فصل (بركات آل محمد على الخلائق)
وبيان هذا الحديث الشريف الرفيع أن الله خلق ألف صنف من الخلق وكرم آدم على سائر من خلق، أخدمهم الملائكة وسخر لهم السماوات والأرض، وفضل الرجال منهم على النساء، وكرمهم بالإسلام وفضل الإسلام على سائر الأديان، وشرفهم بمحمد، وفضله على جميع الأنبياء والمرسلين واختار لهم عليا وفضله على جميع الوصيين، وجعل حبه الإيمان وكمال الدين وعين اليقين، وجعل شيعته يدخلون الجنة بغير حساب، فمن كان رجلا مسلما مؤمنا مواليا لعلي وعترته فقد رزق الخير كله، ثم جعل الخلائق عشرة أجزاء منهم تسعة شياطين ومردة، وجعل واحدا منهم الإنس، وجعل الأنس مائة وعشرين صنفا، وجعل منهم يأجوج ومأجوج تسعا وتسعين صنفا، وباقي الخلائق اثني عشر صنفا، وجعل من ذلك الروم والسقالبة أحد عشر صنفا، وجعل الحبش والزنج في المغرب والترك والبربر والكيماك (1) في المشرق، والكل كفار وبقي أهل الإسلام صنف واحد ثم افترق هذا الصنف إلى ثلاثة وسبعين فرقة منهم اثنان وسبعون أهل البدع والضلال وفرقة واحدة في الجنة، وهي التي بقيت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله على ما بقي عليه أهل بيته، فمن وجد نفسه من أهل النجاة من هذه الفرق فليحمد الله.
وعن محمد بن سنان عن أبي عبد الله صلى الله عليه وآله قال: سمعته يقول: نحن جنب الله ونحن صفوة الله ونحن خير الله ونحن مستودع مواريث الأنبياء ونحن أمناء الله، ونحن وجه الله ونحن أئمة الهدى، ونحن العروة الوثقى وبنا فتح الله وبنا ختم الله ونحن الأولون، ونحن الآخرون ونحن أخيار الدهر ونواميس العصر، ونحن سادة العباد وساسة البلاد، ونحن النهج القويم والصراط المستقيم ونحن عين الوجود، وحجة المعبود ولا يقبل الله عمل عامل جهل حقنا ونحن قناديل النبوة، ومصابيح الرسالة ونحن نور الأنوار وكلمة الجبار، ونحن راية الحق التي من تبعها نجا ومن تأخر عنها هوى ونحن أئمة الدين وقادة الغر المحجلين ونحن معدن النبوة وموضع الرسالة وإلينا تختلف الملائكة ونحن السراج لمن استضاء، والسبيل لمن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) في نسخة: الكتمال.
اهتدى ونحن القادة إلى الجنة ونحن الجسور والقناطر، ونحن السنام الأعظم وبنا ينزل الغيث وبنا ينزل الرحمة، وبنا يدفع العذاب والنقمة، فمن سمع هذا الهدى فليتفقد قلبه في حبنا فإن وجد فيه البغض لنا والإنكار لفضلنا، فقد ضل عن سواء السبيل لأننا نحن عين الوجود، وحجة المعبود وترجمان وحيه وغيبة علمه وميزان قسطه، ونحن فروع الزيتونة وربائب الكرام البررة، ونحن مصباح المشكاة التي فيها نور النور ونحن صفوة الكلمة الباقية، إلى يوم الحشر المأخوذ لها الميثاق والولاية من الذر (1).
ويؤيد هذا ما ورد في الأمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ملك اسمه محمود وله أربعة وعشرون ألف وجه فقال: بعثني إليك رب العزة لتزوج النور بالنور فقال: من بمن؟ فقال عليا بفاطمة.
قال: فلما ولى الملك إذا بين كتفيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله، فقال له النبي: منذ كم كتب هذا بين كتفيك؟ فقال: قبل أن يخلق الله آدم بثمان وعشرين ألف عام (2).
ومن كتاب الأمالي مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال يوما: ما بال قوم إذا ذكر إبراهيم وآل إبراهيم استبشروا، وإذا ذكر محمد وآل محمد اشمأزت قلوبهم، فوالذي نفس محمد بيده لو جاء أحدكم بأعمال سبعين نبيا، ولم يأت بولاية أهل بيتي لدخل النار صاغرا وحشر في جهنم خاسرا، أيها الناس نحن أصل الإيمان وتمامه ونحن وصية الله في الأولين والآخرين، ونحن قسم الله الذي أقسم بنا فقال: (والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين) (3) ولولانا لم يخلق الله خلقا ولا جنة ولا نارا (4).
ومن ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أيها الناس نحن أبواب الحكمة ومفاتيح الرحمة وسادة الأمة وأمناء الكتاب، وفصل الخطاب وبنا يثيب الله، وبنا يعاقب، ومن أحبنا أهل البيت عظم إحسانه، ورجح ميزانه وقبل عمله وغفر زلله، ومن أبغضنا لا ينفع إسلامه، وإنا أهل بيت خصنا الله بالرحمة والحكمة والنبوة والعصمة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 26 / 259 ح 36.
( 2) بحار الأنوار: 43 / 109 ح 22.
( 3) التين: 1 - 3.
( 4) كنز العمال: 11 / 431 ح 32025 وإرشاد القلوب: 2 / 414.
ومنا خاتم الأنبياء ألا وإنا راية الحق التي من تلاها سبق ومن تأخر عنها مرق، ألا وإننا خيرة الله اصطفانا على خلقه وائتمننا على وحيه، فنحن الهداة المهديون، ولقد علمت الكتاب، ولقد عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان وما يكون، وأنا أخو رسول الله وخازن علمه، أنا الصديق الأكبر ولا يقولها غيري إلا مفتر كذاب وأنا الفاروق الأعظم (1).
وأنا أقول ختما لهذا الكلام ومدحا للسادة الكرام:
هم القوم آثار النبوة منهم * تلوح وأنوار الإمامة تلمع
مهابط وحي الله خزان علمه * وعندهم سر المهيمن موسع
إذا جلسوا للحكم فالكل أبكم * وإن نطقوا فالدهر إذن ومسمع
وإن ذكروا فالكون مد ومندل * له أرج من طيبهم يتضوع
وإن بادروا فالدهر يخفق قلبه * لسطوتهم والأسد في الغاب تجزع
وإن ذكر المعروف والجود في الورى * فبحر نداهم زاخر يتدفع
أبوهم سماء المجد والأم شمسه * نجوم لها برج الجلالة مطلع
فيا نسبا كالشمس أبيض مشرقا * ويا شرفا من هامة النجم أرفع
فمن مثلهم إن عد في الناس مفخرا * إذا عد نظرا يا صاح إن كنت تسمع
ميامين قوامون عز نظيرهم * هداة ولاة للرسالة منبع
فلا فضل إلا حين يذكر فضلهم * ولا علم إلا علمهم حين يرفع
ولا عمل ينجي غدا غير حبهم * إذا قام يوم البعث للخلق مجمع
ولو أن عبدا جاء في الله جاهدا * بغير ولا أهل العبا ليس ينفع
فيا عترة المختار يا راية الهدى * إليكم غدا في موقفي أتطلع
خذوا بيد البرسي عبد ولائكم * فمن غيركم يوم القيامة يشفع
فمن حاد عنكم أو تولى سواكم * فليس له في رحمة الله مطمع
عليكم سلام الله يا راية الهدى * فويل لعبد غيرها جاء يتبع (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) مناقب الخوارزمي: 72 والمعجم الكبير: 6 / 269.
( 2) أعيان الشيعة: 6 / 467.
وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن الله نصب عليا علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن ساواه بغيره كان مشركا، ومن جاء بولايته كان فائزا، ودخل الجنة آمنا ومن جاء بعداواته دخل النار صاغرا (1).
وعن سديف عن جابر بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله من كتاب ما اتفق من الأخبار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أنت صاحب حوضي ووارث علمي، وحامل لوائي ومنجز وعدي، ومفرج همي، ومستودع مواريث الأنبياء، وأنت أمين الله في أرضه، وخليفته على خلقه، وأنت مصباح النجاة وطريق الهدى وإمام التقى، والحجة على الورى، وأنت العلم المرفوع في الدنيا والصراط المستقيم يوم القيامة (2).
وعن أبي سعيد الخدري قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال في خطبته: أيها الناس من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا لا ينفعه إسلامه، وإن أدرك الدجال آمن به، وإن مات بعثه الله من قبره حتى يؤمن به (3).
