيع بابنته التي تحمل أيضاً مواصفات شخصية مميزة، وليس ثمة أكثر من ذلك.. فليست المسألة مسألة اصطفاء إلهي، وتربية ورعاية ربانية، لمن هم صفوة الوجود، وخيرة الله، ووجه الله، وجنب الله، وباب الله.. ولأجل ذلك، فإن ما يمدح شخصها به، لا يختلف كثيراً عما يمدح به أية امرأة صالحة من سائر الناس.

ثانياً: هناك مقولات كثيرة ناقشنا في هذا القسم طائفة منها، وقد سعى هذا البعض في كتابه هذا إلى التأكيد على عدد منها.. كما أنه قد سعى إلى خلق مناخات تسمح له في بالمستقبل بإعادة التأكيد على مقولات جريئة أخرى عرفت عنه. لم ير الوقت مناسبا الآن لإثارتها بصراحة وقوة..

أضف إلى ذلك أنه استطاع أن يخفف من حدة وصراحة مقولات كثيرة له إلى درجة تجعل الإنسان العادي يكاد يتوهم أنه قد اصلح أو تراجع عن بعض ما كان قد أعلن عنه منها..

6 ـ إننا في هذا القسم لن نقتصر على خصوص الموارد التي أشرنا إليها واجبنا عنها في كتاب مأساة الزهراء، بل سنورد هنا بعضا من كلامه في موارد أخرى أيضاً.. ونسجل إجابات سريعة عن طائفة منها، وسنغض الطرف عن طائفة أخرى لوضوح فسادها لكل أحد..

وسيجد القارئ الكريم أننا لم نحاول استقصاء أقاويله حول هذا الموضوع، على أساس أن خير الكلام ما قل ودل.

وسيظهر بما لا مجال معه للشك عدم صحة ما يحاولون التسويق له، من أن القضية هي مجرد قضية كسر الضلع ـ وحسب ـ وهي لا تستحق هذا المستوى من التصدي والمواجهة.. فإن المسألة ليست من أصول الدين على حد تعبير أحدهم، نعم سوف يتضح أن القضية أكبر من ذلك بكثير، فإن هذا البعض ينكر كل شيئ جرى على الزهراء بعد وفاة أبيها، سوى غصب فدك بحسب الظاهر، بل قد شكك حتى في صحة أقوال الزهراء في فدك حسبما ذكرناه في محله من هذا الكتاب، فهو ينكر ضربها، وإحراق بابها، ودخول بيتها، وإسقاط جنينها، وكسر ضلعها..

بل هو يدعي:

«أن احترامهم وحبهم لها، ومكانتها «عليها السلام» لديهم يمنعهم من ذلك كله، ومن توجيه أية إساءة حقيقية لها..».

ونحن نستهل هذا القسم بالإشارة إلى بعض تناقضاته فيما يتعلق بالسيدة الزهراء «عليها السلام»، ثم نتبع ذلك بطائفة من أقاويله حولها، ونتمنى أن يجد القارئ فيها ما يكفي لإعطاء فكرة واضحة عن حقيقة ما يعتقده هذا البعض في قضايا السيدة الزهراء «عليها السلام»، وفيما جرى عليها..

ومن الله نستمد العون، وهو ولي التوفيق..


([1]) الزهراء القدوة ص6.

 
   
 
 

موقع الميزان