وفي رواية: من أبغضنا أهل البيت لم يبعثه الله يهوديا ولا نصرانيا، ولكن خيرا منه.
(4) وهذا أفصح الكلام ومعناه يكون خيرا منه اليهود والنصارى فويل لمبغضهم وطوبى لمحبهم.
أيها الناس: إن ربي عز وجل مثل لي أمتي في الطين وعلمني أسماءهم كما علم آدم الأسماء، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لشيعة علي، ألا أن أصحاب الجنة علي وشيعته (5).
ومن ذلك ما رواه ابن عباس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا معاشر الناس، إن الله أوحى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 32 / 324 ح 300.
( 2) أمالي الصدوق: 306 المجلس 50، وبحار الأنوار: 38 / 100 ح 2.
( 3) بحار الأنوار: 27 / 135 ح 132.
( 5) بصائر الدرجات: 86 ح 15 باب أنه عرف ما رأى في الأظلة، وبحار الأنوار: 17 / 153 ح 59.
إلي أني مقبوض وأن ابن عمي هو أخي ووصيي وولي الله وخليفتي، والمبلغ عني وهو إمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين، وإن استرشدتموه أرشدكم، وإن تبعتموه نجوتم، وإن أطعتموه فالله أطعتم، وإن عصيتموه فالله عصيتم، وإن بايعتموه فالله بايعتم، وإن نكثتم بيعته فبيعة الله نكثتم، إن الله عز وجل نزل علي القرآن وعلي سفيره، فمن خالف القرآن ضل، ومن ابتغى علمه من غير علي زل، معاشر الناس ألا إن أهل بيتي خاصتي وقرابتي، وأولادي وذريتي ولحمي ودمي ووديعتي وإنكم مجموعون غدا ومساءلون عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهم، فمن آذاهم فقد آذاني، ومن ظلمهم فقد ظلمني، ومن نصرهم فقد نصرني ومن أعزهم فقد أعزني، ومن طلب الهدى من غيرهم فقد كذبني، فاتقوا الله وانظروا ما أنتم قائلون غدا فإني خصم لمن كان خصمهم ومن كنت خصمه فالويل له (1):
بني الوحي والآيات يا من مديحهم * علوت به قدرا وطبت به ذكرا
مهابط سر الله خزان غيبه * وأعلى الورى فخرا وأرفعهم قدرا
ركائب آمالي إليكم حثثتها * فلا أرتجي في الناس زيدا ولا عمرا
ومن ذا الذي أضحى برفع نداكم * نزيلا وما أبدلتم عسره يسرا؟
ومن ذلك ما رواه حذيفة بن اليمان قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله آخذ بيد الحسن بن علي وهو يقول: أيها الناس هذا ابن علي فاعرفوه، فوالذي نفس محمد بيده إنه لفي الجنة ومحبه في الجنة، ومحب محبيه في الجنة (2).
وعن أبي الطيب الهروي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم، مبغض لمن أبغضكم، محب لمن أحبكم، شافع لمن والاكم آخذ بيد من مال إليكم (3).
ومن ذلك من كتاب الفردوس للديلمي مرفوعا إلى جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ص مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخوه ولي الله (4)، أخذت ولايته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 23 / 153 ح 118 و: 38 / 94 ح 10.
( 2) بحار الأنوار: 27 / 136 ح 134.
( 3) بحار الأنوار: 22 / 286 ح 55، وكفاية الطالب: 330.
( 4) كنز العمال: 11 / 624 ح 43. 330.
وعهده على الذر قبل خلق السماوات والأرض بألفي عام، من سره أن يلقى الله وهو عنه راض فليتولى عليا وعترته فهم نجبائي وأوليائي وخلفائي وأحبائي (1).
وعن كعب بن عياض عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: لعلي نوران نور في السماء، ونور في الأرض، فمن تمسك بنور منهما دخل الجنة، ومن أخطأهما دخل النار وما بعث الله وليا إلا وقد دعاه إلى ولاية علي طايعا أو كارها (2).
ومن ذلك من كتاب اللباب مرفوعا إلى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ستكون بعدي فتنة مظلمة لا ينجو منها إلا من تمسك بالعروة الوثقى، قيل: ومن هي يا رسول الله؟ قال: علي ابن أبي طالب (3).
يؤيد ذلك ما رواه في مناقب الغزالي الشافعي مرفوعا إلى أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر (4)، وهذا فلان قد ناصب عليا الخلافة وغضبه، فما تقول؟ وعن سعيد بن جبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: جحود نعمة الله كفر وجحود نبوتي كفر، وجحود ولاية علي كفر، لأن التوحيد لا يبنى إلا على الولاية.
وعن الأسماخ بن الخزرج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي لا يتقدمك بعدي إلا كافر، ولا يتخلف عنك إلا كافر، أنت نور الله في عباده وحجة الله في بلاده وسيف الله على أعدائه، ووارث علوم أنبيائه، أنت كلمة الله العليا وآيته الكبرى، ولا يقبل الله الإيمان إلا بولايتك (5).
ومن ذلك ما رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن يوم القيامة يوم شديد الهول فمن أراد منكم أن يتخلص من أهوال القيامة وشدائده فليوال وليي، وليتبع وصيي وخليفتي وصاحب حوضي علي بن أبي طالب، فإنه غدا على الحوض يذود عنه أعداءه ويسقي منه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 8 / 131 ح 34.
( 2) البحار: 11 / 60 ح 69.
( 3) البحار: 36 / 20 ح 16 و 37 / 307 ح 40.
( 4) مناقب ابن المغازلي: 46 ح 68، ومسند شمس الأخبار: 1 / 105.
( 5) كنز الفوائد: 185، ومائة منقبة: 79، وكفاية الطالب: 215، ومناقب ابن المغازلي: 46 ح 69 وتاريخ بغداد: 11 / 102.
أولياءه فمن لم يشرب لم يزل ظمآنا لم يرو أبدا ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا، ألا وإن حب علي علامة بين الإيمان والنفاق فمن أحبه كان مؤمنا، ومن أبغضه كان منافقا، فمن سره أن يمر على الصراط كالبرق الخاطف ويدخل الجنة بغير حساب، فليوال وليي وخليفتي على أهلي وأمتي علي بن أبي طالب، فإنه باب الله والصراط المستقيم علي ويعسوب الدين، وقائد الغر المحجلين ومولى من أنا مولاه، لا يحبه إلا طاهر الولادة زاكي العنصر ولا يبغضه إلا من خبث أصله وولادته، وما كلمني ربي ليلة المعراج إلا قال لي: يا محمد إقرأ عليا مني السلام وعرفه أنه إمام أوليائي ونور من أطاعني فهنيئا له بهذه الكرامة مني (1).
وقال صلى الله عليه وآله: لا تستخفوا بالفقير من شيعة علي فإن الرجل منهم يشفع في مثل ربيعة ومضر (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بعضه في بحار الأنوار: 8 / 19 ح 6.
( 2) بحار الأنوار: 8 / 56 ح 68.
فصل (إقرار الأمم بفضل علي عليه السلام)
وعن أبي الحمراء قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله يوما: أبا الحمراء انطلق وادع لي مائة من العرب وخمسين رجلا من العجم، وثلاثين رجلا من القبط، وعشرين رجلا من الحبشة.
قال: فذهبت فأتيت بهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فصف العرب ثم صف العجم خلف العرب، ثم صف القبط خلف العجم ثم صف الحبشة خلف القبط، ثم حمد الله وأثنى عليه بمحامد لم تسمع الخلائق مثلها ثم قال: معاشر العرب والعجم والقبط والحبشة شهادة لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عليا أمير المؤمنين ولي الله، قالوا: نعم.
قال: اللهم اشهد حتى قالها ثلاثة، ثم قال: يا علي آتني بدواة وبياض فأتاه بهما، فقال: اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أقرت به العرب والعجم والقبط والحبشة أقروا بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عليا أمير المؤمنين ولي الله) ثم ختم الصحيفة ودفعها إلى علي بن أبي طالب (1).
ومن ذلك كتب الأمالي مفروعا إلى أم سلمة قالت: كان يومي من رسول الله صلى الله عليه وآله فجئت لأدخل فردني رسول الله صلى الله عليه وآله فرجعت خائفة ثم رجعت ثانية وأتيت الباب لأدخل فمنعني رسول الله صلى الله عليه وآله فكبوت بوجهي خوفا من ذلك، ثم لم ألبث أن أتيت الباب ثالثة فقلت: أأدخل يا رسول الله؟ فقال: ادخلي فدخلت وعلي جاث بين يديه وهو يقول: فداك أبي وأمي يا رسول الله فإذا كان كذا وكذا فبم تأمرني؟ فقال: آمرك بالصبر ثم أعاد ثانية فأمره بالصبر، ثم أعاد الثالثة فقال: يا علي (يا أخي) إذا كان ذلك منهم فقم واشهر سيفك وضعه على عاتقك واضرب به قدما حتى تلقاني وسيفك شاهرا يقطر من دمائهم، ثم التفت إلي وقال: يا أم سلمة ما رددتك لأمر تحذرينه، ولكن كان جبرائيل عن يميني وعلي عن يساري، وكان يخبرني بالأحداث التي تكون بعدي، ويأمرني أن أخبر بذلك عليا وأوصيه، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي ابن أبي طالب أخي في الدنيا والآخرة، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 38 / 108 ح 38 والحديث طويل.
صاحب لوائي في الدنيا والآخرة (1).
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي خليفة الله ووليه وحجته على جميع خلقه، طاعته مقرونة بطاعة الله وطاعتي، فمن عرفه عرفني، ومن أنكره أنكرني، ثم قال: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين حجج الله على خلقه، أعداؤنا أعداء الله وأولياؤنا أولياء الله (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) الحديث بطوله في بحار الأنوار والمصنف اختصره: 22 / 221 ح 1.
( 2) بحار الأنوار: 36 / 227 ح 5. والحديث طويل.
ومن ذلك ما رواه ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) (1) قام رجلان فقالا: يا رسول الله، أهي التوراة؟ قال: لا.
قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا.
قالا: فهو القرآن؟ قال: لا.
فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال: هو هذا الذي أحصى الله فيه علم كل شئ، وإن السعيد كل السعيد من أحب عليا على حياته وبعد وفاته، والشقي كل الشقي من أبغض هذا في حياته وبعد وفاته (2).
قال حذيفة ابن اليمان: رأى أمير المؤمنين عليه السلام رجلا من شيعته وقد أثر فيه السن وهو يتجلد، فقال له: كبر سنك يا رجل، فقال: في طاعتك يا أمير المؤمنين.
فقال: إنك تتجلد.
فقال: على أعدائك.
فقال: أجد فيك بقية، فقال: هي لك يا أمير المؤمنين (3).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: نحن أئمة المسلمين وحجة الله على العالمين، ونحن أمان لأهل السماوات والأرضين، ولولانا لساخت الأرض بأهلها (4).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله اختارني واصطفاني، وجعلني سيد المسلمين واختار لي وزيرا من أهلي، وجعله سيد الوصيين، الحياة معه سعادة، والموت معه سعادة، أول من آمن بي وصدقني اسمه في التوراة مقرون مع اسمي، وزوجته الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء ابنتي، وابناه ريحانتاي من الدنيا وسيدا شباب أهل الجنة، والأئمة من ولده حجج الله على خلقه، من تبعهم نجا من النار ومن اقتدى بهم هدي إلى الصراط المستقيم، ما وهب الله محبتهم لعبد إلا دخل الجنة (5).
وعن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عروة قال: قلت: يا رسول الله أرشدني إلى النجاة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) يس: 12.
( 2) بحار الأنوار: 35 / 427 ح 2، و: 21 / 143 ح 6.
( 3) بحار الأنوار: 42 / 186 ح 1.
( 4) أصول الكافي: 1 / 179 ح 12، وبصائر الدرجات: 488.
( 5) بحار الأنوار: 38 / 92 ح 6.
فقال: إذا اختلفت الأهواء، وافترقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب فإنه إمام أمتي وخليفتي عليهم بعدي والفاروق بين الحق والباطل من سأله أجابه، ومن استرشده أرشده، ومن طلب الحق عنده وجده، ومن التمس الهدى لديه صادفه ومن لجأ إليه أمنه، ومن استمسك به نجاه، ومن اقتدى به هداه، يا ابن سمرة، سلم من سلم إليه ووالاه، وهلك من رد عليه وعاداه، يا ابن سمرة، إن عليا مني وأنا منه، روحه روحي وطينته طينتي، وهو أخي وأنا أخوه وزوجه سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وأبناؤه سيدا أهل الجنة الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين هم أسباط النبيين تاسعهم قائمهم يملأ الأرض عدلا وقسطا، كما ملئت ظلما وجورا (1).
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عز وجل أمرني أن أقيم عليا إماما وحاكما وخليفة، وأن اتخذه أخا ووزيرا ووليا وهو صالح المؤمنين أمره أمري، وحكمه حكمي، وطاعته طاعتي، فعليكم طاعته واجتناب معصيته فإنه صديق هذه الأمة، وفاروقها ومحدثها وهارونها ويوشعها وآصفها وشمعونها، وباب حطتها وسفينة نجاتها وطالوتها، وذو قرنيها ألا إنه محنة الورى والحجة العظمى والعروة الوثقى، وإمام أهل الدنيا وإنه مع الحق والحق معه وإنه قسيم الجنة فلا يدخلها عدو له ولا يزحزح عنها ولي له، قسيم النار فلا يدخلها ولي له، ولا يزحزح عنها عدو له.
ألا إن ولاية علي ولاية الله وحبه عبادة الله، واتباعه فريضة الله وأولياؤه أولياء الله، وحربه حرب الله وسلمه سلم الله (2).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: يا علي مثلك في أمتي كمثل قل هو الله أحد من قرأها مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرات فكأنما ختم القرآن فمن أحبك بلسانه فقد كمل ثلث الإيمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه فقد كمل ثلثا الإيمان، ومن أحبك بيده وقلبه ولسانه فقد كمل الإيمان، والذي بعثني بالحق نبيا لو أحبك أهل الأرض كمحبة أهل السماء لما عذب الله أحدا بالنار، يا علي بشرني جبرائيل عن رب العالمين فقال لي: يا محمد بشر أخاك عليا أني لا أعذب من تولاه ولا أرحم من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 36 / 266 ح 2.
( 2) بحار الأنوار: 38 / 93 ح 7 بتفاوت ليس بيسير.
عاداه (1) وعن سعيد بن جبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوما لعلي: أنت سيد العرب، فقلت: يا رسول الله ألست سيد العرب؟ فقال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب (2)، فقلت: وما السيد؟ فقال: من فرضت طاعته كما فرضت طاعتي.
وقال لعلي عليه السلام: أنت مني بمنزلة شيث من آدم وبمنزلة سام من نوح، وبمنزلة إسحاق من إبراهيم، وبمنزلة هارون من موسى، وبمنزلة شمعون من عيسى، إلا أنه لا نبي بعدي، يا علي أنت وصيي وخليفتي، ومن نازعك في الإسلام بعدي فليس من الإسلام في شئ، وأنا خصيمه يوم القيامة، يا علي أنت أفضل أمتي فضلا، وأقدمهم سلما وأكثرهم علما وأوفرهم حلما (3)، وأشجعهم قلبا وأسخاهم كفا، وأنت الإمام بعدي، وأنت الوزير وأنت قسيم الجنة والنار (4) تعرف الأبرار من الفجار، وتميز الأخيار من الأشرار والمؤمنين من الكفار (5).
وعن ابن عباس قال: رأيت جابر بن عبد الله متوكئا على عصى يدور في سكك الأنصار ويقول: يا معاشر الأنصار أدبوا أولادكم بحب علي، فمن أبى فانظروا في حال أمه (6).
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي من أحبك فقد أحبني، ومن سبك فقد سبني، يا علي أنت مني وأنا منك، روحك من روحي وطينك من طينتي، وإن الله سبحانه خلقني وإياك واصطفاني وإياك، واختارني للنبوة واختارك للإمامة فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي، يا علي أنت وصيي وخليفتي، أمرك أمري ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إنك حجة الله على خلقه، وأمينه على وحيه وخليفته على عباده وأنت مولى كل مسلم وإمام كل مؤمن، وقائد كل تقي، وبولايتك صارت أمتي مرحومة، وبعداوتك صارت الفرقة المخالفة منها ملعونة، وإن الخلفاء بعدي اثنا عشر أنت أولهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 22 / 317 ح 2.
( 2) ذخائر العقبى: 70.
( 3) كنز العمال: 13 / 114 ح 36370.
( 4) ذخائر العقبى: 1 / 95، مناقب ابن المغازلي: 67 ح 97.
( 5) بحار الأنوار: 37 / 254 ح 1.
( 6) بحار الأنوار: 38 / 7 ح 13.
وآخرهم القائم الذي يفتح الله به مشارق الأرض ومغاربها كأني أنظر إليك وأنت واقف على شفير جهنم وقد تطاير شررها وعلا زفرها واشتد حرها، وأنت آخذ بزمامها فتقول لك جهنم: أجرني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي، فتقول لها: قري يا جهنم خذي هذا واتركي هذا (1).
وقال صلى الله عليه وآله: من كتب فضيلة من فضائل علي لم تزل الملائكة تغفر له، ومن ذكر فضيلة من فضائله غفر الله له ما تقدم من ذنوبه وما تأخر، ولا يتم إيمان عبد إلا بحبه وولايته، وإن الملائكة تتقرب إلى الله تعالى بمحبته، ومن حفظ من شيعتنا أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما، وغفر له (2).
وعن سعيد بن جبير من كتاب الأمالي قال: أتيت ابن عباس أسأله عن علي بن أبي طالب واختلاف الناس فيه، فقال: يا بن جبير جئت تسألني عن خير هذه الأمة بعد محمد صلى الله عليه وآله، جئت تسألني عن رجل له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة - وهي ليلة الفدية -، وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وخلفته، وصاحب حوضه ولوائه، ثم قال: والذي: والذي اختار محمدا خاتما لرسله، لو كان نبت الدنيا وأشجارها أقلاما وأهلها كتابا وكتبوا مناقب علي وفضائله من يوم خلق الله الدنيا إلى فنائها ما كتبوا معشار ما آتاه الله من الفضل (3).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله (4): أنا سيد النبيين ووصيي سيد الوصيين، وإن الله أوحى إلى آدم يا آدم إني أكرمت الأنبياء بالنبوة، وجعلت لهم أوصياء وجعلتهم خير خلقي، فأوصى إلى شيث ابنك وأوصى شيث إلى سنان، وسنان إلى محلث وأوصى محلث إلى محقوق ومحقوق إلى عيثما وعيثما إلى أخنوخ، وهو إدريس وأوصى إدريس إلى ناحور، وناحور إلى نوح ونوح إلى سام، وسام إلى عابر وعابر إلى برعانا، وبرعانا إلى يافث ويافث إلى أبره وأبره إلى خفيسة، وخفيسة إلى عمران ودفعها عمران إلى إبراهيم، وإبراهيم إلى إسماعيل وإسماعيل إلى إسحاق، وأوصى إسحاق إلى يعقوب ويعقوب إلى يوسف، ويوسف إلى شريا وشريا إلى شعيب ودفعها شعيب إلى موسى، وموسى إلى يوشع بن نون ويوشع إلى داود وداود إلى سليمان،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 28 / 38 ح 1 بتفاوت والحديث طويل.
(2) بحار الأنوار: 39 / 92 ح 1 باختصار.
(3) بحار الأنوار: 40 / 7 ح 17 وفيه: ليلة القربة بدل الفدية مع تفاوت في بقية الحديث.
(4) إلى هنا الرواية في بحار الأنوار: 23 / 57 ح 1.
وأوصى سليمان إلى آصف بن برخيا وأوصى آصف زكريا، ودفعها زكريا إلى عيسى ابن مريم وأوصى عيسى إلى شمعون وأوصى شمعون إلى يحيى، ويحيى إلى منذر ومنذر إلى سليمة ودفعها سليمة إلى بردة ودفعها بردة إلي، وأنا دافعها إليك يا علي وتدفعها أنت إلى الحسن ويدفعها الحسن إلى الحسين، ويدفعها الحسين إلى أوصيائه حتى تدفع خير أهل الإرث بعدك، ولتكفرن بك الأمة ولتختلفن عليك، والثابت عليك كالثابت معي، والشاذ عنك في النار، والنار مثوى الكافرين (1).
وإن الله جعل لكل نبي عدوا من شياطين الأنس والجن.
احتج خصم، فقال: كيف تجدد النص (كذا) عليه السلام مخالفة هذه الوصية إذ كتمها بعد هذا النص الصريح على علي؟ فقلت له: ألست تعلم أنت وكل مسلم أن اليهود والنصارى كتموا نص موسى وعيسى على محمد صلى الله عليه وآله ونسوا اسمه الموجود في التوراة والإنجيل المذكور في صريح القرآن واستدبروه وجحدوه وكتموه ولم يلتفتوا إليه، وأن قوم موسى شهدوا على موسى باستخلافه لهارون أخيه، ولما غاب عنهم عكفوا على العجل وأرادوا قتل هارون، وقد صرح القرآن بذلك، وأن اليهود جحدوا صريح النص على محمد صلى الله عليه وآله في كتابهم جهلا وحبا للرئاسة، وهكذا ضل من هو دونهم طلبا للرئاسة وحسدا على النعمة والفضيلة، أوليس قد قال النبي صلى الله عليه وآله: ستفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعين (2)، (3) واحدة ناجية والباقون في النار، وهذا عذر واضح لعلي عليه السلام وعترته وقعودهم عن حقهم، لأنه لا تقوى فرقة واحدة على اثنتين وسبعين، وأين أهل النصر لهم وقد أعذر القرآن من (أقر) عن أكثرهم مرائين بغير خلاف.
ثم إن الله سبحانه قد نص على معرفته أبلغ مما نص على أوليائه في المشارق والمغارب من حكم هو صانعها، وآيات هو موجود بدئها، كل عاقل يشهد بوجود الصانع وقدرته، وقد كان قوم جحدوا وأنكروا وجود الصانع وما آمن بوحدانيته إلا قليل، فعند ذلك تهذيب للبس الأمر، والثابت عليك كالثابت معي، والشاذ عنك في النار والنار مثوى للكافرين، إن الله جعل لكل نبي عدوا شياطين الأنس والجن وعدوا من المجرمين، فعدو آدم إبليس وعدو سليمان الشياط ين، وعدو شيث أولاد قابيل وعدو أنوش كيومرث، وعدو إدريس الضحاك وعدو نوح عوج وجهانيان، وعدو صالح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 23 / 57، ح 1.
( 2) وفي رواية اثنين وسبعين.
( 3) راجع: سنن أبي داود ح 4597 كتاب السنة، ومسند أحمد: ح 16490.
افراسياب وعدو إبراهيم نمرود بن كنعان، وعدو موسى فرعون وقارون وهامان وعوج بن بلعام، وعدو يوشع بن نون لهراسب وعدو داود جالوت، وعدو عيسى أشبح بن أشجان، وعدو شمعون بخت نصر، وعدو محمد صلى الله عليه وآله أبو جهل وأبو لهب، وعدوك يا علي تيم وعدي وبنو أمية، والله عدو للكافرين.
وإنما حسدك على فضلك أهل العداوة والحسد.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن حب أهل بيتي ينفع من أحبهم في سبع مواطن مهولة: عند الموت، وفي القبر وعند القيام من الأجداث، وعند تطاير الصحف وعند الميزان، وعند الصراط، فمن أحب أن يكون آمنا في هذه المواطن فليوال عليا بعدي وليتمسك بالحبل المتين علي بن أبي طالب عليه السلام وعترته من بعده، فإنهم خلفائي وأوليائي، علمهم علمي وحلمهم حلمي، وأدبهم أدبي وحبهم حبي، سادة الأولياء وقادة الأتقياء، وبقية الأنبياء، حربهم حربي وعدوهم عدوي (1).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لحذيفة بن اليمان: يا حذيفة إن عليا حجة الله الإيمان به إيمان بالله، والكفر به كفر بالله والشرك به شرك بالله، والشك فيه شك في الله والإلحاد فيه إلحاد في الله والإنكار له إنكار لله، والإيمان به إيمان بالله، يهلك فيه رجلان ولا ذنب له: محب غال، ومبغض قال (2).
وقال صلى الله عليه وآله: خذوا بحجزة الأنزع البطين علي بن أبي طالب فهو الصديق الأكبر والفاروق الأعظم، من أحبه أحبه الله ومن أبغضه أبغضه الله ومن تخلف عنه محقه الله (3).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وقد أخذ بيدي الحسن والحسين عليهما السلام قال: أنا رسول الله وهذان الطيبان سبطاي وريحانتاي، فمن أحبهما وأحب أباهما وأمهما كان معي يوم القيامة وفي درجتي، ألا وإن الله خلق مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي، أنا أكرمهم على الله ولا فخر، وخلق مائة ألف وصي وأربعة وعشرين ألف وصي، علي أكرمهم وأفضلهم عند الله،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 27 / 162 ح 10.
( 2) بحار الأنوار: 38 / 97 ح 14 والحديث طويل اختصره المصنف، ينابيع المودة: 1 / 253.
( 3) بحار الأنوار: 23 / 129 ح 60.
ألا وإن الله يبعث أناسا وجوههم من نور على كرسي من نور عليهم ثياب من نور في ظل عرش الرحمن بمنزلة الأنبياء، وليسوا أنبياء، وبمنزلة الشهداء وليسوا شهداء، فقال رجل: أنا منهم يا رسول الله؟ فقال: لا، فقال آخر: أنا منهم.
فقال: لا.
فقيل: من هم يا رسول الله؟ فوضع يده الشريفة على كتف علي وقال: هذا وشيعته، ألا إن عليا والطيبين من عترته كلمة الله العليا وعروته الوثقى وأسماؤه الحسنى مثلهم في أمتي كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثلهم في أمتي كالنجوم الزاهرة كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة، ألا وإن الإسلام بني على خمس دعائم: الصلاة والزكاة، والصوم والحج، وولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، ولم يدخل الجنة حتى يحب الله ورسوله وعلي بن أبي طالب وعترته (1).
وروى السدي في قوله تعالى: (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) (2)، قال: شيعة علي يعدلون بالحق من صد عنه ويهتدون بالدين القيم وهو حب علي وعترته.
(3) وروى أيضا قوله تعالى: يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم (4) قال: شيعة علي على الصراط المستقيم وهو حب علي، ويأمرون به وهو العدل.
(5) (وروى) أحمد أن الصراط لا يجوز عليه إلا من عرف عليا وعرفه، وأن الجنة لا يدخلها إلا من كان في صحيفته حب علي وعترته (6).
وروى ابن عباس أن جبرئيل يجلس يوم القيامة على باب الجنة فلا يدخلها إلا من كان معه براءة من علي (7).
وروى في تفسيره الوكيع بن الجراح عن السدي وسفيان الثوري أن الصراط المستقيم حب علي (8).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 23 / 125 ح 53 و: 68 / 376 ح 22.
( 2) الأعراف: 181.
( 4) وورد أن حب آل محمد جواز على الصراط. ضوء الشمس: 1 / 99.
( 5) في البحار: 35 / 363 الصراط المستقيم هو علي، وفي 39 / 202 جواز الصراط المستقيم حب علي.
( 6) ورد أن حب علي براءة من النار. الفردوس: 2 / 142 ح 2723.
( 7) مناقب الخوارزمي: 320، ومائة منقبة: 63.
( 8) ورد أن أهل البيت هم الصراط المستقيم. راجع رشفة الصادي: 25.
ومن كتاب الأمالي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما عرج بي إلى السماء السابعة، ومنها إلى سدرة المنتهى ومنها إلى حجب النور ناداني ربي جل جلاله يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فلي فاخضع، وإياي فاعبد وعلي فتوكل فإني قد رضيتك عبدا وحبيبا ورسولا ورضيت لك عليا خليفة وبابا، وجعلته حجتي على عبادي وأمانا لخلقي، به يقام ديني وتحفظ حدودي وتنفذ أحكامي، ويعرف أعدائي من أوليائي وبالأئمة من ولده أرحم عبادي، وبالقائم المهدي أعمر أرضي بتسبيحي وتقديسي وتهليلي وتمجيدي، وبه أطهر الأرض من أعدائي وبه أحيي عبادي وبلادي وبه أظهر الكنوز والذخائر وأظهره على الأسرار والضمائر، وأنصره بأوليائي وأمده بملائكتي فهو وليي حقا ومهدي عبادي صدقا (1).
ومن كتاب المناقب مرفوعا إلى ابن عمر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت يا رسول الله ما منزلة علي منك؟ فغضب ثم قال: ما بال قوم يذكرون رجلا عند الله منزلته كمنزلتي ومقامه كمقامي، إلا النبوة، يا بن عمر إن عليا مني بمنزلة الروح من الجسد، وإن عليا مني بمنزلة النفس من النفس، وإن عليا مني بمنزلة النور من النور، وإن عليا مني بمنزلة الرأس من الجسد، وإن عليا مني بمنزلة الزر من القميص، يا بن عمر، من أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد غضب الله عليه ولعنه، ألا ومن أحب عليا فقد أوتي كتابه بيمينه وحوسب حسابا يسيرا، ألا ومن أحب عليا لا يخرج من الدنيا حتى يشرب من الكوثر ويأكل من طوبى، ويرى مكانه من الجنة.
ألا من أحب عليا هانت عليه سكرات الموت وجعل قبره روضة من رياض الجنة، ألا ومن أحب عليا أعطاه الله بكل عضو من أعضائه خولا وشفاعة ثمانين من أهل بيته، ألا ومن عرف عليا وأحبه بعث الله إليه ملك الموت كما يبعث إلى الأنبياء وجنبه أهوال منكر ونكير وفتح له في قبره مسيرة عام، وجاء يوم القيامة أبيض الوجه يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بعلها، ألا ومن أحب عليا أظله الله تحت ظل عرشه وأمنه يوم الفزع الأكبر، ألا ومن أحب عليا قبل الله حسناته ودخل الجنة آمنا، ألا ومن أحب عليا سمي أمين الله في أرضه، ألا ومن أحب عليا وضع على رأسه تاج الكرامة مكتوبا عليه أصحاب الجنة هم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 23 / 128 ح 58.
الفائزون، وشيعة علي هم المفلحون، ألا ومن أحب عليا مر على الصراط كالبرق الخاطف، ألا ومن أحب عليا لا ينشر له ديوان ولا ينصب له ميزان، وتفتح له أبواب الجنة الثمان، ألا ومن أحب عليا ومات على حبه صافحته الملائكة وزارته أرواح الأنبياء، ألا ومن مات على حب علي فأنا كفيله الجنة، ألا وإن لله بابا من دخل منه نجا من النار وهو حب علي، ألا ومن أحب عليا أعطاه الله بكل عرق في جسده وشعرة في بدنه مدينة في الجنة، يا بن عمر، ألا وإن عليا سيد الوصيين وإمام المتقين، وخليفتي على الناس أجمعين، وأبو الغر الميامين، طاعته طاعتي، ومعرفته هي معرفتي، يا بن عمر والذي بعثني بالحق نبيا لو كان أحدكم صف قدميه بين الركن والمقام يعبد الله ألف عام، ثم ألف عام صائما نهاره قائما ليله، وكان له ملء الأرض مالا فأنفقه، وعباد الله ملكا فأعتقهم، وقتل بعد هذا الخير الكثير شهيدا بين الصفا والمروة، ثم لقي الله يوم القيامة باغضا لعلي لم يقبل الله له عدلا ولا صرفا وزج بأعماله في النار وحشر مع الخاسرين (1).
فصل
علي أمير المؤمنين عليه السلام فهو المنتجب بالوصية المنتخب من الطينة الزكية الحاكم بالسوية العادل في القضية، العالي البنية إمام سائر البرية، بعل فاطمة الرضية، والد العترة الزكية، ليث الحروب ومفرج الكروب، الذي لم يفر من معركة قط، ولا ضرب بسيفه إلا قط، ولا لقي كتيبة إلا انهزمت ولم يقاتل تحت راية إلا غلبت، ولم يفلت من بأسه بطل ولا ضرب بحسامه شجاعا إلا قتل، ولم يرافق سرية إلا كان النصر معها، ولم يلق جحفلا إلا ولوا مدبرين وانقلبوا صاغرين، وكانت وثبته إلى عمرو أربعين ذراعا ورجوعه إلى خلف عشرين ذراعا، وضرب الكافر يوم أحد فقطعه وجواده نصفين ثم حمل على سبعة عشر كتيبة جمعها سبعون ألفا ففرقها، وبدد شملها ومزقها، حتى تحير الفريقان من بأسه وتعجبت الأملاك من حملاته، وهذه خواص إلهية وآيات ربانية، الليث الباسل والبطل الجلاجل، والهزبر المنازل والخطب النازل، والقسورة الذي واتباعه فضيلة، ومحبته إلى الله وسيلة، ومن أحبه في حياته وبعد وفاته كتب الله له من الأمن والإيمان ما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 24 / 45 ح 17 بتفاوت.
طلعت عليه الشمس وغربت.
وها أنا أقول:
هي الشمس أم نور الضريح يلوح * هو المسك أم طيب الوصي يفوح
وبحر ندى أم روضة حوت الهدى * وآدم أم سر المهيمن نوح
وداود هذا أم سليمان بعده * وهارون أم موسى العصا ومسيح
وأحمد هذا المصطفى أم وصيه * علي سماه هاشم وذبيح
سماه محيط المجد بدر دجنة * وصبح جلال في الأنام يلوح
حبيب حبيب الله بل سر سره * وعين الورى بل للخلايق روح
له النص في يوم الغدير ومدحه * من الله في الذكر المبين صريح
إمام إذا ما المرء جاء بحبه * فميزانه يوم المعاد رجيح
له شيعة مثل النجوم زواهر * إذا جاء ولت تلقى العدو طريح
عليك سلام الله يا راية الهدى * سلام سليم يغتدي ويروح (1)
فصل
قال سبحانه وتعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها (2) قال ابن عباس: هي في ثلاث كلمات لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله.
وكل واحدة من هذه رباط الأخرى، وهي المسؤول عنها في القبر وإليها الإشارة بقوله: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) (3) فالسمع للتوحيد، والبصر للنبوة، والفؤاد للولاية.
فصل
الدين عدل الله والعدل قسط الله، والقسط هو القسطاس المستقيم، والقسطاس هو الميزان، فالدين هو الولاية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) أعيان الشيعة: 6 / 468.
( 2) الروم: 30.
( 3) الإسراء: 36.
فصل (علي عليه السلام الميزان يوم القيامة)
قال الله سبحانه: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) (1) قال ابن عباس: الموازين الأنبياء والأولياء (2)، والميزان يقتضي كفتين وشاهدين ضرورة فالكفة الأولى منه: لا إله إلا الله، وقسطاسه المرفوع: محمد رسول الله قائما بالقسط، والكفة الأخرى: علي ولي الله، وإليه الإشارة بقوله: والسماء رفعها ووضع الميزان.
قال ا لعالم عليه السلام: السماء رسول الله والميزان علي (3) لأن بحبه توزن الأعمال، وقوله: ولا تخسروا الميزان (4) أي لا تظلموا عليا حقه لأنه من جهل حقه لا ميزان له.
وروي في قوله تعالى: الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان (5) قال: الكتاب القرآن والميزان الولاية، (6) وقال علي بن إبراهيم (7): الكتاب علي والميزان أيضا علي، لأنه ما لم تكن لك الولاية فلا دين ولا كتاب، لأن الولاية بها يتم الدين وبها ينعقد اليقين، فالولاية هي ميزان العباد يوم المعاد، فإذا وضعت السماوات والأرض وما بينهما من الراسيات والشامخات، مقابل لا إله إلا الله فلا يلزم يقوم لها وزن، وضعت الولاية مقابلها وهي علي ولي الله رجحت الميزان لأن الولاية معها التوحيد، والنبوة لأنها جزء من التوحيد، وجزء من النبوة فهي جامعة لسر التوحيد، والنبوة خاتمة لهما وذلك لأن لا إله إلا الله روح الإيمان وظرف الباطن محمد رسول الله رسوخ الإسلام وظرف الظاهر علي ولي الله ظرف الإسلام والإيمان، وروح الظاهر والباطن.
فلهذا لو جاء العبد يوم القيامة وفي ميزانه الجبال الراسيات من الأعمال الصالحات، وليس فيه ولاية علي التي هي كمال الدين، ورجح الموازين لا بل كمال سائر الأديان، لأن دين محمد كمال كل دين وختم كل شريعة للنبيين وتصديقا للمرسلين، وحب علي كمال هذا الكمال، وختم هذا الخاتم وتمام هذا المتمم والمكمل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) الأنبياء: 47.
( 2) في البحار 7 / 251 عن الإمام الصادق عليه السلام: الموازين الأنبياء والأوصياء.
( 3) بحار الأنوار: 24 / 67 ح 1.
( 4) الرحمن: 7 - 8.
( 5) الشورى: 17.
( 7) تفسير القمي: 1 / 30.
للكمال كمال الكمال، والكمال جمال فحب علي كمال كل دين، لأن الله لم يبعث نبيا يدعو الناس إليه ويدل عباده عليه، إلا وقد أخذ عليه ولاية علي طوعا أو كرها فكل دين ليس معه حب علي وولايته فلا كمال له، وما لا كمال له ناقص، والناقص لا يقبل ولا يوزن ولا يعرض، لأن الله لا يقبل إلا الطيب، وإليه الإشارة بقوله: (والوزن يومئذ الحق) (1) والحق هو العدل والعدل هو الولاية، لأن الحق علي فمن كملت موازينه بحب علي رجع وأفلح، وإليه الإشارة بقوله: فأولئك هم المفلحون) (2) وهم أهل الولاية الذين سبقت لهم من الله العناية، وإليه الإشارة بقوله: (إليه يصعد) الكلم الطيب) (3) قال: الكلم الطيب: لا إله إلا الله محمد رسول الله، والعمل الصالح يرفعه، قال: العمل الصالح حب علي، فكل عمل ليس معه حب علي فلا يرفع، وما لا يرفع لا يسمع، وما لا يسمع فلا ينفع، وما لا يرفع ولا يسمع ولا ينفع، فهو وبال وضلال وهباء منثور.
يؤيد هذه المقالة ويحقق هذه الدلالة أن جبرائيل سيد الملائكة، والأنبياء سادة أهل الأرض، والرسل سادة الأنبياء وكل منهم سيد أهل زمانه، ومحمد صلى الله عليه وآله سيد الأنبياء والمرسلين وسيد الخلائق أجمعين لأنه الفاتح والخاتم والأول والآخر، له سؤدد التقدم والتختم، لأنه لولاه ما خلقوا وما كانوا فلأحديته على سائر الآحاد شرف الواحد على سائر الأعداد، وجبرائيل خادمه والأنبياء نوابه، لأنهم بعثوا إلى الله يدعون وبنبوة محمد يخبرون وبفضله على الكل يشهدون وبولاية علي يقرون وبحبه يدينون وعلي سلطان رسالة محمد وحسامها وتمام أحكامها وختامها.
دليله قوله: (واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) (4) يعني عليا وأميرا ووزيرا، فمحمد سيد أهل السماوات والأرضين، وعلي نفس هذا السيد وروحه ولحمه ودمه، وأخوه وفتاه ومؤانسه ومؤاسيه ومفديه، وسلطان دولته وحامي ملته وفارس مملكته، فعلي سلطان أهل السماوات والأرضين، وأميرهم ووليهم ومالكهم، لأنه أولى بهم من أنفسهم لأنه أمين الله وأميره، ووليه ووالده في الفخار على الأنس والجنة، سيدا لشباب أهل الجنة، فكل من سكن الجنة من الإنس والجن فالحسن والحسين سيداه، وأهل الجنة سادة الخلائق، فالحسن والحسين سادة السادات، ولا يسود أ هل الآخرة إلا من ساد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) الأعراف: 8.
( 2) الأعراف: 8.
( 3) فاطر: 10.
( 4) الإسراء: 80.
أهل الدنيا، وأبوهما خير منهما بنص الحديث الذي عليه الإجماع، فأمير المؤمنين سيد سادات أهل الدنيا والآخرة، وزوجته الزهراء سيد النساء لأنها بضعة النبوة ولحمه الرسالة، وشمس الجلالة ودار العصمة: وبقية النبوة، ومعدن الرحمة، ومنبع الشرف والحكمة، فهو السيد ابن السيد أخو السيد أبو السادة قرين السادة والزيادة، فهو الولي الذي حبه أمان وبغضه هوان، ومعرفته إيقان، دليله الإشارة بقوله: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته) (1) فالرحمة محمد ص، والفضل علي.
دليله قوله: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) (2) يعني بدين محمد وولاية علي، لأن لأجلهما خلق الخلق وبهما أفاض عليه الرزق، لأن كل ما ينظره الإنسان فهو الحسن أو الإحسان، فالحسن هما والإحسان بهما أما الحسن فدليله قوله: (أول ما خلق الله نوري) (3) فهو النور الجاري في آحاد الموجودات، وأفرادها، وأما الاحسان فقوله: (أنا من الله والكل مني) (4) فالكل من أجله وبأجله، فهو الحسن والإحسان كما قيل:
جميع ما أنظره جماله * وكل ما خيل لي خياله
وكل ما أنشقه نسيمه * وكل ما أسمعه مقاله
ولي فم شرفه مديحه * ولي يد كرمها نواله
ما يعرف العشق سوى متيم * لذ له قيل الهوى وقاله
وذلك لأنه مصدر الأشياء، ومن هو مصدر الأشياء فعودها إليه ضرورة، بدؤها منك وعودها إليك، ومن هو المبدأ والمعاد فزمام الأمور منوط به، فتقها ورتقها بيدك ومن بيده الفتق والرتق له الحكم وإليه ترجعون.
فصل
ولما طلعت شموس الأسرار من مطالع العناية، ولمعت بوارق الأسرار من مشارق الهداية، وعرفت أن الحي القيوم جل اسمه فضل الحضرة المحمدية أن جعل نورها هو الفيض الأول، وجعل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) النساء: 83.
( 2) يونس: 58.
( 3) تقدم تخريجه.
( 4) تقدم الحديث.
سائر الأنوار تشرق منها، وتتشعشع عنها، وجعل لها السبق الأول فلها السبق على الكل، والرفعة على الكل والإحاطة بالكل، والله من ورائهم محيط، فكنت كما قيل:
تركت هوى ليلى وسعدي بمعزل * وملت إلى محبوب أول منزل
ونادتني الأشواك ويحك هذه * منازل من تهوى فدونك فانزل
غزلت لهم غزلا دقيقا فلم أجد * له ناسجا غيري فكسرت مغزلي
أو كما قيل:
نقل فؤادك ما استطعت من الهوى * ما الحب إلا للحبيب الأول
فاعلم أن الله سبحانه ما أنعم على عبد بمعرفة محمد وحب علي فعذبه قط، ولا حرمه عبدا فرحمه قط.
محمد وعلي نور واحد قديم، وإنما انقسما تسمية ليمتاز النبي عن الولي كما امتاز الواحد عن الأحد، فكل أحد واحد ولا ينعكس، وكذا كل نبي ولي ولا ينعكس، فلهذا لا توزن الأعمال يوم القيامة إلا بحب علي لأن الولاية هي الميزان كما تقدم.
التوحيد لا يقابله شئ قل أم جل، وكذا حب علي إذا كان في الميزان لا ينقصه شئ من الذنوب قل أم جل، فإذا كان حبه في الميزان فلا سيئة، وإذا لم يكن فلا حسنة، لأن الحسنات بالتحقيق حبه، والسيئات بغضه، لأن حبه حسنة لا يضر معها سيئة، وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة (1)، وإليه الإشارة بقوله: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) (2) وقوله: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) (3) وليس في القيامة إلا مؤمن وكافر ومنافق، والكافر ليست له حسنات توزن ولا للمنافق، فتعين أن ذلك للمؤمنين المذنبين وإنما وسعه الرحمن لأن من جاء بالإيمان فكان كتابه متصل الحكم ثابتا في دار القضاء لأن مبناه التوحيد، وشهوده النبوة، وسجله الولاية، فوجب له الإيمان من الله، المؤمن لإنصافه يوم لقائه، وأما المنافق فهو يجهد في الدنيا قد ضيع الأصل وأكب على الفرع، والفرع لا يثبت إلا مع الأصل، ولا أصل هناك فلا فرع إذا فهو يسعى مجدا لكنه ضايع جدا وإليه الإشارة بقوله: (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم) يحسبون أنهم يحسنون صنعا) (4) فإذا ورد القيامة لا يرى شيئا مما كان يظن أنه يلقاه، لأن المنافق لا برهان له فأعماله بالظن، والظن لا يغني من الحق شيئا، لأن ما لا برهان له لا أصل له، وما لا أصل له لا فرع له، فلا قبول له ولا وجود له، والمنافق لا برهان له فلا أصل له ولا فرع له، فلا إيمان له، فلا نجاة له.
ودليله ما رواه صاحب الكشاف من الحديث القدسي من الرب العلي أنه قال: لأدخلن الجنة من أطاع عليا وإن عصاني، ولأدخلن النار من عصاه وإن أطاعني (5)، وهذا رمز حسن وذلك لأن حب علي هو الإيمان الكامل، والإيمان الكامل لا تضر معه السيئات، فقوله: وإن عصاني فإني أغفر له إكراما له وأدخله الجنة بإيمانه فله الجنة بالإيمان، وبحب علي العفو والغفران، وقوله: ولأدخلن النار من عصاه وإن أطاعني وذلك لأنه إذا لم يوال عليا فلا إيمان له، فطاعته هناك مجازا لا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 39 / 248 ح 10 و 256 ح 33.
( 2) الفرقان: 70.
( 3) الفرقان: 23.
( 4) الكهف: 104.
( 5) في الحديث: من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله. البحار: 52 / 350
حقيقة لأن الطاعة بالحقيقة حب علي المضاف إليها سائر الأعمال، فمن أحب عليا فقد أطاع الله، ومن أطاع الله نجا، فمن أحب عليا فقد نجا، فاعلم: أن حب علي الإيمان، وبغضه الكفر (1)، وليس هناك إلا محب ومبغض، فمحبه لا سيئة له فلا حساب عليه ومن لا حساب عليه فالجنة داره، ومبغضه لا إيمان له، ومن لا إيمان له لا ينظر الله إليه فطاعته عين المعصية فعدوه هالك، وإن جاء بحسنات العباد بين يديه، ووليه ناج ولو كان في الذنوب إلى شحمتي أذنيه، وأين الذنوب مع الإيمان المنير؟ أم أين من السيئات مع وجود الإكسير؟ فمبغضه من العذاب لا يقال، ومحبه لا يوقف ولا يقال، فطوبى لأوليائه وسحقا لأعدائه.
يؤيد هذا ما رواه ابن عباس، قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله أينفعني حب علي في معادي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لا أعلم حتى أسأل جبرائيل، فنزل جبرائيل مسرعا فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أينفع هذا حب علي؟ فقال: لا أعلم حتى أسأل إسرافيل، ثم ارتفع فسأل إسرافيل، فقال: لا أعلم حتى أناجي رب العزة، فأوحى الله إلى إسرافيل قل لجبرائيل يقل لمحمد: أنت مني حيث شئت، وأنا وعلي منك حيث أنت مني، ومحب علي مني حيث علي منك (2).
يؤيد هذا ما رواه الرازي في كتابه مرفوعا إلى ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النار، وأمر رضوان أن يزخرف الجنة ثم يمد الصراط، وينصب ميزان العدل تحت العرش، وينادي مناد: يا محمد قرب أمتك إلى الحساب، ثم يمد على الصراط سبع قناطر بعد كل قنطرة سبعة آلاف سنة، وعلى كل قنطرة ملائكة يتخطفون الناس فلا يمر على هذه القناطر إلا من والى عليا وأهل بيته، وعرفهم وعرفوه، ومن لم يعرفهم سقط في النار على أم رأسه ولو كان معه عبادة سبعين ألف (3) عابد لأنه لا يرجح في الحشر ميزان، ولا تثبت على الصراط قدم إنسان إلا بحب علي.
وإليه الإشارة بقوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (4) يعني في الدنيا وليه يغلب خصمه، وفي الآخرة يثبت قدمه، دليل ذلك ما رواه ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ما ثبت حبك في قلب مؤمن إلا وثبت قدمه على الصراط حتى يدخله الجنة (5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 26 / 263 ح 48.
( 2) مائة منقبة: 43، والجواهر السنية للحر العاملي: 303. ومدينة المعاجز 438 تفاوت (3) بحار الأنوار: 39 / 209 ح 32.
( 4) إبراهيم: 27.
( 5) بحار الأنوار: 27 / 77 ح 8 بتفاوت بسيط.
فصل( موالاة علي وعدم إدراك كنهه)
أيها الطائر في جو التقليد لا يأوي على غدران الحكماء، ولا يرتع في رياض العلماء، ولا ينبت في قلبه حب الحب، ولا يثبت إلا في محجبات الكتاب، إلى متى أنت بعيد عن النور؟ محجوب عن السرور، غافل عن أسرار السطور، مكب على النظر في سواد المسطور، أما أسمعك منادي الرحمن؟ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (1)، إلى متى أنت كشارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا؟ ألم تعلم أن الله سبحانه خلق تسع عشر ألف عالم وألف ألف عالم مبدؤها نور الحضرة المحمدية وسرها الولاية الإلهية وختمها الخلافة المهدية والعصمة الفاطمية؟ وذلك كله فاض عن الكلمة الإلهية (الغيب) وهو ألف غير معطوف كما قالوا: (1111) ألف معطوف، وألف غير معطوف، وألف عنده الوقوف، وألف هو منتهى الألوف، خلقها وهو غني عن خلقها، وسلمها إلى الولي الكامل لأنه وليه الذي أقامه في الخلق مقامه، فهو الولي المطلق والمتصرف العادل، فلا يسأل عما يفعل، وكيف يسأل المؤيد بالحكمة؟ المخصوص بالعصمة، الذي يريد الله ما يفعل لأن فعله الحق، والعدل، ويفعل الله ما يريد، لأنه لا يريد إلا ما يريد الله، لأن قلبه مكان مشيئة الله، أوجده موجد الكل قبل الكل، وأوجد لأجله الكل واختاره على الكل، وولاه أمر الكل وحكمه على الكل، فهو الكلمة التامة، والحاكم يوم الطامة، وكيف لا يكون كذلك وشيعته غدا بيض الصحايف، خضر الملابس، آمنين من العذاب، يدخلون الجنة بغير حساب.
دليل ذلك ما رواه صاحب كتاب الأربعين عن أنس بن مالك قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد يا علي يا ولي، يا سيد يا صديق يا ديان يا هادي، يا زاهد يا فتى يا طيب يا طاهر، مر أنت وشيعتك إلى الجنة، بغير حساب.
يؤيد ذلك ما رواه صاحب كتاب النخب قال: تشاجر رجلان في خلافة علي وإمامته فجاءا إلى شريك فسألاه، فقال لهما: حدثني الأعمش عن حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله خلق عليا قضيبا في الجنة من تمسك به فهو من أهل الجنة، فاستعظم الرجل ذلك فجاء إلى ابن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) محمد: 24.
الدراج فأخبره، فقال: لا تعجب حدثني الأعمش عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله خلق قضيبا من نور في بطنان العرش لا يناله إلا علي ومن تولاه.
فقال الرجل: هذا من ذاك نمضي إلى وكيع، فجاء فأعلمه فقال: لا تعجب، حدثني الأعمش عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: أركان العرش لا ينالها إلا علي وشيعته، فاعترف الرجل بفضل علي عليه السلام (1).
ومن كتاب المناقب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لله عمودا من نور يضئ لأهل الجنة كالشمس لأهل الدنيا لا يناله إلا علي وشيعته (2)، وإن حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء طولها خمسون عاما، صفائح من ذهب إذا نقرت طنت وقالت في طنينها: يا علي (3).
وكيف لا يكون كذلك؟ وهو الاسم الأعظم الذي به تنفعل الكائنات، الحاكم المتصرف في سائر الموجودات، فهو الأول والآخر والباطن والظاهر، الأول بالأنوار والآخر بالأدوار، والباطن بالأسرار، الظاهر بالآثار، فهو مقام الرب العلي في وجوب الطاعة، والأمر نطقت فيه كلمته، وظهرت عنه مشيته، فهو كهو في وجوب الطاعة وامتثال الأمر والرفعة على الموجودات، والحكم على البريات، وليس هو هو بالذات المقدسة المنزهة عن الأشباه والأمثال، المتعالية عن الصورة والمثال، لا فرق بينهما وبينك إلا أنهم عبادك وخلقك.
يؤيد هذا ما ورد في الحديث القدسي عن الرب العلي أنه يقول: عبدي أطعني أجعلك مثلي أنا حي لا أموت، أجعلك حيا لا تموت، أنا غني لا أفتقر أجعلك غنيا لا تفتقر، أنا مهما أشأ يكن أجعلك مهما تشأ يكن (4).
ومنه أن لله عبادا أطاعوه فيما أراد فأطاعهم فيما أرادوا يقولون للشئ كن فيكون (5).
وذلك لأن لكل عباد الله فإذا اختار الله عبدا ألبسه خلعة التفضيل، ونادى له في الممالك بالتصرف والتبجيل، وجعل له الولاية المطلقة فصار عبدا لحضرته وخالصا لولايته، ومولى لعباده وبريته وواليا في مملكته، وهو المتصرف الوالي بإذن الرب المتعالي، ولهذا قالوا: جنبونا آلهة تعبد،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) تقدم الحديث.
( 2) بحار الأنوار: 39 / 268 ح 45.
( 3) بحار الأنوار: 39 / 235 ح 18.
( 4) رواه باختصار في جامع الأسرار: 204 ح 393.
( 5) تقدم الحديث مع تخريجه.
واجعلوا لنا ربا نؤوب إليه، وقولوا فينا ما استطعتم (1) وذاك كما قيل:
جنبوهم قول الغلاة وقولوا * ما استطعتم في فضلهم أن تقولوا
فإذا عدت سماء مع الأرض * إلى فضلهم فذاك قليل
وعنهم عليهم السلام، أنهم قالوا: كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا (2)، فإنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه قرابة.
ألا من ائتم بإمام فليعمل بعمله، فما معنا براءة من النار، وليس لنا على الله من حجة فاحذروا المعصية لنا والمغالاة فينا، فإن الغلاة شر خلق الله يصغرون عظمة الله ويدعون الربوبية لعباد الله، والله إن الغلاة شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا، وإلينا يرجع الغالي فلا نقبله لأن الغالي اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصوم، فلا يقدر على ترك عادته وبنا يلحق المقصر فنقبله لأن المقصر إذا عرف عمل.
وعنهم عليهم السلام أنهم قالوا: نزهونا عن الربوبية وارفعوا عنا حظوظ البشرية (3) - يعني الخطوط التي تجوز عليكم - فلا يقاس بنا أحد من الناس (4)، فإنا نحسن الأسرار الإلهية لمودعة في الهياكل البشرية، والكلمة الربانية الناطقة في الأجساد الترابية، وقولوا بعد ذاك ما استطعتم فإن البحر لا ينزف، وعظمة الله لا توصف.
فيا أيها الواقف بين جدران التقليد، تنظر إلى الحق من بعيد، أما بلغك أن النبي صلى الله عليه وآله حن الجذع اليابس إليه، وقبل البعير قدميه، وانشق لعظمته القمر ونبع الماء الطاهر من بين يديه وانهمر، واخضر العود اليابس في يديه وأثمر، وكان يرى من خلفه كما يرى بين يديه إذا نظر (5)، ولا ينام قلبه لنوم عينيه (6)، ولا يؤثر في الرمل وطء قدميه، ويؤثر في الحجر، وكان يظله الغمام إذا سار وسفر (7)، وركب البراق فاخترق السبع الطباق في أقل من لمح البصر، الجوهر الشفاف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 25 / 283 و 347 ح 30 بتفاوت. وقريب منه في بصائر الدرجات: 241 ح 5.
( 2) بحار الأنوار: 71 / 286 ح 41.
( 3) شرح الزيارة الجامعة 1 / 201 بلفظ: وادفعوا عنا.. ورد عنهم: لا تجعلوا في فضلنا ما شئتم.
البحار 26 / 2 ح 1.
( 4) تقدم الحديث مع تخريجه.
( 5) أخبار الدول: 84 والمعجم الأوسط: 3 / 323.
( 6) الشفاء: 2 / 153.
( 7) بحار الأنوار: 35 / 129 ح74.
الذي ليس له ظل كظل البشر (1)، وفي ذلك آيات لمن نظر واعتبر، وكان أمير المؤمنين عليه السلام مشاركا له فيما غاب وحضر، فهو السر الذي لا ينكره إلا من أبى وكفر، والولي الذي تعرض عليه أعمال البشر (2)، وإليه الإشارة بقوله: (ظاهري إمامة وباطني غيب لا يدرك) (3)، فهم في الأجساد أشباح، وفي الأشباح أرواح، وفي الأرواح أنوار، وفي الأنوار أسرار، فهم الصفوة والصفات والأصفياء، وإليه الإشارة بقوله: (لولانا ما عرف الله ولولا الله ما عرفنا) (4)، كما قيل:
فلولاه وإيانا * لما كان الذي كانا
فصار الأمر مقسوما * بإياه وإيانا
والشبح هو الذي يرى شخصه، ولا يعرف معناه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) من علامات الإمامة عدم وجود الظل، راجع بحار الأنوار: 25 / 116 ح 1.
( 2) بحار الأنوار: 22 / 550 ح 2.
( 3) بحار الأنوار: 25 / 171 ح 38 بتفاوت.
( 4) البحار: 26 / 107 ح 10 و: 22 / 147 ح 141.